ردود فعل متباينة حول خطاب اردوغان.. وماذا حمل في طياته؟

ردود فعل متباينة حول خطاب اردوغان.. وماذا حمل في طياته؟
الثلاثاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٠٠ بتوقيت غرينتش

عَبْر خطاب كان موضع ترقب عالمي شديد لكشف حقيقة ما تعرّض له الصحفي السعودي المغتال جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده باسطنبول، أو توجيه اتّهام مباشر للرياض على تورط ولي العهد محمد بن سلمان في الحادث، خيّب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان آمال الكثير من مناصري القضية، بقوله إنه لا يشكّك بمصداقية الملك سلمان بن عبد العزيز، واقترح عليه فقط محاكمة المتورّطين.

العالم - تقارير

بعد مرور 21 يوما من اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي بعد دخوله القنصلية السعودية بمدينة اسطنبول التركية وتضارب الروايات بشأن ما حدث له في القنصلية بين نفي قاطع من جانب السلطات السعودية وتخبط في التصريحات حتى الاعتراف صراحة بان الصحفي المغتال قد لقي مصرعه داخل القنصلية، طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء في أول خطاب له عن مقتل خاشقجي خلال اجتماع لكتلة حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي، طالب السعودية بمحاكمة قتلته داخل تركيا وبالكشف عن المتورطين في الجريمة من أسفل السلم إلى أعلاه.

وفي الخطاب الذي لم يحمل جديدا، كرر الرئيس التركي اسم الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، أكثر من مرة، شاكرًا تعاونه في القضية، لكنه لم يذكر اسم ولي العهد، محمد بن سلمان، أبدًا، وهو الذي تشار إليه أصابع الاتهام بالمسؤولية عن العملية.

وكان خاشقجي اختفى بعد ساعات على دخوله مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول، مطلع الشهر الحالي، للحصول على أوراق رسمية خاصة به. واعترفت السعودية بـ"وفاة" خاشقجي إلا انها أرجعت السبب إلى "مشاجرة"، وأعلنت تسليم الجثة إلى متعاون محلي بحسب ما وصفت، الأسبوع الماضي، قبل إعلانها عن إلقاء القبض على مسؤولين متهمين بالقضية.

وقدّم أردوغان أسئلة كثيرة أكثر من الأجوبة بخصوص جريمة مقتل خاشقجي، مطالبا السعودية بالإجابة عنها. وهذه الأسئلة هي:

1. ما سبب وصول فريق مؤلف من 15 شخصا إلى القنصلية يوم مقتل الصحفي؟

2. من أمر بإرسال هذا الفريق إلى اسطنبول؟

3. لماذا لم تكشف السعودية حتى الآن عن مكان وجود جثة الصحفي، رغم إقرار المملكة بمقتله؟

4. لماذا لم تكشف السعودية عن هوية المتعاون المحلي الذي قالت إن الجثة سلمت له للتخلص منها؟

5. في حال قُتل خاشقجي عن طريق الصدفة، لماذا وصل فريق سعودي من ثلاثة أشخاص إلى تركيا قبيل الحادث واستكشف غابة بلغراد في ضواحي اسطنبول ومناطق في ولاية يالوفا؟

ويبدو ان تصريحات أردوغان في البرلمان تكشف عدم رضائه إزاء التفسيرات السعودية لظروف مقتل خاشقجي، ويقول إن لدى تركيا أدلة دامغة تؤكد أن الصحفي راح ضحية "جريمة وحشية كان مخططا لها مسبقا"، لكنه في نفس الوقت قال إنه على ثقة بتعاون الملك سلمان في التحقق بالقضية، مؤكدا حسن نيته في الملك السعودي.

وأشار الرئيس التركي إلى أن أنقرة لن تقتنع بتوجيه الرياض تهمة بقتل الصحفي إلى موظفين أمنيين فقط.

وقال أردوغان إن هذه "الجريمة لم تكن عفوية وقد خطط لها بشكل كبير".

وتحدث أردوغان، وقال "إن هذا الحادث وقع في اسطنبول، مما يحملنا المسؤولية للكشف عن الحقيقة". 

وقال إن خريطة طريق القتل بدأت يوم 28 سبتمبر، مضيفا أن الفريق الأمني المكون من 15 شخصا قام بفك القرص الصلب الخاص بكاميرات المراقبة في القنصلية حتى لا تكشف المهمة.

وكان من المفترض أن يكشف الرئيس التركي عبر خطابه ملابسات ما جرى مع خاشقجي داخل القنصلية السعودية، لكنه اكتفى بسرد معلومات مسربة سابقًا عبر وسائل إعلام تركية محلية وعالمية حول مقتل خاشقجي.

ردود فعل متباينة

وأثارت تصريحات اردوغان ردود فعل متباينة بين محللين وصحفيين عرب وأتراك، وأعادت حالة من الجدل على منصات التواصل مما جعل هاشتاغ #اردوغان، ثاني هاشتاغ على قائمة الترند العالمي.

ورأى مغردون أن تصريحات أردوغان كشفت عدم اقتناعه بالرواية السعودية التي حملت قيادات أمنية سعودية مسؤولية ما حدث، بحسب قولهم.

وكان مناصرو قضية خاشقجي يأملون بالكشف عن المسؤول الحقيقي عن عملية الاغتيال.

الإعلامي القطري، عبد العزيز آل إسحاق، اعتبر أنه “من كان يتوقع أن يعلن أردوغان عن اسم القاتل أو ينشر فيديو أو مكالمات لا يفقه في السياسة ولا القانون”.

وقال آل إسحاق، عبر “تويتر” إن “الأتراك يديرون العملية القانونية بدهاء كبير وسيلقنون ابن سلمان وغيره درسًا تاريخيًا”.

من جهته قال الكاتب والمفكر الموريتاني، محمد مختار الشنقيطي، عبر حسابه في “تويتر” أن إردوغان لم يقدم في خطابه أي تفاصيل جديدة عن قضية اغتيال خاشقجي.

واعتبر أن توقيت الخطاب كان أهم من مضمون الخطاب، مشيرًا إلى أن “تركيا مستمرة في الحرب النفسية والإعلامية ضد القتلة، لكنها لم تقرر كشف كل المعلومات التي بيدها حتى الآن”.

في حين اعتبرت الكاتبة الأردنية، إحسان الفقيه، أن خطاب أردوغان اشتمل ثلاثة أمور، الأول رفض الراوية السعودية من حيث حصر المسؤولية في 18 متهمًا.

والأمر الثاني توجيه أصابع الاتهام إلى شخص أعلى في السلطة، والأمر الثالث تبرئة الملك سلمان من إصدار أمر القتل.

أما الصحفي التركي، حمزة تكين، فاعتبر أن مرحلة جديدة بدأت عقب تصريح أردوغان، وهي مرحلة تتمثل بملاحقة الرؤوس الكبيرة.

وقال تكين إن “المعلومات اللوجستية التي ذكرها أردوغان شبه معروفة، لكن هي كانت مجرد تسريبات إعلامية لا غير، لا يبنى عليها. من اليوم أصبحت معلومات أكيد برواية تركية رسمية”، مشيرًا إلى أن الجديد في خطاب أردوغان هو “التأكيد التركي على طلب رأس من أمر بالجريمة”.

وفي المقابل، اعتبر الخبير القانوني الباحث في الجرائم المعلوماتية، السعودي أصيل الجعيد، أنه لا يحق لأردوغان اقتراح المحاكمة فهذا يعتبر تدخلًا صارخًا في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية.

أما نائب رئيس شرطة دبي السابق، ضاحي خلفان، فقال إن “اختيار أردوغان إذاعة كلمته مع الإعلان عن انعقاد مؤتمر الاستثمار في السعودية، واضح الهدف، هدف المملكة شيء وهدفك شيء مضاد”.

رد فعل خطيبة خاشقجي

وجهت خديجة جنكيز، خطيبة الصحفي الراحل جمال خاشقجي، رسالة شكر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد الخطاب الذي ألقاه اليوم وكشف فيه بعض تفاصيل مقتل خطيبها.

وقالت خديجة في تغريدة لها اليوم الثلاثاء باللغة العربية على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "فخامة رئيس الجمهورية @RT_Erdogan شكرا لكم على تعزيتكم لي ولأسرة جمال".

وأضافت: "كنت على ثقة بالله أولا ثم بفخامتكم أنكم سوف تطبقون العدالة في محاكمة قتلة خطيبي #جمال_الخاشقجي، ولي كل الفخر أن أكون ابنة بلدنا #تركيا".

وخديجة هي التي قامت بتبليغ السلطات التركية عن اختفاء الصحفي السعودي يوم 2 أكتوبر الجاري بعد دخوله مبنى قنصلية بلاده في اسطنبول.

تعليق بريطانيا

وكانت بريطانيا أول دولة تعلق على تصريحات أردوغان بشان مقتل خاشقجي حيث أعلنت اليوم إنه ما زالت هناك أسئلة تتعلق بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ولا يمكن سوى للسعوديين الرد عليها.

وقال المتحدث باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي ردا على سؤال عن بيان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق اليوم عن مقتل خاشقجي "بيان الرئيس أردوغان هذا الصباح يبرز حقيقة أن الأسئلة لا يمكن سوى للسعوديين الرد عليها".

توجيهات ملكية 

وأما بعد ساعات من خطاب أردوغان والتي اقترح فيها على الملك سلمان، بأن تجرى محاكمة الأشخاص الـ 18 المسؤولين عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول، قال الملك السعودي إن السعودية، ستحاسب المسؤولين عن مقتل جمال خاشقجي أيا من كانوا.

وأكد مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان، في بيان له اليوم، أن الإجراءات التي ستتخذها المملكة في قضية مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي لن تقف عند محاسبة المقصرين والمسؤولين المباشرين بل ستشمل "إجراءات تصحيحية"، وذلك وفقا لوكالة الأنباء السعودية.

واتبعت تركيا منذ اليوم الأول لاختفاء خاشقجي سياسة اعتمدت على نشر التسريبات الخاصة بتفاصيل اختفاء ومقتل خاشقجي لوسائل الإعلام التركية، بعيدًا عن التصريحات الرسمية. وبحسب محللين فقد أعطت التسريبات المعتمدة بمجملها على “مصادر أمنية” مشهدًا أرادت من خلاله تركيا الضغط على الجانب السعودي للتوصل إلى غايات سياسية لم تتضح ماهيتها حتى اليوم.