"قطار الموت" يحصد ارواح المواطن المغربي.. والحكومة تبرّر!

الثلاثاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٣٩ بتوقيت غرينتش

تكررت حوادث انقلاب القطارات في المغرب واحدا تلو أخرى، في وقت تستعد فيه البلاد لبدء تشغيل قطارات فائقة السرعة في الأشهر القليلة المقبلة.

العالم - تقارير

وهم من ابناء الشعب الذين كانوا يركبون مقصورات القطار بين الرباط والقنيطرة، في 16 أكتوبر، ولم يكن أحد يتوقع 7 من الركاب، أنهم على متن آخر رحلة في حياتهم!...

بينما عاش باقي الركاب رحلة مختلفة تماما عما اعتادوه بعد أن انحرف القطار عن سكته وانقلبت عدد من مقصوراته بمنطقة بوقنادل، ليفارق الحياة 7 أشخاص ويتعرض 125 آخرون لإصابات متفاوتة.

فاجعة بوقنادل أعادت إلى الواجهة تاريخ موت المغاربة على سكك الحديد، وهي الحوادث التي خلقت نقاشات على المستوى السياسي والإعلامي حول جودة الآليات والخدمات التي يقدمها المكتب الوطني للسكك الحديدية.

في حين تصاعدت مؤخرا دعوات إلى “وضع حد لسياسة الاستهتار بأرواح وكرامة المغاربة على قطارات لخليع”.

وعرف المغرب عددا من الحوادث المميتة على سكك الحديد، كان أسوأها ما وقع سنة 1993 بمدينة تمارة حين أدى تصادم قطارين إلى مقتل 15 شخصا وإصابة نحو 100 شخص.

حين خلفت حوادث تصادم وانحراف أخرى سقوط قتلى وجرحى وطرح تساؤلات حول نتائج التحقيقات ومن يتحمل المسؤولية.

وتواجه مؤسسة الـONCF انتقادات مستمرة من طرف مجموعة من زبنائها وعدد من السياسيين والنقابيين، بسبب حوادث القطارات من جهة، و”سوء الخدمات المقدمة للمسافرين” من جهة أخرى،في ظل التأخرات المتكررة في المواعيد التي يعتبرها البعض أنها أصبحت “عنصرا يميز قطارات المغرب”،وتعطل المكيفات بعدة قطارات، إضافة إلى الازدحام والتوقف في الخلاء وغيرها.

فاجعة بوقنادل وقعت في الساعة العاشرة والنصف صباحا، عاشت جماعة بوقنادل على وقع واحد من أسوء الحوادث في المغرب.

حيث انحرف قطار سريع يربط بين الرباط والقنيطرة عن سكته، ما تسبب في مقتل 7 أشخاص وإصابة أزيد من 125 آخرا، 7 منهم إصابتهم بليغة ضمنهم سائق القطار. وأعلن الديوان الملكي عن فتح تحقيق بهدف تحديد الأسباب والحيثيات المتعلقة بالحادث.

وقرر الملك التكفل شخصيا بلوازم دفن الضحايا ومآتم عزائهم، فيما فتح الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بحثا قضائيا، كما باشرت مصالح الدرك الملكي الاستماع إلى كافة الشهود والأشخاص الذين لهم علاقة بالإشراف على رحلة القطار المعني.

غير أن مسافرين كانوا على متن قطار مر على نفس السكة قبل الحادثة بقليل، كشفوا أنهم شعروا باهتزازات قوية بمكان الحادثة، وهو ما دفع بعضهم إلى الاحتجاج بمحطة القنيطرة، فيما وصف المكتب الوطني للسكك الحديدية أن ما تم تداوله حول هذا الشأن بـ”المزايدات”، مشيرا إلى عدم وجود أي خلل أو عطب بعد قيام فرق تقنية بمراقبة البنيات التحتية والمنشآت عل مستوى سيدي الطيبي.

من تمارة إلى مقتل وزير الدولة يتذكر المغاربة فاجعة تمارة حيث اصدم قطاران ببعضهما في عام 1993، ما أدى إلى مقتل 15 شخصا وإصابة 100 آخرين، في أسوء حادث عرفته السكك الحديدية بالمغرب، قبل أن تعود أنظار المغاربة إلى نفس المنطقة تقريبا، هذه المرة بوادي الشراط قرب مدينة بوزنيقة.

حيث اهتز الرأي العام الوطني والدولي على وقع مقتل وزير الدولة في حكومة ابن كيران الأولى عبد الله بها في حادثة دهس من طرف قطار مكوكي يوم 7 دجنبر 2014، ما خلف صدمة لدى أسرته وأقاربه.

وبين حادثة تمارة ومقتل وزير الدولة، شهدت سكك الحديد بالمغرب فاجعتين خلفتا قتلى وجرحى، الأولى قرب مدينة بنجرير حين اصطدم قطار قادم من مراكش في اتجاه الدار البيضاء بحافلة للنقل المدرسي على مستوى جماعة أولاد حسون الحمري يوم 21 ماي 2012، ما أدى إلى مقتل 4 أطفال وإصابة 16 آخرين بجروح.

فيما حملت السلطات القضائية المسؤولية لسائق الحافلة الذي وجهت له حينها تهمة “القتل عن طريق الخطأ، واستهلاك المخدرات والجرح وعدم الانتباه أثناء عبور ممر سككي غير محروس”.

وفي 2012 أيضا، استيقظت مدينة فاس على حادث انقلاب قطار كان قادما من وجدة في اتجاه مراكش، بعد أن انحرف عن السكة الحديدية ما خلف وقوع 50 مصابا بجروح متفاوتة، فيما اتهم المكتب الوطني للسكك الحديدية “مجهولين” بالتسبب في الحادثة، مشيرا إلى أنهم قاموا بأعمال تخريبية عبر سرقة مثبتات توطيد قضبان السكة الحديدية، ما تسبب في تفكك قضبان السكة.  

قطار زناتة و”جرار” برشيد إقليم المحمدية كان له نصيب من حوادث القطارات، فقد شهدت محطة زناتة يوم 27 غشت 2014، حادث انحراف قطار كان يربط بين الدار البيضاء وفاس عند مدخل المحطة، واصدامه بقطار لنقل البضائع كان متوقفا بالمحطة، ما أدى إلى مقتل مستخدم بالمكتب الوطني للسكك الحديدية وإصابة 32 راكبا بجروح متفاوتة،فيما قال مدير الـONCF إن التحقيق كشف وجود خطأ بشري بسبب عدم احترام سائق القطار 125 ومساعده علامات التشوير.

وفي مدينة برشيد، تسبب جرار في حادثة اصطدام بقطار كان متجها من الدار البيضاء في اتجاه سطات، وذلك يوم 5 أكتوبر 2017 على مستوى جماعة سيدي المكي، بعدما علق الجرار بسكة القطار وفرار سائقه، ما أدى إلى انحراف مقطورتين عن السكة، فيما لم تسجل أي خسائر بشرية.

في حين أوضح الـONCF أن القطار 661 اضطر للتوقف على وجه الاستعجال بعد الاصطدام.

مآسي طنجة فاجعة بوقنادل لم تكن الحادثة الوحيدة التي هزت الرأي العام المغربي في 2018، فقبل ذلك بأشهر، عاشت مدينة طنجة على وقع صدمة مقتل عمال في اصطدام قطار لنقل البضائع بقوة مع حافلة صغيرة لنقل العمال.

وذلك قرب ممر محروس بمنطقة العوامة يوم 17 فبراير، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص أغلبهم نساء، وإصابة 14 عاملا آخر، فيما أمر الملك بتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة أسباب الحادثة وتحديد المسؤوليات.

وحسب ما صرح به ناجون حينها، فإن سائق الحافلة الصغيرة لنقل العمال، حاول تجاوز السكة الحديدية بمنطقة محروسة، إلا أن القطار القادم إلى المدينة باغته باصطدام عنيف، فيما وُجهت أصابع الاتهام إلى سائق حافلة نقل العمال وإلى حارس الممر المحروس، فيما طالبت نشطاء بمحاسبة المكتب الوطني للسكك الحديدية. مدينة طنجة شهدت قبل ذلك حادثة أخرى يوم 31 يوليوز 2015، حين اصطدم قطار بشاحنة من الحجم الكبير في مدخل المدينة، ما أسفر عن إصابة العشرات من المسافرين على متن القطار بجروح متفاوتة.

 فيما حمل المكتب الوطني للسكك الحديدية مسؤولية الحادث لسائق الحافلة بسبب “عدم انتباهه لعلامات التشوير والإنذار”. تأخر واحتجاج وفي حادث غير مرتبط بانحراف القطار، توفي مسافر بمحطة القطار “الدار البيضاء المسافرين” يوم 22 غشت 2017، نتيجة فقدان أعصابه إثر احتجاجه على تأخر القطار، حسب ما أكدته زوجته.

فيما أوضحت إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية، أن المسافر المذكور تعرض لأزمة قلبية داخل المحطة الدار البيضاء المسافرين، بعد إصابته بوعكة صحية خلال تواجده على الرصيف، مشيرة إلى أنه كان يعاني من مرض قلبي مزمن. وتعرف محطات القطارات بعدة مدن، احتجاجات بين الفينة والأخرى بسبب التأخر المتكرر في مواعيد انطلاق ووصول بعض القطارات، خاصة في الدر البيضاء والرباط وفاس وطنجة.

حيث وصلت الاحتجاجات في بعض المحطات إلى حد إيقاف حركة النقل بنزول المحتجين إلى السكك الحديدية، فيما شهدت سكك الحديد عددا من حوادث الدهس خلفت قتلى وجرحى، مجموعة منها كانت عبارة عن حالات انتحار.

وتتكرر حالات تأخر القطارات عن موعدها بشكل ملفت، يصل بعضها إلى 3 ساعات، وهو ما يخلق احتجاجات واستياءً عارما بين المسافرين، في حين كان برلمانيون قد أثاروا الموضوع داخل قبة البرلمان، حيث تعهدت الحكومة مرارا بإيجاد الحل وتقليص نسب التأخر، فيما اعتبر الوزير المنتدب المكلف بالنقل نجيب بوليف، أن تعويض المسافرين عن تأخر القطارات هو الحل لتجاوز الأزمة، كما هو الحال بالنسبة للخطوط الملكية الجوية. 

 قطار ينجو من حادثة انحراف جديدة قرب الرباط...

شهدت حركة النقل على مستوى الخط السككي، الرابط بين مدينتي، الرباط والدارالبيضاء، شللا تاما، وحالة رعب حقيقية عاشها المسافرون على قطارات المكتب الوطني للسكك الحديدية، بعد أن كادت قطع حديدية موضوعة على السكة أن تكرر حادث بوقنادل، التي أودت قبل أيام بحياة 7 أشخاص، وجرح أكثر من 120 آخرين.

و اوردت مصادر اخبارية أن حركة القطارات قد توقفت بشكل تام، بعد أن أقدم مجهولون على وضع قطع حديدية كبيرة على السكك الحديدية، قرب منطقة عين عتيق، ضواحي الرباط، ما تسبب في تعرض أحد القطارات المكوكية "نافيت" لارتجاج قوي، وأثار حالة من الهلع، والصدمة وسط المسافرين.

وحسب شهود عيان، فإن الحادث دفع سائق القطار إلى إجراء توقف اضطراري لتفادي وقوع الكارثة، خصوصا أن القطار كان مكتظا بالمسافرين.

المصدر ذاته أكد أن الحادث كان بإمكانه أن يتسبب في إخراج القطار عن سكته، فيما يعتقد أن الفاعلين كانوا ينوون على غرار حوادث سابقة نهب المسافرين.

الحادث أدى، أيضا، إلى توقيف حركة القطارات لمدة تجاوزت 15 دقيقة في الاتجاهين معا، قبل أن يتم تسريح العمل مجددا في السكة الحديدية.

"قطار الموت" يستنفر مواقع التواصل في المغرب: تضامن وحملات تبرع بالدم

تعيش مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب حالة غليان إثر انقلاب عربات قطار في منطقة بوقنادل، بين مدينتي الرباط والقنيطرة شمال غرب المغرب. وتناقل الناشطون مقاطع وأخبار الحادثة معبرين عن غضبهم، بينما انطلقت حملات للتبّرع العاجل بالدم للمصابين ومقاطعة قطارات مكتب السكك الحديدية.

وقُتل 6 أشخاص وجُرح 86 آخرون، سبعة منهم في حالة خطرة، وفق حصيلة رسمية أعلنها مدير المكتب الوطني للسكك الحديدية، ربيع الخليع، بعدما انقلب قطار كان قادماً من مدينة الدار البيضاء متجهاً نحو القنيطرة.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الخليع أن المكتب "فتح تحقيقاً لتحديد أسباب الحادث"، فيما أشارت القناة الثانية إلى أن "البحث لا يزال جارياً عن ضحايا آخرين"، وأفاد بلاغ للديوان الملكي بأن العاهل المغربي، الملك محمد السادس، أصدر تعليماته بنقل المصابين للمستشفى العسكري بالرباط.

شكوى من تعتيم مكتب السكك الحديدية

أشعل الحادث مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب. إذ تناقل الناشطون مقاطع من الحادثة وأخباراً من عين المكان لحظة بلحظة، بينما عبّر آخرون عن غضبهم العارم من مكتب السكك الحديدية، مذكرين بوضعية قطاراته التي لا ترقى إلى توقعاتهم، إلى جانب التأخرات التي لا تنتهي.

كما اشتكى الصحافيون من التعتيم على الواقعة، إذ تحدث أكثر من صحافي عن إغلاق المسؤولين لهواتفهم بدل مد المواطنين بتفاصيل الحادثة لحظة بلحظة.

وكتبت الصحافية، ماجدة آيت الكتاوي: "من الحقير حقاً أن يقفل مسؤولو مكتب السكك هواتفهم عن الصحافة الوطنية، ليطلع المغاربة على مستجدات عدد قتلاهم وجرحاهم من الصحافة الدولية". بينما كتب الصحافي، أيوب التومي: "الكارثة الحقيقية هي أن لا أحد من المسؤولين يجيب ليعطي الصحافة المعلومات اللازمة...هذا عيب".

كذلك تحدث المؤثرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن غياب أي معلومة تذكر حول الحادثة على الصفحة الرسمية، إذ حتى حدود كتابة هذه السطور لم يضف المكتب أية معلومة حول الحادثة. وضعٌ علّق عليه رياض السباعي بالقول: "قطار يخرج عن مساره، لا يوجد رد فعل من المكتب! لا شيء، لماذا هم موجودون على شبكة الإنترنت؟ لماذا؟! هذا مقرف حقاً".

دعوة للتبرع للضحايا وحملة مقاطعة للقطارات

قرّرت مجموعة من المغاربة التحرك باستخدام ما يملكونه على الإنترنت، إذ انطلقت حملات متزامنة عبر مواقع التواصل: الأولى للتبرع الفوري بالدم للضحايا، والثانية تدعو لمقاطعة قطارات المغرب.

وكتب مروان المحرزي العلوي: "الدعاء و التضامن في "فيسبوك" مع المصابين والموتى جيد، لكن الأفضل مليون مرة هو أن تذهب لتتبرع بالدم إذا كنت قريباً من مكان الحادث مثل بوقنادل وسلا والرباط. التمني والدعاء يجعلك تحس بالراحة، لكن التبرع بالدم لم يأخذ إلا 15 دقيقة وقد ينقذ أحداً من الضحايا من موت محقق. الضحية كان يمكن أن يكون أنت أو أنا أو أحد من عائلتك أو أصدقائك".

كما انطلقت حملة لمقاطعة قطارات مكتب السكك الحديدية المغربية، ووسم المقاطعون حملتهم بوسم BoycottONCF، "قاطع مكتب السكك الحديدية"، داعين إلى معاقبة المسؤولين على الحادثة، وتغيير الشركة لسياساتها وتحسين خدماتها.

كتبت إكرام بختالي: "في دولة تحترم مواطنيها، المسؤول عن مثل هذه الفواجع يُقدم استقالته"، وكتب يوسف بوراس: "بدائل القطار موجودة ولا يمكننا انتظار فواجع أكثر إيلاماً حتى نتحرك".

نتيجة تحقيق "قطار الموت" لا تقنع مغرّدين مغاربة

حيث أثارت نتائج التحقيق الذي فتحته السلطات المغربية، عقب حادثة "قطار الموت" بين الرباط والقنيطرة، جدلاً على مواقع التواصل. ورأى معلقون أن النتائج لم تكن مقنعة بالنسبة إليهم، باعتبار أنها لن تفضي في نظرهم إلى إقالة مسؤولين أو محاسبتهم.

وأصدرت المحكمة الابتدائية لمدينة سلا شمال غرب المغرب بياناً بتفاصيل حادثة انحراف القطار عن سكته قبل أسبوع، التي أودت بحياة 7 أشخاص وإصابة 125 آخرين.

وجاء في نص البيان أن "السرعة المفرطة للقطار المكوكي الرابط بين الرباط والقنيطرة، والتي بلغت 158 كلم في مكان الحادث، الذي تم تحديد السرعة الأقصى له بـ 60 كلم، هي التي أدّت إلى انحراف القطار عن سكته على مستوى بوقنادل".

ولم تقنع هذه النتيجة كثيراً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أنها ألقت باللوم على السائق، الحلقة الأضعف من وجهة نظرهم، وحرّرت كبار المسؤولين عن القطاع من كل لائمة.

وكتبت إكرام بختالي: "سائق قطار بوقنادل هو الحلقة الأضعف كما كان معروفاً منذ البداية، لأنه لا تمكن محاسبة مسؤول كبير حتى نرتاح نحن وهم لا".

وكتب أيوب درازة: "سقط القطار.. علقوا السائق!"، ورأت ضحى باعبوا "أنها نكتة".

ورد الصحافي، مهدي السجاري، متسائلاً: "لماذا تم فرض 60 كلم في الساعة في ذلك المقطع السككي؟ سؤال يستحق الجواب لأن سرعة 160 كلم بالنسبة للقطار تبقى عادية في الحالات العادية".

والصادم هنا ... تقرير حول قطارات المغرب يربط "الحوادث المميتة" بالإهمال والفساد!...

وقالت المنظمة الديمقراطية للشغل، إن فاجعة مقتل 6 مواطنين وجرح آخرين في حادثة قطار طنجة، تعيد إلى الواجهة طريقة إدارة وتدبير قطارات المغرب، التي تزهق أرواح العديد من المواطنين سنويا.

وأضافت النقابة، في تقرير لها، توصل "لكم" بنسخة منه، أن حوادث القطارات المتكررة خلال الأيام القليلة الماضية تطرح  العديد من التساؤلات حول إمكانية توقف هذا النوع من الحوادث التي يسببها الفساد والإهمال من قبل المسئولين عن إدارة  السكك الحديدية.

وحسب ما جاء في التقرير،  فإن العديد من حوادث القطارات  الكارثية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، راجعة بالأساس إلى وتهالك وتلاشي وتقادم التجهيزات والمنشآت السككية والقطارات والعربات، وضعف الصيانة وغياب قطع الغيار مما يؤدي إلى عطل في الفرامل، و الاستمرار في اللجوء إلى الوسائل التقليدية والبدائية في إصلاح أعطاب القطارات والعربات، إضافة إلى ضعف طاقة النقل السككي  بالمغرب واعتمادها على قطارات مستعملة يتم استيرادها من الخارج , وهي عوامل مجتمعة أدت إلى تزايد حوادث القطارات المؤدية أحيانا إلى وفيات في صفوف مواطنين نتيجة تهالك المعدات وكثرة الأعطاب وانعدام وسائل وأجهزة السلامة.

وأكد التقرير، أن شبكة السكك الحديدية في المغرب متقادمة ولم تعد  تتماشى والمعايير الدولية في مجال السلامة والراحة الضرورية والمرافق الصحية، يضاف إليه مستوى التواصل مع  الزبناء  واحتقارهم،  علاوة على قلة الموارد البشرية وغياب تكوين مستمر لرفع الكفاءات، ناهيك عن  عدد من الصفقات  التي أشير انها كانت غير شفافة،  واستيراد وشراء  قطارات  أو عربات مستعملة غير مطابقة للمواصفات والمعايير الدولية والبعض منها ادخل  منذ مدة إلى "مستودع الأموات " بسبب الأعطاب المتكررة و غياب قطع غيار،  رغم كونها لم تشتعل إلا لفترة زمنية قليلة.

وشدد التقرير، أن إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية إدارة فاشلة أصابها المرض بحيث أنها لا تحسن استغلال الموارد  والطاقات التي كانت تتوفر عليها ، بل تم هدرها والتقليص من عدد من المستخدمين والأطر وإحالة عدد منهم للتقاعد  وعدم التزام المكتب بالمعايير و القيم الخمسة للسلامة التي صادق عليها المغرب في إطار المنظمة العالمية للسكك الحديدية بما فيها السلامة والشفافية.

وأضاف : أن هذه الإدارة سبق لها أن اعترفت بسقوط ما يزيد عن مئة مواطن سنويا كقتلى بسبب القطارات العادية والسريعة، أغلبها ليس بسبب الخطأ البشري بل نتيجة ترهل  وتهالك وتقادم التجهيزات السككية وارتفاع عدد الممرات غير المحروسة.

مشيرا الى أن الخدمات المقدمة للمواطنين  تشكل طامة كبرى ، حيث أنها خدمات جد متدنية  وبأسعار مرتفعة  لا تتماشى وحجم ومستوى جودة الخدمات المقدمة في  قطارات غير مكيفة ونظافة منعدمة ومرافق صحية غير صالحة تفوح منها روائح كريهة، إضافة إلى حالات الازدحام الشديد التي تشهدها القطارات في مختلف الجهات، والتي تهدد صحة المواطنين بانتقال  عدوى الأمراض، وتنامي حالات السرقة داخل العربات كما أن الاكتظاظ داخل القاطرات يجعل نصف الركاب واقفين طيلة الرحلة، لأن هم المكتب أصبح  هو الربح على حساب راحة المواطنين وسلامتهم.

وتطرق التقرير أيضا إلى ظاهرة تأخر القطارات، معتبرا أنها أصبحت هي القاعدة واحترام المواعيد يشكل الاستثناء، مشيرا أن الأمر لا يتوقف عند التأخير فقط بل أحيانا  يعاني المسافر من اعتداءات لفظية وجسدية  من طرف أجهزة أمنية خاصة ترهب المواطنين بدل حراسة امن القطارات و ضمان سلامة المواطنين.

موضحا، أن مسؤولي إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية يبحثون عن كبش فداء  إما عاملا، أو سائقا، او مستخدما عندما تقع  مثل هذه الحوادث كما وقع مؤخرا بالبيضاء، حيث تسرعت الإدارة  في إلباسهم  تهمة  ومسؤولية حادث قطار، مغطية عن  الأسباب الحقيقية التي كانت وراءه.

وطالب التقرير بإعادة النظر في إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية التي تستنزف ميزانية الدولة دون مردودية تذكر، وعلى حساب جودة الخدمات المقدمة، وتقييم وضع المكتب وإصلاح الاختلالات والنواقص.

بالإضافة إلى توفير قطع غيار مناسبة  وإنشاء أوراش حقيقية و مجهزة لإنتاج قطع غيار بالمغرب  بدل صرف أموال باهضة  في شراء قطع غيار للقطارات من الخارج، حيث لا يتم استعمالها إلا نادرا و يتم تركها بالمخازن حتى تتلاشى، وتوفير ميزانية للتطوير من أجل شراء جرارات وعربات جديدة، وتوسيع الشبكة لتصل إلى أكادير ثم العيون والمدن الداخلية.

كما دعا التقرير أيضا إلى الزيادة في أجور وتعويضات أطر ومستخدمي المكتب الوطني للسكك الحديدية، وفي معاشات المتقاعدين وذوي حقوقهم والرفع من تعويضات الساعات الإضافية وتعويضات الأخطار المهنية وتعويضات المسؤولية الإدارية والتقنية.