ما بعد خاشقجي.. ما هو مصير علاقات السعودية الخارجية؟

ما بعد خاشقجي.. ما هو مصير علاقات السعودية الخارجية؟
الأحد ٢٨ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٢:٤٣ بتوقيت غرينتش

بعد اعتراف السعودية بأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي كان مؤامرة خطط لها من قبل وتم تنفيذها داخل قنصليتها في إسطنبول، فإن عدة اسئلة تطرح نفسها في هذا المجال ومنها: كيف يمكن أن يؤثر قتل خاشقجي على العلاقات طويلة الأمد بين السعودية والولايات المتحدة وبين السعودية والاوروبيين؟

العالم - تقارير

ادانت دول اوروبية في الايام الاولى بعد اعتراف السعودية بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، كل منها بطريقتها.. لنلقي نظرة سريعة على ردود الفعل الاوروبية تجاه السعودية ومواقفها بقضية خاشقجي قبل أن نصل الى احدث الردود:

المانيا: لا أسلحة للرياض مع وجود تساؤلات بشأن خاشقجي

قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن ألمانيا لن تصدر أسلحة للسعودية مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن مصير الصحفي جمال خاشقجي. وأشارت ميركل "أولا، ندين هذا العمل بأشد العبارات. ثانيا، هناك حاجة ملحة لتوضيح ما حدث. نحن بعيدون عن استجلاء ما حدث ومحاسبة المسؤولين... فيما يتعلق بصادرات الأسلحة، لا يمكن أن تتم في الظروف الحالية".

كما قال وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس إن بلاده يجب ألا توافق على مبيعات أسلحة للسعودية لحين اكتمال التحقيقات في الملابسات المحيطة بوفاة الصحفي جمال خاشقجي. وأضاف ماس في حديث للتلفزيون الألماني أنه لا يوجد ما يدعو للموافقة على المبيعات بينما لا يزال من غير الواضح ما الذي حدث لخاشقجي في تراجع واضح عن قرار صدر الشهر الماضي بالموافقة على مبيعات أنظمة مدفعية للرياض.

فرنسا

اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أن مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، جريمة بشعة، لكن بلاده لن تدلي بدلوها على الحادث إلا بعد كشف الحقيقة.

وقال لودريان، ردا على سؤال حول ما إذا كانت فرنسا تنوي التعامل مع هذا الوضع مثل ألمانيا، التي أكدت أنها لن تقوم بتوريد الأسلحة للسعودية حاليا، إن مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول "جريمة كبرى ومن الضروري التحقيق فيها للوصول إلى الحقيقة".

بريطانيا

قالت بريطانيا إنها تبحث "الخطوات المقبلة" بعد أن اعترفت السعودية لأول مرة بأن الصحفي السعودي جمال خاشقجي توفي في قنصليتها في اسطنبول. وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان "نقدم تعازينا لأسرة جمال خاشقجي بعد هذا التأكيد لوفاته. ندرس التقرير السعودي وخطواتنا المقبلة... كما قال وزير الخارجية "هذا عمل مروع يجب محاسبة جميع المسؤولين عنه".

كندا: تفسيرات السعودية تفتقر إلى المصداقية

قالت كريستيا فريلاند وزيرة الخارجية الكندية إن تفسيرات السعودية بشأن وفاة الصحفي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصليتها في اسطنبول "تفتقر إلى المصداقية". مضيفة أن من الضروري تقديم "تفسير واضح ودقيق" لملابسات وفاة خاشقجي. وقالت "ينبغي محاسبة المسؤولين عن القتل وتقديمهم للعدالة".

إسبانيا

قالت الحكومة الإسبانية إنها "مستاءة" من المعلومات الواردة من الرياض عن مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي.

وأضافت في بيان "الحكومة الإسبانية مستاءة من التقارير الأولية من الادعاء السعودي بشأن موت الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول وتقدم خالص تعازيها لأسرته". وأيد البيان دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لإجراء تحقيق شامل وشفاف من أجل محاسبة المسؤولين عن تلك الواقعة التي أثارت ضجة عالمية.

أستراليا

وورد في بيان وزيرة الخارجية ماريز باين بحسب شبكة "سي بي سي" الأسترالية أن "الحكومة الأسترالية قررت أنه لم يعد مناسبا حضور قمة في السعودية في ضوء مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي".

الإتحاد الأوروبي

قالت فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن ملابسات مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي مزعجة للغاية ودعت إلى إجراء تحقيق واف وشفاف ويتسم بالمصداقية.

وأضافت موغيريني في بيان "ملابسات مقتل خاشقجي مزعجة للغاية بما يشمل الانتهاك السافر لاتفاقية فيينا عام 1963 بشأن العلاقات القنصلية."

تنسيق ألماني فرنسي لفرض عقوبات على السعودية

بعد الادانات والتهديدات الاوروبية السابقة، يسعى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، لتنسيق المواقف أوروبيا، وذلك بشأن عقوبات محتملة على الرياض ردا على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون وميركل اتفقا، مساء أمس السبت، خلال اللقاء الذي جمعهما على هامش قمة إسطنبول حول سوريا، على أن يكون لهما في المستقبل "موقف منسق على المستوى الأوروبي بشأن فرض عقوبات محتملة على السعودية، ردا على مقتل خاشقجي.

وقالت المستشارة الألمانية، إنها ناقشت مع الرئيس الفرنسي، تداعيات مقتل الصحافي خاشقجي، واتفقت معه على العمل من أجل موقف أوروبي موحد حول بيع الأسلحة للسعودية.

وقالت ميركل للصحافيين في إسطنبول: "اتفقنا على أنه عندما يتوفر مزيد من الوضوح، ونحن نعول على ذلك، وعندما نعلم من كان وراء هذا الحادث، فإننا سنحاول عندئذ إيجاد حل أوروبي موحد أو رد فعل يشمل كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لإظهار أننا نتفاوض على أساس من القيم المشتركة".

وجاء في بيان الإليزيه أن ماكرون وميركل "أجريا حوارا هادئا" بشأن مسألة خاشقجي، وأنهما "لن يعلنا أي موقف في المستقبل قبل القيام بتنسيق مسبق على المستوى الأوروبي".

هل ستتاثر العلاقات الامريكية - السعودية بمقتل خاشقجي؟

استبعد باحث روسي بارز أن تؤثر قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، تأثيرا جذريا في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا من جانب والسعودية من جانب آخر.

وقال كبير الباحثين فى معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، بوريس دولغوف، إن مأساة مقتل خاشقجي تغطيها جميع وسائل الإعلام في العالم تقريبا، وتجري مناقشتها أيضا من وجهة نظر العلاقات، ولا سيما بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وتركيا.

وأضاف دولغوف في حديث مع وكالة أنباء تاس أنه على الرغم من صعوبة الوضع، فمن غير المحتمل أن تؤثر وفاة الصحفي الشهير بشكل كبير على العلاقات بين هذه الدول، مشيرا إلى أن واشنطن وأنقرة مهتمتان بالتعاون الاقتصادي والاستثماري مع الرياض.

وأوضح أن المملكة العربية السعودية من الناحية العملية هي الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك في معارضة إيران. 

وأردف أن "الصفقات التي وقعتها الولايات المتحدة مع السعودية التي تبلغ قيمتها 400 مليار ، بما في ذلك 110 مليار دولار أمريكي من العقود العسكرية، تحدد مصلحة الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية كشريك اقتصادي".

وفيما يتعلق بمدى تأثير الحادثة على العلاقات التركية السعودية، قال الباحث الروسي إن خطاب أنقرة تجاه الرياض كان عدوانيا إلى حد ما بينما بقيت القيادة هادئة.

وعبر دولغوف عن اعتقاده بأن حادثة مقتل خاشقجي لن تؤدي إلى أي أضرار كبيرة في العلاقات السعودية التركية لحاجة الطرفين إلى بعضهما بعضا.

هل ستستغني مرتزقة السعودية من اموالها الطائلة؟  

ولم تأت ردود الفعل والانتقادات اللاذعة على الصعيد الدولي فقط، بل منذ أن ظهرت قضية خاشقجي إلى العلن، قالت عدة مراكز أبحاث في واشنطن إنها أعادت تقييم علاقتها مع السعودية.

وأعلن كل من معهد الشرق الأوسط ومؤسسة بروكينغز، وكلاهما من أصحاب النفوذ في الشرق الأوسط، أنهما سيضغطان لمنع قبول المزيد من الأموال السعودية بعد أن اعترفا بقبول المال السعودي في الماضي، على الرغم من أنهما لم يكشفا عن المبالغ التي حصلا عليها.

منظمة بحثية مؤثرة أخرى، هي مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أكدت أنها ستستغني عن تسعمئة ألف دولار كان من المقرر أن تحصل عليها من تطوير المهارات المهنية لموظفي السفارة السعودية في واشنطن ابتداء من ديسمبر/كانون الأول.

وقال المتحدث باسم المركز أندرو شوارتز في رسالة بالبريد الإلكتروني ردا على استفسار من موقع بزفيد "في ضوء مقتل جمال خاشقجي لن نمضي قدما في هذا كما هو مخطط".

توقعت مؤسسات أخرى أنه لن يكون هناك أي تغيير في سياساتها. المؤسسة العربية، التي يقودها من جانب المواطن السعودي علي الشهابي، قالت إنها قبلت أموالاً من مواطنين سعوديين في الماضي، ولن تقوم بإجراء تغييرات على كيفية قبول ومراقبة تمويلها؛ رغم اعتراف الحكومة السعودية مؤخرا بمقتل خاشقجي.

كما تلقت شركات وادي السليكون أموالا سعودية أيضا، ويستثمر الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال في تويتر منذ عام 2011.

جماعات الضغط 

وكتب أناند غيريدهاراداس -وهو مستشار وصحفي سابق في ماكينزي- كتاباً عن الطريقة التي تعمل بها النخب في جميع أنحاء العالم، بعنوان: الفائزون يأخذون كل شيء"، إن السعودية ليس أمامها خيار سوى أن تنفق الكثير على جماعات الضغط في واشنطن.

ويقول أناند "دعونا نتخيل أنك في مأزق إدارة سمعة المملكة العربية السعودية في العالم، تخيل ما سيكون عليه يومك.. أنت في حاجة إلى كل يوم، كل ساعة، كل ثانية تدافع عما لا يمكن الدفاع عنه... تحتاج إلى أن تشرح قطع الرؤوس بالسيف وربما خداع عدد كافٍ من الناس أو رشوة ما يكفي منهم لأجل الصمت حيال ما هو واضح أمامهم".

ويضيف "هناك أموال سعودية في كل مكان، لقد قاموا بالدفع لجماعات الضغط المليئة بموظفي الكونغرس والمسؤولين الحكوميين السابقين".

وقال غراهام، إن 15 سعوديا المشاركين في هجمات 11 سبتمبر/أيلول، تلقوا دعماً من الحكومة السعودية أثناء وجودهم في الولايات المتحدة.

وأضاف "أعتقد أن 11 سبتمبر/أيلول هو مثال صريح على غدر السعوديين، لأن هذا الحادث يثير السؤال المتكرر حول لماذا لم نتعامل مع الحقائق التي نعرفها ونبلغ قيادة السعودية بأن أفعالهم لا يمكن تحملها، وسنتخذ خطوات قوية قد تشمل أشياء مثل إنهاء مبيعات الأسلحة لهم".

وقال غراهام "أعتقد أن ما حدث مع الصحفي خاشقجي هو فصل في كتاب متعدد الفصول، لأننا لم نعلن بصدق ما نعرفه عن تورط السعودية، ولم نتخذ أي إجراء لإيقافه".

وأشار إلى دعوى قضائية قدمتها عائلات لضحايا 11 سبتمبر/أيلول ضد السعودية، لكن الولايات المتحدة بذلت كل ما في وسعها لإبقاء هذا التقاضي بعيد المنال.

وفي عام 2015 وحده، استأجرت المملكة خمس شركات للضغط والعلاقات العامة. جدد مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في الديوان الملكي السعودي عقده مع مجموعة بوديستا، وهي شركة ضغط بارزة عملت لصالح بنك روسي ومع بول مانافورت، رئيس حملة ترامب السابق الذي أدين في وقت سابق هذا العام بالتزوير، والتهرب الضريبي، وغيرها من الرسوم. استمرت مسيرة العلاقات العامة عندما عين الملك سلمان ابنه محمد بن سلمان وليا للعهد.

محررة بـ’واشنطن بوست’ مهدّدة بالقتل بسبب خاشقجي

أعلنت محررة الآراء الدولية في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية "كارين عطية" عن تلقيها وعدد من الصحفيين تهديدات بالقتل، بسبب حملتها الصحفية الخاصة بمقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي.

وقالت كارين في تغريدة لها على "تويتر" إن "ما أصبح واضحا بشكل مثير للغضب خلال الأسابيع الماضية حول مقتل خاشقجي هو أن تطبيق "تويتر" وقف جانبًا، بينما واصل المتصيّدون والحسابات السعودية المؤكدة مضايقة الكتاب والناشطين وتهديدهم باللغة العربية"، مضيفة "يجب أن يتوقف كل ذلك".

وفي وقت سابق، وجّهت "كارين" سؤالًا إلى إدارة "تويتر" حول أحقية استخدام مستشار ولي العهد السعودي "سعود القحطاني" حسابه على الموقع بعد ثبوت وجود صلة مباشرة له باغتيال خاشقجي.