المسيرة الأربعينية.. تجسيد لروح التآخي والتكاتف بين النفوس

الأحد ٢٨ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٩:٥١ بتوقيت غرينتش

لم تعد زيارة الأربعين تقتصر على الزيارة للأضرحة المشرفة فقط، بل تعدتها لأن تصبح محجة للقلوب وتسابقا للخدمة، فعلى طول خط مسير المشاية من النجف الاشرف إلى كربلاء المقدسة او من كافة المحافظات العراقية التي يسير أهلها على الأقدام نحو قبلة الأحرار ومرقد الاطهار، تنتشر مواكب الخدام الحسينيين الذي يجمعون طيلة العام أموالا تختزن خصيصا لهذه الأيام، ليتشرفوا ببذلها على زوار المولى أبي عبد الله الحسين (ع).

العالم - تقارير

فإن ظاهرة الزيارة المليونية في زيارة الأربعين للإمام الحسين (عليه السلام) تعبر عن انتصار القيم والمبادئ والأهداف التي استشهد من أجلها الإمام الحسين في معركة كربلاء، وما هذا الحشد الهائل من البشر الذي نراه ونشاهده في كل عام، ومن مختلف الأديان والمذاهب، والأعراق والجنسيات والقوميات إلا تأكيد على انتصار المظلوم على الظالم، والمقتول على القاتل، والحق على الباطل.

فهذه الواقعة الكربلائية السامية أظهرت أن الانتصار الأموي المادي الذي حدث كان مؤقتاً وزائلاً، بينما انتصار القيم والمبادئ مستمر وثابت، وهذا ما أكدته أحداث كربلاء وما حدث بعدها؛ وهذا هو الانتصار الحقيقي.

ويكمن الهدف من المسير إلى الإمام الحسين (ع) في أنه يجسد الإيمان وتعميق الولاء وإذكاء عنصر المواساة والتآخي بين محبي آل البيت عليهم السلام والمحافظة على الهوية الصادقة لمدرسة أهل البيت (ع) خصوصا وصورة الإسلام الحنيف عموما، كما انه يمثل عرفانا بحق هذا الإمام المظلوم وتأكيدا على حبه والثبات على نهجه والتمسك بأهدافه ومبادئه المقدسة.

كما ان هذه المسيرات تحيي التآلف بين أبناء المجتمع الواحد والإنسجام بينهم وتقوي التماسك وتوحد الكلمة والموقف لأنها تعبئ مشاعرهم وتوحد غايتهم ولهذا تجد أن شعائر عاشوراء تزداد عمقا ورسوخا يوما بعد يوم في نفوس الأجيال، وتفاعلا وامتدادا بين الأمم والشعوب والتي يتجلى الهدف منها في أنها تسعى إلى إستنهاض الشعوب المستضعفة وبث روح الإباء والثبات في نفوسهم ضد الظالمين والمستكبرين.

وان هذا المسير هو مسير استنكار وتنديد وإعلان وبيان للعالم أجمع ليعرف ويتعرف على مدى الخسة والدناءة التي جرت على آل رسول الله (ع) في هذه الفاجعة الاليمة، ولمواجهة المحاولات التي تسعى لطمس شريعة سيد المرسلين (ص) وإبادة أهل بيته (ع) حين رفعوا شعار: ”لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية”، ولكن “يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”، كما انه مسير يجيب فيه الموالون لما دعا إليه أئمة أهل البيت (ع) في إحياء أمرهم والدعوة إلى ذكرهم، كما روي عن الإمام الصادق (ع) قوله لفضيل: أحيوا أمرنا يا فضيل، رحم الله من احيا أمرنا.

لذلك أصبحت هذه المسيرات الراجلة في زيارة الأربعين شعارا للموالين لأبي عبد الله الحسين (ع) وهوية لهم، إضافة إلى أنها تمثل فرصة لهم لإعادة الحسابات والرؤى التي ربما نأت بالإنسان بعيدا عن المنهج الحقيقي للإسلام وأحكامه، وجرفته عن الهدف الواقعي لنهضة الإمام الحسين (ع).

فعليه ان يراجع نفسه فيها، سائرا إلى الحسين (ع) وملؤه الإيمان الصادق الحقيقي لا صورة وشكلا، ومخلصا في قصده لا فارغا من المحتوى والمضمون، صلبا متماسكا في إعلان اهدافه وغاياته، كانه حامل السيف على الشيطان وحزبه، متبرئا من يزيد ومعسكره، ومتوجها إلى الله تعالى وحزبه، قاصدا معسكر الإمام الحسين (ع) وجنده نادما تائبا.

الحسين (ع) يجمعنا...

وتؤكد الانباء من كربلاء المقدسة حیث التجمع الملیوني لزوار ابي الاحرار الامام الحسین (علیه السلام)، ان شعار 'الحسین یجمعنا' اصبح محط اهتمام ولقی ترحیبا واسعا وتجسیدا للتماسك والوحدة والتآخي بین محبی اهل البیت (علیهم السلام) بمختلف جنسیاتهم ولاسیما ابناء الشعبین الشقیقین الایراني والعراقي.

هذا وأن إنطلاقة شعار 'الحسین یجمعنا' كان على صعید جماهیري واسع بما یشمل مواقع التواصل الاجتماعی وبما یفنّد الشائعات التی ادّعت 'تراجع عدد الزوار الایرانیین خلال مراسم اربعینیة استشهاد الامام الحسین (ع) فی هذا العام' وذلك علي خلفیة التقلبات الاخیرة في سوق العملة الصعبة داخل البلاد؛ وایضا المساعي الرامیة الى بث الفرقة والخلافات بین المسلمین وزوار الامام الحسین (ع) في هذه المناسبة العظمى.

واكد ناشطون عراقیون من خلال مقاطع فیدیو نشروها في مواقع التواصل الاجتماعي، اكدوا على انه لا یوجد شیء قادر على ان یفرق بین الشعبین الایراني والعراقي؛ واصفین مناسبة الاربعین الخالدة بانها فرصة لتعزیز اواصر المحبة والتماسك بین الشعبین الشقیقین.

وعلي غرار الشعب العراقي، لقی شعار 'الحسین یجمعنا' ترحیبا واسع النطاق في ایران ایضا؛ واكد الزوار الایرانیون بدورهم على التماسك والمودة مع اخوانهم العراقیین.

وانطلاقا من كل ذلك، فقد اختارت لجنة الاربعین الحسینیة (علیه السلام) في الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة شعار 'الحسین یجمعنا' لیكون شعار مراسم الاربعین لهذا العام.

http://media.alalam.ir/uploads/org/2018/10/28/154071453553558900.mp4

من جهته قال قائد حرس الحدود الايراني العميد قاسم رضائي، انه ومنذ بداية شهر صفر عبر مليون زائر ايراني واجنبي المنافذ الحدودية الثلاثة متوجهين الى العراق.

واضاف رضائي ان 93 الف زائر عبروا الحدود عن طريق منفذ مهران في محافظة ايلام ودخلوا الاراضي العراقية للمشاركة في مراسم اربعينية الامام الحسين عليه السلام. 

ونوه رضائي الى ان المنافذ الحدودية الثلاثة تمتاز بأمان عال ولم تشهد اية حوادث امنية خلال هذه المدة وان توافد الزائرين يتم بسهولة وانسيابية. وتقع مهران على بعد 85 كيلومترا جنوب غرب ايلام.

ايران والعراق... تحسین خدمات الاتصالات فی زیارة الأربعین

بدوره أكد كل من مدیر منظمة الإعلام والاتصال لجمهوریة العراق، ووزیر الاتصالات وتكنولوجیا المعلومات في الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، على تعزیز العلاقات العمیقة والتعاون الثنائی وتحسین خدمات الاتصالات خلال زیارة اربعین الأمام الحسین (ع).

والتقى علي ناصر الخویلدي بوزیر الاتصالات وتكنولوجیا المعلومات الإیراني محمد جواد اذری جهرمي والوفد المرافق له أمس السبت في مدینة النجف الاشرف.

وخلال هذا اللقاء، أكد الجانبان على استمرار التعاون الفني لتوفیر أفضل خدمات الاتصالات وتوفیر جمیع التسهیلات في هذا المجال خلال موسم زیارة الأربعین.

كما تحدث الجانبان عن العلاقات الثنائیة بین إیران والعراق وتعمیق التعاون في مجال الاتصالات والتكنولوجیا.

وشكر وزیر الاتصالات الإیراني بدوره الحكومة والشعب العراقیین على الخدمات المختلفة، بما في ذلك الاتصالات التي یوفرها للزوار .

وأضاف: زیارتنا إلى النجف الأشرف، للتأكید على استعداد وزارة الاتصالات للتعاون في تبادل الخبرات في مجالات الاتصالات والتكنولوجیا، ومشاركة الشركات الإیرانیة مع نظرائها العراقیین لتقدیم خدمات الاتصالات خلال زیارة أربعین الإمام الحسین (ع).

وبحث الخویلدی وجهرمي وضع الزوار ومتابعة احتیاجاتهم في الاتصالات، وكذلك مستوى التزام شركات الاتصالات العراقیة والإیرانیة بتقدیم الخدمات لزوار الأربعین.

خدمات الاتصال المرغوبة خلال الزیارة الملیونیة في اربعین الامام الحسین (ع) فی مجال خدمات الهاتف النقال والإنترنت، من اهتمامات الزوار والمسؤولین في البلدین.

انعقاد المؤتمر الدولي لشهداء طريق كربلاء

كما عقد في مدينة كربلاء المقدسة امس السبت المؤتمر الدولي لشهداء طريق كربلاء تكريما لذكرى الشهداء الزوار، بحضور الملحق الثقافي في السفارة الايرانية ببغداد حجة الاسلام غلام رضا اباذري.

ويهدف المؤتمر لتكريم ذكرى الشهداء الزوار الايرانيين والعراقيين ومن الدول الاخرى الذين استشهدوا خلال زيارتهم للعتبات المقدسة في عمليات ارهابية قامت بها الزمر الارهابية التكفيرية اذناب الاستكبار العالمي.

وفي مستهل المؤتمر تحدث مسؤول لواء النهضة في كربلاء الشيخ سعيد الطائي عن نهج الشهادة، وتطرق الى تضحيات فصائل المقاومة العراقية ضد الجماعات الارهابية التكفيرية.

وصرح بانه فضلا عن تضحيات فصائل المقاومة هذه فان عددا كبيرا من الشهداء العراقيين قضوا في العمليات الارهابية ما يدل على وحشية الاستكبار واذنابه.

وفي ختام المراسم تم منح هدايا تقديرية لاسر شهداء العمليات الارهابية في العراق.