الجدل يتفاقم بين "نداء تونس" و"النهضة" لقيادة البلاد

الجدل يتفاقم بين
الإثنين ٢٩ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٢:٥٢ بتوقيت غرينتش

فيما تتواصل المساعي الحزبية لتغيير الحكومة التونسية، وجّه حزب "نداء تونس" انتقادات حادة لحليفه بالائتلاف الحكومي، على خلفية ما قاله زعيم "حركة النهضة" راشد الغنوشي في مؤتمر حزبه أخيرا. ويأتي ذلك في وقت بدأت تلوح في الأفق رغبة الحركة في قيادة البلاد خلال السنوات المقبلة في ظل تجديد موقفها الدّاعي إلى إجراء تعديل وزاري مع الاحتفاظ برئيس الحكومة يوسف الشاهد.

العالم - تقارير

وجّه حزب نداء تونس انتقادات حادة لحركة النهضة، حليفه في الائتلاف الحكومي، على خلفية ما قاله زعيم الحركة، راشد الغنوشي، في كلمة له أمام أنصار حزبه يوم السبت.

وأعلن الديوان السياسي لحزب حركة نداء تونس في بيان نشره قبل قليل استعداده للتشاور مع ما وصفه بالطيف الديمقراطي التقدمي لتشكيل الحكومة المقبلة وإجراء تعديل وزاري دون مشاركة حركة النهضة.

وقال بيان الحزب أيضا تعليقا على مضامين خطاب الغنوشي: كلام خطير جاء على لسان رئيس حركة النهضة يوم السبت والذي كشف أن هذه الحركة لم تبتعد عن طبيعتها غير المدنية ومحاولاتها وضع يدها على مفاصل الدولة والسعي إلى تغيير إرادة الناخبين عبر فرضها شروط التحوير الوزاري المقبل.

ودعا الديوان السياسي لنداء تونس كتلته البرلمانية إلى "مواصلة تعليق حضورها في الجلسات العامة إلى حين تنفيذ الحكومة لقرار مجلس نواب الشعب بعدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة، والمطالبة بالتسريع بعرض القانون الأساسي لاستكمال العدالة الانتقالية على مجلس نواب الشعب".

ودعا الحزب الحكومة إلى "التعامل بشكل جدي مع الوثائق الجديدة التي قدمتها لجنة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي من أجل كشف الحقيقة".

وبدأت تلوح في الأفق رغبة حركة النهضة التونسية القوية في قيادة البلاد خلال السنوات المقبلة، في الوقت الذي تشهد فيه تونس العديد من المساعي لتغيير الحكومة.

فمؤخرا أصدرت النهضة عددا من المواقف بعضها جديد وآخر أعادت التذكير به، يتضمن تقاربها مع حركة مشروع تونس وشملت تلك المواقف أيضا دعمها للاستقرار الحكومي وضرورة التعجيل بتعديل وزاري، مع الاحتفاظ برئيس الوزراء يوسف الشاهد.

وتسعى "النهضة" إلى تعديل الحكومة وتغيير تسميتها من "حكومة الوحدة الوطنية" إلى "حكومة الائتلاف الوطني"، في الوقت الذي يسعى حزب حركة نداء تونس "غريم النهضة" إلى الإطاحة بكل الحكومة.

راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، ألمح كلمته يوم السبت خلال افتتاح الندوة السنوية لإطارات الحركة التي تعد أضخم تجمع بعد المؤتمر الوطني للحزب، إلى رغبة الحركة في حكم تونس، من خلال دعوته لرئيس الحكومة، لإجراء تعديل وزاري جزئي، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، تكون مفتوحة للجميع.

وخلال كلمته أكد الغنوشي أيضًا أن الحركة حريصة على المحافظة على علاقة إيجابية مع رئيس الدولة وعلى مواصلة التفاوض مع رئيس الحكومة، لاستكمال الشروط الضرورية للشراكة القائمة، موضحًا أن البلاد في حاجة إلى الاستقرار الحكومي وإلى أن تعمل الحكومة على تحسين أداءها واحترام الاستحقاقات الوطنية والالتزامات الدولية.

نائب رئيس حركة "النهضة" على العريض، جدد أيضا تمسك الحركة بالاستقرار الحكومي، والإبقاء على يوسف الشاهد رئيسًا للحكومة، الذي يعتبره ضامنًا لهذا الاستقرار، مبديًا امتعاضه من دعوات تغيير الحكومة برمتها، التي يطالب بها "نداء تونس".

تلك الكلمات تشير إلى أن "النهضة" هي المستفيد الأكبر من ضعف وتشتت قوى المعارضة وخاصة أفول حركة نداء تونس الحزب الذي ما زال لديه العديد من المشاكل.

"الغنوشي أراد مسك العصا من الوسط فاقترح قانونا جديدا للمصالحة الوطنية، ولعب على أنغام المصالحة الوطنية دون تشف والتي تطالب بها أحزاب جديدة ومنها مشروع تونس ونداء تونس وكتلة الائتلاف الوطني"، هكذا حلل الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار مقني، كلمة الغنوشي.

وأشار مقني إلى أن الغنوشي أراد خلال كلمته التأكيد أن حركة النهضة هي أقوى طرف سياسي في البلاد وأنها ستكون في الحكم وتتحكم فيه طوال الـ10 سنوات المقبلة.

كما أن الغنوشي أراد التأكيد أن الإصلاحات الخاصة بقانون الحريات لن تمر بدون موافقة النهضة، مشيرًا إلى أنه أراد أن يشير إلى أن الحفاظ على أدنى علاقة مع الرئيس السبسي ممكنة من خلال قانون الحريات الذي طرح للمناقشة في البرلمان.

محمد اليوسفي، عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أشار إلى أن خطاب الغنوشي تضمن رسائل للداخل تونسيا والخارج وخاصة للشركاء الدوليين كالاتحاد الاوربي والمؤسسات المالية المقرضة.

يتضح جليا، أن "النهضة" تسعى للتسويق لنفسها من خلال دعوة الغنوشي لسن عفو عن كل تورط خلال النظام السابق في جرائم ضد حقوق الإنسان فقط، بمجرد المصارحة والاعتذار وذلك لاستمالة قطاعات واسعة من المسؤولين الذين عملوا مع بن علي وهي قوة لا يستهان بها.

كما تسعى الحركة لإعداد برنامج اقتصادي واجتماعي لتونس حتى سنة 2030، وهو ما يؤشر إلى أنها تسعى لإعداد استراتيجية كاملة للحكم.

هذه الخطط تجعل الحركة المرشح الأبرز لقيادة البلاد خلال المرحلة المقبلة رغم حصيلة حكمها السابقة التي كانت دون المستوى على كافة المستويات.

إلا أنه في الوقت ذاته يسعى نداء تونس إلى إبعاد "النهضة" عن المشهد، فرئيس كتلة حركة نداء تونس في البرلمان سفيان طوبال، كان قد أعلن مؤخرًا أن قيادات الحركة تسعى إلى تشكيل حكومة جديدة لا تشارك فيها حركة النهضة.

الحكومة الحالية تسمى بحكومة الوحدة الوطنية، وقد شُكلت صيف 2016 وفق وثيقة "قرطاج"، بمشاركة أحزاب سياسية ومنظمات نقابية وحقوقية، كما أن حكومة الائتلاف الوطني التي تدعو لها "النهضة" تعني آليًا طي صفحة وثيقة "قرطاج"، التي علق الرئيس التونسي العمل بها في مايو الماضي.