مواقف كويتية مشرفة وأخرى سعودية مخزية حول التطبيع

مواقف كويتية مشرفة وأخرى سعودية مخزية حول التطبيع
الثلاثاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٢:٣٠ بتوقيت غرينتش

اتخذت السلطات في كل من الكويت والسعودية خلال الأعوام الأخيرة، توجهات مختلفه تجاه عدد من القضايا الهامة في المنطقة ولا سيما فيما يتعلق بقضيه التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي. وبينما اكدت الاوساط الشعبية والرسمية الكويتية مرارا على رفض التطبيع فهرول النظام السعودي نحو توطيد علاقاته مع الاحتلال متجاهلا المواقف الشعبية الرافضة للتطبيع في داخل المملكة وخارجها.

العالم - السعودية

لاتعترف الكويت بوجود "إسرائيل" وتطلق عليها وصف الكيان الصهيوني أو فلسطين المحتلة. وبعد استقلال الكويت عام 1961 أعلن الشيخ صباح السالم الصباح الحرب على العصابات الصهيونية في فلسطين عام 1967 وفقا للمرسوم الأميري الذي أرسلت بموجبه الكويت قوات عسكرية الى مصر للمشاركة في العمليات القتالية ضد "اسرائيل" في ما عرف بحرب الاستنزاف، علاوة على مشاركتها في حرب أكتوبر في كل من الجولان بسوريا والسويس في مصر.

وترفض الكويت دخول أي "إسرائيلي" إلى أراضيها أو التعامل بشكلٍ مباشر أو غير مباشر مع جميع المعاملات التجارية الإسرائيلية.  وفي يناير 2014 قاطعت الكويت مؤتمر الطاقة المتجددة في أبوظبي بسبب حضور الكيان الاسرائيلي.  

وشهدت الكويت على مختلف المستويات بدءا من أمير البلاد ورئيس مجلس النواب ومرورا بالنواب والاتحادات الطلابية والنقابية مواقف متقدمة عن الدول العربية في الخليج الفارسي فيما يخص رفض التطبيع والانفتاح على الإسرائيليين.

وفي شهر فبراير الماضي، أطلق ناشطون كويتيون حملة شعبية لمناهضة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي تحت عنوان "كويتي ضد التطبيع".

ونشر "الاتحاد الوطني لطلبة الكويت" إعلانات ضخمة في الشوارع والميادين العامة، تحث على مناهضة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتضمنت الإعلانات تحذيرًا من التطبيع الأكاديمي مع الاحتلال، تحت عناوين "التعاون البحثي والمعرفي بين العرب وإسرائيل تطبيع"، "والتطبيع: هو التعامل مع الكيان الصهيوني على أنها دولة وليست احتلالا".

وفي ندوة حوارية بعنوان "كويتي ضد التطبيع" عقدها الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت ورابطة شباب لأجل القدس بمقر الاتحاد الوطني لطلبة الجامعة أكد برلمانيون وناشطون كويتيون رفض كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مبينين مخاطره، ودور شعوب المنطقة في الدفاع عن أوطانها أمام مطامع هذا المشروع الذي يهدد المنطقة العربية كافة.

وقال الداعية والمفكر الإسلامي محمد العوضي إن حملة "كويتي ضد التطبيع" ما هي إلا دليل على اليقظة والوعي الحاضر في وجدان الأمة وخاصة الشباب.

واعتبر "التطبيع مع الاحتلال الصهيوني خيانة يجب مقاومته" مؤكدا أن مقاومة التطبيع من ثوابت الدين.

من جانبه، أكد عضو البرلمان النائب محمد الدلال، أن دولة الكويت بمساحتها الصغيرة تعد النموذج المثالي في مواجهة التطبيع، مشيرا إلى القانون رقم 21 عام 1964 لمقاطعة الاحتلال وأن العمل جار لتعزيز القانون وسد ثغراته.

وأوضح الدلال أن المطلوب بالمرحلة القادمة تعزيز نموذج دولة الكويت، والتحرك على المستوى الرسمي والبرلماني والشعبي لمقاومة التطبيع، وتسويق النموذج ونقل تجارب مقاومة التطبيع مع الدول.

وأشار عضو حركة "مقاطعة إسرائيل" (بي دي أس  (BDSفي الكويت مشاري الإبراهيم إلى جدوى المقاطعة من الناحية الاقتصادية، وقال إن حركة المقاطعة في الكويت نظمت حملة ممنهجة ضد شركة G4S الامنية المتورطة في جرائم الاحتلال.

وحول الموقف العربي تجاه مواجهة التطبيع، قال الإبراهيم "يحزنني أن أجد تعاطف الشباب في أميركا وأوروبا أفضل من التعاطف العربي".

وجدد عدد من نواب مجلس الأمة الکویتی تأكيدهم رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، مشيدين بمواقف الكويت الثابتة تجاه عدم التطبيع وبمواقف الكويت ضد الكيان الصهيوني الملطخة يده بدماء الاطفال والنساء وشهداء فلسطين، معتبرين التطبيع جريمة شرعية واخلاقية وانسانية وقانونية.

وقال النائب عادل الدمخي ان مصافحة أيادي بني صهيون الملطخة بدماء أطفال ونساء وشهداء فلسطين جريمة وعار، لكن للأسف هانت عليكم دماء المسلمين وهانت عليكم الشعوب الرافضة للتطبيع مع العدو الصهيوني، لا للتطبيع مع "إسرائيل".

فيما لفت النائب محمد هايف الى انه لا تزال دولة الكويت شامخة بتمسكها في المبادئ السامية تجاه القدس والقضية الفلسطينية في ظل تساقط سياسات بعض الدول وتقاربها مع الصهاينة.

بدوره، قال النائب عبدالله فهاد انه لمبعث الفخر أن تبقى الكويت شامخة متمسكة في موقفها المبدئي تجاه القدس والقضية الفلسطينية، وذلك في ظل تساقط بعض الدول وتقاربها مع الصهاينة تارة بزيارات رسمية وأخرى رياضية.

وأشار النائب عبد الوهاب البابطين الى أن الفخر ان تكون كويتيا ولديك هذا المرسوم الرافض للتطبيع مع العصابات الصهيونية ولديك حكام مؤمنون بالقضية الفلسطينية، ونؤكد ما قاله المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح بأن آخر دولة عربية تطبع العلاقات مع تلك العصابات الصهيونية هي الكويت.

واوضح النائب جمعان الحربش أن الهرولة للصهاينة مدنسي أولى القبلتين وثالث الحرمين في الوقت الذي تحاصر فيه غزة ويجوع أهلها ومساندة الصهاينة في هذا الحصار ليست من الدين في شيء، بل هي من موالاة الكافر على المؤمن، لذلك فالموقف الكويتي الرسمي والشعبي الرافض للتطبيع موقف مشرف ويدعو الى الفخر.

وفي نفس السياق، عقدت الحركة الشعبية الوطنية الكويتية ندوة سياسية تحت عنوان (لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني) وشارك بها كل من رئيس الحركة الشعبية الوطنية سعود الحجيلان والأمين العام للمنبر الديمقراطي بندر الخيران وأمين سر الحركة الشعبية الوطنية المحامي حسن دشتي والدكتور عدنان المضاحكة، بالإضافة إلى عدد من النشطاء السياسيين والنواب السابقين .

وقال رئيس الحركة الشعبية الوطنية سعود الحجيلان في الندوة إن الانتفاضة الفلسطينية التي تندلع كل عام ضد القمع الذي يُمارس من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني التي تفوقت على أساليب الفاشية والنازية وممارسات الأنظمة العنصرية، واستخدام كل الوسائل الوحشية لقمع الانتفاضة السلمية، ويأتي هذا في الوقت الذي تقوم بعض الدول العربية بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني .

وأضاف الحجيلان إن الانتفاضة تستند إلى دعم كل الشعوب العربية والإسلامية، بينما الكيان الصهيوني تسانده الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل غياب التضامن والتعاون العربي للتصدي بحزم لتلك الممارسات، وانتقد الحجيلان صمت وسائل الإعلام العربية عن الانتفاضة الفلسطينية الجديدة رغم تحدث مجلس الأمن عنها قبل أيام .

وأكد المشاركون في الندوة على رفض كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، وضرورة التمسك بالثوابت الوطنية ودعم القضية الفلسطينية، واستعادة الأرض المغتصبة

هذا واكدت الحركة التقدمية الكويتة على ثبات الموقف الكويتي الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني. وقالت الحركة انها تابعت شأنها شأن المواطنين الكويتيين وسائر المواطنين العرب جميعاً، الموجة التطبيعية المتسارعة المؤسفة والمقلقة لعدد من بلدان مجلس التعاون مع الكيان الصهيوني، في الوقت الذي يواصل فيه هذا الكيان الغاصب احتلاله للأراضي العربية في فلسطين والجولان وما تبقى من الأراضي اللبنانية التي لما يتم تحريرها، ويستمر في تنكّره للحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، ناهيك عن تحلله من القرارات الدولية المتصلة بالقدس وعودة اللاجئين، وقمعه الإجرامي لأهلنا الصامدين بوجه الاحتلال.

وأضافت في بيان "نحن في الحركة التقدمية الكويتية إذ نبدي استياءنا من هذا التهافت الخليجي على التطبيع مع الكيان الصهيوني، فإننا نثق بأن الكويت لن تتخلى عن نهجها المعهود في عدم الانجراف وراء الدعوات التطبيعية مع الكيان الصهيوني، وهو النهج النابع من التزاماتها القومية وسياستها الخارجية الرافضة للاحتلال والداعمة لنضال الشعب العربي الفلسطينين أجل نيل حقوقه العادلة والثابتة.

وفي المقابل يشير العديد من التقارير عن هرولة النظام السعودي نحو التطبيع مع الاحتلال خاصة في ظل حكم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في اطار ما يسمي صفقة ترامب الذي يعدها لتصفيه القضية الفلسطينية لصالح الكيان الاسرائيلي على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الشعوب العربية والاسلامية.

ويؤكد اليوم الخبراء الصهاينة، أن خلف الكواليس يستتر تعاون أمني واقتصادي واسع بين اليكان الصهيوني وأنظمة دول خليجية "باستثناء الكويت"، وهو أخذ بالتطور، ففي السنوات الأخيرة وعلى حدّ وصفهم بدأت منظومة علاقات حميمية جداً "مع بعض الأنظمة الخليجية، لأنّ هوية المصالح متشابهة"، فمضمون مسار هذه العلاقات كما وصفها أحد هؤلاء الخبراء يتلخص بالآتي حسب قوله: "اليوم للعلاقات شكل معيّن.. بمعنى آخر هم يجلسون معنا في غرف مغلقة ويتصافحون ويتفقون على كلّ شيء، لكن هذه الأنظمة تقول إذا كنتم تريدون أن تكون هذه العلاقات علنية عليكم أن تظهروا كأنكم تحاولون حلّ النزاع مع الفلسطينين وطالما أنّ هذا لا يحدث هذه العلاقات ستبقى سرية".

هنا، وتزامناً مع هذا التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني والذي تتبناه معظم هذه الأنظمة وفي مقدمتها السعودية، وبضغط أميركي، بدأنا نرى حالة غير مسبوقة من التطبيع الاقتصادي والثقافي والأمني والاستخبارتي بين الجانبيين حسبما يقول الكاتب والمحلل السياسي هشام الهبيشان.

وتشير زيارات مكثفة لمسؤولين سعوديين لكيان الاحتلال الى تسارع العلاقات بين الرياض وتل ابيب فضلا عن مواصلة الخطوات التطبيعية للاعلام الرسمي السعودي مع الاحتلال بما في ذلك المقابلات التي تجريها موقع الايلاف السعودي مع كبار المسؤولين الاسرائيليين.

وكشف رئيس اركان الكيان الصهيوني غادي آيزنكوت في شهر أذار/مارس الماضي ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التقى رئيس مجلس الامن القومي الصهيوني مئير بن شبات، مشيراً الى ان هناك تطابق مصالح بين تل أبيب والرياض في مواجهة التهديد الايراني، على حد قوله.

وقال أيزنكوت لموقع إيلاف بأن "إسرائيل مستعدة لتبادل معلومات المخابرات مع السعودية".

ونقلت صحيفة "جيروسالم بوست"، عن الوزير الاسرائيلي السابق في الشؤون الاجتماعية مايكل ملكوير في شهر اب /اغسطس عام 2016، قوله إنه سيمكن للإسرائيليين السفر إلى المملكة العربية السعودية قريبا.

وقال ملكوير في تصريح خلال مؤتمر صحفي مع وسائل إعلام بريطانية: "سيأتي اليوم الذي يستطيع فيه الإسرائيليون السفر إلى السعودية، وسيكون قريبا".

وقام الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي بزيارة مثيرة للجدل إلى تل أبيب، والتقى دور غولد والجنرال يفاو مردخاي، وهما المسؤولان في وزارة الخارجية الإسرائيلية.

وقال ملكوير، وهو عضو الكنيست السابق مع حزب "إسرائيل واحدة"، والوزير السابق لشؤون الشتات، إن لقاءه مع السعوديين ركز على القضايا الدينية المتعلقة بالدبلوماسية بين الجانبين.

وحول الملف الفلسطيني، قال ملكوير: أن "اللقاء ركز على إيجاد وسيلة لتمهيد أرضية مناسبة لاتفاقات مباشرة بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، والالتفاف على القضية الفلسطينية"، وفق قوله.

وفي عام 2016 كشف الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية تركي الفيصل عن رغبة السعودية بدء تعاون شامل مع كيان الاحتلال الاسرائيلي في شتى المجالات، مضيفاً في حوار مباشر وصريح مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدور، نظّمه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الجمعة في الولايات المتحدة.

وقال الفيصل "إننا بالعقل العربي والمال اليهودي يمكننا المضي قدما"، موضحاً "أقول دائما للمشاهدين اليهود أنه بالعقول العربية والمال اليهودي يمكننا المضي قدما بصورة جيدة، وفكروا ما يمكن تحقيقه في المواضيع العلمية والتكنولوجيا والمسائل الإنسانية والعديد من الأمور الأخرى التي بحاجة إلى النظر إليها."

واخذت العلاقات بين السعودية وكيان الاحتلال مسار متناميا بعد وصول دونالد ترامب الى سدة الحكم في اميركا وعرض خطته لتصفيه القضية الفلسطينية حيث نشهد الزيارات التي تقوم بها صهره جارد كوشنير ومبعوثه الخاص الى الشرق الاوسط جيسون غرينبلات الى السعودية والاراضي المحتلة تمهيدا لتنفيذ هذه الخطة وسط رفض عربي واسلامي كبير.

ويقول الخبراء بان السعودية تمارس الضغط على سائر الدول العربية في المنطقة كي تتخذ خطوات تطبيعية مع الاحتلال مشيرين الى الزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي الى الكويت موخرا.

لكن اقتصرت هذه الزيارة على لقاء قصير بينه وبين نائب الأمير كان صاخِبا حول القضايا الخلافية، وحفل عشاء رسمي أقامه أمير الكويت صباح الأحمد علي شرفه لم يطُل ووُصف بأنه كان "باردا"، ولم يتم خِلاله أي تطرق للقضايا التي كانت مدرجة علي جدول البحث.

وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الكويتية منها، ازدحمت بالتفسيرات التي تدور كلها حول فشل الزيارة، و"غضب" ولي العهد السعودي بسبب عدم تجاوب حكومة الكويت مع "إملاءاته"، حسب وصف معظمها.

وقال مصدر في الديوان الأميري الكويتي في تسريبات لوكالة رويترز، أن أجواء الزيارة كانت متوترة للغاية، ولم يتم التوقيع علي أي اتفاقية اقتصاديّة أو سياسيّة بين الجانبين.

اذا بينما ترفض الكويت وعبر مواقف وتوجهات مشرفة على الصعيدين الشعبي والرسمي القيام بخطوات تطبيعية مع الاحتلال الاسرائيلي والرضوخ للضغوط الخارجية بهذا الشأن، نرى بان السعودية وفي ظل حكم الامير الشاب محمدد بن سلمان لاتتحرك نحو التطبيع مع المحتلين الصهاينة فحسب، بل تملي على سائر البلدان الخليجية كي تتخذ مسارها المخزي نحو التطبيع.

قناة العالم