المیدان والاوهام

المیدان والاوهام
الأربعاء ٣١ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٨:٣٨ بتوقيت غرينتش

إزاء حالة الانحسار والانكسار التدريجي للمجموعات المسلحة، وارتباط معظمهابالإرادات الإقليمية، وانزياحها عن مساحة التأثير المباشر في مجريات الأحداث، فإن واقع ما يسمى بالمعارضة السياسية ليس بأفضل حالاً، فلم يستطع ما يسمى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أن يتجاوز حالته التنظيمية والإدارية المهلهلة، بل وحتي ان رموزه تبرؤوا منه  لاسباب عدة منها الفساد والمحسوبيات وهيمنة اطراف بعینها  حسب بعضهم وتعدد الولاءات داخله اي اصبح عنوانا لفشل اقره اصحابه والسباقون الى تاسيسه  قبل الخصوم واخر رئيس له هو نفسه يرى ان العنوان عريض عليه  واصبح بلا معنى  فعن اية قوى للثورة واية معارضة يتحدثون لابرامج ولا تصور ولا افق فحدها الاقصى اصبحت اکثر من ذی قبل اداة اقليمية لتصفية الحسابات خدمة لاجندات اقليمية.

كانت تنقسم المعارضات السياسية بين شخصيات ومجموعات وأحزاب داخل البلاد وخارجها. وفي حين يُعدّ بعض مكونات هذه المعارضة في الداخل من المجموعات المقبولة إجمالاً، فإن تلك الموجودة في الخارج وعلى رأسها «الائتلاف الوطني السوري»، تتمسّك بشروط  من غابر ايام تفاؤل المسلحين وداعميهم  كمقدّمة لأي حلّ محتمل او تسوية سياسية .اصحاب هذا الرهان  هم انفسهم باتوا غير مقتنعين به في ظل كل المعطيات فهم يكابرون ولايصدقهم حتى اقرب مقربيهم ومشغليهم:

حال ما سمي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الان يرثى لها هيكل برئيس واعضاء وفعالية ونشاط فيه سمة الغياب عن كل شئ لا بل نسيه حتى الاعلام المحسوب على  المعارض للحكومة السورية بل وحتى اصبح الامر يدعو للخجل في اطلاق التسمية على هذا الميت سريريا. وكان هذا الجسم قد تأسس في الدوحة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، بموجب اتفاق بين ما يسمى «المجلس الوطني السوري» وقوى معارضة أخرى. وحظي حينها باعتراف من أكثر من 120 دولة في مؤتمر سمي ب «أصدقاء سورية انذاك ومع مرور الزمن تبخر كل الاصدقاء بعد ان فقدوا الامل في الميدان وبقيت ما تسمى المجموعة المصغرة حول سوريا التي تسعى من خلال لجنة الدستور وما يتعلق به ايجاد اختراق  ومن تركيبة هذه اللجنة  لاعبان احدهما منشغل بنفسه وهي السعودية والاخر اصبح الناطق باسم المعارضات وبقاياها من جيش حر او مجموعات في ادلب اوما حولها اخر حراك حول سوريا كان بضيافة  انقرة وبمشاركة  زعماء روسيا وألمانيا وفرنسا بيان مشترك في ختام قمة اسطنبول أكدوا فيه دعمهم لسيادة و وحدة هذا البلد واستعدادهم للإسهام في إرساء السلام والاستقرار فيه. والتمسك بسيادة واستقلال و وحدة أراضي سوريا والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في جهود تسوية الأزمة السورية مع رفض الأجندات الانفصالية التي تهدد سيادة ووحدة سوريا والأمن القومي للدول المجاورة.

ان الواقعية تقتضي أن لا يكابرن احد وان سوريا 2018 غير سوريا سنوات الرهان علي مجموعات اكلة الاكباد وبقر البطون واخذ المدنيين اسرى وعرضهم في شوارع دوما وغيرها من المدن السورية .انها انحسرت وانحسرت وفي مناطق تنازعها صراع على النفوذ ومن يخدم اكثر هذا الطرف او ذاك دون اية اجندات وطنية هذا هو حال من بقي من عسكر ماسمي حينها بالثورة السورية  فيما لم تبق  الا المصغرة تستقوي بها مابقي من هيئة التفاوض وجل ما تريد امتياز تعلم ان لاسبيل اليه وتتهم دمشق بـ«تعطيل» تشكيل لجنة مناقشة الدستور الحالي، عبر اشتراط تسلمها رئاستها واتخاذ قراراتها بالإجماع.مصادر لم تكن يوما الى جانب سوريا نصحتهم بالتالي: أيتها المعارضة انت اليوم الطرف الأضعف، لم تتمكني حتى في أوج انتصاراتك الميدانية او التي كنتي تنسبينها لنفسك من إحداث أي تغيير في المعادلة السياسية، فماذا اليوم والحال كما هو عليه ميدانا الان ليس الامر تساؤلا بقدر ماهو قناعة خلف الكواليس وفي مجالس مغلقة لهيئة التفاوض ولسان الحال فلنرض بما يقدم لنا و مكسب لنا في اننا مازلنا نستقبل في العواصم كطرف في عملية سياسية في وقت يتسائل البعض منهم مع نفسه من نمثل.

* محمود غريب