مخطط أمريكا في اليمن.. هل هو حل أو مؤامرة؟

مخطط أمريكا في اليمن.. هل هو حل أو مؤامرة؟
الأربعاء ٣١ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٣٠ بتوقيت غرينتش

طرحت الولايات المتحدة مخططا لإنشاء مناطق حكم ذاتي في اليمن، مدعية أنه الحل للأزمة، ومطالبة بمشاركة كل أطراف النزاع في المفاوضات التي ستبدأ الشهر المقبل، حيث لاقت الدعوة ترحيبا فرنسيا وسويديا، ورفضا من حركة انصار الله.

العالم - تقارير

في غضون ذلك هناك تكهنات لدى بعض الأطراف بانتهاء الحرب على اليمن... وهناك اسئلة تطرح حول هذه التكهنات، هي: إلى أي مدى توجد إمكانية تحقيق نهاية الحرب؟ وهل ما بقوله الوزير الاميركي يجب ان ينفذ على الارض؟ وما هو دور السعودية والامارات حول وقف العدوان على اليمن.

فوزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو قال إنه حان الوقت الان لوقف الأعمال القتالية في اليمن والبدء بالتفاوض. واعترف بومبيو لاول مرة بأن صنعاء تستهدف الامارات والسعودية بالقصف الصاروخي و الطائرات المسيرة، مشترطا وقف هذا القصف، لوقف الغارات الجوية على المناطق المأهولة في اليمن، داعيا أطراف النزاع الى المشاركة في المفاوضات التي تقودها الامم المتحدة لانهاء الحرب، المقرر بدأها الشهر المقبل.

الدعوة ذاتها وجهها وزير الحرب الاميركي جيمس ماتيس الذي كشف أيضاً عما اسماها خططا رئيسية لاحلال السلام في اليمن، وقال ان خطته طرحت خلال مؤتمر عقد قبل ايام في البحرين وترتكز على تقسيم البلاد الى مناطق حكم ذاتي بعد عملية تدريجية لنزع السلاح واعادة حكومة عبد ربه منصور هادي الى البلاد، وينص الجزء الاول من الخطة على تامين الحدود اليمنية السعودية وافراغها من السلاح بالتزامن مع وقف الغارات السعودية.

وقال ماتيس: "نريد أن نرى الجميع حول مائدة سلام يعتمد على وقف إطلاق النار، على أساس التراجع عن الحدود والتوقف عن شن الغارات بما يسمح للمبعوث الخاص مارتن غريفيث بجمع الفرقاء في السويد وإنهاء هذه الحرب، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي سنعتمدها لحل هذه الازمة".

وأضاف: "ثانيا، أعتقد أن نزع السلاح وفق جدول تدريجي طويل. أنا أقول إننا لسنا بحاجة الى صواريخ توجه في أي مكان في اليمن بعد الآن. لا أحد سيغزو اليمن. سوف نعود إلى الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، وبحيث تعطي المناطق التقليدية لسكانها الأصليين، لكي يكون الجميع في مناطقهم، ولا حاجة للسيطرة على أجزاء أخرى من البلاد، ولنترك الدبلوماسيين يعملون على إضفاء لمساتهم السحرية الآن. لكن ذلك يجب أن يبدأ كما أرى على طول هذين الخطين".

ترحيب فرنسا و السويد بالتصريحات الاميركية 

الخطة الاميركية الرامية لايجاد مخرج لدول العدوان من مأزقها العسكري في اليمن وازمتها الدولية بسبب المجازر التي ترتكبها ضد المدنيين لاقت ترحيبا فرنسيا، حيث قالت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي في حديث اذاعي، ان بلادها تمارس ضغوطا بالتعاون مع الامم المتحدة للتوصل الى حل سياسي في اليمن لعدم جدوى الحلول العسكرية وعدم قدرتها على تحريك الازمة.

وصرّحت الوزيرة "حان الوقت لتتوقف هذه الحرب ومن المهمّ أيضاً وهذه هي الأولوية بالنسبة إلى فرنسا، أن يتحسّن الوضع الانساني وأن يتم تسهيل إيصال المساعدات الانسانية".

من جانب آخر أعلنت وزيرة خارجية السويد مارغوت فالستروم أن بلادها مستعدة لاستضافة محادثات الأطراف المتنازعة في اليمن.

تعليقات "أنصار الله" على "مخطط الحكم الذاتي"

الى ذلك رفض عضو المكتب السياسي لحركة "أنصارالله" اليمنية، عبدالملك العجري، تصريحات وزير الدفاع الأمريكي وأوضح أن حديث ماتيس عن إمكانية حصول الحوثيين على منطقة حكم ذاتي، كما لو أن أنصار الله يمثلون قومية عرقية أو أن اليمن بلد إثني متعدد العرقيات أو أن الصراع في اليمن اجتماعي وليس سياسي، ونسي أن اليمن بلد واحد متجانس ثقافيا وأنصار الله مكون وطني والصراع سياسي".

وقال العجري في سلسلة تغريدات عبر حسابه على "تويتر"، إن "أنصار الله تيار وطني يتواجد في معظم مناطق اليمن، في صعدة وحجة وذمار وتعز البيضاء وإب والحديدة والمحويت وغيرها".

ولفت العجري إلى أن "حديث ماتيس عن مناطق حكم ذاتي يكشف عن نواياهم التفتيتية، مؤكدا أنها مرفوضة من كل القوى الوطنية ولا تمثل رؤية أنصار الله ولا غيرهم من القوى السياسية".

وفي هذا السياق قال توفيق الحميري، عضو اللجنة الثورية لـ"أنصار الله" إن ما تحدث به وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس حول الوضع في اليمن يمثل اعترافات واضحة بأنهم يريدون الوصاية على قرار الشعب اليمني، مضيفا: "هذا ما نرفضه".

وأكد عضو اللجنة الثورية"ما جاء في كلمة ماتيس هي اعترافات وليست تصريحات مفادها أن العدوان، الذي تقوده أمريكا وأدواتها (السعوإماراتية) يسعى للوصاية على قرار الشعب اليمني ومصادرة سيادته وتمزيقه وهذا ما يرفضه اليمنيون منذ عدة أعوام ونقدم التضحيات رفضا للإملاءات الأمريكية أو أي وصاية خارجية علينا".

وتابع الحميري: "الشعب اليمني هو الوحيد الذي له الحق أن يصيغ ويقرر شكل دولته ونظام حكمه ونحن مستمرون في دفاعنا عن بلدنا وقيادتنا وحقنا الذي يكفله القانون والمواثيق الدولية"، مضيفا: "نصنع صواريخنا ونطور أسلحتنا لكي نحمي أنفسنا من جرائم عدوان أمريكا وأدواتها الذي قتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء اليمنيين".

وأوضح الحميري: "إذا كان ماتيس يدعي أنه غبي ولا يفهم أن العدوان على الشعب اليمني تم إعلانه، وأن قراره اتخذ من واشنطن وخططت له أمريكا قبل بدئه بعدة أشهر باعترافات من سبقوه، فهذا غباء لا يواري قبح جرائم أمريكا وقتلها للشعب اليمني".

ويقول: "أما إذا كان غباءه ليس مصطنعا فهناك حل واضح وليس معقد، وهو أنه على أمريكا وأدواتها أن يوقفوا عدوانهم وجرائمهم وحصارهم على الشعب اليمني وبهذا يتم إحلال السلام في بلدنا".

وقال عضو المكتب السياسي لحركة انصار الله، الدكتور حزام الاسد في حديث لقناة العالم: "نحن واثقون بأن الولايات المتحدة هي من تقف وراء العدوان علی الیمن منذ الیوم الاول ونعرف جيداً بأن الطائرات التي تقصف اطفال ونساء الیمن، هي طائرات أمريكية والغطاء السياسي غطاءاً أمريكياً والسلاح الذي يقصف الیمن سلاحا امريكيا والقرار لهذا العدوان قراراً امريكياً وبالتالي وقف العدوان يكون بيد أمريكا وليس بيد أدواتها السعودية والاماراتية".

وتابع حزام الاسد: "اذا ارادت أمريكا وقف الحرب في الیمن فعلیها ان توقف عدوانها علی اليمن، وليس علیها استخدام مصطلحات تجعلها كوسيط محايد في هذا العدوان".

وأكد أن "توقيت اعلان هذا الاقتراح من قبل الولايات المتحدة يثبت أنها تبحث عن طريقة لحرف الانظار عن السعودية وتغطية جرائمها لاسيما الجرائم التي ارتكبتها في الیمن أو في قتل الصحفي جمال خاشقجي".

وبين الاسد: "أن مقترح وزير الخارجية الامريكي بومبيو أو وزير الدفاع الامريكي ماتيس يكشف عن نية الولايات المتحدة تقسيم الیمن، وهو الهدف الذي شنت لأجله العدوان علی الیمن من البداية".

واعتبر عضو المكتب السياسي لحركة انصار الله ان الحل الامثل لأزمة الیمن يكمن في الجلوس علی طاولة مفاوضات سياسية يمنية - يمنية، مشدداً أن اقتراح الولايات المتحدة في تقسيم الیمن، ما هو الا تدخلاً سافراً في شؤون الیمن الداخلية".

حرب اليمن تقترب من نهايتها؟

عبدالباري عطوان محلل وكاتب مخضرم سياسي غرد على صفحته الرسمية في "تويتر "نعم حرب اليمن تقترب من نهايتها والفضل يعود لابناء اليمن الشرفاء وتضحياتهم وصمودهم البطولي، كل التحية والاحترام لاهلنا الأبطال في اليمن النصر على الظلم بات وشيكا".

إعتراف الأمريكي في إستهداف الصاروخي اليمني، يعتبر تطور سياسي جديد في الموقف واشنطن تجاه العدوان السعودي الاماراتي على اليمن؛ لكن هناك سؤال، ما هو حقيقة هذا الموقف الأمريكي وهل سيؤدي الى إنهاء الحرب على اليمن؟

مخطط الحكم الذاتي الأمريكي يعتبر محاولة جديدة من محاولات اميركية فاشلة وهدفه الحقيقي هو تركيع اليمن وسلب سيادته وتفتيته خاصة بعد انكسار العدوان ميدانياً في الساحة اليمنية، لكن حنكة القيادات اليمنية سيؤفر لهم فرصة لإجهاض كل المؤامرات.

وفي هذا السياق تحديد فترة دقيقة من اجل انطلاق المفاوضات في اليمن والتأكيد على وجوب الوقف المتبادل للغارات الجوية لقوى التحالف واطلاق الصواريخ اليمنية من جانب وزراء خارجية ودفاع الولايات المتحدة بشكل منسق، يكشف عن توجه حقيقي لوقف حرب اليمن، وفي الوقت الذي كانت فيه السعودية (وبقية اعضاء التحالف) في الاغلب هي السبب في وصول المفاوضات اليمنية الى الطريق المسدود، لكنها هذه المرة وبسبب ارتهان محمد بن سلمان لاميركا في قضية الصحفي جمال خاشقجي، يبدو ان مسالة الدخول في المفاوضات هذه المرة هو امر اكثر واقعية، ولهذا السبب وجدنا ان مسؤولين اميركيين احدهما سياسي وآخر عسكري حددوا وبشكل منسق زمنا لتنفيذ هذه القضية.

بالطبع من الجانب اليمني وفي حالة عدم الاستجابة لمطالبات الشعب اليمني لا توجد هناك ضمانة لتنفيذ ما ترغب به الولايات المتحدة.