هل تكشف تركيا عن الآمر بقتل خاشقجي؟

هل تكشف تركيا عن الآمر بقتل خاشقجي؟
الخميس ٠١ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠١:٤٧ بتوقيت غرينتش

خلال شهر ومنذ اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، تعاملت السلطات التركية بدرجة عالية من الدبلوماسية مع السلطات السعودية، لكن مع مواصلة أجهزتها المختلفة التحقيق في القضية للوصول إلى الحقيقة الدامغة وكشف جميع من لهم علاقة بالجريمة، وذلك بتكرار مطالبتها الرياض بإعلان "من أعطى الأوامر" بالاغتيال.

العالم - السعودية

وعملت القيادة السياسية التركية، خلال الأيام التي تلت اغتيال خاشقجي، في إطار الأساليب المعمول بها بين الدول فيما يتعلق بعمل السفارات، إذ دخلت القنصلية السعودية بعد الحصول على إذن من السلطات السعودية (رغم تأخره أياماً)، وفتشت منزل القنصل، والسيارات السعودية الدبلوماسية، بعد الحصول على إذن بالإجراء نفسه.

وبحسب الجزيرة فبعد كل هذه الإجراءات القانونية التي اتخذتها تركيا، جمعت دلائل وحقائق دامغة عن الجهة التي دبرت اغتيال خاشقجي، ثم سربت للصحافة الكثير من المعلومات عن فريق الاغتيال السعودي المكون من 18 شخصاً وجميعهم يعملون بالدولة، وهي التسريبات التي أكدتها لاحقاً الاعترافاتُ السعودية أو البيانات الرسمية التركية.

ويوم الأربعاء، أعلن المدعي العام التركي، في بيان رسمي، أنه تم تقطيع جثة خاشقجي بعد مقتله "خنقاً" والتخلص منها، مؤكداً أنه سأل النائب العام السعودي عن مكان الجثة ولم يحصل منه على جواب.

التخطيط للعملية والقتل والتقطيع ثم إخفاء الجثة، لم تكن بدايةً سوى تسريبات تصدرها وسائل إعلام أجنبية وتركية، وهو ما بات اليوم حقيقة وباعتراف سعودي ولو جزئياً، في حين كان الحديث عن تورط مسؤولين كبار مجرد توقعات، أكدتها فيما بعدُ الإقالات التي قررها الملك سلمان، والتغييرات المحورية في جهاز الاستخبارات.

ولم توجه السلطات التركية، طيلة الفترة التي تلت إقرار السعودية بارتكابها جريمة قتل خاشقجي، اتهامات رسمية إلى ولي العهد السعودي؛ بل اكتفت بالتلميح بوجود أدلة تدين شخصية كبيرة بالجريمة، وُصفت بأنها "رأس الهرم" في السلطة.

ويبدو أن كل الإرهاصات وأصابع الاتهامات التي توجهها تركيا، تدور حول شخصية ولي العهد بن سلمان؛ لكون فريق الاغتيال يضم شخصيات مقربة منه، كالعقيد ماهر مطرب، الذي أجرى عدة اتصالات به خلال تنفيذ عملية الاغتيال.

وجاءت آخر التلميحات التركية عن طريق حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأن جريمة قتل خاشقجي "تصرُّف لا يمكن تنفيذه دون توجيهات من مناصب عليا".

إجراءات لم تعتق رقبة بن سلمان

ولم تعتق الإجراءات الرسمية للديوان الملكي رقبة بن سلمان من تحمُّل مسؤولية القتل، من خلال تقديم عدد من الشخصيات كـ"كبش فداء" لقضية مقتل خاشجقي، كان أبرزها المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني، ونائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري.

ويعد التصريح الأخير من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الحليف الأقوى والأقرب إلى ولي العهد السعودي، عن إمكانية تحمُّل بن سلمان المسؤولية، حيث قال فيه إن: "الشخص الذي يدير مثل هذه الأمور بالسعودية على هذا المستوى، هو الأمير محمد؛ ومن ثم إذا كان هناك أحد له علاقة بالحادث فسيكون هو".

وأمام هذه الأدلة القوية، والضغط الدولي الكبير، وإمكانية إعلان تركيا رسمياً تورط بن سلمان في عملية الاغتيال، بالفترة القادمة، تكون القيادة السعودية قد دخلت في أزمة كبيرة؛ لكون ولي عهدها متهماً في القتل أمام العالم.

وهنا يُتوقع أن يعزل الملك سلمان بن عبد العزيز، ابنه، تماشياً مع مطالب العالم كحد أدنى لتهدئة الحلفاء والأعداء، والحفاظ على ما تبقى من حكمه للسعودية المأزومة في هذه الأيام، والتي تمر بالعديد من الأزمات كحرب اليمن، وقضايا حقوق الإنسان الداخلية.

ويبدو أن هذه الفرضية بدأ العمل عليها من الآن في السعودية بالتوافق مع الولايات المتحدة، التي وجدت بالفعل بديلاً لولي العهد الحالي، وهو الأمير السعودي المعارض أحمد بن عبد العزيز، الذي وصل إلى العاصمة الرياض بعد عام من الغياب، بضمانة أمريكية.

وستكون الأنظار متجهة هذه الأيام إلى الأمير أحمد، وهو الشقيق الأصغر للملك سلمان، وإمكانية تنصيبه ولياً للعهد بدلاً من بن سلمان، وكخروج من أزمة اغتيال خاشقجي، وإرضاء العالم من خلال هذه الصفقة.

وتعزيزاً لإمكانية تنصيب الأمير أحمد، اجتمعت هيئة البيعة في السعودية سراً لاختيار ولي لولي العهد الجديد، في ضوء الضغوط الدولية المتزايدة التي سبَّبها مقتل خاشقجي،

ويريد الأمير المعارض أداء دور في إحداث تغييرات، والتي تعني إما أنه سيؤدي بنفسه دوراً محورياً في أي ترتيبات جديدة (داخل البيت الملكي)، أو أنه سيساعد باختيار بديل من بن سلمان، وفق موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، 

وبالعودة إلى التحقيقات التركية في قضية مقتل خاشقجي، بات من المتوقع أن تأخير كشف أنقرة الحقائق كاملةً في القضية يتم بتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعطت القضية اهتماماً واسعاً من خلال إرسالها فريق تحقيق مختصاً، وتواصل سياسي مستمر.

وهنا يظهر للعالم عودة العلاقات التركية - الأمريكية التي شهدت اضطرابات مؤخراً بسبب قضية القس أندرو برانسون، الذي أفرجت عنه تركيا بعد عامين من الاحتجاز بسبب قضايا تتعلق بالإرهاب.