جديد خاشقجي.. قتل بمكائد سياسية وأوامر من "مناصب عليا"!

جديد خاشقجي.. قتل بمكائد سياسية وأوامر من
الخميس ٠١ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:١٨ بتوقيت غرينتش

أثار مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أحد منتقدي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة، غضبا عالميا، وسلط الحادث الضوء بشدة على علاقة الغرب بالرياض بعد الشكوك التي دعمها تغير تفسيرات السعودية لرواية القتل داخل قنصلية المملكة في مدينة اسطنبول التركية.

العالم - السعودية

وبعد مرور شهر على مقتل خاشقجي، لا تزال السعودية في ورطة شديدة، وليس القتل وحده مصدر هذا المأزق، إنما إخفاء جثة الضحية وتغيّر الرواية الرسمية من الإنكار إلى الإقرار، ومن الشجار إلى الخنق، قبل الاعتراف بالتخطيط المسبق لارتكاب الجريمة.

لم يخدعني السعوديون في قضية مقتل خاشقجي

وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه لا يشعر بأن السعوديين قد خدعوه بخصوص مقتل خاشقجي، في قنصلية بلاده في اسطنبول.

وأضاف في تصريحات لصحفيين: "لا أشعر أنني خدعت، أبدا، هناك جملة من الحقائق، وهناك أمور ننظر فيها، لم يخدعوني، فلننتظر كيف تنتهي المسألة".

واستطرد قائلا: "لم يخدعوني، ربما خدعوا أنفسهم".

قضية خاشقجي بها مكائد سياسية

من جانبها أكدت وزارة الخارجية الروسية، اليوم الخميس، أن قضية خاشقجي تضخمت بقدر هائل من المكائد السياسية والافتراءات.

وأكدت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحافي عقدته اليوم الخميس، أن "بلادنا أعلنت منذ اليوم الأول أنه من الضروري القيام بخطوة واحدة وهي إجراء تحقيق شامل ونزيه".

وقالت زاخاروفا، رداً على طلب التعليق عما يتداول في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، عن أن الاستخبارات الروسية قدمت معلومات للاستخبارات التركية حول هذا الملف: "من المخيف أن تتضخم هذه المأساة بكل هذا القدر من المكائد السياسية والافتراءات التي نراها اليوم".



وتابعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية: "يجري حاليا، بدلا من إتاحة الفرصة لإجراء تحقيق شامل وموضوعي، إطلاق حملة ضخمة ليست مأساوية بشكل أقل حول ملابسات هذه القضية".

وشددت زاخاروفا على أن هناك "عددا ضخما من التسريبات" غير المؤكدة حول ملابسات وفاة الصحافي على الرغم من قلة المعطيات الرسمية بشأن القضية.

وأكدت زاخاروفا على ضرورة عدم الانجرار وراء هذه التسريبات، مشيرة إلى أن روسيا ستصدر تعليقاتها على الموضوع فقط بعد إنجاز الأطراف المعنية التحقيقيات الرسمية في هذا الحادث.

العفو الدولية تطالب الرياض بالكشف عن جثة خاشقجي

ودعت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، السلطات السعودية إلى الكشف "الفوري" عن مكان جثة خاشقجي، حتى يمكن تشريحها بواسطة خبراء الطب الشرعي المستقلين وفقا للمعايير الدولية.

وقال المسؤول الإعلامي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومكتب أمنستي الإقليمي في بيروت محمد أبو نجيلة، للاناظول التركية، وتابعتها "المسلة"، ان "ينبغي لتركيا والمملكة العربية السعودية والدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة جميعا، التعاون التام مع تحقيق الأمم المتحدة لضمان حصوله على الدعم اللازم لمعرفة ما حدث لخاشقجي".

وجددت المنظمة دعوة الحكومة التركية إلى أن "تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، القيام بإجراء تحقيق دولي عاجل في ملابسات مقتل خاشقجي، وتقديم المسؤولين عن هذه الجريمة، مهما بلغت درجة رتبهم أو مراكزهم، إلى العدالة".

وطالب المجتمع الدولي بـ"التحرك بشكل عاجل أمام الانتهاكات الفاضحة التي تقوم بها السعودية، وعدم تسويف أو التقليل مما حدث لخاشقجي"، مضيفا ان "المملكة لديها سجل مليء بانتهاكات حقوق الإنسان والإعدامات غير القانونية، والاعتقالات التعسفية للمعارضين السلميين، وأيضا الانتهاكات الممنهجة في اليمن".

واعتبرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) أن "الإعلان الجديد من قبل السلطات التركية بأن خاشقجي قد تم خنقه ثم التمثيل بجثته هو أمر مروع جدا".

ولفت إلى أنه "منذ الكشف عن الجريمة، قلنا في منظمة العفو الدولية وبشكل واضح، بأن مقتل خاشقجي هو مؤلم وسابقة خطيرة، ويعد جريمة اغتيال خارج إطار القضاء.

جثة خاشقجي أُذيبت بحمض الأسيد

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول تركي رفيع المستوى قوله، إن "السلطات التركية ترجح نظرية مفادها، أن جثة خاشقجي المقطعة، تمت إذابتها باستخدام حمض الأسيد داخل القنصلية السعودية، أو في مقر القنصل العام السعودي القريب".

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية القضية، إن "الأدلة البيولوجية التي تم اكتشافها في حديقة القنصلية، تدعم النظرية القائلة بأن جثة خاشقجي تم التخلص منها بالقرب من المكان الذي قتل ومزقت أوصاله فيه". وأوضح أن "جثة خاشقجي لم تكن بحاجة إلى دفن".

وفي وقت سابق، نقلت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأميركية عن مصدر مقرب من الديوان الملكي السعودي قوله، إن جثة خاشقجي “تم تسليمها لمتعاون محلي في تركيا”، وأفاد المسؤول التركي بأن “المحققين الأتراك لا يعتقدون بوجود متعاون محلي”.

وفي السياق نفسه، قال مسؤول تركي رفيع المستوى آخر، إن النائب العام السعودي سعود المعجب، الذي أتم زيارة استغرقت 3 أيام إلى إسطنبول، أمس الأربعاء، لم يقدم أي معلومات عن موقع رفات خاشقجي، ولم يحدد من هو “المتعاون المحلي” المذكور، بحسب الصحيفة ذاتها.

الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق شفاف حول خاشقجي

واعقب البيان الصادر عن النيابة العامة في إسطنبول بشأن مقتل خاشقجي، جدد الاتحاد الأوروبي مطالبته بإجراء تحقيق شفاف وموثوق حول الجريمة.

وفي تصريح للأناضول، قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، مايا كوسيانسيتش، إن موقف الاتحاد حيال قضية خاشقجي لم يتغير، وأنه ما زال مصرا على كشف تفاصيل الجريمة بشفافية.

وأمس الأربعاء، طالبت مفوضة الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، بالكشف عن المتورطين في قتل خاشقجي. مضيفة أن هذا المطلب لا يعني السعي للانتقام أو البحث عن كبش فداء.

وأكدت موغريني، أن الدول الأوروبية اتخذت موقفا مشتركا إزاء العلاقات مع السعودية، عبر المطالبة بتحقيق شامل وشفاف في قضية مقتل "خاشقجي" داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.

والخميس الماضي، أصدر البرلمان الأوروبي، قرارا غير ملزم يفرض حظرا أوروبيا على بيع الأسلحة إلى السعودية، على خلفية مقتل خاشقجي.

وأعرب القرار عن إدانته الشديدة لمقتل الصحفي جمال خاشقجي. داعيا السلطات السعودية إلى الكشف عن معلومات عن مكان الجثمان.

وشدد القرار على أنه "لا يمكن ارتكاب جريمة من هذا النوع دون علم أو سيطرة ولي العهد محمد بن سلمان".

خاشقجي قتل بأوامر من "مناصب عليا"

وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر جليك إن جريمة قتل خاشقجي ليست عملا يمكن تنفيذه دون توجيهات من مناصب عليا، وإن تركيا لن تسمح بالتستر على شيء.

وأوضح جليك -في مؤتمر صحفي عقب اجتماع اللجنة المركزية للحزب الأربعاء- أن بلاده لا تتهم أحدا مسبقا، لكنها لن تسمح بالتستر على أي شيء. وأضاف أن تركيا تريد محاكمة الفاعلين في إسطنبول بشكل شفاف وأمام العالم.

وأشار المتحدث إلى أن تركيا تريد أن تعرف من الجانب السعودي مكان جثة خاشقجي، وهوية المتعاون المحلي التركي الذي يفترض أنه تسلم جثة خاشقجي من فريق الاغتيال السعودي، بحسب إحدى الروايات السعودية للواقعة.

وجاءت تصريحات المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عقب مغادرة النائب العام السعودي سعود المعجب مدينة إسطنبول بعد زيارة لمدة ثلاثة أيام، في إطار التحقيقات في قتل خاشقجي.

ولم يجب النائب العام السعودي عن أسئلة الصحفيين لدى مغادرته مطار أتاتورك الدولي، ورافقه فريق التحقيق السعودي في قضية خاشقجي.

وفي وقت سابق، أصدر المدعي العام في إسطنبول أول بيان رسمي منذ بدء التحقيقات في القضية، وقال إن خاشقجي قتل خنقا فور دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول، ثم قام القتلة بتقطيع جثته والتخلص منها في عملية تم التخطيط لها مسبقا.

وأكد بيان المدعي العام في إسطنبول أن النائب العام السعودي لم يجب عن أسئلة الجانب التركي في القضية، رغم تعهده بذلك، وأنه نفى وجود متعاون محلي تركي تسلم الجثة من القتلة

بيان الادعاء العام التركي

وتأتي تصريحات المسؤول التركي بعد إعلان المدعي العام في إسطنبول أمس أن خاشقجي قتل خنقا وتم تقطيع جثته ثم تم التخلص منها وفقا لخطة معدّة سلفا، وذلك في أول بيان رسمي من جانب الادعاء منذ بدء التحقيقات في مقتل الصحفي السعودي.

واستخدم المدعي العام التركي في بيانه، المرادف التركي لكلمة "المحو" أو "التدمير" عند حديثه عن التخلص من جثة خاشقجي، وهو ما قد يشير إلى فرضيات فكّر فيها المحققون الأتراك للإجابة عن سؤال: أين جثة خاشقجي؟ ومن بينها احتمال إذابتها في أحماض.

واستهل المدعي العام التركي بيانه بالتأكيد على أن النائب العام السعودي سعود المعجب -الذي اختتم عصر الأربعاء زيارته لتركيا- لم يجب عن أسئلة الجانب التركي في القضية رغم تعهده بذلك، وأنه سأله تحديدا عن مكان جثة خاشقجي.

وبشأن موضوع المتعاون المحلي جاء في البيان التركي أن النائب العام السعودي سعود المعجب نفى للجانب التركي وجود متعاون محلي تركي يُفترض أنه ساعد فريق الاغتيال في التخلص من الجثة، بحسب إحدى الروايات السعودية للواقعة.

وأشار إلى أن السلطات لم تحصل على انطباع بأن السعوديين حريصون على التعاون الصادق في التحقيقات.

مخاوف سعودية من تدهور العلاقات مع واشنطن

حذر الأمير السعودي تركي بن فيصل آل سعود (الرئيس السابق للمخابرات السعودية) من أن الغضب الأميركي الذي "يشيطن" المملكة في واقعة مقتل خاشقجي يهدد العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة.

وتغذي مخاوفَ الأمير تصريحات صدرت من أعلى المسؤولين بالإدارة الأميركية تتوعد الرياض بعقوبات قاسية إذا ثبتت مسؤوليتها عن قتل خاشقجي، فضلا عن مطالبات واسعة في الإعلام الأميركي بضرورة وقف "مغامرات" رجل الرياض القوي محمد بن سلمان.

وقال الأمير السعودي بخطاب أمام المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية وهو منظمة دعم غير ربحية "نحن نقدر علاقتنا الإستراتيجية مع الولايات المتحدة ونأمل في الحفاظ عليها، ونرجو أن ترد الولايات المتحدة بالمثل".

وعمل تركي -الذي كان خاشقجي مستشارا له يوما- سفيرا للمملكة في لندن وواشنطن أيضا. ومن الواضح أن الرياض أجازت خطابه الذي يندد فيه بما سماه "شيطنة" السعودية. وهو يرأس مركزا للبحوث الإسلامية يحمل اسم والده الملك الراحل فيصل.

وتمر العلاقات الأميركية السعودية حاليا بواحدة من أسوأ المراحل التي مرت بها خلال السنوات الماضية، وسط انتقادات بالغة القسوة وجهها مسؤولون ومشرعون حاليون وسابقون ووسائل إعلام لسياسة الرياض وولي العهد ودوره المفترض بمقتل الصحفي.

وبسبب ذلك أشار تركي بن فيصل إلى أن العلاقات مع واشنطن التي تخطت أزمات سابقة على مدى أكثر من 70 عاما "مهددة اليوم من جديد" على خلفية قضية الصحفي "المأساوية وغير المبررة" وفقا لقوله، مؤكدا أن الرياض ملتزمة بتقديم المسؤولين عن قتل خاشقجي للعدالة "هم وكل من لم يلتزم بالقانون".

معلومات عن عودة الأمير أحمد بن عبد العزيز إلى السعودية

وذكرت صحيفة "إندبندنت" أن الأمير السعودي أحمد بن عبد العزيز عاد إلى المملكة بهدف إجراء "مفاوضات حرجة" مع العائلة الحاكمة في محاولة لاحتواء الأزمة الناجمة عن مقتل خاشقجي.

وأشارت الصحيفة البريطانية في تقرير نشرته أمس، إلى أن أفرادا في العائلة الحاكمة قد يرون في الأمير أحمد، وهو الشقيق الأصغر والوحيد على قيد الحياة للملك سلمان بن عبد العزيز وينتمي إلى "السديريين السبعة"، بديلا عن الأمير محمد بن سلمان في منصب ولي العهد، في وقت تزداد فيه الضغوطات الدولية على الأمير محمد في ظل مزاعم تورطه في قضية خاشقجي، بحسب الصحيفة.

ورجحت الصحيفة أن الأمير أحمد عاد إلى الرياض من لندن بعد حصوله على ضمانات أمنية من مسؤولين أوروبيين، وأكدت مصادر مقربة من العائلة المالكة أنه عقد ليلة الثلاثاء لقاء في منزله العائلي مع أخويه، الأميرين طلال ومقرن.

ونقلت الصحيفة عن أحد الأمراء من الفريق المنافس للأمير محمد بن سلمان قوله: "يخططون في الأيام القليلة المقبلة لعقد اجتماع مع الملك لدراسة الوضع السياسي الحالي ومستقبل السعودية، ولن يحضر الأمير محمد بن سلمان هذا الاجتماع".

وتابع الأمير الذي لم يكشف عن اسمه أن الأمير أحمد تلقى توصيات بأن يتولى منصب ولي العهد ليس من قبل أعضاء في الأسرة الحاكمة فحسب، بل ومن قبل مسؤولين أوروبيين، مشيرا إلى أنه يحظى بشعبية واسعة داخل العائلة المالكة.

وأكد الأمير نفسه إمكانية عقد اجتماع جديد لـ"هيئة البيعة"، وهي هيئة معنية باختيار الملك وولي العهد تأسست في عام 2006 وتوقفت عن العمل تقريبا بعد عام 2012 حين عيّن الملك سلمان مباشرة لأول مرة وليا للعهد.

وأكد معارض سعودي مقيم في أوروبا ولديه علاقات مع أفراد في العائلة الحاكمة أن الأمير أحمد حصل على ضمانات أمنية من مسؤولين أوروبيين، مضيفا أن الكثيرين من العائلة الحاكمة طلبوا منه التحرك في سبيل طرح مبادرة لمواجهة الأمير محمد.

وذكر المصدر نفسه أنه ليس مطلعا على ما إذا كان الأمير أحمد يعتزم اتخاذ خطوات من هذا النوع، لكن ثمة أحاديث كثيرة تفيد بأنه يعتزم المضي قدما في هذا الاتجاه، مع التعويل على أخيه الأمير مقرن.

وقال: "نعرف أن اجتماعا من نوع ما سيعقد، وهو يحظى بدعم أوروبا".

وأفادت الصحيفة بأن الأمير أحمد على الرغم من الدعم الأوروبي له، ربما لن يحصل على تأييد من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي ترى في محمد بن سلمان حليفا قريبا لها.

ودعا الخبير في الشؤون الخليجية وباحث في "المعهد الملكي الموحد للدراسات الدفاعية" البريطاني، مايكل ستيفنز، إلى التحفظ في تقييم أهمية عودة الأمير أحمد إلى البلاد، موضحا أن الملك سلمان أسهم كثيرا في دعم ولي عهده ليرى انهياره اليوم.

وأشار ستيفنز إلى أن الأمير محمد لا يزال قادرا على "احتكار الإجراءات الأمنية" في المملكة، وفي هذه الظروف يُعتبر الخطر المحتمل عليه من قبل الأمير أحمد قليلا.