ترامب عفى عن هؤلاء ليتنفس الصعداء

ترامب عفى عن هؤلاء ليتنفس الصعداء
الجمعة ٠٢ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:١٤ بتوقيت غرينتش

من الواضح جليا ان امريكا تعزف منفردة في سياستها مع ايران، فالعالم الذي ثبت له بعين اليقين مدى استهانة امريكا بالقوانين والمعاهدات الدولية خاصة بعد مجيء التاجر المثير للجدل دونالد ترامب على سدة الحكم يسعى جاهدا في الوقوف امام هذه المغامرات الفاشلة والمربكة للساحة الدولية.

العالم-ايران

ويبدو ان هذا السعي بدا يجني ثماره ويمكن استنباط هذا من ما نقلته وكالة "بلومبيرغ"، الجمعة، عن مسؤول أميركي قوله إن حكومة الولايات المتحدة وافقت على السماح لـ 8 دول بالاستمرار في شراء النفط الإيراني، بعد إعادة فرض الحظر على طهران اعتبارا من الأسبوع المقبل.

وأشار التقرير إلى أن الدول الثماني بينها كوريا الجنوبية، الحليف المقرب من الولايات المتحدة، واليابان والهند.

وقالت بلومبيرغ إن قائمة بجميع الدول التي ستحصل على استثناءات من المتوقع أن تعلن رسميا يوم الاثنين.

وأبلغ مسؤول صيني رويترز بأن المباحثات مع حكومة الولايات المتحدة جارية، وبأن من المتوقع أن تكون هناك نتائج خلال اليومين القادمين.

وقال كلايتون آلن من هايت سيكيوريتيز في مذكرة يوم الجمعة "نعتقد أن ترامب سيوافق على استيراد الصين بعض الكميات، على نحو يماثل المعاملة التي تتلقاها الهند وكوريا الجنوبية".

بيد أن محللين قالوا إن أي استثناءات محتملة من الحظر النفطي الإيراني ستكون مؤقتة على الأرجح.

وهذا الاعفاء علق عليه محافظ البنك المركزي الايراني عبدالناصر همتي في تغريدة على صفحته في الفضاء الافتراضي عن فشل اميركا في الحظر النفطي على ايران .

واكد همتي انه وبفضل الله تعالى قد ثبت للجميع ان اميركا فشلت في حظرها النفطي الكامل على ايران في تصفير  صادرات ايران مهما كانت الاسباب . 

وتابع انه مع الاعفاء التدريجي للعديد من الدول من الحظر النفطي المفروض على ايران ستتحدد اكثر معالم المناخ التجاري وعائدات البلد المستقبلية.

ويقول المحللون ان الانتخابات النصفية القادمة في امريكا و ايضا الخوف من ارتفاع اسعار البنزين في امريكا نتيجة حذف ايران من اسواق النفط بالاضافة الى عدم انصياع الدول الثمانية التي ذكرتها بلومبيرغ كان لهم تاثير في اجبار ترامب على التراجع عن تهديده. ولهذا السبب ارادت امريكا ان تجد لها مخرجا من الورطة التي وضضعت نفسها فيها.

ردود فعل عالمية:
 ورغم الصلافة الاميركية الا ان العالم يرفض التصرفات الهوجاء لترامب و لهذا السبب قدم رئیس مجلس الامن الدولی مندوب الصین لدى الامم المتحدة ماجاو شو الدعم للاتفاق النووی وقال اننا نعارض فرض الحظر الاحادي ضد اي دولة.
اعلن ذلك شو  في مؤتمر صحفي  الذي رد فيه على سؤال حول الموقف الوطني لبلاده من انتهاك القرار المذكور، قال مندوب الصین لدى الامم المتحدة "ان موقفنا الوطني واضح تماما، والكل یعرفه، اننا نعارض ممارسة اي عقوبات احادیة على اي دولة كانت". 

الهند احدى اكبر عملاء النفط الايراني قال المتحدث باسم خارجيتها راويش كومار ان حكومه بلاده وفيما يخص شراء النفط الايراني ستواصل صفقاتها مع جميع الاطراف المعنية قبل 4 نوفمبر الجاري وذلك لتوفير امن طاقتها.

وردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي حول سياسة الهند تجاه التهديدات الامريكية للضغط على الدول لقطع واردتها من النفط الايراني قال كومار 'اننا سنواصل تعاملنا مع امريكا وسائر الاطراف ليتم توفير امن الطاقة والمصالح الوطنية الهندية'.

واضاف ان بلاده تجري محادثات واسعة ليس مع امريكا وحدها فحسب بل مع ايران وسائر البلدان بخصوص هذه القضية. 'ان امريكا تعرف قلقنا وحاجتنا الى النفط. ان النفط حيوي جدا لمواصلة نمو الاقتصاد الهندي'.

ويبدو ان روسيا التي تواجه هي الاخرى حظرا من قبل الولايات المتحدة تسعى لتقويض الغباء الاميركي حيث كشف رئيس لجنة الشؤون المالية في الدوما الروسي اناتولي اكساكوف امس الخميس عن مباحثات روسية مع ايران للمشاركة في نظام سويفت روسي.
وقال اكساكوف ان التعاون التقني مع ايران هو قيد الانجاز وان امكانية التسديد المباشر مع الشركات الايرانية بات متاحا الان، مشيرا الى ان روسيا ومن اجل التنسيق للعمل ضمن هذا النظام (سويف روسي) تجري مباحثات بشكل متزامن مع البنك المركزي الايراني والتركي والصيني.

وتابع ان على هذه الدول ان تنسق تقنياتها المالية ليتسنى لها الاستفادة من هذا النظام الداخلي لارسال المعلومات المالية المتعلقة بالسويفت الروسي من دون اية عقبات.

ردود فعل داخلية:
وفي اخر ردود الافعال من قمة الحكومة الايرانية قال الرئيس الايراني حسن روحاني  في مقال نشرته صحيفة  " فايننشيال تايمز" البريطانية، امس الخميس، ان سلوك الادارة الاميركية يعرض الاستقرار الدولي الى الخطر داعيا الاتحاد الاوروبي الى التعاون مع ايران من اجل التصدي للتفرد الاميركي.


واعتبر روحاني خروج اميركا من الاتفاق النووي مع ايران نموذجا اخر من دواعي التصعيد في العلاقات بين اوروبا واميركا وقال ان الاتفاق النووي هو نتاج عامين من المباحثات المكثفة بين ايران وستة دول اخرى نصفها اوروبية .
 هذا وقال ممثل ايران الدائم لدى الامم المتحدة غلامعلي خوشرو في كلمة القاها في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة ان الحظر الاحادي الذي تفرضه اميركا على الدول هو مؤشر على ضعف تفهمها للتعقيدات العالمية الراهنة وهو لم يضر شعبا فحسب بل اربك مصالح الدول والتجارة العالمية ايضا.
واوضح ان خطة العمل المشترك الشاملة التي تم التوصل اليها عام 2015 بين ايران ومجموعة 5+1 وحظيت بتأييد مجلس الامن تمثل حقيقة ان اميركا لاعب غيرموثوق في الساحة الدولية. 

وشدد بالقول 'ان الحرب الاقتصادية الاميركية التي تتم تحت عنوان العقوبات الجديدة لاتستهدف الشعب الايراني فحسب بل لها تداعيات سيئة على شعوب الدول الاخرى وباتت تربك التجارة العالمية". 

وقال ان لجوء اميركا الى فرض الحظر على ايران بعد انسحابها الاحادي من الاتفاق النووي اثبت انها ليست محل ثقة والتعويل على التزامها بالتعهدات خطأ كبير. 

واضاف 'لمن المؤسف ان يعتقد بعض الساسة في العالم انهم قادرون على ضمان مصالحهم المؤقتة عبر سحق القوانين العالمية واضعاف المؤسسات الدولية. 

وفي نفس السياق، أعلنت إيران أنها غير قلقة من إعادة فرض الولايات المتحدة الحظر على قطاعي النفط والمال في الجمهورية الإسلامية، مؤكدة قدرتها على إدارة شؤونها الاقتصادية رغم الإجراءات الأمريكية.

وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، في تصريح للتلفزيون الايراني اليوم الجمعة، تعليقا على الإجراءات التقييدية التي من المقرر أن تطبقها الولايات المتحدة يوم 4 نوفمبر: "لا أساس للقلق لدينا... إن أمريكا لن تكون قادرة على تنفيذ أي إجراء ضد شعبنا العظيم والشجاع".

وأشار قاسمي إلى أن الولايات المتحدة قد لجأت إلى وسائل عديدة وأنفقت أموالا ضخمة لممارسة الضغوط على المصارف والشركات الدولية لدفعها إلى قطع علاقاتها مع إيران، لكنه اعتبر أن هذه الجهود لم تثمر ، مضيفا: "يبدو أن الولايات المتحدة لم يبق لديها إمكانيات للضغط على الدول أو الشركات".، معتبرا أن الحظر الأمريكي يستهدف إخفاء الإجراءات الفاشلة في اقتصاد الولايات المتحدة، مردفا: "لدينا القدرة على إدارة الشؤون الاقتصادية للبلاد".

كما قلل امام جمعة طهران المؤقت آية الله موحدي كرماني من احتمالات نجاح اميركا في تحقيق مآربها الاقتصادية من خلال فرض الحظر على ايران مؤكدا انها لن تبلغ ابدا اهدافها السياسية من ذلك.
وفي خطاب الى الرئيس ترامب قال ان عهد الغطرسة والاملاءات مؤذن بالافول وان حلفاءك الاوروبيين ايضا ضاقوا ذرعا من ذلك، مشيرا الى دعم تركيا واذربيجان لمواقف ايران ازاء الحظر الاميركي المجحف خلال الاجتماعي الثلاثي لوزراء خارجية الدول الثلاث في اسطنبول وقال ان اميركا لاتحظى اليوم بدعم سوى من عدة انظمة اقليمية فيما نجد اوروبا لاول مرة تسعى لايجاد آلية لتجنب حظر واشنطن .

يبدو ان الولايات المتحدة تناست انها منذ 40 عاما وهي تفرض حظرا احاديا على ايران وان طهران تواجه ضغوط التفرد الاميركي وفرض الحظر الاقتصادي والمالي، لكن الجديد الذي تاكد للمجتمع الدولي الان ان نهج الرئيس الاميركي دونالد ترامب فيما يتعلق بالقضايا التجارية والمعاهدات الدولية ذو طابع مهين حتى مع حلفاء اميركا مما يؤكد ان السياسة الخارجية الاميركية باتت تحديا جادا للنظام العالمي.