الانتخابات النصفية.. ترامب في أول اختبار حقيقي منذ انتخابه رئيسا

الانتخابات النصفية.. ترامب في أول اختبار حقيقي منذ انتخابه رئيسا
الأحد ٠٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٤١ بتوقيت غرينتش

بعد أقل من يومين، يشهد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أول اختبار حقيقي على رئاسته مع إجراء انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة. ورغم أن هذه الانتخابات لا تحظى عادة بنفس القدر من الاهتمام الدولي الذي يحظى به السباق الرئاسي، إلا أن هذا لا ينفي مدى أهمية التصويت على الصعيد الداخلي الأمريكي وانعكاسه بالتأكيد على بعض قرارات السياسة الخارجية المهمة.

العالم – تقارير

منذ عقود طويلة، لم يكن لانتخابات التجديد النصفي هذا القدر الكبير من الترقب والانتظار لما ستسفر عنه من نتائج، وذلك لأن العامين الماضيين شهدا في ظل حكم ترامب الكثير من العواصف والجدل والأزمات. وبذلك تصبح الانتخابات المقبلة أشبه باستفتاء على ترامب الذى تحوم شعبيته حول 40%، وهي نسبة ضئيلة لرئيس لم يكمل عامه الثاني بعد في الحكم.

ولو استطاع الحزب الجمهوري الاحتفاظ بأغلبيته في مجلسي الشيوخ والنواب، فسيفسر هذا على أن رضا من الشعب الأمريكي عن نهج ترامب وسيدفعه للمضي قدما فيه، لكن لو تمكن الديمقراطيون من تحقيق انتصارات جديدة، فقد يدفع هذا الرئيس لمراجعة سياسته.

وستأتي تلك الانتخابات أيضا في الوقت الذى يترقب فيه الأمريكيون إعلان المحقق الخاص روبرت مولر عن نتائج تحقيقاته بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، وما إذا كان هناك تواطؤ من حملة ترامب مع الروس وهل سعى الرئيس لعرقلة سير العدالة، ومن المرجح أن تكون نتائج تلك التحقيق ذات تأثير ملموس على تصويت الأمريكيين في السادس من نوفمبر.

ويجوب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب في نهاية هذا الأسبوع الولايات المتحدة سعيا للحفاظ على الأغلبية الجمهورية في الكونغرس خلال الإنتخابات التشريعية التي تجري الثلاثاء، ليجد نفسه في مواجهة باراك أوباما بشكل خاص، الذي تجند لحشد الدعم لحزبه الديموقراطي.

وسيحدد هذا الموعد الانتخابي الأول منذ الانتخابات الرئاسية عام 2016 من سيسيطر على غرفتيْ الكونغرس (الشيوخ والنواب) حتى الانتخابات الرئاسية القادمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 والتي لا يخفي ترامب نيته الترشح لها.

وكرر ترامب القول أمام أنصاره السبت بأن شعاره "لنحافظ على عظمة أميركا" وهو تكملة لشعار "لنعد إلى أميركا عظمتها" الذي رفعه خلال حملته الانتخابية عام 2016.

وقال خلال تجمع لدعم المرشحين الجمهوريين بولاية مونتانا "إن برنامج الديمقراطيين بشأن الهجرة جذب الاتجار بالمخدرات وبالبشر وتجمعات المجرمين".

وأضاف "يريدون لأميركا أن تصبح معقلا كبيرا لأفراد العصابات" ثم توجه لسكان هذه الولاية الواقعة (شمال غرب) قائلا "سيكون عليكم إغلاق أبوابكم ونوافذكم على الدوام" في حال فوز الديمقراطيين.

وقبل ثماني سنوات، واجه أوباما فوزا كبيرا للجمهوريين خلال أول انتخابات نصف ولاية بعهده، والذي اعتبر "ثورة" التيار المحافظ في "حزب الشاي" في ظل تدهور كبير لشعبية الرئيس الديمقراطي.

وفي انتخابات هذا العام، بات أوباما الوجه الأكثر طلبا من المرشحين الديمقراطيين لتقديم الدعم لهم، وهو الدور الذي كان يتولاه سابقا بيل كلينتون.

أوباما يحشد

وقال أوباما مساء الجمعة في أتلانتا بجورجيا حيث حضر لدعم ستايسي أبرامز المرأة التي قد تصبح أول حاكمة من أصل أفريقي تنتخب على رأس هذه الولاية الجنوبية "أنا هنا لسبب بسيط: لأطلب منكم أن تذهبوا للتصويت. إن انعكاسات الامتناع عن التصويت كبيرة لأن أميركا على مفترق طرق، وقيم بلادنا على المحك".

ومع أن أوباما لم يذكر ترامب بالاسم فإنه ندد بخطاب يهدف كما قال إلى "محاولة إخافتكم بكل أشكال الفزاعات".

فرص الديمقراطيين في الانتخابات

ويأمل الجمهوريون أن يواصلوا هيمنتهم على المجلسين. لكن المخاطر كبيرة للغاية للرئيس ترامب حيث أن فوز الديمقراطيين في كلا المجلسين يمكن أن يمنح حزبهم سلطة فتح تحقيقات في العديد من الجوانب الخاصة بإدارته.

وعادة ما يخسر حزب الرئيس مقاعد في الانتخابات النصفية، لكن الديمقراطيون يواجهون معركة شاقة هذا العام في مجلسي الكونغرس: ففي مجلس النواب: يحتاج الديمقراطيون إلى 24 مقعدا إضافية من أجل أن تكون لهم الأغلبية. ويشير التاريخ إلى أن الجمهوريين سيواجهون صعوبة في الحفاظ على أغلبيتهم.

ماهي الانتخابات النصفية؟

الانتخابات النصفية هي انتخابات عامة تجرى بالولايات المتحدة في منتصف كل ولاية رئاسية – التي تدوم أربع سنوات – ويقوم الناخبون خلالها بتجديد جزء من أعضاء الكونغرس – مجلس النواب – وحكام بعض الولايات ومسؤولين محليين، وهي فرصة كذلك لاقتراح مشاريع قوانين محلية.

يتكون الكونغرس الأمريكي من مجلسي النواب والشيوخ، وجميع مقاعد مجلس النواب - 435 مقعدا - وثلث مقاعد مجلس الشيوخ المئة سيعاد تجديدها عبر التصويت. بالإضافة إلى 36 من أصل 50 حاكم ولاية.

الهجرة

ويسعى المرشحون الجمهوريون أيضا للحصول على دعم الرئيس الذي يبقى الشخصية الأكثر شعبية بالحزب.

وينشط ترامب منذ عدة أسابيع بشكل شبه يومي تقريبا لإقناع من صوتوا له قبل عامين بالعودة إلى مكاتب الإقتراع.

وبخلاف ما كان يفعل أسلافه، هو يريد أن تكون الانتخابات النصفية للكونغرس استفتاء على شخصه.

وبعد مشاركته في تجمعين شعبيين الجمعة، زار ولاية مونتانا السبت على أن يواصل جولته بولايات فلوريدا وجورجيا وتينيسي.

وأمام اتهامه من الديمقراطيين بأنه تهاون مع اليمين المتطرف وكان بشكل غير مباشر محفزا للهجوم الدامي على كنيس في بيتسبرغ، ركز ترامب حملته على ملفين رئيسيين: الوضع الجيد للاقتصاد والتصدي للهجرة غير الشرعية التي يعتبر أنها تؤثر على الوضع الأمني.

وكرر ترامب مساء الجمعة في إنديانابوليس "وجود كونغرس جمهوري يعني مزيدا من الوظائف وجرائم أقل". وشدد على أن "حدوث موجة زرقاء (ديمقراطية) يساوي ببساطة موجة إجرامية". وفي المقابل اعتبر أن "موجة حمراء (جمهورية) تساوي وظائف وأمنا".

وعندما يذكر الرئيس اسم خصمه يستخدم أيضا الحرف الأول من اسم والده حسين، ويقول "باراك أتش أوباما". وقال عن سلفه بالبيت الأبيض "شاهدته اليوم، لم يكن هناك جمع غفير" في تجمعه.

مشاركة في ارتفاع

وبعد مفاجأة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، أبدت وسائل الإعلام الأميركية مزيدا من الحذر متفادية تقديم تكهنات نهائية انطلاقا من استطلاعات الرأي التي تعطي أفضلية على المستوى الوطني للديمقراطيين بمجلس النواب.

وضمن 435 مقعدا بمجلس النواب التي سيتم تجديدها لعامين، ينحصر التنافس في 60 دائرة بينما باقي الدوائر شبه مضمونة لهذا الطرف أو ذاك.

أما بمجلس الشيوخ فإن التنافس يدور على 35 من 100 مقعد لولاية من ست سنوات. ومن المصادفات أن هذه المقاعد الـ 35 توجد بمعظمها في ولايات محافظة مما يعقد على الديمقراطيين سعيهم لاختراقها.

ومع تمحورها حول ترامب، يبدو أن هذه الانتخابات تحظى بحماسة غير مسبوقة بالنسبة لموعد انتخابي لا يجلب عادة إلا ما بين 40 و45% من الناخبين مقابل أكثر من 60% بالانتخابات الرئاسية.

وبحسب مايكل ماكدونالد الأستاذ بجامعة فلوريدا المتخصص في مسألة التصويت المبكر عبر المراسلة أو بشكل شخصي في معظم الولايات، فإن أكثر من 32 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم.

وهذا ما يمثل زيادة بـ 20% عن إجمالي التصويت المبكر بالانتخابات النصفية للكونغرس عام 2014 -بحسب المصدر ذاته- مما يعني أن الحماس لهذا الاقتراع شبيه بما كانت تثيره الانتخابات الرئاسية.