جثة خاشقجي او هاتفه.. ايهما الأهم لدى سلطات السعودية؟!

جثة خاشقجي او هاتفه.. ايهما الأهم لدى سلطات السعودية؟!
الثلاثاء ٠٦ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٢:٤١ بتوقيت غرينتش

ما زالت تركيا تبحث عن جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي تعرض للقتل داخل قنصلية بلاده باسطنبول في مطلع اكتوبر الماضي، على يد فريق اغتيال سعودي جاء من الرياض. فيما أكدت تسريبات تركية أن السعودية مارست ضغوطا متواصلة بجميع المستويات من أجل الحصول على هاتف خاشقجي. ومن بين هؤلاء المسؤولين الذين أبدوا إصرارا متواصلا على الحصول على الهاتف، النائب العام السعودي، سعود المعجب، الذي ألح على ذلك خلال لقاءاته مع المسؤولين الأتراك.

العالم-تقارير

وفي أحدث تطور في ما يتعلق بقضية جمال خاشقجي، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، "إن أنقرة تملك دليلا يتعلق بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، لكنها لم تكشف عنه حتى الآن وسوف تشارك المعلومات عندما تعرف أنقرة على وجه اليقين أن التحقيق قد اكتمل، مؤكدا أن ما حدث لجثة خاشقجي مسؤولية السعودية".

وأكد أنه "لا يمكن لفريق مؤلف من 15 رجلا أن يأتي إلى تركيا لقتل مواطن سعودي من دون أوامر"، وأن "أنقرة لم تتمكن من الحصول على إجابات من السعودية بشأن من أمر بتنفيذ جريمة القتل داخل القنصلية".

وتابع أوغلو: "لم نتمكن من الحصول على إجابات من السعودية بشأن من أمر بقتل خاشقجي".

وفي هذا الاطار، وجه فؤاد أقطاي نائب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سؤالا إلى السلطات السعودية، بشأن جثة الصحفي خاشقجي، مشيرا إلى أنها قد أذيبت في الحمض.

وقال أقطاي إنه ينبغي التحقيق في تقارير عن أن جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي أذيبت في الحمض. وأضاف أنه "بات يقينا الآن أن خاشقجي استهدف بجريمة قتل متعمدة".

وأكد نائب الرئيس التركي أن: "السؤال الآن هو من أصدر الأوامر، هذا ما نسعى للحصول على إجابته الآن، وهناك سؤال آخر هو أين اختفت الجثة؟ هناك تقارير عن أنها أذيبت في الحمض. لابد من النظر في كل ذلك".

هاتف خاشقجي.. كل ما تريده السعودية من تركيا!

واثار كشف مسؤول تركي تحدث لصحيفة اجنبية أن النائب العام السعودي سعود المعجب أصر على الاطلاع على هاتف خاشقجي تساؤلات بشأن الهدف من وراء هذا الطلب وماذا إذن يهدف للحصول على معلومات بشأن اتصالات الصحفي المغدور.

وكشف المصدر أن هدف المعجب كان "الوصول إلى سجلات المكالمات الأخيرة التي أجراها خاشقجي" قبل اغتياله في القنصلية على يد فريق جاء خصيصا من الرياض لقتله وفق تأكيدات السلطات التركية.

وكان خاشقجي أودع هاتفه مع خطيبته خديجة جنكيز والتي على ما يبدو لم يكن فريق الاغتيال يعلم أنها في الخارج وهو ما أكده تسريب من مكتب المدعي العام التركي أن فريق الاغتيال أصيب بالذعر عندما لم يجد هاتف خاشقجي بعد قتله مباشرة.

وأشارت التسريبات إلى أن الفريق بدأ بالبحث عن الهاتف بعد قتله مباشرة ولم ينجح به لأنه كان بحوزة خطيبته لكن في المقابل حصلوا بالتأكيد على الساعة وهي من طراز "آبل" المرتبطة بالهاتف.

وكانت قناة الجزيرة قالت إن كافة المستويات السعودية التي تواصلت السلطات التركية بشأن مقتل خاشقجي "طلبت الحصول على هاتفه".

حرب الكاميرات بين القنصلية والشرطة التركية

وكشفت صحيفة تركية "صباح" اليومية، الثلاثاء، جانبا مما يمكن تسميته بـ"حرب الكاميرات" بين طاقم القنصلية السعودية الأمني باسطنبول من جهة، وسلطات الأمن التركية من جهة أخرى، كاشفة عن تفاصيل تلك الحرب ومحاولة كل طرف التغلب على إجراءات الآخر .

وأفادت "صباح" أن الرياض "حاولت إخفاء معالم جريمة اغتيال خاشقجي، الذي قتل بعد دخوله لقنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي".

وذكرت في تقرير، أن أمن القنصلية السعودية "قام بشكل سري بتشفير مشاهد الكاميرات التي تعود للشرطة التركية، بجانب القنصلية".

وأضافت، أن ذلك كان يهدف "لإخفاء دخول الصحفي خاشقجي، وكذلك حركة فريق الإنفاذ في القنصلية".

وأشارت الصحيفة، وفقا لمصادر أمنية، إلى أن المسؤولين في القنصلية "لم يكتفوا فقط بنزع أجهزة تسجيل الكاميرات داخل القنصلية، بل إنهم قاموا أيضا بالدخول إلى نظام الكاميرات التابع للشرطة التركية هناك".

وأوضحت، أن أمن القنصلية "دخلوا على جهاز الحاسوب التابع للشرطة التركية، بحجة تفحص الكاميرات، الساعة الـ01:00 في 6 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلا أنهم قاموا بتشفير جميع المشاهد في اليوم الذي قتل فيه الصحفي جمال خاشقجي، للتستر على الجريمة".

وذكرت المصادر الأمنية، أن الأمن التركي كان في الساعة الـ19:00 في 5 تشرين الأول/ أكتوبر قد استحوذ على تلك المشاهد، قبل تشفيرها.

ولفتت إلى أنه "على الرغم من تشفير المشاهد، فإن المخابرات والشرطة التركية، تمكنوا من كسر التشفير الذي قام به المسؤولون السعوديون".

وأشارت إلى أن الأمن التركي "قام بفحص تسجيلات 3500 كاميرا أثبتت بشكل تفصيلي أن الصحفي خاشقجي اختفى بعد دخوله القنصلية، ما أجبر الرياض على الاعتراف بالحادثة".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال في وقت سابق، إن السعوديين قاموا بنزع القرص الخاص بكاميرات المراقبة في القنصلية قبل وصول خاشقجي، ودحض الرواية السعودية التي تحدثت أن الكاميرات كانت معطلة في القنصلية قبل 15 يوما من حادثة مقتل خاشقجي.

اتفاق بريطاني كندي بشأن قضية "مقتل خاشقجي"

هذا واتفقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ونظيرها الكندي جاستن ترودو، على وجود حاجة ملحة لمحاسبة المسؤولين عن مقتل السعودي جمال خاشقجي.

وبحسب ما أفاد به مكتب رئاسة الحكومة البريطانية، أمس الاثنين، فإن الجانبين بحثا "الجريمة الفظيعة" التي راح ضحيتها خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول.

وقال البيان: "اتفق المسؤولان على الحاجة الملحة لاكتشاف ما جرى بشكل عاجل، ومحاسبة المسؤولين".

كما اتفقت ماي وترودو على ضرورة مواصلة المجتمع الدولي تشجيعه للسعودية من أجل إجراء تحقيق مقنع وشفاف ومعمق.

40 دولة تطالب الرياض بكشف ما حدث لخاشقجي

وبحسب بيان أممي، إن 40 دولة عضوة بالأمم المتحدة ناشدت السعودية بالكشف عما حدث خاشقجي، الذي أعلنت المملكة مقتله بقنصليتها بمدينة إسطنبول التركية، بعد 18 يوما من الإنكار.

جاء ذلك بحسب بيان أممي، صدر عقب إعراب بندر بن محمد العيبان، رئيس اللجنة السعودية لحقوق الإنسان،عن "الأسف والألم" لمقتل خاشقجي"، خلال كلمة له أمام جلسة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان بجينف.

وأكد العيبان، في كلمته، أن بلاده "تحقق في القضية؛ للوصول لجميع الحقائق، وتقديم الجناة للعدالة".

وفي أعقاب تصريحات العيبان، طالبت 40 دولة عضوة في الأمم المتحدة السعودية بالكشف عما حدث لـ"خاشقجي"، كما دعا آخرون إلى الإصلاح في قوانين حرية التعبير في المملكة، وفق البيان ذاته.

وفي 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أقرت الرياض بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول، إثر ما قالت إنه "شجار"، وأعلنت توقيف 18 سعوديا للتحقيق معهم، بينما لم تكشف عن مكان الجثة.

وقوبلت هذه الرواية بتشكيك واسع، وتناقضت مع روايات سعودية غير رسمية، وأعلنت النيابة العامة التركية، قبل أيام، أن خاشقجي قتل خنقا فور دخوله مبنى القنصلية لإجراء معاملة زواج، "وفقا لخطة كانت معدة مسبقا"، وأكدت أن الجثة "جرى التخلص منها عبر تقطيعها".

وعلى خلفية الواقعة، أعفى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، مسؤولين بارزين بينهم نائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، والمستشار بالديوان الملكي، سعود بن عبد الله القحطاني، وتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة.

فدخول 15 سعوديا يتحملون وظائف أمنية واستخباراتية سامية جاؤوا في طائرات خاصة إلى القنصلية قبل قدوم خاشقجي، وغادروا في نفس اليوم بعد مقتله؛ يجعل من الصعب الحديث عن "وفاة" الصحفي عرضيا خلال "شجار" عادي مع أشخاص في القنصلية كما تقول الرواية الرسمية.

ويقول الناشطون والمراقبون إن وفاة شخص أثناء عراك داخل مبنى القنصلية يتطلب في الحالات العادية طلب الإسعاف والاستنجاد بأمن القنصلية لفض الاشتباك وهو ما لم يتم في حالة خاشقجي، فلماذا تطلّب الأمر 18 يوما للإعلان عن وقوع ضحية نتيجة شجار كان يمكن أن يُعلن عنه في وقتها ويمر الأمر بشكل عادي؟

ويضيفون أن مقتل شخص في عراك بمقر سيادي لا يستدعي عادة إقالة شخصيات وازنة في مجالي الإعلام والمخابرات على غرار أحمد عسيري الرجل الثاني بجهاز المخابرات، وسعود القحطاني المستشار المقرب لابن سلمان ومهندس السياسة الإعلامية للمملكة في عهده.

وفي نهاية الامر، اعترفت السعودية لتركيا بأن جريمة خاشقجي كانت مدبرة. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو  بعد اجتماع المدعي العام السعودي سعود المعجب بالنائب العام لمدينة إسطنبول عرفان فيدان اواخر اكتوبر الماضي: "إن المعجب اعترف بأن جريمة قتل خاشقجي كانت مدبرة". 

ولكن  ما يزيد الشكوك حدة هو عدم العثور على جثة خاشقجي حتى الآن، وهو ما يثير التساؤل عن سر إخفائها أو التخلص منها، لأن مقتل شخص في شجار عادي وعراك بالأيدي داخل قنصلية ليس فيه ما يستدعي إخفاء الجثة ومحو آثار الجريمة الى حد التقطيع لا بل التذويب.