الفشل المرتقب للحظر الامريکي على ايران

الفشل المرتقب للحظر الامريکي على ايران
الأربعاء ٠٧ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٢٢ بتوقيت غرينتش

من الاقوال المشهورة انك تستطيع أن تُخضع بعض الناس بعض الوقت لکنك لا تستطيع ان تُخضع كل الناس كل الوقت. وهذ المقولة الشهيرة تکاد تنطبق علی سلوك قادة الولايات المتحدة مع سائر شعوب العالم.

العالم- تقارير

فقادة الولايات المتحدة مايزالون ينتهجون نفس المناهج البالية القائمة علی التهديد والارعاب والتعالي واللجوء الی الحرب اذا ما اقتضی الامر ویحاولون ان يفرضوا سياساتهم غير الحکيمة والجائرة علی العالم الحر. فمن وافقهم علی سياساتهم وخضع لهم عن ذل فهو حليفهملإ ومن خالفهم ورفض الذل والخنوع وقال بالحوار القائم علی الانصاف والاحترام وقبول الآخر فهو منبوذ وارهابي یجب القضاء عليه.

ويبدو انهم قد نسوا او يتناسون ان زمن العنجهية قد ولی الی غير رجعة وان عهد العالم الاحادي قد انتهی و ان البلدان المختلفة قد سئمت اوامر الادارة الاميرکية ونواهيها التي تکاد لا تنتهي.

وللمرة الالف ومع دخول الحزمة الثانية من الحظر الامريكي على ايران حيز التنفيذ منذ 4 من نومبر الحالي بدأت مظاهر الفشل الاميرکي تتجلى في اكثر من جانب او موقف او محطة. فقد تبين من مسيرات 4 نوفمبر وما ردده الايرانيون فيها من شعارات ان اعادة الحظر الاميرکي القاسي ضد الشعب الايراني قد الهب مرة اخری مشاعر هذا الشعب وخصوصا الفئات الشبابية التي اعلنت رفضها للحظر والتفافها حول قيادتها، الامر الذي يشکل صدمة اخری للادارة الاميرکية.

فقد كان ترامب يأمل من خلال الضغط على قطاع البنى التحتية الايرانية ارغام الحكومة الايرانية على العودة الى طاولة المفاوضات او بزعمه تغيير سلوكها الاقليمي کما انه یستهدف التقويض علی النظام الايراني الرشيد من خلال افساد العلاقة بينه وبين الشعب الايراني الواعي. فاذا به يتحول الى قوة دفع والتحام بين الشعب وقيادته مما اطاح بالجانب الاساسي لهذا الحظر ودوافعه واسسه ومخططاته.

ان التأمل في نوع الحظر الذي دخل حيز التنفيذ اخيرا وكذلك الحظر الذي بدأ منذ مايو/ايار الماضي وبالتالي التهديدات بحظر اخر من قبل المسؤوليين الامريكيين يكشف الهواجس التي تعتريهم من فشل هذه الحزمة بعد فشل الحزمة الاولى حيث يمكن القول وبسهولة ان هذه الممارسات قائمة على اسس التكهنات من مردوداتها وليس من خلال الواقع؛ كما انها تاتي في مواجهة بلد عصيّ علی الخنوع والذل والتبعية والاستسلام المخزي.

ان الحزمة الثانية من الحظر التي تستهدف قطاعات الملاحة البحرية والمالية والطاقة محاولة یائسة اخرى لزعزعة الثقة بالاقتصاد الايراني من جهة وبالنظام الاسلامي من جهة اخرى الا ان هذه الاجراءات القاسية قد زعزعت ثقة المجتمع الدولي بامريكا كما ضاعفت بالمقابل مصداقية ايران خلافا للجولات السابقة من الحظر؛ الامر الذي یجعل ترامب يشك أكثر من غيره في جدوائية حظره الجديد وتاثيره. فلا غرو اذا ما لاحظنا ترامب يتحدث عن تطبيق عقوبات جديدة في حال عدم نجاحه بشل اقتصاد ايران واعادتها الى طاولة المفاوضات.  ان امريكا لم تألُ خلال الاشهر الاخيرة عن بذل اي جهد لتشجيع الدول الاخرى على مواكبتها ضد ايران لكن جهوده باءت بالفشل کما تجلی ذلك في منح اميركا اعفاءات لثماني دول من هذا الحظر.

ولا يخفى على احد انه بعد الحظر الجديد لا تبقى لدى ترامب اي ورقة اخرى ليلعب بها و يرغم ايران على الانصياع له، لانه وخلافا لما يتشدق به ترامب فان قطاعات الادوية والاغذية والمحاصيل الزراعية ايضا لم تكن بمأمن من تداعيات الحظر الاميركي لكنها لم تتاثر لكون ايران لديها باع طويل في تغطية حاجاتها من سوقها التصنيعي الداخلي وعلى هذا الاساس فان الخيار الوحيد المتبقي امام ترامب في حال عدم فاعلية الحظر هو فرض الحرب عليها وهي الخطوة التي يخشى منها ترامب اكثر من غيره من منطلق انه قد يكون الباديء بها ولكنه قد لا يكون من ينهيها لزوما.

ان الدول الاوربية بدات بفتح مظلة حماية لشركاتها كما فتحت خطوطا مالية مع ايران، وابدت بعض الدول الاسيوية عن رغبتها في مواصلة شراء نفط ايران واکدت رفضها لاعادة الحظر الاميرکي مما يجعل من هذا الحظر مجرد حبر على ورق، خاصة وان لايران تجارب قيمة في تجاوز الحظر المألوف منذ اربعين عاما الماضية، والالتفاف عليه أو تفعيله لصالحها في تطوير قدراتها وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتطبيق الاقتصاد المقاوم كنموذج جديد في المنطقة.

* د.نظري