ليبيا .. أزمة غيرمنفرجة!

ليبيا .. أزمة غيرمنفرجة!
الخميس ٠٨ نوفمبر ٢٠١٨ - ١٠:٠١ بتوقيت غرينتش

في ظل توجه الأنظار إلى المؤتمر الدولي الذي تستضيفه مدينة باليرمو الإيطالية في 12 و13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري حول الأزمة الليبية، قام القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر بزيارة العاصمة الروسية موسكو في مسعى لحل الأزمة في بلاده.

العالم تقارير

في الوقت الذي تمر ليبيا بمرحلة صعبة وتعاني انقساماً حاداً منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، ويعقد ليبيون كثيرا من الآمال على مؤتمر باليرمو في جنوب ايطاليا لحلحة الأزمة الليبية, زار القائد العام للقوات المسلحة الليبية، المشير خليفة حفتر، العاصمة الروسية موسكو على رأس وفد رفيع والتقى كبار المسؤولين وبحث المستجدات على الساحتين المحلية والدولية، والعلاقات الثنائية بين البلدين.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها، أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، بحث مع المشير خليفة حفتر في موسكو حل الأزمة في ليبيا ومحاربة الإرهاب ومسألة الأمن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وكان رئيس مجموعة الاتصال الروسية المعنية بالتسوية الليبية، ليف دينغوف، قد أعلن مؤخراَ، أن حكومة الوفاق الوطني الليبية، والمشير حفتر يعولان على مساعدة روسيا في مجال التعاون العسكري التقني، وتوجها لطلب المساعدة العسكرية من روسيا.

وتأتي زيارة خليفة حفتر الى موسكو قبل مؤتمر دولي بشأن ليبيا من المقرر عقده في 12 و13 نوفمبر الحالي في مدينة باليرمو جنوب إيطاليا.

مؤتمر باليرمو

وأرسلت الحكومة الإيطالية مؤخراَ دعوات للأطراف الليبية، لحضور مؤتمر دولي في مدينة باليرمو جنوبي إيطاليا في 12 و13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، لبحث حل للأزمة الليبية.

ومن المقرر أن يحضر المؤتمر الذي تستضيفه عاصمة إقليم صقلية الإيطالي، الأطراف الليبية الفاعلة مثل القائد العام للجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج.

وأعلنت روما أن دولا إقليمية ودولية مرتبطة بالملف الليبي ستكون ممثلة مثل مصر وتشاد والنيجر وتونس والجزائر، فضلا عن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأعلنت مصادر مطلعة أن الجانب الأمريكي لم يرسل أي تفاصيل رسمية حول مشاركته بالمؤتمر، إلا أنه من المتوقع حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سيتزامن وجوده في أوروبا للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين مع موعد انعقاد المؤتمر في باليرمو.

كما من المتوقع أن تشارك روسيا بوفد رفيع المستوى في المؤتمر الذي سيعقد في باليرمو.

ولكن لم يؤكد مكتب خليفة حفتر حتى الآن أنه سيحضر المؤتمر.

ومن المقرر أن تشمل أجندة المؤتمر عددا من القضايا التي سيتم مناقشتها مثل: الهجرة غير الشرعية وسبل التعامل مع المهاجرين، والانتخابات في ليبيا ودعم وقف إطلاق النار بين المليشيات خاصة بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها العاصمة الليبية مؤخرا.

ورداَ على دعوة إيطالية لمؤتمر باليرمو, أكد المجلس الأعلى للدولة الليبية في العاصمة طرابلس، أنه سيتعاطى بإيجابية مع مؤتمر باليرمو، كما كان في مؤتمر باريس.

بحسب الإعلان السياسي الذي أُعلن في باريس اتفقت أطراف الأزمة الليبية المجتمعة في باريس على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة وسلمية في 10 ديسمبر/كانون الأول 2018 واحترام نتائجها.

واجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الإليزيه مع الأطراف الأربعة الرئيسية في الأزمة الليبية، وهم: رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، وعقيلة صالح.

وذكرت مصادر مطلعة أن تدابير أمنية شديدة اتخذتها السلطات الإيطالية المختصة، ضمت 3000 عنصر من الشرطة والقوات الخاصة والمخابرات، لتأمين مقر اللقاء وأعضاء الوفود الدولية المشاركة بما فيهم الوفود الليبية.

وعبرت شخصيات من المخابرات الإيطالية عن عدم ثقتها في قدرة الأطراف الليبية المشاركة في المؤتمر بالالتزام بما سيتم الاتفاق عليه خلال جلسات هذا اللقاء، معللين ذلك إلى تضارب الأهداف واختلاف الأجندات.

وحول مؤتمر باليرمو في ايطاليا قال المحلل السياسى الليبى عز الدين عقيل، إن مؤتمر "باليرمو" هو عبارة عن غاية واستراتيجية إيطالية خاصة لا علاقة له بحل الأزمة الليبية أو بدول الجوار، لافتًا إلى أن إيطاليا رأت أن فى إطار صراعها مع فرنسا التى تتمتع بحق الفيتو بمجلس الأمن ولها صلاحيات كبيرة فى ليبيا، إلى أن تعود من جديد إلى مربع أصدقاء ليبيا وتعقد هذا المؤتمر.

كما قال الباحث السياسي الليبي إبراهيم بلقاسم، إن "بعض الأطراف من منظمات المجتمع المدني، حتى المدعومة من منظمات مشبوهة أو دول بعينها، ليس لها تأثير قوي على الأوضاع في ليبيا".

وتابع بلقاسم أن "إيطاليا حاولت جمع الأطراف الليبية، والإقليمية والدولية المرتبطة بالملف على طاولة الحوار"، معتبرا أن "مؤشرات مؤتمر باليرمو الذي سينعقد في 12 و13 من الشهر الجاري هي مؤشرات إيجابية في محاولة لبلورة كل الأفكار حول كيفية الحل في ليبيا".

من ناحية أخرى، اعتبر الدكتور محمد العباني، نائب ليبي متنح، أن مؤتمر باليرمو "لن يضيف جديدا في طريق الحل للأزمة الليبية"، موضحا أن "مشكلة بلاده ليست مؤتمرات أو اجتماعات وإنما التركيز على تجديد اتفاق الصخيرات المفروض على الشعب الليبي من قبل الأمم المتحدة".

وأضاف العباني أن مشكلة ليبيا تتمثل في "اغتصاب من قبل الجماعات المسلحة ولابد من نزع سلاحها. وهذا لن يتم إلا عبر توحيد المؤسسة العسكرية ودعمها ورفع حظر التسليح عنها".

 

فقدان الأمل في اجراء انتخابات بليبيا

يقول دبلوماسيين ومصادر مطلعة بأن الأمم المتحدة والقوى الغربية فقدت الأمل في أن تجرى انتخابات بليبيا في المستقبل القريب.

وأفادت رويترز بأن التركيز بات أولا على المصالحة بين الفصائل المتنافسة بالبلاد.

وفي شهر مايو 2018، أقنعت فرنسا الأطراف الرئيسية في ليبيا بالموافقة شفهيا على إجراء الانتخابات في 10 ديسمبر كسبيل لإنهاء الجولات المتكررة من إراقة الدماء بين الفصائل المتنافسة التي ظهرت بعدما ساند حلف شمال الأطلسي انتفاضة عام 2011، لكن مسؤولين غربيين يقولون إن القتال الذي امتد لأسابيع بين الفصائل في العاصمة طرابلس و"حالة الجمود" بين برلمانيين أحدهما في طرابلس والآخر في الشرق جعلا الهدف غير واقعي.

إلى ذلك، ذكر دبلوماسيون أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة سيركز في إفادة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الخميس على عقد "مؤتمر وطني" في العام 2019 وإصلاح الاقتصاد، بدلا من الضغط من أجل إجراء الانتخابات.

وتعد عملية إلغاء خطط إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية هي أحدث انتكاسة للقوى الغربية التي ساعدت على الإطاحة بمعمر القذافي منذ 7 سنوات قبل أن تنسحب من المشهد لترى آمال "الانتقال الديمقراطي" تتبدد.

تعاني ليبيا انقساماً حاداً منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، وقد تصاعد الصراع بين القوى الداخلية منذ مايو 2014، حيث انقسمت البلاد إلى معسكرين كبيرين، امتلك كل منهما أدواته السياسية والعسكرية، معسكر الشرق الذي مثّله الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، ومجلس النواب في طبرق، ومعسكر الغرب الذي مثّلته مليشيات "فجر ليبيا"، و"حكومة الإنقاذ الوطني" في طرابلس.

ورغم التأييد الدولي الواسع الذي رافق وصول حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج الى العاصمة الليبية العام 2016، ورغم بعض المكاسب التي حققتها وأهمها نجاحها في تحرير سرت من تنظيم "داعش"، إلا أن حكومة السراج لم تستطع حل أزمات البلاد وإنهاء حالة الانقسام الموجودة إضافة إلى فشلها في احتواء المليشيات المسلحة المنتشرة خاصة في العاصمة وفي بسط سلطتها على كل البلاد.

يرى مراقبون أن الاشتباكات الأخيرة في طرابلس هي نتيجة لاستمرار الانفلات الامني وسيطرة الميليشيات المسلحة على طرابلس، وضعف حكومة الوفاق على الأرض في مواجهة المسلحين.

وإعتبر مراقبون، ان حكومة الوفاق فشلت في كبح جماح الجماعات المسلحة الي حاولت شرعنتها. وظاهريًا، تتبع ميليشيات طرابلس إلى وزارة داخلية حكومة الوفاق، وتنفذ أوامرها وتدافع عنها من جهة، من جهة آخرى تمارس كل ما يصب في صالحها، دون اعتبار لقانون أو عرف أو حقوق إنسان.

تشير المؤشرات الحالية للمشهد السياسي الليبي، الى انتهاء دور حكومة الوفاق الوطني، إذ يرى مراقبون أن المجتمع الدولي قد تفطن لضعفها وعجزها عن مواجهة التحديات الكبرى في البلاد وحل أزمات ليبيا التى باتت معقدة. ويشير هؤلاء إلى أن العديد من الأطراف المحلية والدولية تعول على الانتخابات لإرساء حكومة جديدة تكون قادرة على الخروج من الأزمة وتحقيق الإستقرار في ليبيا.