الصراع بين أحزاب السلطة في الجزائر.. ماذا بعد؟!

الصراع بين أحزاب السلطة في الجزائر.. ماذا بعد؟!
الأحد ١١ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٤٦ بتوقيت غرينتش

بعد أشهر من استقرار التجاذبات بين الأذرع السياسية للسلطة في الجزائر، وتفرّغها لمشروع الولاية الرئاسية الخامسة، شن وزير العدل الجزائري الطيب لوح، هجوما على رئيس الوزراء والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي (الأرندي)، أحمد أويحيى، ضمن حملة انتقادات لاذعة ضد سياسات أويحيى تكشف استمرار التصدع داخل أحزاب السلطة في الجزائر.

العالم - الجزائر

كما تدلل الحملة على انزعاج معسكر الموالاة من طموح أويحيى السياسي، وتحذره من تحركات مبكرة لخلافة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مع اقتراب السباق الرئاسي.

رغم الانطباع القائم بحسم الموالاة في مسألة التجديد للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للمرة الخامسة على التوالي، في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الجزائر أبريل القادم، إلا أن النيران الصديقة المستعرة مؤخرا بين أركان السلطة، توحي بوجود صراعات خفية، وأن حليفا كأحمد أويحيى يبقى غير موثوق به.

ووجهت تصريحات وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح الأخيرة إلى رئيس الوزراء أحمد أويحيى رسائل تنتقد ضمنيا تحركات الأخير وطموحه السياسي لخلافة الرئيس بوتفليقة، وتذكّره بأن التجاوزات المرتكبة في حق قيادات وكوادر الدولة في تسعينات القرن الماضي لن تتكرر، وأنه لا توظيف للقضاء في خدمة الأغراض السياسية، في إشارة إلى ما عرف حينها بحملة "الأيادي النظيفة" التي خاضها آنذاك أحمد أويحيى، ضد العشرات من المسؤولين بتهم الفساد وسوء التسيير وتبديد المال العام.

وبعد شهور من استقرار التجاذبات بين الأذرع السياسية للسلطة، وتفرّغها لمشروع الولاية الرئاسية الخامسة، جاءت تصريحات وزير العدل لتحرّك الصراع مجددا، وقدمت تحذيرات مبكرة عن طموحات غير معلنة لرئيس الوزراء أحمد أويحيى، الذي يبقى حليفا غير موثوق به لدى قطاع عريض من معسكر الموالاة.

وستحدد ردود الفعل الصادرة عن حزب أحمد أويحيى، (التجمع الوطني الديمقراطي)، على تصريحات الطيب لوح، مسار أركان السلطة خلال الأسابيع القادمة، خاصة وأن الغريم ليس وزيرا في حكومة أويحيى فقط، بل هو قيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، وأحد المحسوبين على المحيط الضيّق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الأمر الذي يؤكد جدية رسائله وشكوك قطاع عريض في السلطة في طموحات أحمد أويحيى المقلقة لهم.

وفي محاولة منه لاستيعاب الحملة السرشة التي تشن عليه، إستنفر رئيس الوزراء والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي (الأرندي)، أحمد أويحيى، كوادر حزبه ومناضليه لإنجاح عمل ائتلاف الأحزاب المساندة للرئيس بوتفليقة، من خلال تفادي أي تصريح أو تصرف قد يسيء لأي طرف من هؤلاء، كما أمرهم بالتصدي للهجمات والحملات “الدنيئة” التي تُحاك ضد شخص الرئيس بوتفليقة، وفق تعبيره.

دعم الرئيس والحكومة

وجه الأرندي بتاريخ 8 نوفمبر 2018 تعليمة إلى أعضاء المكتب الوطني للحزب ورئيسي كتلتي البرلمان بغرفتيه وأمناء المكاتب الولائية للأرندي، حملت عنوان توجيهات بخصوص إئتلاف الأحزاب المساندة للرئيس.

وبهذا الخصوص أكد أحمد أويحيى، إن "الغاية من تأسيس إطار دائم للتنسيق والعمل المشترك تحت تسمية "ائتلاف دعم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة"، هو دعم الرئيس في تنفيذ برنامجه وقيادة البلاد بالإضافة إلى دعم الحكومة المكلفة بتنفيذ البرنامج الرئاسي.

إلى ذلك، دعا الأمين العام للأرندي، إلى جعل "الائتلاف قطبًا سياسيًا للتصدي للهجمات والحملات الدنيئة في بعض الأحيان التي تحاك ضد شخص رئيس الجمهورية وحتى ضد استقرار البلاد".

الترويج لبوتفليقة شعبيًا

وشدّدت التعليمة على ضرورة "تعزيز تنسيق عمل الأحزاب الأربعة للتجنيد لدعم برنامج الرئيس والترويج له لدى الرأي العام، من خلال العمل المشترك على المستوى البرلماني والحكومي والتنسيق في العمل الميداني، حيث سينشط هذا الائتلاف عن طريق اللقاءات الدورية لقادة الأحزاب الأربعة، وخلية التنسيق المشترك المكونة من إطارين إثنين قياديين من كل حزب". حيث سيمثل الأرندي، في هذه الخلية من طرف عضوي المكتب الوطني، الصديق شهاب ومصطفى ناصي.

بالمقابل دعا أويحيى، إلى تبليغ محتوى الرسالة لجميع ممثلي الأرندي في البرلمان بغرفتيه مع السهر من الآن فصاعدًا على تعزيز التنسيق مع الأفلان، تاج، والحركة الشعبية بداية من مشروع قانون المالية لسنة 2019 والترويج لهذا الائتلاف الجديد في إطار الخطاب المساند لبوتفليقة.

مهرجانات مشتركة وهدنة مع قادة الموالاة

من جهته أمر الأمين العام للأرندي، أمناء المكاتب الولائية إلى تعزيز التنسيق مع نظرائهم من باقي أحزاب الائتلاف عند القيام بأي نشاط يبادر به أحد أعضاء الائتلاف في دعم برنامج الرئيس ولاسيما المهرجانات التي سينشطها أحد قادة أحزاب الائتلاف أو ممثليهم الرسمين.

وشدد أويحيى: "أرجو من جميع إطاراتنا ومناضلينا الحرص على تفادي أي تصريح أو تصرف قد يسيء لأي طرف من أطراف هذا الائتلاف"، مضيفًا "وهذا حفاظًا على تظافر الجهود وخدمة هدفنا الأساسي في هذه المرحلة والمتمثل في دعم الرئيس ومناشدته مع القوية السياسية الأخرى للاستمرار في قيادة البلاد".

وفي تنبيه محتمل لأي صدام مع أحزاب الموالاة قال الوزير الأول ”صحيح أن التحلي بالانضباط لما يتعلق بتعرض حزبنا لسهام أحد أطراف شركائنا في هذا الائتلاف يتطلب التحكم في النفس والترفع وإثبات روح عالية من المسؤولية

قبل أن يضيف "إنني على يقين أن هذه الأوصاف هي من شيم بنات وأبناء التجمع الوطني الديمقراطي، وهو الحزب الذي جعل دوما فوق كل اعتبار".

في الختام ..

اعتبر مراقبون للشأن الجزائري، أن فترة قيادة أويحيى للحكومة الحالية منذ شهر أوت 2017، تعتبر الأضعف في مساره الرسمي على رأس الحكومات أو بعض الحقائب الوزارية، حيث ظهرت محاولات التهميش ولجم تحركاته في الكثير الملفات، فضلا عن فشله في القيادة الحقيقية للطاقم الحكومي المفتقد للانسجام والتضامن، واضطر للتعبير عن مواقفه وتصوراته بواسطة حزبه (التجمع الوطني الديمقراطي).

وربط هؤلاء تصريحات وزير العدل ضد مسؤوله المباشر، بوجود ضغط مبكر من جناح داخل السلطة للإطاحة بأحمد أويحيى من هرم الحكومة في التغيير الحكومي المتأخر، وإبعاد الرجل من مراكز القرار قبل سحب البساط منها، في حال عدم توفقها في تمرير الولاية الخامسة لبوتفليقة، في ظل الغموض الذي يكتنف هرم السلطة في البلاد.

واعتبر مصدر مطلع في حزب رئيس الوزراء، أن "التجمع الوطني الديمقراطي لم يكن في يوم من الأيام حليفا لبوتفليقة، وأن استراتيجيته في الممارسة السياسية من داخل السلطة هي التي أبقته في معسكر الموالاة، وهدف الحزب هو تهيئة قائده لقيادة البلاد متى سمحت الظروف بذلك".