السلام في أفغانستان.. بين مطرقة أميركا وسندان طالبان

السلام في أفغانستان.. بين مطرقة أميركا وسندان طالبان
الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٣٢ بتوقيت غرينتش

في ظل استمرار الجهود لتحقيق السلام في أفغانستان، وكانت آخرها مؤتمر موسكو الدولي حول أفغانستان الذي عقد في العاصمة الروسية الجمعة الماضية، كشف مسؤول روسي أن ممثلي طالبان أبلغوا موسكو بعقدهم "عشرات اللقاءات المغلقة" مع الأمريكيين، ومع مبعوث واشنطن الخاص إلى كابل زلماي خليل زاد الذي من المتوقع أن يزور موسكو قريبا.

العالم- أفغانستان

واعتبر زامير كابولوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون أفغانستان خلال مؤتمر صحفي  في موسكو، أن سعي دول مختلفة لحث الحكومة الأفغانية وطالبان على الشروع في المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة، "أمر طبيعي".

وقال: "من الطبيعي أن يجري لاعبون ذوو نفوذ في هذا الميدان مشاورات مع كلا الطرفين، ولا ضير نلمسه في ذلك".

وحسب كابولوف، فإن الغرب خسر حربه في أفغانستان، بينما أثبتت حركة طالبان وجودها هناك بشكل واضح.

موسكو: الوجود الأمريكي في أفغانستان لا يحل المشكلات

وتابع أن الوجود الأمريكي في أفغانستان لا يحل المشكلات بل يزيد منها، مضيفا أن موسكو لا تنافس واشنطن في أفغانستان لكن مصالح روسيا وحلفائها الأمنية على المحك في تلك المنطقة.

وقال: "أمريكا بعيدة، أما بالنسبة لنا فأفغانستان في خاصرتنا.. ولا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي حيال ما يجري هناك.. أفهمنا الأمريكيين أوجه فشلهم في أفغانستان، وعليه فإننا نؤيد بلورة مقاربة إقليمية للتسوية الأفغانية، لأن دول المنطقة وحدها، بما فيها أفغانستان، ذات مصلحة في حل المشكلة".

وذكر كابولوف أن زلماي خليل زاد، "الذي نعرفه منذ زمن طويل"، يخطط لزيارة موسكو مطلع ديسمبر المقبل، بناء على اقتراح من المسؤول الأمريكي نفسه.

وأضاف أنه لا يستبعد أن يبحث الجانب الروسي مع  زاد خلال زيارته "إطلاق مفاوضات مباشرة بين طالبان وكابل، وقال: "سنرى، فإذا كان مستعدا لذلك، لا نستبعد الأمر. لا يمكنني افتراض ذلك مسبقا".

وبحسب المصادر، أن زاد بدأ قبل أيام جولة ثانية له منذ تنصيبه في سبتمبر الماضي، تشمل أفغانستان ودول المنطقة من أجل دفع المحادثات مع طالبان.

 

طالبان ترحب بنتائج مؤتمر موسكو حول أفغانستان

في سياق متصل، وصف رئيس المكتب السياسي لحركة طالبان شیر محمد عباس استانكازي، نتائج مؤتمر موسكو والذي عقد في موسكو الجمعة، بأنها كانت إيجابية.

وقال استانكازي الذي ترأس وفد حركته إلى اجتماع موسكو: "نرى أن مؤتمر "صيغة موسكو" كان ناجحا، حيث استمعنا إلى وجهات نظر ومقترحات جميع المشاركين فيه، كما أننا بينا وجهات نظرنا حيال مختلف القضايا المتعلقة بأفغانستان".

وأكد أهمية الحوار من أجل تسوية الأزمة في أفغانستان، لكنه جدد ربط الشروع في التفاوض المباشر مع الحكومة بسحب القوات الأجنبية من البلاد.

وحسب منظمي المؤتمر، فإنه لم يكن يهدف إلى إطلاق الحوار المباشر بين السلطات الأفغانية وطالبان على الفور، بل حرص على الإسهام في تهيئة الظروف المناسبة لبدء مثل هذا الحوار مستقبلا.

بالمقابل، ورغم أن كابل قررت عدم المشاركة في اجتماع موسكو، مشيرا إلى أن مجلس السلام لا يمثلها، إلا أن وفد المجلس المكون من خمسة أشخاص وصل إلى موسكو بتوجيه من الحكومة الأفغانية. وأعلن المجلس الأعلى الأفغاني للسلام عن استعداده لإجراء مفاوضات مع حركة "طالبان" دون شروط سابقة، في خطوة قد تنذر بتحول في موقف كابل الرسمي وسط تأكيد طالبان على تمسكها بخيار الحوار.

وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس إحسان طاهري عقب اجتماع: "لقد أكدنا لهم (طالبان) أننا مستعدون لعقد مباحثات من دون أي شروط".

وكان رئيس أفغانستان السابق حامد كرزاي قد أسس المجلس الأعلى للسلام عام 2010، وهو هيئة تتولى مهمة فتح الحوار مع طالبان، إلا إن هذه المهمة ظلت متعثرة طيلة السنوات الماضية، وسط إصرار كل من الطرفين على شروط قبل بدء الحوار.

الحكومة الأفغانية أكدت مرارا استعدادها للتفاوض بشرط أن يكون في "إطار الدستور الأفغاني"، ما يعني ضمنيا مطالبة طالبان بالاعتراف بشرعية السلطة القائمة في كابل، وهو ما ترفضه الحركة، التي تعتبرها نظاما عميلا للخارج يعتمد على الجيوش الأجنبية لضمان بقائه.

بناء على ذلك، طالما اشترطت طالبان إطلاق المفاوضات بسحب كافة القوات المسلحة الأجنبية من أراضي البلاد، وهو أمر مرفوض من الحكومة وحليفتها وحاميتها الأساسية واشنطن، التي كانت ترفض هي الأخرى أي حوار مع طالبان، قبل أن عدلت موقفها مؤخرا وانخرطت في عدد من جولات المفاوضات المباشرة مع ممثلي مكتب الحركة في الدوحة.

وبحسب المراقبون، أميركا لن تنسحب من أفغانستان، لأنها تريد التواجد في الحدود الصينية الروسية لدعم مصالحها أمام العدوين الصيني والروسي.

ويرى محللون أن تحقيق السلام في أفغانستان غير ممكن إلا عبر حوار بين الحكومة في كابل وحركة طالبان وأن مواقف كابل الرافضة للحوار كان ناتجة عن آملها في قرب هزيمة طالبان عسكريا بعد إعلان البيت الأبيض العام الماضي عن خطة لزيادة القوات الأمريكية في البلاد، لكن تبدد هذه الأحلام وسط تصعيد طالبان لهجماتها وتحول الإدارة الأمريكية نفسها إلى سياسة الانفتاح الحذر على الحركة، ربما دفع كابل إلى إعادة حساباتها والتفكير جديا في جدوى الحوار.

من ناحية أخرى، كثّفت حركة طالبان هجماتها في جنوب شرق أفغانستان، وذلك بالتزامن مع عودة المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد إلى كابول في محاولة لإقناع الحركة بوضع حدّ للنزاع المستمر منذ 17 عاماً.

وأعلنت مصادر أفغانية أن نحو 50 أمنيا قتلوا في هجمات شنها مقاتلو طالبان على نقاط تفتيش حول مدينة فراه جنوب غربي البلاد والمناطق المحيطة بها، و25 في إقليم غزنة وسط البلاد مساء الأحد.

 

محمد حسن القوجاني