تونس..التعديل الوزاري وتشديد الأزمة بين الأحزاب السياسية

تونس..التعديل الوزاري وتشديد الأزمة بين الأحزاب السياسية
الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٦:١٩ بتوقيت غرينتش

التعديل الوزاري في تونس يشعل أزمة سياسية بين أكبر حزبين في البلاد حيث وصف حزب نداء تونس التعديل الوزاري بأنه «انقلاب على الدستور والديمقراطية في البلاد» بينما رحبت حركة النهضة الإسلامية التونسية بالتعديل الوزاري وقالت إنها ستصوت لمنح التشكيلة الجديدة الثقة في البرلمان.

العالم - تقارير

بعد أسابيع من إعلان حزب نداء تونس فك الارتباط مع حركة النهضة الإسلامية على مستوى التحالف البرلماني والحكومي، يبدو أن التعديل الوزاري في تونس الذي أجراه رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، المدعوم من النهضة، سيزيد من تأزيم العلاقة بين حزب الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، والحزب الإسلامي.

واتهم مسؤولون في حزب نداء تونس، حركة النهضة بالمشاركة في «عملية انقلابية»، ومحاولة «عزل رئيس الجمهورية» بعد أن أعلنت تأييدها للتعديل الوزاري الذي أعلن عنه الشاهد، الإثنين 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وشمل 13 حقيبة وزارية، و5 كتاب دولة.

التعديل الوزاري «انقلاب على الدستور» حسب حزب نداء تونس

وصف حزب نداء تونس ، الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، التعديل الوزاري في تونس الذي أعلن عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأنه «انقلاب على الدستور والديمقراطية في البلاد».

وقال أمين عام حركة نداء تونس سليم الرياحي، في مؤتمر صحفي، إن «التحوير (التعديل) الوزاري شابته أخطاء إجرائية».

وأضاف: «القانون لا يخوّل رئيس الحكومة القيام بهذا التمشي (التعديل) دون التشاور مع رئيس الجمهورية وتباحثه في مجلس وزاري»، وهو ما لم يتم على حد قوله.

وعلى الصعيد ذاته، اتهم الرياحي حركة النهضة بأنها «تشارك في عملية انقلابية واضحة على الديمقراطية»، وأوضح أن حركة نداء تونس (لها 51 نائباً برلمانياً من أصل 217) «تعوّل على نواب البرلمان لإسقاط هذا المسار الانقلابي»، وفق تعبيره.

وطلب الأمين العام لحركة نداء تونس من رئيس الجمهورية التدخّل لتصحيح المسار.

اتّهام حركة النهضة بالسعي إلى مغالطة الرأي العام المحلي و الدولي

وأعلنت القيادية في حركة “نداء تونس” أنس الحطاب، أنّها قرّرت مقاضاة حركة النهضة، داعية الهياكل الحزبية إلى مساندة هذا الموقف ضمانًا لسيادة القرار، وفق تعبيرها.

واعتبرت أنس الحطاب، في تدوينة نشرتها على موقع التواصل الاجتماعي، “فيسبوك”، أنه "من دلالات أن الحكومة هي حكومة حركة النهضة، والهدف منها هو استعمال يوسف الشاهد لضرب حزب حركة نداء تونس القوة الوحيدة في الطيف الديمقراطي القادرة على مواجهتها في 2019، هو التأكيد على منح صفة نداء تونس لوزراء قام الحزب بتجميد نشاطهم في الحزب وعلى رأسهم رئيس الحكومة، يوسف الشاهد."

وفي تفسيرها لممارسات حكومة الشاهد، قالت أنس الحطاب، إن مثل هذا التصرف بإمكانه حسب قراءة حركة النهضة الايهام بمزيد خلق الشقوق داخل حزب “نداء تونس”، بأنْ نصبح نتكلم عن نداء تونس في الحكم ونداء تونس خارج الحكم، وهي أجندة حركة النهضة لإضعاف نداء تونس، خاصة أن التصريحات تأتي مباشرة من الناطق الرسمي للحركة”، حسب قولها.

وأضافت أنّ هذا يدلل على أخلاقيات حركة النهضة في التعاطي مع الشأن السياسي، وعدم احترامها للمؤسسات سواء أكانت الحزبية، أم مجلس نواب الشعب، عبر الخروقات الدستورية، وأصبحت الحكومة تتصرف بقانون الغابْ، حسب قولها.

واتّهمت الحطاب حركة النهضة بالسعي إلى مغالطة الرأي العام المحلي والدولي، من خلال الادّعاء بأنّ التوافق مع حزب نداء تونس ومع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ما زال قائمًا.

وتابعت قائلة: “وعليه فإنّي كقيادية في نداء تونس أعلن عن عزمي مقاضاة حزب حركة النهضة وكل من تسمح له نفسه الحديث أو التصرف باسم حركة نداء تونس خارج مؤسسات الحزب، وأدعو الهياكل الحزبية لمساندة هذا الموقف ضمانًا لسيادة القرار وإيمانًا مني بأنها نقطة هامة للتوقّف عن نشر البلبلة والفوضى في الساحة السياسية التي تنعكس سلبًا على المشهد برمته”، حسب تعبيرها.

«الحزب الإسلامي» أعلن تأييده التعديل الوزاري في تونس

وفي وقت سابق، رحبت حركة النهضة الإسلامية، بالتعديل الوزاري الذي أعلنه الشاهد، وقالت إنها ستصوّت لمنح التشكيلة الجديدة الثقة في البرلمان.

وفي تصريح للأناضول، قال عماد الخميري، المتحدث الرسمي باسم «النهضة»، إن «الشاهد  قام، بالصلاحيات الممنوحة له دستوريا، بتعديل وزاري مهم نأمل أن يعطي نفساً جديداً لأداء الحكومة».

وأضاف الخميري أن حركته (68 مقعداً بالبرلمان/ 217) «ترحّب بالتعديل وتأمل في أن ينهي الأزمة السياسية التي عاشتها البلاد لأشهر».

وقال في هذا السياق: «نأمل من هذه الحكومة الاستجابة لطلباتنا في ما يتعلق بإجراء الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، ووضع الاقتصاد الوطني على نسق النمو، ومعالجة مشكلة التوازنات المالية العمومية وتدهور القدرة الشرائية، وإنجاح الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019». كما أشار أن الحركة ستصوّت لمنح الثقة للتشكيلة الحكومية الجديدة عند عرضها على البرلمان.

الدستور يمنح يوسف الشاهد صلاحية تعديل حكومته

وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد أوضح، أنه أجرى التعديل الوزاري في تونس وفق الصلاحيات التي منحها له الدستور.

ووفق المادة 92 من الدستور التونسي، يختص رئيس الحكومة بـ»إحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء».

كما يختص رئيس الحكومة وفق المادة ذاتها بـ»إقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة أو البت في استقالته، وذلك بالتشاور مع رئيس الجمهورية إذا تعلق الأمر بوزير الخارجية أو وزير الدفاع (لم يشملهما التعديل الحالي)».

وقال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، إن حكومته تعرَّضت إلى نيران صديقة، أقوى من قصف المعارضة، لافتًا إلى أن كثيرًا من الأطراف تعتبر نفسها مساندة للحكومة، لكنها لا تفوّت أي فرصة لضرب الحكومة.

وأشار الشاهد خلال خطاب ألقاه في البرلمان التونسي، بمناسبة إجراء تعديل وزاري، إلى “وجود أطراف لم يسمها، تعمل على ضرب علاقته بالرئيس الباجي قائد السبسي”، مشددًا على أنه “لن يسمح لهذه الأطراف بإحداث فجوة مع الرئيس".

وثمّن رئيس الحكومة خطاب رئيس البلاد، الذي أكّد فيه تمسكه بالدستور والدولة، مؤكدًا  أنه يعترف بالدور التاريخي والسياسي للسبسي” .

وأقر بأن “الأزمة السياسية التي تعيشها تونس، أثّرت بشكل كبير على مردود الحكومة التي لم تجد سندًا سياسيًّا يدعمها”، رافضًا في الوقت ذاته، وصف التعديل الوزاري “بالانقلاب الناعم”، لافتًا إلى أنه “يؤمن بالديمقراطية ولا يؤمن بالانقلاب مهما كان ناعمًا أو خشنًا”، وفق تعبيره.

وأوضح أنه “أقدم على إجراء التعديل لمعرفة من يقف مع الحكومة ممن يقف ضدها”، منوهًا إلى أن “الأمر لم يعد واضحًا في الفترة الأخيرة، بسبب التجاذبات السياسية الحادة”.

وأفاد الشاهد بأن "تونس حقّقت نسبة نمو اقتصادي بلغت 2.5% في الثلث العام الجاري، و28% في الثلث الثاني من العام ذاته، مشيرًا إلى أنه “كان بالإمكان تحقيق نسب أفضل إن وجدت الحكومة الدعم اللازم".

يذكر أن التعديل الوزاري الذي أجراه الشاهد على حكومته، واجه انتقادات لاذعة بلغت حد المطالبة بإسقاط رئيس الحكومة، على اعتبار أنه أحدث وزارات جديدة دون أن يعقد اجتماع مجلس وزراء، لإقرار هذه الوزارات كما ينص الدستور التونسي.