محررو السويداء.. وجرائم التحالف الأميركي في القصف والإنقاذ

محررو السويداء.. وجرائم التحالف الأميركي في القصف والإنقاذ
الأربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٠٥ بتوقيت غرينتش

رغم مرور أكثر من ثلاثة أيام على تحريرهم من المختطفين الإرهابيین على ايدي الجيش السوري لم يصدق محررو السويداء عودتهم للحياة الطبيعية، والأكثر من ذلك تضامن الرئيس بشار الاسد معهم.

العالم- تقارير

وبالرغم من ان استقبال الرئيس بشار الاسد لهم كان في غاية البساطة والشعبية، إلا أن الكوابيس التي عايشوها فترة الإختطاف من قبل الجماعات الإرهابية كانت لاتزال تلاحق المحررين حتى داخل الصالة وهم في مأمن وأمام رئيس بلادهم.

فهول العمليات الإجرامية للتحالف الأميركي غير الشرعي، وقصفه للسكأن الأبرياء وانقاذه لرؤوس الجماعات الإرهابية وتخليصهم من قبضة الجيش والقوات السورية مازالت مرتسمة في مخيلاتهم.

ولم يكن قصف التحالف الأميركي لسكان قرية السويداء بالريف الشرقي لدير الزور الأول من نوعه، تحت عنوان محاربة الإرهاب ومطاردة الإرهابيين، بل ان هذا التحالف غير الشرعي، إعتاد على قصف المناطق المدنية لسوريا، وإنقاذ الإرهابيين الذين يصبحون في محاصرة الجيش والقوات الشعبية السورية. ومن حق المحررين ان يبقى الخوف يساورهم لفترات طويلة حتى بعد تحريريهم من عملية الخطف الإرهابية، لأنهم شهدوا بأم اعينهم كيف قامت الجماعات الإرهابية التي عجزت عن مواجهة القوات السورية في ساحات القتال، ولجأت الى تنفيذ هجمات ارهابية في الخامس والعشرين من شهر تموز الماضي على قريتهم "الشبكي" بريف السويداء الشرقي، وخطفتهم من داخل منازلهم وملاجئهم.

وكذا كان الحال في قصف التحالف الأميركي في السابع والعاشر من تشرين الثاني الجاري لإنقاذ قادة الإرهابيين الذين أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الأسر بيد القوات السورية في شمال شرق الحسكة، والشعفة والسويدية، وقبلهما قرية "المراشدة" في الريف الجنوبي الشرقي لدير الزور، حيث قامت مروحيات التحالف الاميركي بنقل عدد من إرهابيي جماعة "داعش" وهم من جنسيات مختلفة دخلت إلى سوريا قبيل إفتعال الأزمة السورية وخلالها.

أما يرون أن بضعة أهداف تكمن وراء القصف وعمليات الإنقاذ التي ينفذها التحالف الأميركي بين الحين والآخر نشير الى بعضها وحسب ما يسمح المقام.

فأما القصف فإن التحالف الأميركي يهدف لرفع أعداد القتلى والجرحى والمصابين والمشردين، كي يخوف الشعب السوري من السطوة الأميركية، ولايدع أي مجال للتفكير بالبقاء دون الهيمنة الأميركية، ومن جهة أخرى تريد اميركا إنهاك القوى والحكومة السورية، كي لايبقى أمامها خيار سوى الإستسلام للهيمنة الأميركية او قبول الهزيمة. الأمر الذي من شأنه ان يمهد للأمر الواقع الذي تخطط له واشنطن كي تعود سوريا لطاولة المفاوضات ضعيفة خانعة مستسلمة للإرادة الأميركية والأنظمة التابعة لها.

وأما عمليات إنقاذ قادة الإرهابيين من حلقات الحصر والموت المؤكد، فهي تهدف لإبقاء هؤلاء الإرهابيين ورقة ضغط بيدها تنقلهم حيث ما شاءت ومتى أرادت، لتبقى صاحبة كلمة الفصل في كل أزمة تنشب في المنطقة او اي مكان آخر.

فيما يرى بعض المراقبين أن هجمات التحالف الأميركي غير الشرعي على سوريا وإنقاذه لعدد من قادة الإرهابيين، هما وجهان لعملة واحدة، تريد واشنطن من خلالها فرض أمر واقع جديد على سوريا، قبل ان تتمكن من العودة الى طاولة المفاوضات في جنيف أو في أستانا. لأن الأسلوب الذي تنتهجه الحكومة السورية في الوقت الراهن، لتوسيع رقعة المصالحات الوطنية في إدلب وبشكل عام في منطقة شرقي الفرات شمال سوريا، يوشك أن يؤدي الى إنهاء الإنقسامات التي فسحت المجال للجماعات الإرهابية بالتسلل إلى الأرياف والقرى السورية، واتخاذها منصة للهجوم على المدن والمحافظات السورية.

ومن هنا يمكن التدبر في إعتبار الخارجية السورية عبر رسالتين الى مجلس الأمن والامين العام للأمم المتحدة بأن جريمة التحالف الأميركي في قصف قرية الشفعة التي راح ضحيتها أكثر من ستين شخصا بينهم 38 شهيدا، لم تكن جريمة ضد المدنيين فحسب، بل إنها إستخفاف بالقوانين والأحكام الدولية ويمكن ان تشكل سابقة خطيرة على مستوى العالم. وعلى الجهات المسؤولة وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن إتخاذ ما يلزم لإنشاء آلية دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، وفي غير ذلك فإن العمليات العدوانية والإجرامية ستفتك بأكبر عدد من المدنيين، وتساعد على إطالة أمد الأزمة في سوريا وتؤدي الى تدمير ما تبقى من بناها التحتية، وعند ذلك لن تكون سوريا الضحية الوحيدة لهذه الإنتهاكات الصارخة لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

*عبدالهادي الضيغمي