ميركل وماكرون في معسكر واحد ضد ترامب!

ميركل وماكرون في معسكر واحد ضد ترامب!
الأربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٤٧ بتوقيت غرينتش

أيدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، مقترح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بشن تشكيل جيش أوروبي لحماية القارة الاوروبية، حيث طالبت بضرورة العمل على رؤية لوجود جيش أوروبي حقيقي. وبذلك وقفت ميركل مع ماكرون في معسكر واحد ضد الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي كان قد ندد بتصريحات الرئيس الفرنسي حول الجيش الاوروبي واعتبرها "مهينة جدا".

العالم - تقارير

دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الثلاثاء (13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018) في خطاب أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ إلى إنشاء "جيش أوروبي حقيقي"، وذلك بعد الجدل الشديد الذي أثاره هذا الاقتراح بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقالت ميركل في خطابها "علينا وضع رؤية تتيح لنا أن نصل يوما ما إلى إنشاء جيش أوروبي حقيقي". وأكدت ميركل في كلمتها في ستراسبورغ أن القوات الأوروبية المشتركة "ليست جيشا ضد الناتو". وقالت إن نظام الأسلحة والمعايير المشتركة في التدريب ستسمح للاتحاد الأوروبي بالظهور بشكل أقوى داخل التحالف العسكري".

كما اقترحت ميركل "إنشاء مجلس أمن أوروبي مع رئاسة دولية يمكن من خلاله اتخاذ قرارات مهمة بشكل أسرع".

وكان الرئيس الفرنسي اقترح الأسبوع الماضي إنشاء "جيش أوروبي حقيقي" لحماية القارة الأوروبية متحدثا عن ضرورة "حمايتها من الصين وروسيا وحتى الولايات المتحدة" في مجال المعلوماتية.

وأثار هذا الاقتراح غضب الرئيس الأميركي الذي ندد بتصريحات "مهينة جدا" قبيل وصوله إلى باريس للمشاركة في نهاية الأسبوع الماضي في احتفالات الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى. ترامب هاجم الرئيس الفرنسي مجددا يوم الثلاثاء بهذا الخصوص.

وبدوره، قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مقابلة مع قناة "سي ان ان" الأميركية إن على أوروبا ان "تبني استقلالية" دفاعها بدلا من شراء الاسلحة من الولايات المتحدة.

وأوضح ماكرون "لا أريد رؤية الدول الأوروبية ترفع من ميزانيات الدفاع لشراء أسلحة أميركية أو أخرى أو معدات من إنتاج صناعتكم" مضيفا أنه "اذا زدنا ميزانيتنا، فالغرض بناء استقلاليتنا".

ويعتقد ماكرون وكذلك المستشارة الالمانية انغيلا ميركل أن على أوروبا تطوير استقلاليتها الدفاعية في مواجهة انسحاب واشنطن المتزايد. لكن هذا الموقف ليس موضع إجماع في أوروبا.

فقد قررت بلجيكا مؤخرا شراء طائرات قتالية اف-35 أميركية بدلا من طائرات أوروبية في خطوة اعتبر الرئيس الفرنسي أنها "تسير استراتيجيا عكس مصالح" أوروبا.

في الأثناء، رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقترح ماكرون الداعي إلى إنشاء جيش أوروبي. وقال: إن هذه الفكرة ليست جديدة "لكن الرئيس الفرنسي أعاد إحياءها". وأعرب بوتين عن اعتقاده بأن أوروبا تمثل اتحادا اقتصاديا قويا واتحادا نقديا قويا، وأضاف أنه لهذا السبب فإن من المنطقي أن ترغب أوروبا في أن تكون مستقلة وذات سيادة في الأمن والدفاع.

ويعتقد خبراء روس أن أحد الأسباب الرئيسة لإنشاء جيش أوروبي، هو مطالبة الناتو بزيادة عديد الوحدات القائمة، التي تتألف في غالبيتها من الأمريكيين، وزيادة تمويلها.

وقد برزت فكرة إنشاء جيش خاص بالاتحاد الأوروبي في تسعينيات القرن الماضي بعد تفكك يوغوسلافيا، وعادت إلى الظهور ثانية عام 2015، عندما أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن حاجة أوروبا إلى جيش خاص بها، كتلميح إلى روسيا بأن القارة العجوز ستبذل كل ما في وسعها لحماية قيمها، مؤكدا أنه الأوان لكي تصبح أوروبا قوية، ومشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذا الجيش لن ينافس الناتو.

واشنطن تعتبر تشكيل جيش أوروبي إضعافا للناتو 

من جهتها أكدت الخارجية الأمريكية تعليقا على فكرة تشكيل الاتحاد الأوروبي جيشا مستقلا تحشده الدول الأعضاء، أن الولايات المتحدة تعارض أي أعمال قد تسهم في إضعاف حلف شمال الأطلسي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت: "الناتو، مؤسسة ثابتة دعمتها حكومة الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى لسنوات عديدة، ولا نريد إضعافها".

كما أشارت إلى أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ونظيره الفرنسى جان إيف لو دريان، بحثا قضية تعزيز حلف شمال الأطلسي في اجتماع عقد مؤخرا على هامش فعاليات مئوية الحرب العالمية الأولى في باريس.

وتابعت: "الناتو سيصبح أقوى عندما يتحمل جميع الأعضاء مسؤولية أكبر فيه. ورأينا كيف أن الكثير من الدول تناولت هذه المسألة بجدية، حيث قدمت مساهمة كبيرة بتخصيص جزء من ناتجها القومي لتعزيز الدفاع المشترك للناتو".

من جهته، علق وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس على دعوة فرنسا وألمانيا إلى تشكيل جيش موحد للاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن حلف شمال الأطلسي "الناتو" يشكل حجر الزاوية في حماية أوروبا.

وقال ماتيس للصحفيين: "نرى أن حلف شمال الأطلسي، هو حجر الزاوية في ما يتعلق بحماية أوروبا في مجال الأمن. ونؤيد تماما أن تفعل الدول الأعضاء فيه المزيد لتحمل العبء".

المفوضية الأوروبية تكرر الدعوة لتشكيل جيش اوروبي

رجحت المفوضية الأوروبية، تشكيل جيش للاتحاد الأوروبي يوما ما، مكررة دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "جيش أوروبي حقيقي" لخفض الاعتماد على الولايات المتحدة.

وأبدت كلٌّ من ألمانيا، وبلجيكا، وبريطانيا، والدنمارك، وإستونيا، وهولندا، وإسبانيا، والبرتغال، والتشيك، موافقتهم  على المبادرة الفرنسية لحماية أوروبا من التهديدات الخارجية.

ودعم رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، وهو رئيس وزراء سابق للوكسمبورغ، فكرة الرئيس الفرنسي بتأسيس جيش أوروبي، لتكوين قدرة دفاعية بمعزل عن حلف شمال الأطلسي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

وقال المتحدث الرئيسي باسم المفوضية، مارغاريتيس سكيناس: إن "المشروع الجديد للاتحاد الأوروبي يتعلق بالتعاون الخاص بالمشتريات والأبحاث الدفاعية، وكذلك بمهام حفظ السلام الجديدة التابعة للتكتل خارج حدوده.

وصرح للصحفيين، في إفادة دورية: "المفوضية تطرح كثيراً من المبادرات والمقترحات للبدء تدريجياً في بناء هوية دفاعية أكبر وأقوى في هذه الأوقات السياسية الصعبة"، مضيفاً: "لا أعتقد أن هذه الهوية الدفاعية ستبدأ بجيش للاتحاد الأوروبي".

ومضى يقول: "سنرى في مرحلة ما ربما في نهاية هذه العملية.. ربما نرى شيئاً يصفه الناس بالفعل بأنه جيش للاتحاد الأوروبي أو حشد الموارد لجعل هذه الهوية الدفاعية للاتحاد الأوروبي أكثر وضوحاً وجدوى".