نتنياهو  يتلفلف بريش الحمام!

نتنياهو  يتلفلف بريش الحمام!
الخميس ١٥ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٠٧ بتوقيت غرينتش

عندما يقرر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الليكودي المتطرف بنيامين نتنياهو رفع الراية البيضاء أمام صواريخ المقاومة الإسلامية الفلسطينية تحت ضغط سياسي داخلي تفجر باستقالة وزير حربه افيكدور ليبرمان، فان ذلك يتضمن رسائل كثيرة أهمها أنه غير قادر على الاستمرار في معركة تغيرت فيها معادلة المواجهة عندما دخلت الصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى الى المنظومة الدفاعية للمقاومة ليكون كيان الإحتلال مكشوفا وقابل للكسر.

نتنياهو تحدث قبل ايام في باريس ولأول مرة عن انه لا يريد الحرب مع غزة لأنها لن تخلف سوى الخراب والقتلى وانه لا ينشد سوى السلام، متخليا عن استراتيجيته القديمة بان تفوق كيانه الجوي قادر على الحاق الخراب والدمار باي بلد عربي دون ان يكون كيانه عرضة للقصف او الأذى.

لم يأت هذا التخلي عن خرافة الأسطورة العسكرية الاسرائيلية من فراغ وانما بعد تجرع الهزائم تلو الهزائم من المقاومة في لبنان وفي فلسطين عندما طورت قدراتها الدفاعية بما يغير ميزان القوى مع كيان العدوان وايجاد توازن الرعب وقد كان لحزب الله السبق في كسر شوكة العدوان بل في فضح أسطورة الجيش الذي لا يقهر عندما مرغ انف هذا الجيش  في الطين بينما عجزت جيوش نظامية عربية عن هزيمته.

وبينما يعيش كيان الاحتلال نشوة اختراق دول عربية والحلول ضيفا في عواصم ومدن هذه الدول، توهم قادته أنهم يستطيعون توظيف الاختراق السياسي للبيئة الغربية الرافضة له على مستوى الشعوب والنخب، الى مكسب عسكري ضد حركة المقاومة الاسلامية حماس التي استطاعت من خلال مسيرات العدوة وبصدور عارية للمشاركين في هذه المسيرات، وطائرات ورقية وبالونات حارقة أن تكسب سياسيا وعلى مستوى الرأي العام ضد كيان الاحتلال ولوبياته وان تجعله هو من يتوسل لوقف المسيرات الشعبية والطائرات الورقية.

وعندما كانت المقاومة واعية لقدراتها وواثقة بجمهورها وملتفتة لما يخطط ضدها، تمكنت من ادارة الوساطة المصرية للتهدئة بمسؤولية عالية. ومن ثم، لم يكن من كيان الإحتلال سوى التصعيد العسكري لعله يحصل حصول على مكاسب سياسية لكنه حصد العكس تماما.

خسر الجولة العسكرية بكل وضوح واضطر للقبول بالتهدئة وسط انقسام داخلي اسفر عن استقالة وزير الحرب وإعلانه رسميا الهزيمة امام المقاومة الفلسطينية واقراره بالآثار السلبية لهذه الهزيمة على أمن كيان الإحتلال على المدى البعيد واذعانه بما تعطيه هذه الهزيمة من رسائل الى جبهات أخرى.

نتنياهو الذي تلاحقه فضائح الفساد، بات اضعف سياسيا بعد انسحاب حزب ليبرمان وله ٨ مقاعد في الكنيست، مما يجعل ائتلافه الحكومي في معرض التفكك والسقوط واحتمال حل الكنيست والدعوة الى انتخابات مبكرة قد تغير الخارطة السياسية لكيان الإحتلال.

لكن الدروس والعبر التي تعلمها نتنياهو زعيم معسكر الصقور الليكوديين من المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، هي التي جعلته اليوم يتخلى عن صقوريته المعهودة ويغطي نفسه بريش الحمام ليستر عورات كيانه والتي انكشفت امام صواريخ المقاومة وصلابة جأشها وتماسك فصائلها والتفاف جمهورها حولها، ليمد يد التهدئة مجبرا لا مختارا.

مرة اخرى، تجد بعض الحكومات التي هدمت أسوار رفض التطبيع وتجاهلت وعي الجمهور العربي بقضيته المركزية، القضية الفلسطينية، محبطة ومحرجة أمام انتصارات المقاومة الفلسطينية رغم الحصار الظالم، والطعنات من الخلف وتواطؤ القوى الغربية وخيانة أخوة الدم. فهذه الانظمة العربية تبيع كيان الاحتلال تطبيعا مجانيا يعود بمكاسب كبيرة للكيان الغاصب لقبلة المسلمين الاولى وتمهد لصفقة ترامب المشؤومة لتصفية القضية الفلسطينية.

انتصار المقاومة الفلسطينية في أحدث نزالاتها مع كيان العدو يبين فشل الرهانات على امكانية تقديم المقاومة تنازلات تحت الضغوط العسكرية من العدوان او السياسية والنفسية من اخوة الدم أو اللغة او الدين. وان الايدي ستبقى على الزناد مع كيان لا تلجم أطماعه واوهامه الا القوة خاصة وانه قد ثبت للقاصي والداني ان كيان الاحتلال اوهن من بيت العنكبوت حقا حقا.