حكومة تيريزا ماي على حافة الانهيار.. دلالاته واسبابه

حكومة تيريزا ماي على حافة الانهيار.. دلالاته واسبابه
الخميس ١٥ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:١٦ بتوقيت غرينتش

بينما أيدت الحكومة البريطانية برئاسة تيريزا ماي مسودة اتفاق البريكست التي توصلت إليها مع الاتحاد الأوروبي، ازداد عدد الاستقالات في الحكومة احتجاجا على مسودة الاتفاق، الامر الذي يمكن ان يؤدي الى سحب الثقة عن رئيسة الوزراء.

العالم - اوروبا

قالت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إنّ مسودة اتفاق البريكست تفي بنتيجةِ استفتاء الخروج من الاتحاد مؤكدة انها لن تُنظّمَ استفتاء ثانيا كما يطالب البعض.

وأعلنت تيريزا ماي أمام جلسة عاصفة للبرلمان يوم الأربعاء، أن مشروع الاتفاق حول الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي توصل إليه مفاوضون بريطانيون وأوروبيون يحترم نتائج استفتاء 2016.

وقالت ماي أمام النواب: «ما تفاوضنا بشأنه هو اتفاق يحترم تصويت الشعب البريطاني» وذلك عقب وابل من الانتقادات من متشددين داخل حزبها المحافظ قالوا إن الاتفاق يتضمن تنازلات غير مقبولة.

وصوّت 52 في المائة من البريطانيين في الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد عضوية استمرت أربعة عقود.

وقالت الحكومة إن بريطانيا ستنسحب أيضا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي.

ويتعين أن يصادق البرلمانان البريطاني والأوروبي على مشروع الاتفاق قبل موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المرتقب في 29 مارس/ آذار 2019.

ودافعت ماي عن مشروع الاتفاق أمام النواب قائلة إنه سيضمن نهاية للهجرة غير المحدودة من الاتحاد الأوروبي وسيسمح لبريطانيا بوضع سياساتها التجارية الخاصة بها.

وقالت إن الاتفاق يتضمن خطة احتياطية لتجنب إقامة حدود فعلية في آيرلندا لكنها أضافت أن ذلك سيكون «سياسة ضمان» مؤقتة في حال عدم الاتفاق على علاقة مستقبلية.

وقالت: «نريد التوصل إلى العلاقة المستقبلية في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2020.»

وقال رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، أن التوقيع على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيتم خلال قمة أوروبية، ستعقد الشهر الجاري.

وصرح توسك إن اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيتم توقيعه يوم 25 نوفمبر، خلال قمة أوروبية "استثنائية".

وتابع في تصريح في بروكسل: "إذا سار كل شيء على ما يرام، ستعقد قمة استثنائية للمجلس الأوروبي لوضع اللمسات الأخيرة وتوقيع اتفاق بريكست".

وأشاد توسك بمفاوض الاتحاد الأوروبي، ميشيل بارنييه، الذي "حقق أهم هدفين".

وأضاف: "يتعلق الهدفان بالحد من الأضرار الناجمة عن رحيل بريطانيا والحفاظ على مصالح الدول الـ27 الأخرى".

وأثارت المسودة مخاوف من اندلاع خلافات واستقالات من وزراء الحكومة البريطانية، وهو ما حدث بالفعل.

وانضمت وزيرة الدولة لشؤون بريكست سويلا بريفرمان، إلى وزيرة العمل والتقاعد البريطانية إستر ماكفاي، ووزير بريكست دومينيك راب، وأعلنت استقالتها من الحكومة، صباح اليوم الخميس، لرفضها الاتفاق الذي توصلت إليه بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، لتصبح رابع وزير بريطاني يستقيل من حكومة تيريزا ماي منذ الاجتماع الحكومي المطول مساء أمس، الأربعاء.

وكتبت بريفرمان في رسالة استقالتها لتيريزا ماي أن "التنازلات" المقدمة لبروكسل في مسودة الاتفاق "لا تحترم إرادة الشعب".

وكان وزير أيرلندا الشمالية شايلش فارا، قد أعلن استقالته من حكومة ماي أيضاً، صباح اليوم، بسبب التسوية الجمركية التي ينص عليها الاتفاق، والتي لا تسمح لبريطانيا بالانسحاب أحادي الجانب من خطة المساندة الجمركية.

وقال راب في رسالة استقالته إنه لا يستطيع دعم خطة ماي لسببين: "أولاً، أعتقد أن الهيكل التنظيمي المقترح لأيرلندا الشمالية يشكل خطراً حقيقياً على تكامل المملكة المتحدة".

أما السبب الثاني، فيتعلق بأنه "لا يمكن دعم اتفاقيات غامضة تعطي الاتحاد الأوروبي حق نقض قدرة بريطانيا على الانسحاب من الاتحاد"، ثم أضاف: "لا أستطيع تأييد تسوية تشمل خطة مساندة غير محدودة زمنياً، حيث يمتلك الاتحاد الأوروبي القول النهائي في قدرتنا على الخروج منها. إن شروط خطة المساندة تمثل مزيجاً من قواعد السوق المشتركة والاتحاد الجمركي. لا يمكن لأي أمة ديمقراطية أن توافق على الالتزام بمثل هذه النظام الشامل المفروض خارجياً من دون ضوابط ديمقراطية على القوانين التي سيتم تطبيقها، أو حتى امتلاك القدرة على الخروج من هذه الترتيبات".

وتابع: "هذه الترتيبات ستكون نقطة البداية للمفاوضات التجارية المستقبلية. إذا قبلنا بذلك فإنها ستؤثر حتماً على الجولة التالية من المفاوضات، وضد مصلحة بريطانيا. وفوق كل ذلك لا توافق شروط الاتفاق الوعود التي قطعناها على ناخبينا في برنامجنا الانتخابي. إنها في نهاية الأمر مسألة ثقة".

وقد لا تكون استقالة راب الأخيرة من حكومة ماي، إذ قد تشجع هذه الخطوة وزراء آخرين ممن يعارضون الاتفاق على الاستقالة أيضاً. وعلى الرغم من عدم إمكانية التكهن بأي وزراء مرشحين للاستقالة، إلا أن تقارير عن الاجتماع الحكومي، مساء أمس، أشارت إلى أن 11 وزيراً أبدوا تحفظات شديدة على الصفقة. وقد يتردد البعض منهم في اتخاذ قرار منفرد، خاصة في ظل توقعات بسجب الثقة من ماي، واستعدادهم للمنافسة على خلافتها. كما أن استقالة راب من وزارة سيادية قد تؤدي لانفراط عقد حكومة ماي، رغم أن استقالات مماثلة حصلت في يوليو/ تموز الماضي بعيد إعلان ماي عن خطة تشيكرز، ولكن حكومتها نجت لضعف المعارضين لها.

كذلك تشكل هذه الاستقالات، خاصة استقالة وزير بريكست، ضربة لسلطة ماي على حكومتها وحزبها. فراب هو ثاني وزير بريكست يستقيل من حكومتها في غضون ستة أشهر، حيث كان ديفيد ديفيس قد استقال بسبب خطة تشيكرز في يوليو/ تموز الماضي. وبينما كانت ماي ستعتمد على راب لتسويق خطتها لأعضاء البرلمان، والمساهمة في التحضير للقمة الأوروبية المقررة في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، فإن مهمتها الآن تبدو أكثر صعوبة لإتمام التحدي الأكبر في السياسة البريطانية.

فعندما استقال وزير الخارجية بوريس جونسون وديفيس، استفادت ماي من استقالتهما لتقنع نوابها المؤيدين لعلاقة قريبة من الاتحاد الأوروبي، بأنها تسير في اتجاه يرضيهم، ولكن ما ذكره راب في رسالة استقالته يماثل ما قاله كل من وزير المواصلات جو جونسون، والذي استقال الأسبوع الماضي، ووزير شؤون أيرلندا الشمالية شايلش فارا، وكلاهما من مؤيدي الاتحاد الأوروبي.

لكن تجدر الإشارة إلى أن مفاوضات بريكست كانت تسير منذ بضعة أشهر تحت إشراف مباشر من مكتب رئاسة الوزراء، وبالتعاون بين ماي وكبير المفاوضين البريطانيين أولي روبنسون، في تجاوز لوزير بريكست.

إلا أن جو التمرد الذي يشوب أجواء حزب المحافظين قد يؤدي فعلاً إلى دفع المزيد من النواب إلى سحب الثقة من ماي، ودعم مجموعة الأبحاث الأوروبية التي يقودها جاكوب ريس موغ. فقد ترددت المجموعة في طلب سحب الثقة من ماي لعدم امتلاكها تأييد أغلبية النواب المحافظين، ولكن الوضع الحالي قد يمنحهم الأغلبية المطلوبة. وفي حال وصول 48 رسالة من نواب الحزب إلى مجموعة 1922 البرلمانية المحافظة تطالب بسحب الثقة من ماي، ستتم المباشرة بالتصويت بأسرع وقت ممكن.

وفي نفس السياق، قال زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن قال إن الاتفاق «ينتهك الخطوط الحمراء لرئيسة الوزراء»، مضيفا أن المفاوضات مع بروكسل كانت «مخزية».

وقال: «هذه الحكومة أمضت سنتين في التفاوض على اتفاق سيئ سيترك البلاد بين خروج ولا خروج إلى ما لا نهاية»

من جانبه انتقد النائب المحافظ بيتر بون، المؤيد الكبير لبريكست، رئيسة الوزراء. وقال: «أنت لا تحترمين ما صوت عليه مؤيدو بريكست، واليوم ستخسرين دعم الكثير من النواب المحافظين وملايين الناخبين».