القمة الخليجية المقبلة.. اختبار لصلابة الموقف القطري

القمة الخليجية المقبلة.. اختبار لصلابة الموقف القطري
الإثنين ١٩ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٢٥ بتوقيت غرينتش

النظام السعودي الذي تسبب بتوترات كبيرة في المنطقة بداء من العدوان على اليمن مرورا بمقاطعة قطر وحصارها وصولا الى مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول بالاضافة الى تدخله في شؤون الكثير من الدول العربية والاقليمية ومنها سوريا، هو الان في موقف لا يحسد عليه. 

العالم- السعودية

جريمة قتل خاشقجي كان لها صدى كبير على المجتمع الدولي الذي سئم من الاعيب السعودية الصبيانية المستهترة بكل الثوابت والقيم. حيث بدأت دائرة الضغط الدولي تضيق الخناق اكثر فاكثر على رقبة النظام السعودي مما دفع ولي عهده محمد بن سلمان لاول مرة لان يهبط من عنجهيته المعروفة في مؤتمر "دافوس للصحراء"، الذي لاقى غياب شخصيات وشركات عالمية كبرى، ويشيد لاول مرة منذ بدء الازمة الخليجية بدولة قطر واقتصادها والتي بادرها العداء وقاطعها مع الامارات والبحرين ومصر.

خاشقجي والتطبيع سبب التقرب السعودي من قطر

ومن الواضح ان التملق السعودي لقطر يزداد مع ازدياد الضغوط على الرياض في قضية خاشقجي حيث ان قطر تربطها علاقة وثيقة بتركيا التي تكون مسرح جريمة مقتل خاشقجي وتصر على تقديم ابن سلمان للعدالة في الوقت الذي تسعى فيه السعودية الى التضحية بالجميع الا ولي العهد.

هناك سبب آخر يدفع السعودية للتودد الى قطر وهو دورها الاعلامي المتمثل في الجزيرة والقنوات المتعلقة المنتمية الى جماعة الاخوان والممولة من الدوحة، والتي لا تجعل الساعة تمر دون ان تذكر خبرا عن آخر مستجدات اغتيال خاشقجي وضلوع بن سلمان في الجريمة.

واضف الى ذلك رغبة واشنطن في انهاء الازمة بين الدول الخليجية لكي تقوم بالتطبيع بشكل علني مع الكيان الاسرائيلي وتنفيذ اجنداته بدون ان تنشغل بالازمات فيما بينها.

ويتزامن هذا مع ما أكدته "رويترز" في تقرير مطول لها بالاحد، أن السعودية تقاوم دعوات وضغوطات من الولايات المتحدة لإنهاء الأزمة الخليجية وإصلاح العلاقات مع قطر تزامنا مع تطورات قضية خاشقجي، وبعد الضغوط التي آتت ثمارها في اليمن. 

وقالت أربعة مصادر مطلعة، إن واشنطن تعتقد أن لها مزيدا من النفوذ على الرياض الآن، في الوقت الذي تحاول فيه المملكة إصلاح الضرر الذي لحق بموقفها العالمي، وتريد الولايات المتحدة أن تستغل نقطة القوة تلك لإنهاء حرب اليمن وإعادة بناء موقف عربي  موحد لدول الخليج الفارسي لتنفيذ اجندتها في المنطقة وتحجيم ايران بنفع الكيان الاسرائيلي. 

وثمة تحرك بالفعل على إحدى الجبهتين، إذ أوقف تحالف العدوان السعودي هجومه على مدينة الحديدة الساحلية الخميس في استجابة على ما يبدو لضغوط أمريكية وبريطانية، لإعلان وقف إطلاق النار في اليمن بحلول نهاية الشهر الجاري.

وسعى مسؤولون أمريكيون أيضا للتأثير على الرياض فيما يتعلق بخلافها مع قطر منذ مقتل خاشقجي، وهو سعودي كان مقيما في الولايات المتحدة وكان منتقدا لولي العهد السعودي. 

وقال مصدر مطلع على السياسة الأمريكية، “إنهم يستغلون الفرصة لمحاولة إنهاء النزاع القطري”.

اتصالات قطرية سعودية كويتية لعقد القمة الخليجية

لذلك تتدخل واشنطن وتطلب من الكويت القيام بواسطة لتجميع شتات الدول الخليجية وكان آخر هذه النتائج ما أعلنته  الخارجية الكويتية على لسان نائب وزير الخارجية، خالد الجار الله، إن القمة الخليجية المقبلة، التي من المقرر عقدها في العاصمة السعودية يوم 9 ديسمبر، "ستعقد بحضور جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون"، مشيرا إلى أن هذا الأمر يمثل "بادرة تبعث على التفاؤل".

وفي غضون ذلك، ذكرت صحيفة "الرأي" الكويتية نقلا عن مصادر مطلعة أن القمة ستعقد بحضور جميع قادة دول المجلس أو من يمثلهم، من دون تحديد مستوى التمثيل "الخاضع كما في كل مرة لمشاورات اللحظات الأخيرة".

وتمنت المصادر أن تفتح القمة المقبلة صفحة جديدة في العلاقات بين هذه الدول "خاصة وأن المنطقة على أعتاب تطورات تصعيدية في المجال الإقليمي تتطلب وحدة الصف والكلمة".

وأشارت المصادر، حسب الصحيفة، إلى أن "المساعي قائمة على قدم وساق من أجل الوصول الى نقاط مشتركة يمكن البناء عليها لإنهاء الأزمة الخليجية".

ولم تستبعد هذه المصادر إمكانية عقد اجتماعات ولقاءات تمهيدية قبل القمة "حتى ولو من دون إعلان"، تجمع بين مسؤولين رفيعي المستوى من مختلف دول الخليج الفارسي "لوضع مسودة اتفاق للمرحلة المقبلة قائمة على قاعدة المصارحة والمكاشفة".، مشددة على أن جميع القادة الخليجيين "متمسكون بمنظومة مجلس التعاون".

وجرى الإعلان عن مشاركة جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون في قمته المرتقبة بعد أن بعث الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في وقت سابق من الأحد، برسالة شفوية إلى أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. 

في إشارة لمصالحة وشيكة تلوح في الأفق، أكدت صحيفة “الرأي” الكويتية أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، تلقى اتصالين هاتفيين من الملك السعودي وأمير قطر امس الأحد.

وأشارت الصحيفة الكويتية أنه جرى في المكالمتين استعراض القضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية.

الازمة الخليجية وتداعيتها

وتنعقد هذه القمة في الوقت الذي تشهد فيه الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي توترا داخليا كبيرا إثر إعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين بالاضافة الى مصر، يوم 5 يونيو 2017، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر ووقف الحركة البحرية والبرية والجوية مع الإمارة، ما أدى إلى نشوب أزمة سياسية بين البلدان المذكورة بالإضافة إلى حرب إعلامية واسعة. 

واتهمت الدول الـ4 السلطات القطرية بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، في المقابل اكدت قطر أن "هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة.

وتولت الكويت جهود الوساطة الرامية لتسوية هذه الأزمة الخليجية التي خلالها اقيمت قمة مجلس التعاون في ديسمبر 2017 حضرها امير قطر تميم بن حمد آل ثاني  ووزراء خارجية دول المجلس باستثناء الإمارات والبحرين، إذ مثلهما وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، ومساعد وزير الخارجية البحريني يوسف الدوسري.  

وفي 6 نوفمبر الجاري ألقى أمير قطر، خطابا موسعا اعتبر فيه أن استمرار الأزمة يعكس إخفاق مجلس التعاون في تحقيق أهدافه.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستشهد قمة مجلس التعاون المقبلة نهاية الازمة بين قطر ودول المقاطعة بصورة تعكس مدى التفاهم والتعاون بين هذه الدول بينما كانت السعودية قبل اقل من شهرين تتوعد قطر بتضييق الخناق عليها لتركع امامها، فهل قادة قطر سيرحبون بالحضن السعودي المفتوح امامهم بسبب ازمة ام انهم سيعلمون ان هذا التغيير في الموقف مؤقت لان اصابع ولي العهد السعودي تحت ضرس المجتمع الدولي في جريمة خاشقجي واذا ما هدأت الاوضاع ستعود كما كانت عليه سابقا و"تعود ريما لعادتها القديمة"، ام ان هناك تطمينات تلقتها القيادة القطرية من الولايات المتحدة وهل تثق الدوحة بهذه التطمينات وهي المعروفة عنها بالغدر؟ وهل ستضحي قطر بالجزيرة والاخوان من اجل عيون ابن سلمان؟ كل هذه التساؤلات وغيرها من الاسئلة التي تدور في الاذهان سيجيب عنها المستقبل القريب.

*سارا عبدالله