في البحرين.. صوت الحرية لن تصمته الاصوات الحكومية

في البحرين.. صوت الحرية لن تصمته الاصوات الحكومية
الثلاثاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٢٥ بتوقيت غرينتش

بعد أن قامت قوات نظام آل خليفة بقمع الثورة الشعبية في البحرين عام 2011، تزايدت القيود المفروضة على الحريات وتكثّف حظر الاحزاب السياسية المعارضة.. وفي ظل الظروف القمعية التي يعيشها الشعب البحريني دعت المعارضة الى مقاطعة الانتخابات التشريعية القادمة.

العالم - تقارير 

تأتي الانتخابات التشريعية البحرينية المقرر عقدها في الرابع والعشرين من الشهر الجاري في ظل دعوات من المعارضة في الداخل والخارج لمقاطعة الانتخابات، فيما تعيش البحرين أزمة سياسية خانقة منذ العام ٢٠١١ بعد قمع الثورة الشعبية واصدار احكام بالسجن ضد المعارضين واسقاط الجنسية عنهم.

ومُنعت المعارضة من ممارسة العمل السياسي وتم حلّ أبرز الفصائل السياسة البحرينية المعارضة وعلى رأسها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في يونيو (حزيران) ٢٠١٦، وجمعية وعد في مايو (أيار) ٢٠١٧، وجمعية العمل الإسلامي “أم” يوليو (تموز) ٢٠١٢. وأُغلقت بالقوة آخر جريدة مُستقلة في البلاد، جريدة "الوسط".

وصادق ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على منع أعضاء الجمعيات السياسية المعارضة المنحلة، من الترشح للانتخابات النيابية.

الانتخابات الصورية

وكما قاطعت المعارضة المرخصة وغير المرخصة الانتخابات في ٢٠٠٢ و٢٠١٤ والانتخابات التكميلية في ٢٠١١، فقد دعت لمقاطعة الانتخابات المقبلة التي وصفتها بالصورية. 

وقالت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في بيان مطول لها في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) عبر نائب رئيسها الشيخ حسين الديهي: "أنه وبعد تجربة مدتها ١٨ عاما، خلفت كما هائلا من التراجعات الكبيرة على كل المستويات؛ فإننا، ومن منطلق واجب المسؤولية الوطنية، ومع إصرار السلطة على انتهاج ذات الأساليب في تكريس الواقع المأزوم وعدم تحقيق أي إصلاحات حقيقية، وإغلاق الفضاء الديمقراطي، مما أدخل البلاد في دوامة من الأزمات التي أنهكته، نؤكد بأن شعب البحرين لم يجد أمامه من خيار سوى عدم المشاركة واختيار مقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية”.

تيار الوفاء المعارض الذي يقبع قائده عبدالوهاب حسين وراء القضبان محكوما بالسجن مدى الحياة، ربط الانتخابات بالإباء الإلهي كما جاء في كلمة للسيد مرتضى السّندي ممثل التيار في سبتمبر (أيلول) ٢٠١٨ خلال موسم عاشوراء، حيث قال:

”اليوم كثيرٌ من أولئك الذين يبررون مشاركتهم في الانتخابات الصورية الشكلية القادمة يقولون أنه لا طاقة لنا، تعب شعب البحرين، تعب المساجين، تعبت الأمهات، هذا الكلام إذا كان الأمر بيدي وبيدك ولكن هنا الإمام الحسين أشار إلى مسألة في غاية الأهمية وهي إن الإباء الموجود هو من الله سبحانه وتعالى وليس إباء مني ومنك“.

كما غرّد النائب السابق في البرلمان البحريني عن كتلة الوفاق البرلمانية علي الأسود بأنه: ”من حق أي مواطن أن يصوت أو يقاطع وليس للسلطة دور في حجب رأيه إذا كنّا نتحدث عن الديمقراطية وما عدا ذلك هو ترهيب وضغوط تفرضها الدولة البوليسية وقانون أمن الدولة الذي تطبقه الداخلية والعدل في البحرين، ونحن لسنا معنيين بعملية شكلية تصرف عليها الدولة ملايين لغرض تلميع صورة سوداء فقط“.

وأضاف الأسود: ”كمواطن غيور على بلده حريص على الأمن والسلم والتعايش والمساواة، لست مقاطعاً فقط للانتخابات النيابية والبلدية المقبلة في البحرين، بل أدعو للمقاطعة الواسعة ضمن حقي كمواطن معارض يرغب في دولة قانون وعدالة ومساواة بعيداً عن القبلية والتحكم في الرأي والبلاد والعباد بالحديد والنار“.

تعيب المعارضة على البرلمان الحالي كون إحدى غرفتيه ”مجلس الشورى“ هي من المعينيين وليس من المنتخبين، ولهم تقريبا نفس المميزات والسلطات التي لدى النواب من الجانب التشريعي، كما يعيبون عليه عدم تمثيله العادل، حيث أن بعض الدوائر تمثل ٤٠٠٠ آلاف شخص ودوائر أخرى تمثل أكثر من ٢٠ ألفا، كما أن آليات الاستجواب والمحاسبة غير فعالة بحيث لا يستطيع مجلس النواب مسائلة المسئولين بأريحية.

وهو ما عبرت عنه حركة حق التي دعا متحدثها الرسمي الشيخ عبد الله الدقاق بعد يوم واحد من إعلان الوفاق مقاطعتها للانتخابات رغم أن قادة الاثنتين في السجن بتهم مختلفة، والاثنتين ممنوعات من العمل السياسي العلني في البحرين:

“ندعوكم يا شعبنا الكريم في البحرين لموقف قويّ وحاسم، ولا تخيفكم السلطة، قاطعوا هذه الانتخابات، هذه الانتخابات لن تزيدنا إلا بؤساً، وسيزداد الظلم أكثر، هذا البرلمان هو برلمان السلطة، تريد السلطة في البحرين أن تمرّر قوانينها التعسفيّة باسم الشعب عبر هذا المجلس الصوري، نريد أن نظهر للعالم أنّ شعب البحرين يرفض هذا البرلمان وهذه الانتخابات، (.) ندعوكم للمقاطعة”.

تلاه في اليوم ذاته إعلان “علماء البحرين” المحسوب على التيار الشيعي البحريني القريب من آية الله الشيخ عيسى قاسم، اعتبر أن: “الانتخابات الصّورية المزيفة لم تعد تنطلي على أحد في هذا العالم، وإنَّ العقلية المتخلّفة المتحكّمة بالبلد لم ولن تأخذ الوطن إلّا إلى مزيد من التأزيم ولن تخرجه من أزماته أبدًا مالم تتغيّر. إنَّ المشاركة في هذه الانتخابات الظّالمة تعني الاشتراك في الظّلم والاضطهاد للشّعب المسلم، إنّ الأعذار الواهية التي يتشبّث بها البعض لتبرير المشاركة لا تُقبل بأيّ وجه، ولا يستغفلنّ أحدٌ إلّا نفسه”.

لا انتخابات حرة في البحرين بظلّ البيئة القمعية

حيث قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الانتخابات البرلمانية المُقبلة في البحرين، المُقررة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تجري في بيئة سياسية قمعية لن تُفضي إلى انتخابات حُرّة. على حلفاء البحرين تشجيع الحكومة البحرينية على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لإصلاح القوانين التي تُقوّض حرية التعبير والتجمع، وللإفراج عن رموز المعارضة المعتقلين.

وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، لما فقيه: "لا تخلق البحرين الظروف اللازمة لإجراء انتخابات حُرة، من خلال سجنها أو إسكاتها للأشخاص الذين يُعارضون الأسرة الحاكمة، وفرضها لحظر على جميع أحزاب المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة. على البحرين إطلاق سراح المعتقلين السياسيين على الفور، ومُراجعة قراراتها بشأن إغلاق وسائل الإعلام المُستقلة وحلّ الجمعيات السياسية المُعارضة".

في أحدث مثال عن قمع المعارضة السلمية، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، اعتُقل النائب السابق علي راشد العشيري بسبب تغريدة حول مُقاطعة الانتخابات. في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، ألغت محكمة الاستئناف العليا البحرينية التبرئة السابقة لأحد أعضاء المعارضة البارزين، الشيخ علي سلمان، زعيم جمعية "الوفاق الوطني الإسلامية"، أكبر جماعة معارضة سياسية في البحرين، التي حُظرت في عام 2016، وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة (المؤبد) بزعم التخابر لصالح قطر. 

منذ الاحتجاجات المُناهضة للحكومة التي جرت في جميع أنحاء البلاد في عام 2011، اعتقلت السلطات البحرينية أعدادا كبيرة من المُدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والمحامين، وزعماء المعارضة، بتهم الإرهاب أو المساس بالأمن القومي، على الرغم من كونها أعمال احتجاجية سلمية. وتُعتبر قوات الأمن مسؤولة عن تعذيب المُعتقلين السياسيين و سوء معاملتهم على نطاق واسع، وفضّت احتجاجات سلمية بالقوة القاتلة.

وفي هذا السياق قالت هيومن رايتس ووتش إن هناك بواعث قلق ملحوظة تتعلق بحقوق الإنسان في سلوك البحرين على المستوى المحلي، وبالنظر إلى مُشاركتها في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، والذي يرتكب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني. لم يُحقق التحالف بمصداقية في جرائم الحرب المُحتملة، ولم يُقدم أعضاء التحالف، بما في ذلك البحرين، أي معلومات، أو قدموا معلومات غير كافية، حول دورهم في الهجمات غير القانونية المزعومة.

مشروع العريضة الشعبية 

رئيسة الهيئة الوطنيّة للعريضة الشعبيّة في البحرين، مروة حميد توجهت في رسالة مرئيّة بثّتها عبر حساب الهيئة الرسميّ على «تويتر» مراتب الشكر إلى كلّ الشخصيّات والجهات التي أعلنت دعمها مشروع العريضة الشعبيّة عبر مواقفها الصريحة وبياناتها المؤيّدة، قائلة فيها:

"إنّ العريضة الشعبيّة نجحت، قبل انطلاقها، في تشكيل رأي عام حول أهميّة انتخاب المجلس التأسيسيّ في الخروج من الأوضاع المتأزّمة في البلاد، وأكدت أنّ العمليّة السياسيّة القائمة حاليًّا مشوّهة وجوفاء ولا تستند إلى أيّ شرعيّة شعبيّة ودستوريّة".

ودعت حميد إلى المزيد من الالتفاف الشعبيّ مع اقتراب موعد طرح العريضة الشعبيّة المنادية بانتخاب مجلس تأسيسي.

على حلفاء البحرين..

على حلفاء البحرين، بما في ذلك المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، أن يترجموا انتقاداتهم لانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين إلى إجراءات ملموسة، بما في ذلك عدم الموافقة على مبيعات الأسلحة في المُستقبل إلى أن يُطلق سراح جميع البحرينيين المُدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضين الذين يقضون أحكاما بالسجن لمُدد طويلة بسبب التعبير السلمي، ويُحاسب المسؤولون وضباط الأمن الذين أمروا أو شاركوا في التعذيب المُستشري أثناء الاستجواب منذ عام 2011.

على حلفاء البحرين أن يتوقفوا عن تزويد البلاد، وأطراف الصراع الأخرى في اليمن، بالأسلحة، طالما يطرح استخدام هذه الأسلحة مخاطر كبيرة في ارتكاب، أو تسهيل ارتكاب، انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان.

على البحرين إلغاء التعديلات على قانون مُباشرة الحقوق السياسية، والسماح لمرشحي المعارضة بخوض الانتخابات.

كما على الحكومة الإفراج عن أي أحد اعتُقل تعسفا، بمن فيهم المعتقلون بسبب مُمارستهم لحقوقهم الأساسية، مثل الشيخ علي سلمان ونبيل رجب، وإعادة الاعتراف بوسائل الإعلام المُستقلة التي تم إغلاقها والجماعات السياسية المُعارضة المنحلّة.