حليف قديم أم صديق جديد..أي منهما يختاره ابن سلمان بإجتماع أوبك؟ 

حليف قديم أم صديق جديد..أي منهما يختاره ابن سلمان بإجتماع أوبك؟ 
الخميس ٠٦ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠١:٣٦ بتوقيت غرينتش

سيشكل اجتماع وزراء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” الذي سيبدأ أعماله في فيينا اليوم الخميس تحديا ربما هو الأضخم بالنسبة إلى السعودية، ومحمد بن سلمان، حاكمها الفعلي.

العالم - السعودية

وسيجد بن سلمان نفسه مضطرا للاختيار بين حليف قديم هو الرئيس دونالد ترامب، الذي يعارض أي خفض للإنتاج وإبقاء الأسعار منخفضة، أو صديق جديد وهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان الوحيد الذي استقبله بحرارة أثناء قمة العشرين، ويطالب بخفض الإنتاج بأكثر من مليون برميل لإعادة الأسعار إلى مستواها المرتفع الذي وصلته في تشرين أول (أكتوبر) الماضي، أي 86 دولارا للبرميل.

إرضاء بوتين قد يعني إغضاب ترامب، والعكس صحيح، ولكن إثارة غضب الرئيس الأمريكي ربما يكون مكلفا جدا لولي العهد السعودي خاصة في ظل التداعيات الخطيرة المترتبة على جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ووقوف ترامب في خندق الأمير بن سلمان مدافعا عنه، ورافضا نتائج تقرير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الذي حمله مسؤولية اتخاذ القرار بتنفيذ هذه الجريمة.

الرئيس ترامب جدد دعوته الأربعاء إلى عدم خفض الإنتاج، ويراهن على دور المملكة العربية السعودية، الدولة الأكبر إنتاجا (10.3 مليون يوميا) للقيام بدور كبير داخل المنظمة لتلبية هذه الدعوة، وإقناع الدول الأخرى بالقبول بها، وخاصة روسيا الدولة الأكبر إنتاجا خارجها (تنتج 10.05 برميل يوميا)، ورئيسها بوتين.

أسعار النفط انخفضت حوالي 30 بالمئة خلال الشهرين الماضيين، من 86 دولارا إلى 60 دولارا، والسبب الرئيسي هو ضخ المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى مليون وثلاثمائة ألف برميل يوميا لتعويض أي نقص راجع إلى تراجع الصادرات الإيرانية بسبب العقوبات تلبية لطلب الرئيس ترامب الذي اتصل بالملك سلمان وطلب منه ذلك رسميا، ووجد تجاوبا فوريا، وتباهى بذلك علنا.

الرئيس ترامب الذي يريد أسعارا منخفضة للطاقة، لاستمرار حالة الازدهار الاقتصادي الذي جرى تحقيقها في العامين الماضيين من حكمه، على أمل صد المعارضة القوية التي يواجهها وتريد عزله، ووقف انخفاض سفينة حزبه الجمهوري، أو الحيلولة دون انتخابه، لفترة ثانية على الأقل، ترامب يعتقد أن خفض إنتاج النفط من قبل الدول المنتجة داخل “أوبك” وخارجها سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار مما قد يتسبب بخنق الاقتصاد العالمي، والأمريكي بالذات، الذي يحتاج إلى أسعار “معقولة” لكي يتجنب الانكماش، وارتفاع معدلات التضخم.

وما يزيد الموقف السعودي صعوبة وتعقيدا أن معظم الدول المنتجة للنفط داخل أوبك وخارجها، لا تطالب فقط بخفض الإنتاج لزيادة عائداتها المالية، وإنما لأنها تعتقد اعتقادا راسخا أن نسبة الانخفاض الأكبر يجب أن تأتي من السعودية التي أغرقت الأسواق بالكميات الإضافية.

أي إصرار للمملكة، المنتج الأكبر للنفط على عدم خفض الإنتاج، أو خفضه بكميات أقل من المطلوب، سيؤدي إلى زيادة حدة حالة التذمر داخل الدول الأعضاء في منظمة “أوبك” التي تتطلع إلى عوائد أكبر، وربما يؤدي إلى انسحابات أخرى على غرار الانسحاب القطري الذي جرى الإعلان عنه رسميا قبل يومين، مما يزيد من احتمالات تراجع أهمية المنظمة “أوبك” وفقدانها السيطرة على الأسواق، وربما بدء انفراط سبحتها كمقدمة لانهيارها.

التسريب الأهم الذي رجح عن الاجتماع العلني والمهم بين الرئيس بوتين والأمير بن سلمان على هامش قمة العشرين يوم الجمعة الماضي، أكد توصل الرجلين إلى اتفاق بحتمية تخفيض إنتاج النفط، والعودة إلى معدلاته التي جرى التوصل إلى تحديدها أثناء لقاء الجزائر في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، أو الحصص المقررة عام 2016 على الأقل، بين المنتجين داخل “أوبك” وخارجها، والسعودية وروسيا على وجه التحديد.. والسؤال الأهم هو عما إذا كان هذا الاتفاق سيتكرس رسميا في اجتماع فيينا الموازي وكم سيكون حجم الانخفاض وكيفية توزيعه؟ أم سينهار نتيجة إعطاء السعودية الأولوية لموقف ترامب؟

ثلاثة أشخاص يملكون الإجابة على هذا السؤال الآن، هما الرئيسيان بوتين وترامب، وثالثهما الأمير محمد بن سلمان، وعلى ضوء هذه الإجابة، ستتغير الكثير من المعادلات الحالية، خاصة على صعيد جريمة اغتيال خاشقجي والموقف النهائي للرئيس ترامب تجاهها.

باختصار، هل سيضحي الأمير بن سلمان بحليفه القديم ترامب، أم صديقه الجديد بوتين؟ أم يحاول إيجاد صيغة وسط تجنبه غضبهما؟

لا نعتقد أن التوصل إلى حل وسط سهل التوصل إليه، أو حتى مرحب به من قبل الأغلبية، ولكنه غير مستبعد نهائيا، وحدوث مفاجآت قد يكون واردا أيضا.. والله أعلم.

عبدالباري عطوان/راي اليوم