اوبك تتحدى ترامب..هل تتنازل الرياض عن حليفها القديم لصالح صديقها الجديد؟

اوبك تتحدى ترامب..هل تتنازل الرياض عن حليفها القديم لصالح صديقها الجديد؟
الخميس ٠٦ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٧:١٠ بتوقيت غرينتش

بدأت دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) اجتماعها في فيينا الخميس للاتفاق على خفض في الإنتاج يهدف الحد من تراجع الأسعار، ولم تتردد في تحدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

العالم -تقارير

وحسب مندوب في منظمة أوبك فإن المناقشات ستستمر غدا الجمعة مع المنتجين المستقلين.

وتتفق الرياض وطهران ضد الرئيس الأمريكي في أوبك حيث قوبلت مطالبة ترامب أوبك بعدم خفض الإنتاج، برفض سعودي وتهكم إيراني.

وفي تأكيد على رفض إملاءات ترامب على منظمة أوبك، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن واشنطن "ليست في موقع يسمح لها بإملاء رغباتها على أوبك" مضيفا في تصريح لافت، قبل اجتماع لـ”أوبك” في فيينا، الخميس: "لا أحتاج إلى إذن أحد لخفض الإنتاج".

ورأى الفالح أن الخفض بمقدار مليون برميل يوميا مرغوب فيه، دون أن يحدد ما إذا كان هذا الخفض سيحيد عن مستوى الأهداف التي حددت في نهاية 2016 أو عن حجم إنتاج المجموعة في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني.

وأشار إلى أن هذا الخفض الذي قد يتقرر خلال الاجتماع "يجب أن يتم توزيعه بالتساوي بين الدول الأعضاء" وفق النسب المئوية لإنتاجها.

وبعدما أكد وزير النفط الإيراني بیجن زنكنه أنه يعارض خفض إنتاج بلاده بسبب الحظر الأميركي، سخر أيضا الخميس من تغريده ترامب وقال "إنها المرة الأولى التي يقول فيها رئيس أمريكي لأوبك ماذا عليها أن تفعل".

وأضاف: "عليهم أن يعرفوا أن أوبك منظمة مستقلة، مؤكدا أنها ليست فرعا من وزارة الطاقة الأمريكية لتتلقى الأوامر من واشنطن.

وكشف عن وجود العديد من المقترحات لخفض إنتاج النفط، وأنه "يجب على أعضاء أوبك الذين يريدون خفض إنتاجهم أن يقرروا ذلك، مبينا ان السعر المناسب لبرميل النفط يتراوح بين من 60 إلى 70 دولارا".

وكان ترامب قد دعا، الأربعاء، في تغريدة على تويتر الدول الأعضاء في أوبك، إلى عدم خفض الإنتاج، معتبرا أن أسعار النفط العالمية يجب أن تظل منخفضة.

وكثيرا ما شكا ترامب من أوبك هذا العام لان ارتفاع أسعار النفط الخام يؤدي إلى زيادة أسعار الوقود في اميركا.

يذكر أن الخارجية الأمريكية أكدت أنباء متداولة حول لقاء جمع بين وزير الطاقة السعودي والمبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران بريان هوك، في فيينا، الأربعاء، رغم نفي وزارة الطاقة السعودية. وأثار هذا اللقاء مخاوف من مدى الضغوط الأمريكية التي تمارس على الرياض لوقف خفض الإنتاج، منعا لارتفاع أسعار النفط.

وكانت مصادر وكالة رويترز أشارت إلى أن لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بين أوبك وحلفائها ومن بينهم روسيا اتفقت على ضرورة خفض إنتاج النفط العام المقبل، مضيفين أن المناقشات جارية بخصوص حجم التخفيضات ومستوى الأساس لها، إذ يأتي ذلك على الرغم من ضغوطات ترمب التي تهدف إلى خفض أسعار النفط.

وتأتي ضغوط ترامب في وقت قال فيه وزير النفط العماني أن الجميع اتفق على حاجة لتخفيضات في الإنتاج ويتم مناقشة حجم هذه التخفيضات.

واضاف إن أوبك والمنتجين المستقلين قد يوافقون على خفض الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا في الاجتماع المرتقب، مشيرا الى أن هذا الرقم هو أكثر بقليل من 1% من الإنتاج العالمي، وفق وكالة بلومبيرغ.

وتوقعت وزارة النفط الكويتية على حسابها في تويتر أن يتم التوقيع على اتفاق تعاون طويل الأجل بين "أوبك" ومنتجي النفط من خارجها.

كما قالت وكالة تاس الروسية للأنباء إن أوبك وشركاءها قد يعودون إلى حصص إنتاج 2016 من خلال خفض إنتاج النفط بأكثر من مليون برميل يوميا.

وتوقع وزير النفط الجزائري السابق استقرار أسعار خام برنت قرب 70 دولارا للبرميل عقب اجتماع فيينا المرتقب، بحسب حديث لوكالة الأناضول.

وأكد وزير النفط العراقي ثامر الغضبان الخميس، على تفاؤله بشأن التوصل لاتفاق حول تقليص الإنتاج، مشيرا إلى عدم وجود رقم معين لخفض الإنتاج.

وقال الوزير، في تصريح قبل بدء قمة أوبك، "أنا متفائل بتحقيق الاتفاق، وانه سيوفر استقرار السوق". وأشار إلى أنه "ليس هناك رقم معين لخفض الإنتاج وأن الحديث يدور حول خفض بواقع 1.3 مليون برميل".

هذا فيما قال مايكل كوهين أحد المحللين في مجال الطاقة في تقرير تحليلي ورد في موقع قناة CNBC أن العراق يمكن أن يكون البلد التالي للانسحاب من أوبك بعد قطر، مضيفا "ان العراق لم يكن موفقا في تحقيق نسبته المنشودة من تصدير النفط بشكل متكرر، لذلك اذا كانت القيود على خفض الانتاج صارمة جدا ، قد يشعر العراق ان من مصلحته ان لا يبقى عضوا في المنظمة"، على حد تعبيره.

ويتوقع معظم المحللين إعلانا عن خفض في الإنتاج يبقى حجمه مجهولا، بهدف تحسين سعر النفط الذي بات يبلغ حوالي 60 دولارا لبرميل برنت المرجعي الأوروبي.

وفقدت أسعار النفط 26 دولارا ما بين مطلع أكتوبر/تشرين الأول ومطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث هوت من 86 دولارا للبرميل وهو أعلى مستوى منذ خريف 2014، إلى 60 دولارا بداية الشهر الجاري.

وذكر محللون في مجموعة كوميرتسبنك في وقت سابق الخميس أن" لروسيا دورا أساسيا تلعبه في هذا الإطار (خفض الانتاج)".

وصرح وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك الذي سيحضر اجتماع الجمعة في فيينا، الخميس في سان بطرسبورغ أن "الأحوال الجوية” خلال فصل الشتاء الروسي "تجعل من الصعب على روسيا الخفض أكثر من دول أخرى، ملمحا بذلك إلى أن جهدا روسيا في هذا الاتجاه قد لا يأتي إلا في وقت لاحق.

ورأى المحلل ستيفن برينوك من مجموعة الوساطة اللندنية "بي في ام" أن الاتفاق حول خفض جديد شبه "مبرم مسبقا". وأضاف أن سيناريو معاكسا سيؤدي إلى "موجة بيع بكميات كبيرة وسيضمن عودة إلى الفائض العالمي من النفط. النقطة المجهولة الوحيدة في هذه المرحلة هي حجم تخفيض الانتاج".

العقبات والمخارج المحتملة

ويكمن جوهر الموضوع في كيفية تخفيض الإنتاج وإيجاد الآلية لهذا الخفض وصياغة بيان ختامي لأوبك لا يستعدي الرئيس الأميركي.

آلية الخفض كيف سيتم تحديد الحصة لكل دولة وعن أي مستوى سيتم الخفض عنه وهل سيتم احتساب فنزويلا وإيران ضمن نسب الالتزام أم سيتم استثناؤها. لأنه إذا تم استثناؤها من نسب الالتزام فهذا يسهل عملية خفض الإنتاج لباقي الأعضاء وتحديدا السعودية والإمارات التي زادت إنتاجها خلال الأشهر الماضية.

ويحاول ترامب خفض أسعار البنزين في أميركا، ولكن من جانب آخر استمرار تراجع أسعار النفط يضر بصناعة النفط الصخري الأميركي فبالتالي صافي الأثر من انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد الأميركي هل سيكون إيجابيا أم سلبيا.

كما ستؤثر أسعار النفط الأميركي عند الـ50 دولار وأقل من ذلك سلبا على بعض جوانب الصناعة النفطية الأميركية. والتعقيد يكمن في أن البيان الختامي الذي يجب أن يحاول وقف التراجعات في الأسعار من جانب ومن جانب آخر لا يستعدي الولايات المتحدة الأميركية.

وكل هذه المسائل، بالإضافة إلى آلية خفض الإنتاج ما يترقبه الجميع في الصياغة التي سيخرج بها بيان أوبك الختامي.

ويرجح محللون خفضا كبيرا للإنتاج، رغم الضغوط التي يمارسها الرئيس الأمريكي، وقالت مجموعة "يوراسيا" في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، إنها تتوقع اتفاقا بين أوبك وروسيا لخفض الإنتاج بـ1.5 مليون برميل يوميا.

وقال التقرير: "رغم عدم سهولة المناقشات، ستنجح السعودية في حشد أوبك وشركائها لخفض الإنتاج"، وقالت السعودية الشهر الماضي إنها ستخفض إنتاجها اليومي في ديسمبر/كانون أول بـ500 ألف برميل، وضخت المملكة 10.6 مليون برميل يوميا في أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن تزيد الانتاج عن هذا المستوى في نوفمبر/تشرين الثاني.

على جانب آخر، يرى محللون أن السعودية قد تسعى إلى خفض متواضع، في محاولة للموازنة بين مصلحة أعضاء أوبك وما يريده ترامب، الذي شكر السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على إبقاء أسعار النفط منخفضة، بعد يوم واحد فقط من الإشارة إلى أنه لن يتخذ إجراء قويا ضد المملكة بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

هذا وعلق الكاتب والصحفي الشهير عبد الباري عطوان في افتتاحية صحيفته راي اليوم على هذا الموضوع وكتب: "اجتماع وزراء "أوبك الذي بدا أعماله في فيينا الخميس تحديا ربما هو الأضخم بالنسبة إلى السعودية، والأمير محمد بن سلمان، حاكمها الفعلي، لأنه سيجد نفسه مضطرا للاختيار بين حليف قديم هو الرئيس دونالد ترامب، الذي يعارض أي خفض للإنتاج وإبقاء الأسعار منخفضة، أو صديق جديد وهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان الوحيد الذي استقبله بحرارة أثناء قمة العشرين، ويطالب بخفض الإنتاج بأكثر من مليون برميل لإعادة الأسعار إلى مستواها المرتفع الذي وصلته في تشرين أول (أكتوبر) الماضي، أي 86 دولارا للبرميل. إرضاء بوتين قد يعني إغضاب ترامب، والعكس صحيح".

ولا تزال الضغوط الدولية على السعودية قوية، حيث قال السيناتور الأمريكي بوب كوركر، الثلاثاء، إنه يعتقد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ضالع في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

ومع ذلك، قد لا يكفي خفض المليون برميل يوميا أو أقل لاستقرار السوق الذي يعاني من تخمة في المعروض، وقال وارن باترسون، الخبير الاستراتيجي في السلع بـ ING: "هذا محبط، أعتقد ألا يكون كافيا لموازنة السوق خلال النصف الأول من 2019".

وبينما يعتقد المحللون أن النتيجة الأقل احتمالا هي عدم توصل أوبك إلى خفض الإنتاج، قال الأمين العام للمنظمة، محمد باركيندو، لـCNN في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن الأعضاء يتحدثون لضمان التوافق قبل اجتماع فيينا.