هل تنسحب قطر من التعاون كما فعلت مع أوبك؟

هل تنسحب قطر من التعاون كما فعلت مع أوبك؟
الجمعة ٠٧ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٩:٢٤ بتوقيت غرينتش

أثار القرار القطري بالانسحاب من منظمة أوبك ابتداء من يناير العام القادم 2019، الكثير من التساؤلات وقبلها الدهشة.

العالم . مقالات وتحليلات

وراحت كثير من الجهات المعنية بالتحليلات السياسية والاقتصادية، تبحث ما وراء هذا القرار الذي يأتي قبيل اجتماع مهم للمنظمة، وذهبت أكثر التحليلات على أن القرار سياسي، فيما آراء أخرى ترى أن الأمر لا يخرج عن خطط استراتيجية مسبقة لتوسيع قدرة قطر على تنويع استثماراتها، والتركيز على المادة المستقبلية للطاقة وهي الغاز الطبيعي، باعتبار الاحتياطات الضخمة التي لديها، والتي تحتاج إلى توجيه كثير من الوقت والجهد والمال، بدلا من تبديدها في منظمة مثل أوبك، التي حادت في الآونة الأخيرة عن خطها المرسوم، وصارت عبئا على غالبية الأعضاء، حتى بدت كأنما تعمل في سبيل تحقيق مصالح البعض القليل فيها وآخرين خارجها، على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.

على الرغم من قناعة متخذ القرار القطري بأن قطر في المنظمة ليست بتلك العضو المؤثر، باعتبار حصتها من الإنتاج التي لا تتعدى 2 بالمائة مقارنة بأعضاء آخرين، وأن القرار ليس بقصد إلحاق الضرر بالمنظمة.. إلا أنه، وكما في الآية الكريمة (يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم) تعالت أصوات بعض دول الحصار واعتبروه قرارا سياسيا موجها تجاههم بقصد الإضرار بمصالحهم بصورة وأخرى، وهم بعدُ لايزالون في خطط الإضرار بقطر ومصالحها على جميع الأصعدة!

ما يهمنا اليوم أن قرار الانسحاب من منظمة أوبك، أعاد للأذهان مرة أخرى فكرة مطروحة على المستوى الشعبي في قطر، وما زالت متوهجة لا تخفت منذ بدء الحصار ومتمثلة في الانسحاب من مجلس التعاون الخليجي، الذي لم يحرك ساكنا في الأزمة، بل تحول في السنوات الأخيرة إلى منظمة شبيهة بأوبك.. لاعب واحد يحاول أن يسيطر على قرار المجموعة، ويرغب في توجيه الكيان وفق رؤيته وسياساته ومصالحه قبل الآخرين.. وقد ثبت هذا على أرض الواقع خلال الحصار الذي لا زال مستمرا، والذي لا يزال المجلس ساكنا لا يتحرك، لأن أي تحرك سيكون بناء على رغبة العضو المسيطر وهو هنا دون كثير شرح، السعودية.

قرار الانسحاب من أوبك إذن، أشعل الحماسة في نفوسنا كقطريين، وبدأت فكرة الانسحاب من مجلس التعاون تتوهج أكثر فأكثر، ولذا ترى القطريين وقد نشطوا - وما زالوا - على وسائل التواصل المختلفة، يدعون قيادتهم إلى اتخاذ قرار مشابه، والإعلان عن الانسحاب من المجلس، الذي إن لم تحركه أزمة استراتيجية خطرة غير مسبوقة في تاريخه كالحصار، فهو بالتالي لن يحركه أي أمر آخر، ومن ثم صار البقاء فيه نوعا من تبديد الوقت والجهد.. هكذا ينطق لسان حال المجتمع القطري.

ما يشجع ويدفع هذا التوجه الشعبي القطري هو ذاك الفهم والوعي الذي حدث بعد الأزمة بأشهر قليلة، وثبت فعليا أن هذا الكيان قد فقد دوره كثيرا، وسلبيته بلغت حدا غير مسبوق خلال الأزمة، كانت آخرها حين تم تجاهل القمة السابقة في الكويت بشكل لا يمكن تبريره، حين لم يحضر من القادة سوى أميري الكويت وقطر، فيما قللت دول الحصار مستوى التمثيل ليصل بأحدهم أن يمثله وزير دولة!

ما قاله الأمير في إحدى خطبه بأن "استمرار الأزمة الخليجية كشف إخفاق مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهدافه وتلبية طموحات شعوبنا الخليجية" إشارة إلى مدى الاستياء القطري على المستوى الرسمي قبل الشعبي تجاه هذا الكيان، الذي هرم قبل أن يبلغ الأربعين من عمره، وصار في الوجدان القطري أنه لم يعد لوجود قطر في هذا الكيان أي حاجة، والانسحاب منه لن يضر قطر أكثر مما لحق بها من أضرار نتيجة الحصار..

المراقبون للشأن الخليجي وجدوا أن تصريحات وزير الخارجية القطري مؤخرا أمام مجلس العلاقات الخارجية أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة، بأن "مجلس التعاون الخليجي افتقد القدرة على التأثير، ومن غير المرجح أن يسترد دوره مستقبلا في ظل الوضع الحالي" هو إشارة قطرية أخرى للعالم مفادها بأن مستقبل هذا المجلس غامض، مضيفا أن " ما يحدث لمجلس التعاون الخليجي أمر مؤسف لأنه كان أكثر الهياكل استقرارا في المنطقة.. لكن عندما فُرض الحصار على قطر تغيرت نظرة المواطنين والمجتمع الدولي تجاه مجلس التعاون، ويبيّن ذلك كيف أصبح المجلس أداة غير مؤثرة ".

هكذا إذن صارت نظرة قطر الرسمية والشعبية لمجلس التعاون الخليجي.. كيان غير مؤثر، وبالتالي البقاء فيه هدر للوقت والجهد وكذلك المال، والتوجه نحو بناء تحالفات أخرى أكثر فاعلية، أجدى وأنفع..

فكيف سيكون مظهر القمة القادمة بالرياض، والكويت بعد لم تنس ما حدث لقمتها العام الماضي، ومسقط التي لم تتحمس للقمة في دارها بل رمتها إلى دار المقر لأي سبب كان، فيما الرياض تعيش أزمة دولية عميقة خانقة، تبحث عن أي حل أو ماسح يمسح بعض ما تشوه من صورتها أمام العالم، فيما وصلت القناعات بقطر تجاه المجلس درجة تكاد تتخذ قرارا لا يختلف عن قرار الانسحاب من أوبك، وخاصة أن الرأي العام القطري دافع للقيادة وبشدة لاتخاذ مثل هذا القرار، الذي يعتقد أنه تأخر كثيرا..

فهل نتوقع مفاجأة قطرية قبل الأحد القادم موعد انعقاد قمة الرياض؟

التوقعات كلها تشير إلى أنه لا سيناريو محددا يمكن استبعاده في منطقة زاخرة بالكثير من المفاجآت.

* عبدالله العمادي ـ عربي 21