روح الله الموسوي الخميني .. شمس لن تغيب

روح الله الموسوي الخميني .. شمس لن تغيب
الجمعة ٠٣ يونيو ٢٠١١ - ٠١:٠٨ بتوقيت غرينتش

في الرابع عشر من خرداد (3حزيران ) عام ( 1989 ) رحل الإمام الخميني (ره) إلى جوار ربه.

 فأن غاب روح الله الموسوي الخميني .. فلم تزل روحه تنبض في جسد الامة ، تمنحه القوة والعزيمة .. غاب روح الله .. ولم تزل روحه الطاهرة تظلل المحرومين بفيئها الطاهر .. غاب روح الله .. ولم تزل نظراته تستشرف آفاق الزمن لتهب کل الطامحين والآملين مزيدا من التفاؤل والامل .. غاب روح الله .. ولم يغب ذلک العنفوان والاباء والشموخ ومازالت الحناجرتنادي کل يوم بروحه وتعيش على مائدة عرفانه وتستطلع مستقبلها من خلال عينية .. غاب روح الله ... ولم تزل بسمته تناغي الاجيال تجللهم بالدفء والسکينة .. سيدي فانت شمس لاتغيب .. فان غيبک عنا رحيلک الى خالقک .. فان روحک معنا کل لحظة .. فالشمس لن تغيب وانها باقية مادامت السموات والارضين باقية .. ترسل الدفء والامل والحياة للبشرية جمعاء .     

تمر بنا هذه الأيام الذكرى السنوية لرحيل الإمام الخميني رضوان الله عليه، و لا يصح أن تمر الذكرى مرورا عابرا، فالإمام الخميني ليس الإنسان العابر في تاريخ هذه الأمة، كان الوجود المتجذر، و كان المنعطف الكبير، و كان الحدث المتميز في هذا العصر، لقد عشقته ملايين القلوب، و انجذبت إليه ملايين الأرواح..لماذا؟؟ ليس لأنه مجرد فقيه يرتدي عمة سوداء تعبر عن انتمائه إلى الذرية النبوية الطاهرة، فالفقهاء كثيرون كثيرون، و المنتمون إلى الذرية النبوية كثيرون كثيرون، غير أن الإمام الخميني نمط خاص من الفقهاء، ونمط خاص من المنتمين إلى النسب المبارك.

أي سر يملكه هذا الإنسان العظيم؟ .

كل من التقى الإمام الخميني يدرك أي هيبة ربانية متميزة يحملها هذا الرجل، حينما يجلس، حينما يمشي، حينما يتكلم، رغم أن الذين يشاهدون الإمام الخميني في التلفاز يستشعرون هذه الهيبة، إلا أن الذين يلتقونه مباشرة هم الأقدر على الإحساس بتلك الهيبة الربانية التي تفرض نفسها على القلب و الوجدان و على كل المشاعر.

من مظاهر هيبة الإمام الخميني انك لا تستطيع أن تحدق في عينيه و أنت تجالسه . كل شيء في الإمام الخميني يجسد الهيبة، حتى صمته يحمل الهيبة، عُرف عنه انه كثير الصمت، و لكن إذا فرضت الوظيفة الشرعية أن يتكلم، كان المتحدث الصلب و كان المتكلم البليغ، لا تستهويه رغبة الحديث كما تستهوي الكثيرين ممن ينزعون إلى الشهرة و التباهي ، الكلمة عند الإمام رسالة ومسؤولية و ليس رغبة و طموح و شهوة.

كان "الصامت" و في صمته تأمل، و في صمته تخطيط، و في صمته جهاد، تحدث احد ملازميه عنه فقال: "كان الإمام قليل الكلام، لكن إذا تكلم كان كلامه جامعا شافعا، و عموما فإن من صفاته البارزة الصمت إلا في موارد الضرورة" .

و قال عنه احد مريديه: "كان الإمام وقورا رزينا هادئا، إذا جلس التزم الصمت و السكوت مهما طال جلوسه مالم يكلمه احد فيجيبه" .

و قال عنه احد العلماء الكبار: "زرت الإمام في بدايات إقامته في النجف الاشرف فوجدته ذا هيبة مميزة، يلتزم عادة الصمت في المجلس إلا أن يسأله أحد سؤالا فيجيبه" .

و قال عن أحد المقربين منه: "امتاز الإمام بحالة خاصة من الوقار و السكينة و الهيبة المقترنة بغاية التواضع، و كان صامتا قليل الكلام في معظم أوقاته، لا يتكلم إلا بمقدار الضرورة، و كلامه كان محسوبا بدقة، و موزونا و قصيرا، و كان في غير اللقاءات العامة التي يخطب فيها يقلل الكلام و يكثر التفكر، تراه متفكرا في جميع أحواله، و يستفيد من أوقاته بأقصى مقدار ممكن" .

هنا نطرح هذا السؤال: ما سر هذه الهيبة الربانية عند الإمام؟، إنه الارتباط الحقيقي مع الله سبحانه، انه الذوبان و الانصهار و العشق الإلهي.. إنه الصدق و الإخلاص و الفناء في الله..إنه السمو الروحي..إنه الطاعة المتناهية في خط الله..إنه الإرادة و الصمود و الشموخ من أجل الله..إنه الجهاد و العطاء و التضحية في سبيل المبدأ و الحق.

كان الشعب الإيراني له الحق في إيجاد هذه الضجة الكبيرة التي لم نر مثيلاً لها في التاريخ . لقد فقدوا شخصاً أعاد لهم العزة المسلوبة ، قطع أيدي الطغاة و الحكام الظالمين و الأمريكيين ، أحيا الإسلام ، أعطى العزة للمسلمين ، أنشأ الجمهورية الإسلامية ، وقف أمام كل القوى الجهنمية و الشيطانية في العالم و صمد عشر سنوات أمام مئات الفتن و الثورات و الحكومات الخارجية و أدار 8 سنوات الجبهة الدفاعية أمام عدو كان مدعوما من قبل قوتين عظيمتين في الشرق و الغرب .

كان قد فقد الشعب الإمام و المرجع الديني و المنادي للإسلام المحبب لديهم .

من الممكن أن الأشخاص الذين كانوا غير قادرين على فهم و إدراك هذه المفاهيم ، لم يستطيعوا تفسير المشاهد التي صنعت في مراسم تشييع الإمام الخميني (ره) و موت العشرات من الناس من شدة الإزدحام الذي لم يستطيعوا تحمله و الذين نقلوا على أكف أيدي جموع الشعب المحتشدة إلى المستوصفات . و لكن الذين يدركون العشق لا يواجهون هذه المشكلة .

حقيقة كان الشعب الإيراني يعشق الإمام و كم كانت الشعارات و النداءات جميلة عندما قالوا : حب الإمام هو حب كل المحاسن .

 أيها المقدس بالأسرار لا زلنا نحيي ذكراك في كل عام  .. ونجدد عزيمتك في كل آن ونلمس طيفك مع كل الأحزان...لا زلنا يا سيدي نبكي نزولك على ارض إلمطار فرحا وننظر إليك .. ونحن نسمعك في بهشت زهراء شوقا وتنهمر دموعنا كلما شاهدناك في جماران وجداً... لا زلنا نعشق وجهك الذي اضاء على كل العالمين وسطع في قلوب المؤمنين وأعاد لهم سيرة الطاهرين(ع)... لا زلنا نستمد من قوتك في مواجهة الكافرين وندرس من حزمك في مقارعة المتجبرين فسيرتك صارت منهاجا للصالحين وكدحك اضحى وجها صادقا لحقائق الدين...

اللهم إنا نشهد ونحن نعيش ذكرى رحيله أنه قد جاهد فيك حق الجهاد وبلغ عن نبيك حق البلاغ حتى اتاه اليقين...اللهم إنا ندعوك وانت الحجة علينا ان لا نغفل بعد رحيله عن اهدافه الكبرى.. ونسألك ان تمن علينا ببركات هدايته العظمى فانه قد خرج للقاء الغائب المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ومهد له بكل ما اوتي من قوة وجعل دماء الشهداء والصالحين تسيل في قناة العشق للمحبوب الأول لتسقي شجرة الاسلام السامية ، وان تحفظ قائد الثورة سماحة السيد علي الخامنئي ذخرا للامة ونورا في فى دياجير الظلام وان تمن على المسلمين بالنصر والعزة انک سميع مجيب .

كلمات دليلية :