قصة الجاسوس الصهيوني واهدافه لزرع الفتنة

قصة الجاسوس الصهيوني واهدافه لزرع الفتنة
الإثنين ٢٠ يونيو ٢٠١١ - ٠٣:٠٣ بتوقيت غرينتش

تاتي قضية الجاسوس الاسرائيلي إيلان تشايم جرابيل والذي قد تم القبض عليه في القاهرة للاجابة على السؤال الذي كان يطرحه العديد من الخبراء والسياسين حول العلاقات المصرية الاسرائيلية في فترة ما بعد مبارك والثورة المصرية الاخيرة هل سيسودها التوتر ام سيبقى الوضع على ما هو عليه فاصبح واضحا للعيان الان ان العلاقات المصرية الاسرائيلية في طريقها الى الانهيار والى مزيد من التوتر والسخونة.

فالاعلان عن هذه القضية في هذا الوقت بالتحديد يحمل العديد من الدلالات وايضا العديد من علامات الاستفهام ومن تلك الدلالات الرسالة القوية التي توجهها المخابرات العامة المصرية الى اسرائيل والى كل من يعبث بامن مصر ان الذي انهار في مصر بعد الثورة هو الجهاز الامني الداخلي وليس كل الاجهزة الامنية المصرية والتي في رايي انها كانت تعمل قبل وبعد الثورة المصرية واظن ان القبض على هذا الجاسوس ما هو الا استكمال لعمل المخابرات المصرية في القبض على فلول شبكة التجسس الدولية والتي سبقت وقد اعلنت مصر عن اعتقال احد افرادها والذي ادى الى تفكيك تلك الشبكة الدولية التي كانت تعمل في كل من مصر وسوريا .

والدلالة الثانية ان اسرائيل تسعى وبكل قوة الى جعل مصر بؤرة للتوتر والصراع الطائفي وهو ما يخدم اهدافها فطالما كانت مصر بعيدة عن الاستقرار وفي حالة من التوتر الدائم فهذا يساعد اسرائيل اولا على كسب مزيد من الوقت لاعادة ترتيب اوراقها حيال الثورة المصرية التي قلبت جميع موازين القوى في المنطقة راسا على عقب وعلى جانب اخر ربما ينجح مشروعها في تاجيج الصراعات الداخلية وتقسيم مصر الى دويلات صغيرة تكون غير قادرة على الريادة وانما هدفها الرئيسي التصارع فيما بينها كما ان خوف اسرائيل من وصول الاسلاميين الى الحكم جعلها في حاجة الى مزيد من المعلومات الميدانية عنهم وعن تحركاتهم وتجنيد بعض العناصر منهم لكي يكونوا في قلب الحكم من جديد كما كانوا في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك ولعل تلك هي المهمة الابرز التي كان مكلف بها الجاسوس الاسرائيلي ولقد حاولت اسرائيل التنصل من الامر ونفيه حتى الجاسوس نفسه نفى هذا الاتهام بقوله ان اسرائيل لا تحتاج لارسال ضابط مخابرات من اجل جمع مثل هذه المعلومات وبالفعل ربما يكون كلامه صحيحا لان مهمته الرئيسة هي اثارة البلبة وافتعال احداث تحريضية سواء بين الجيش والشعب او بين الشعب ونفسه كما حدث في موقعة الجمل واحداث الفتنة الطائفية في امبابه وربما لا يعلم الكثيرون ان الموساد الاسرائيلي توجد به وحدة خاصة لدراسة النفسية الخاصة بالعدو او ما يعرف في وقت الحروب بالحرب النفسية.

ولقد عمد هذا الجاسوس والذي في رايي هو احد جنود هذه الوحدة في دراسة النفسية المصرية وكيف ان الشعب المصري شعب عاطفي وتؤثر به الكلمات بالفعل ولعلى القى الضوء على دراسة اعدت من قبل طالب في جامعة القاهرة حول الخطابات الرئاسية من عهد جمال عبد الناصر وحتى حسني مبارك مرورا بالرئيس السادات والتي اكد الباحث فيها ان المصريين يتاثرون بلغة الخطابة بشكل كبير وخاصة خطابات عبد الناصر والسادات والتي ربما اوقعت مصر في العديد من الازمات الا ان الشعب المصري كان يؤمن بكل ما جاء فيها ويدافع عنها حتى الاستماته وهذا هو ما فعله الجاسوس الاسرائيلي حيث كان يتودد للمواطنيين في ميدان التحرير ويحفذ ويشحن نفسيتهم وطبيعتهم العاطفية فيقومون بردود فعل سواء انتقامية او دفاعية او حتى اندافعية وهذا ما قام به بالفعل فلو تابعنا الاعترافات نجده انه كان يشتري العلم المصري وينزل الميدان ويقوم بالتودد الى المواطنين ثم يقوم بتحريضهم ونجده كان في موقعة الجمل وامبابة واحداث قسم الازبكية ويعلم الله وحده اين كان ايضا وربما يتسائل البعض هل يمكن لفرد ان يحرك هذه المجاميع الاجابة نعم في ظل اجواء التربص والانفعال  تحريك مشاعر المواطنين بكلمة فما بالنا بالدارس والذي يتحرك باستراتيجية اعدها جهابزة العلم النفسي للموساد الاسرائيلي.

 اذن فالمهمة الاساسية لهذا الجاسوس لم تكن الجاسوسية بمعناها المطلق والمعروف عند المصريين وانما هو عميل هدف زراعته هو اثارة البلاد ولا اعتقد انه هو العميل الوحيد او الاخير بل بالتاكيد يوجد غيره العشرات والتي سيتم كشفهم على ايدي المخابرات المصرية باذن الله ومن تلك النقطة التي اثبت فيها جهاز المخابرات المصري انه من اقوى الاجهزة الاستخباراتية في  منطقة الشرق الاوسط ولابد هنا من الربط ما بين قضية الجاسوس الايراني المزعوم الذي كانت  قناة العربية الوحيدة التي اعلنت خبر القبض عليه  قبل القنوات المصرية  واذاعت انه  تم القبض عليه وما بين قضية الجاسوس الاسرائيلي لنرى حقيقة هامة هل لو كان لايران بالفعل جاسوس في مصر  هل كانت المخابرات المصرية تركته حتى ولو كان دبلوماسي ام ان الموضوع ما هو الا مجرد مكيدة كان هدفها الوقيعة ما بين البلدين او معلومة قد وردت الى اجهزة المخابرات المصرية وارادت التاكد منها وتم تسريب خبر التحقيق مع دبلوماسي ايراني بتهمة التجسس كما جاء على لسان قناة العربية من اجل احداث ازمة مفتعلة جديدة ما بين مصر وايران وفي توقيت حساس هو توقيت زيارة او وفد شعبي مصري رفيع المستوى لطهران منذ القطيعة المصرية الايرانية وسنجد من يقول ما علاقة هذا بذاك العلاقة هنا ان جهاز المخابرات المصري لا ينفذ او يعلن عن اعتقال جاسوس الا اذا كان متاكدا مائة  بالمئة من جميع الادلة التي بحوزته وبعد عمل استخباراتي وامني مضن وعلى اعلى مستوى من الحرفية والتقنية حيث لا يكون للمتهم او الجاسوس منفذ يمكنه الخروج منه لما في عملهم من حساسية وتاثير على علاقة مصر بدول اخرى كثيرة فما حدث مع الجاسوس الاسرائيلي لم يحدث مع الدبلوماسي الايراني ليس لسبب الا لتاكد المخابرات المصرية من عدم صدق الرواية او الادعاء الذي كان موجها ضده فالكيان الصهيوني يسعى بكل داب الى العمل على استمرار قطع العلاقات المصرية الايرانية لخوفه من ان يتم هذا التحالف الذي لن يمثل تهديدا الى الكيان الصهيوني فحسب بل سيكون هو بداية الطريق للقضاء عليه لانه سيكون تحالف اسلامي يجمع في طياته كل  ادوات القوة سواء الاقتصادية او السياسية او حتى الجغرافية وسيكون الكيان الصهيوني ما بين كفتي الرحى.

ولكن يبقى السؤال العلاقات المصرية الاسرائيلية الى اين ؟ في رايي ان هذه العلاقات ستتراجع بشكل كبير وستدخل في اطار من الندية والصدام والعمل الاستخباراتي ما بين الموساد الاسرائيلي والمخابرات المصرية كما كان معهودا في الستينات والسبعينات والمباراة مازالت مستمرة ولقد بدات منذ اشهر تسبق سقوط النظام السابق ومستمرة حتى الان لكن بفارق ان المخابرات قد اطلقت يديها بشكل كبير خاصة ما بعد الثورة حيث انه قبل الثورة كان النظام السابق يخفي المعلومات والحقائق وربما كان يعالج تلك الامور الخاصة بقضايا التجسس بشكل من التفاوض او الوساطة مثل ما حدث مع قضية الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام والذي افرجت عنه مصر بعد وساطة رجل الاعمال المصري الهارب الان حسين سالم مصدر الغاز لاسرائيل والذي تم الكشف عن مدى الفساد والعمالة التي كان يتمتع بها هذا الرجل.

 اذن فالمرحلة القادمة من العلاقات المصرية الاسرائيلية هي مرحلة صدام وصراع ويمكننا ان نطلق عليها مرحلة الحرب الباردة واسرائيل الان تضع مصر ليس على قوائم الاصدقاء كما في لماضي وخيرا انهم فعلوا وانما على قوائم الاعداء وتعد كل العدة من اجل القفز على مصر والسيطرة عليها ليس عسكريا وان كان هذا حلما يرادوهم الا ان التوازنات الاقليمية في الوقت الراهن لا تسمح لهم بذلك وانما استخباراتيا من خلال استغلال الخلل الامني الذي تعاني منه ونشر عملائها بشكل مكثف خلال هذه الفترة وزرعهم وتجنيدهم في اماكن حساسة في الدولة الا ان المخابرات المصرية قد وجهت اليهم رسالة مفادها ان مصر واجهزتها الامنية مازالت  في قوتها وان من رحل وانهار هو العمالة والفساد وبقي ابناء مصر الشرفاء الذين يقومون على حمايتها وحفظها من كافة القوى المتربصة بها وبامنها مثل الكيان الصهيوني واذنابه وتبقى الاجابة عن هذا السؤال معلقة حتى تعود العلاقات المصرية الايرانية والتي ستخلق سناريوهات عديدة في التعامل مع الكيان الصهيوني اولها اذا حدث هذا التحالف بالفعل فسوف تعمل اسرائيل على ثلاث محاور الاول هو العمل على الضغط على مصر من اجل قطع العلاقات من خلال استخدام الملف الفلسطيني والتلويح بعملية السلام ومن خلال استغلال الورقة الامريكية في الضغط على مصر والمحور الثاني هو ان تقوم بالعمل على زرع المكائد والعراقيل امام هذا التحالف سواء في الداخل المصري او الخارج من خلال دول الخليج الفارسي والامن القومي العربي واستخدامهم لفزاعة ايران والمحور الثالث هو تنفيذ عدد من العمليات النوعية سواء الارهابية او الاستخباراتية من اجل زعزعة الداخل المصري وجعل مصر بؤرة من بؤر الارهاب حتى تستطيع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل الدخول اليها و يتحركون فيها ومن خلالها كيفما يشاؤون.

السيناريو الثاني ان تبقى العلاقات المصرية الاسرائيلية في حالة من التوتر والحرص والالتزام بالمعاهدات الموقعة وتكون هناك ازمات مفتعلة من الجانب الاسرائيلي من الحين الى الاخر لكي يجسوا نبض السياسة المصرية تجاه اسرائيل والعمل على استفزازها وادخال مصر في دوامة من المهاترات السياسية والتي يجيدها ويعشقها الجانب الصهيوني واستغلال هذا في المشهد السياسي الدولي من اجل اظهار اسرائيل مضطهدة وان الجانب المصري يعمل على تهديدها مما ينتج عنه بالطبع قرارات من مجلس الامن والامم المتحدة تضغط على مصر لصالح اسرائيل وامنها.

اذا فالعلاقات المصرية الاسرائيلية كما قلت سابقا هي فى طريقها الى الانهيار ومصر في طريقها الى الصعود الى دورها وريادتها لامتنا العربية والاسلامية من جديد كسابق عهدها .

* محمد الخطيب

كلمات دليلية :