مضيق هرمز المعادلة الايرانية الجديدة !

مضيق هرمز المعادلة الايرانية الجديدة !
الثلاثاء ٠٣ يناير ٢٠١٢ - ٠٩:٠٥ بتوقيت غرينتش

ليست هي الحرب تماما , لكن طرفا منها قد يكون الشرارة القابلة للاشتعال انطلاقا من تحدي السيطرة على مضيق هرمز !

 لا يختلف اثنان من العارفين بالعقيدة الدفاعية الايرانية في ان مضيق هرمز من حيث انه عنق بحيرة فارس هو خط احمر بالنسبة للايرانيين !

 صحيح ان ايران لن تقدم على اغلاق مضيق هرمز دون ان تجري الحسابات الكافية التي تمنع اطلاق حرب عالمية ثالثة يردد مقولتها الصينيون والروس في محادثاتهم مع الايرانيين في هذه الايام , لكن الصحيح ايضا هو ان الايرانيين باتوا يمتلكون من القدرة ما يكفي للدفاع عن مصالح امنهم القومي العليا في حال غامرت واشنطن  في اعلان حرب اقتصادية مفتوحة  عليهم انطلاقا من هذا العنق الممسكين بتلابيبه بكل يسر !

 وطبقا لقواعد وتشريعات الامم المتحدة بهذا الخصوص وهو ما تخفيه واشنطن والدول العظمى الممالئة لها هو ان بحر فارس ليس سوى بحيرة مغلقة تنطبق عليها ما ينطبق مثلا على بحر الخزر شمالا !

 ففي العام 1983 م ارسلت الامم المتحدة فريقا حقوقيا استكشافيا لبحث موضوعات متنازع عليها في حينه في المنطقة انتهى الى رفع تقرير عرف بتقرير لجنة اولف بالمه - نسبة الى رئيس وزراء السويد الذي كلف بتلك المهمة  - يقول:" بان خليج فارس انما هو من الناحية الحقوقية والقانونية ليس سوى بحيرة مغلقة لا يجوز لاي طرف خارجي التردد فيه الا بتوافق الدول المتشا طئة عليه " !

 واذا ما اضفنا الى ذلك التوافقات الثنا ئية الكثيرة التي تنظم الامن الثنائي بين سلطنة عمان والجمهورية الاسلامية الايرانية ومنه ما هو متعلق بمضيق هرمز تحديدا حيث تتشاطئ عليه الدولتان , يصبح عند ذلك من غير المسموح لاي قوة مهما كبرت او عظمت ان تقرر مصير هذا العنق الخليجي الذي تخرج منه نحو ستين في المائة من احتياجات النفط العالميي !

 نعم فطهران ليست دولة متهورة حتى لا تعرف ماذا يعني ان يكون هذا المضيق ممرا لشريان حيوي يهم الاقتصاد العالمي , وهي رغم مخالفة القوى العظمى لمقررات الامم المتحدة في هذا الشأن انما اظهرت تسامحها تجاه هذا الانتهاك القانوني لحقوقها وحقوق جيرانها عملا بقاعدة العرف الغالب على القانون المعتبر لهذا المضيق ممرا دوليا لكنها اذا ما رأت بان هذا الممر يراد استخدامه لضرب امنها القومي او اعلان حرب اقتصادية مفتوحة عليها عبره فانها لن تتردد لحظة واحدة في اغلاقه بوجه الجميع وهي ليست فقط قادرة على تنفيذ ذلك الامر بكل اقتدار وفي رمشة عين بل ويسندها في ذلك الحق القانوني الاممي الذي يقول بان هذه البحيرة الدافئة انما هي بحيرة مغلقة لاهلها وعندما يتعذر على اهلها الاستفادة منها فان من البديهي ان تغلق امام الاجنبي لاسيما اذا كان معتديا !

 وفي هذا السياق سيكون هناك مفاجآت كثيرة لم يسمع بها العالم من قبل كما يؤكد العارفون ببعض خفايا المعركة التي تنتظر الاميركيين والاطلسيين والصهاينة فيما لو ارتكبوا حماقة الحرب المفتوحة على ايران !

 في العام 1648م تمكن الفرس الصفويون مع اليعاربة العمانييين في ظل صراع على المصالح بين الهولنديين والبرتغاليين , ان ينهوا السيطرة البرتغالية على البحار والمضائق المحيطة.

 ثمة من يتسائل اليوم اذا كانت ايام الولايات المتحدة باتت محدودة في بحارنا بعد ان خسروا حروب البر والجو والحرب الاليكترونية !؟

  ان تحول سخونة الصراع بين واشنطن ومحور المقاومة من الساحة السورية الى الساحة الايرانية يعزوه البعض الى افلاس الاميركيين سياسيا واقتصاديا , فيما يرى فيه البعض الآخر محاولة واشنطن لايجاد مظلة نووية للسعودية وائتلافها الذي بات علنيا ضد طهران !

 بمعنى آخر فان جل ما ترجوه واشنطن من التصعيد في المياه الخليجية الدافئة انما هو ارساء نوع من "توازن رعب" سعودي ايراني يوقف ايران عن التمدد نحو البحر الاحمر وتحويله الى ساحة عرض قوة اضافية كما بدأ يظهر في الآونة الاخيرة ما قد يعني انكفائة جديدة للنفوذ الاميركي هناك توازي انكفائتها او بالاحرى اندحارها عن العراق بعد ان فقدت الامل في اي دور سعودي مستقبلا  لاسيما مع استمرار الثورتين اليمنية والبحرينية رغم شراسة التدخل السعودي وعمقه !

 ايا تكن الاحتمالات او التكهنات بهذا الشأن فان القدر المتيقن من امر هذا الصراع الذي انفتح على سطح البحار العربية والاسلامية بين واشنطن وطهران انطلاقا من الجدل حول اغلاق مضيق هرمز , هو ان واشنطن ان تحسب للالف من الآن فصاعدا في اي معركة تريد فتحها في المنطقة هي او كلب حراستها الاسرائيلي الصهيوني !

 بمعنى آخر فان معركة مضيق هرمز انما ترمز الى تحول جدي وعميق في موازين القوى الاقليمية والدولية هو الاول من نوعه منذ الحرب العاملية الثانية تشكل فيه القوة الايرانية الصاعدة في البر كما في الجو كما في البحر قطب الرحى في قواعد التوازن الدولي الجديد المرتقب ظهوره على الساحة العالمية مع اكتمال جلاء القوات الاميركية من العراق في مقدمة لانكفائة النفوذ الاميركي عن مناطق عديدة اخرى متوقعة وافول نجم احاديتها الدولية !

* محمد صادق الحسيني