هل سيزور المفوض السامي البحرين فعلاً؟

هل سيزور المفوض السامي البحرين فعلاً؟
الإثنين ٢٠ مارس ٢٠١٧ - ١٠:٣٣ بتوقيت غرينتش

بعث رئيس مجلس نواب البحرين أحمد الملا في (15 مارس/ آذار 2017) دعوة رسمية إلى المفوض السامي للأمم المتحدة لمفوضية حقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، لزيارة البحرين، والاطلاع على ما تم إنجازه من مبادرات حضارية وخطوات رائدة في المجال الحقوقي، فيما رحب رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور في اليوم ذاته بهذه الدعوة لزيارة البحرين.

العالم - مقالات

مرّ على الدعوة، والترحيب بها أيام، فيما لم تعلن الحكومة ممثلةً في وزارة الخارجية موقفها من تلك الدعوة، ومدى موافقتها أو رفضها، على رغم يقيننا أن الخطوة التي أقدم عليها مجلس النواب ما كانت لتوجه لولا وجود ضوء أخضر من الحكومة، وهو ما يفرض سؤالاً منطقياً: لماذا وجهت الدعوة من مجلس النواب وليس الحكومة نفسها؟.

كانت الذرائع في رفض أو تأجيل زيارات المسئولين الأمميين عن حقوق الإنسان إلى البحرين، وبالخصوص مقرر التعذيب منذ سنوات، بحجة أن الزيارة «قرار سيادي»، وبالتالي مثل هذه القرارات والدعوة يجب أن تكون سيادية أيضاً، خصوصاً عندما تتعلق بالعلاقات الخارجية التي هي من اختصاص السلطة التنفيذية بشكل واضح ومباشر.

المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، كان قد طلب من الحكومة بشكل رسمي زيارة البحرين منذ نحو سبعة أشهر، إلا أنه لم يتلقَ استجابة لطلبه، وذلك على حد قول النسور، إلا أن الدعوة وجهت له من مجلس النواب، على رغم أنه خاطب الحكومة، التي لم تعلق رسمياً أو إعلان ترحيبها بذلك بشكل واضح وصريح، لتثبت الدعوة بشكل رسمي.

على رغم الدعوة للزيارة، وكذلك الترحيب بها، فإن «حدة التوتر» بين الجانبين لم تنخفض، بل خرجت للعلن بشكل صريح من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان ووزارة الخارجية البحرينية، فبعد يومٍ واحدٍ فقط من دعوة النواب للمفوض السامي لحقوق الإنسان (16 مارس 2017)، أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، أهمية التزام مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالتعاون والتشاور مع البحرين على قاعدة احترام سيادتها، وتقدير مساعيها الدائمة التي جعلت منها نموذجاً متقدماً في تطوّر حقوق الإنسان في إطار مؤسساتها الدستورية، وبفضل مشاريعها وخططها الوطنية ومبادراتها المتواصلة والرامية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وتفاعلها الإيجابي مع الأمم المتحدة والدول الصديقة، وذلك خلال اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس بمقر الأمم المتحدة بنيويورك في الولايات المتحدة الأميركية.

المفوضية السامية أعلنت هي الأخرى أنها ستتعاطى بإيجابية مع خطوة دعوته لزيارة البحرين، والاتفاق على محاور الزيارة، والملفات التي يمكن مناقشتها خلالها، وأن لا يفهم أنها شروطٌ لزيارة البحرين، وإنّما هي آليات معتمدة من قبل المفوض السامي في زيارته لأي بلد.

تلك الآليات والمحاور والملفات التي تعتبرها المفوضية السامية لحقوق الإنسان اعتيادية ومعتمدة لزيارة أي بلد، هي ما تعتبره الجهات الرسمية في البحرين شأناً داخلياً وخصوصيةً سياديةً، وعلى أساسها رفضت أو أجلت لسنوات زيارات المسئولين الأمميين إلى البحرين.

بات واضحاً أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان رحّبت بدعوتها لزيارة البحرين، بشرط أن يتم السماح لها بمناقشة الملفات الحقوقية، وفق التزامات البحرين الدولية، وبموجب مخرجات تقرير «اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق» (بسيوني)، فيما تعتبر حكومة البحرين أن هذا الباب «تم إغلاقه خصوصاً المتعلق بمخرجات تقرير لجنة تقصي الحقائق ولا يجب الحديث عنه نهائياً».

مساحة الصدام بين وزارة الخارجية البحرينية المعنية رسمياً بملف حقوق الإنسان في البحرين، والتواصل مع المنظمات والهيئات الدولية، كانت واضحة للعيان، خصوصاً مع جملة تصريحات لوزير الخارجية، كان أهمها في (13 يونيو/ حزيران 2016) عندما كتب عبر حسابه الخاص على «تويتر» قائلاً: «لن نعطل مسيرتنا ونهج مليكنا الإصلاحي، ولن نسمح بتقويض أمننا واستقرارنا ولن نضيع وقتنا بالاستماع لكلمات مفوض سامٍ لا حول له ولا قوة».

وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، قد اعتبر، ما وصفه بـ «القيود الشديدة» على حرية التعبير في البحرين، تتعارض مع التزاماتها الدولية، وتحدث في كلمته الافتتاحية لأعمال الدورة الـ32 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، عن توثيقهم «ما لا يقل عن 250 حالة إسقاط جنسية في البحرين، كما أن الحكومة البحرينية تمنع التجمعات منذ العام 2013».

المفوضية السامية انتقدت الهجوم البحريني الرسمي الموجّه ضدها واتهامها باتباع «أجندات سياسية»، وعبّرت عن أملها في أن يكون هناك حوار دائم لا موسمي بين المفوضية وحكومة البحرين، وهو الأمر الذي يجعلنا نربط وبشكل وثيق، توقيت الدعوة للزيارة، وتزامنه مع المراجعة الدورية الشاملة لالتزامات البحرين الطوعية في مجال حقوق الإنسان في شهر مايو/ أيار 2017، وكذلك الصمت الرسمي إزاء الدعوة النيابية، وعدم الترحيب بها أو إعلان قبولها.

بدا واضحاً أن الزيارة ستكون مشروطةً من الجانبين، وأنها مرتبطةٌ بما سيحدث وسيقال في مايو بمجلس حقوق الإنسان عن البحرين، فيما كل المؤشرات تشير إلى أن مساحة التراجع عن إتمام إجراءات الزيارة ستكون أكبر بكثير من حدوثها، ما لم تحدث متغيرات جديدة لم تكن موجودة.

هاني الفردان - الوسط

2-4