"أزمة قيادة" تضع الأحزاب السياسية المغربية أمام "مفترق الطرق"

الإثنين ١١ سبتمبر ٢٠١٧ - ١٠:٥٠ بتوقيت غرينتش

تعيش الأحزاب الثلاثة الأولى (العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال) المتصدرة للمشهد السياسي المغربي أزمة قيادة، حيث جعلت تركيزها ينصب أكثر على المؤتمرات المرتقبة أكثر من رهانات الدخول السياسي الجديد المتسم بملفات ثقيلة طبعت الأشهر الماضية؛ منها ملف الريف، الذي يقبع بسببه المئات في السجون.

العالم- المغرب

ونجح حزب العدالة والتنمية في تصدر الانتخابات التشريعية لسنة 2016 ويقود الحكومة لولاية ثانية؛ لكنه يعيش على وقع الترقب والتوتر الداخلي، إذ إن زعيمه عبد الإله بنكيران يتجه إلى ولاية ثالثة ضداً على قوانين الحزب.

أما حزب الأصالة والمعاصرة، الذي جاء الثاني من حيث عدد المقاعد البرلمانية، فيعيش هو الآخر ترقباً من نوع آخر بعد الاستقالة المفاجئ لأمينه العام إلياس العماري، خطوة غير متوقعة أربكت حسابات الحزب الذي جاء لمواجهة الإسلاميين؛ لكنه لم ينجح في إزاحته على عرش الانتخابات.

أما الاستقلال، فهو حزب تاريخي يحمل رصيداً سياسياً مهماً؛ لكنه عاش أزمة غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة من قيادة حميد شباط، بدءًا من خروجه من حكومة عبد الإله بنكيران الأولى إلى أزمة موريتانيا، ثم وصولاً إلى رفض جل القياديين في اللجنة التنفيذية لحزب الميزان نيته الترشح لولاية ثانية.

ويتجه حزب الاستقلال، بمرشح وافر الحظ وهو نزار بركة، نهاية الشهر الجاري لعقد مؤتمره السابع عشر، فيما ينتظر أن يعقد البيجيدي المؤتمر الثامن في 9 و10 دجنبر المقبل. أما الأصالة والمعاصرة فسيحدد برلمانه المقرر في 21 أكتوبر المقبل مستقبله حول رفض الاستقالة أو قبولها وإمكانية التوجه لمؤتمر استثنائي يختار “سائقاً” جديداً للجرار.

وقال محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد الملك السعدي، أن مؤتمرات هذه الأحزاب لا ترتبط برهانات استراتيجية مستقبلة، بقدر هي مرتبطة بالماضي، وقال إن “الإشكال التنظيمي للأحزاب في المغرب هو إشكال عويص".

وأضاف الأستاذ الباحث، في حديث لهسبريس حول هذا الموضوع، أنه “لا يتم التمييز بين التنظيم والشخص، ومن العسير جداً فك الارتباط بينهما، إلى درجة أننا نسمع هذا حزب فلان ولا نقول اسم الحزب، وهذا يبين أن مسألة الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية ستشكل دائماً عثرة أمام تطور أدائها ومسارها الطبيعي".

ويلاحظ العمراني أن حزب العدالة والتنمية كان يحاول في السابق ما أمكن أن يخلق استثناءً دخل المنظومة الحزبية، لكن فشل في ذلك حين مدد للولاية الثانية لعبد الإله بنكيران، بسبب عدم إتاحة قوانين الحزب توليه أكثر من ولايتين.

ويشير العمراني إلى أن واقع الأحزاب في المغرب غير مرتبط بما هو مستقلبي، وقال إن الأحزاب محكومة دائماً بالماضي، مورداً أن ما يقع حالياً في الأحزاب الثلاثة مرتبط بتدبير المرحلة السابقة، وهي عبارة عن رجات سابقة تعرضت ليها، وليس مرتبطاً برؤية مستقبلية أو أفق استراتيجي.

ويضيف العمراني قائلاً: “يمكن القول إنها محاولة للتخلص من مرحلة سابقة، كان فيها بعض زعماء الأحزاب السياسية يعتمدون على الشعبوية في خطاباتهم؛ وهو الأمر الذي كانت له تبعات، من بينها انحطاط الخطاب السياسي في المغرب باستعمال السب والشتم".

هذه الفترة، حسب الباحث، “عرفت هدراً للزمن السياسي بشكل كبير، وأثر على أداء الحكومة والبرلمان من مختلف الجوانب”، وزاد قائلاً: “ربما هناك تفكير للعودة إلى الخطاب الذي يتسم بالرزانة لدى زعماء الأحزاب السياسية”؛ لكنه أشار إلى أن الأحزاب الثلاثة الأولى تبقى غير قادرة بشكل سلس في القطع مع المرحلة السابقة.

ويعيب الباحث على الأحزاب السياسية في المغرب عدم نجاحها في إفراز نماذج زعماء جدد، حيث يقول إنه “بمجرد ما يظهر زعيم في أحد الأحزاب يقع العقم داخلها، وهذا عيب سياسي فاضح يؤثر على أدائها، والمفارقة أن هذه الأخيرة تطالب بضرورة التداول على السلطة لكنها على المستوى التنظيمي عاجزة على تحقيق التداول".

المصدر: هيسبيرس

تصنيف :