"اضرار الكذب في الجيش الاسرائيلي"

الخميس ١٨ أغسطس ٢٠١١ - ٠٤:١٠ بتوقيت غرينتش

اورد موقع صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية مقالا بقلم الكاتب الاسرائيلي أوري ملشتاين تحت عنوان "أضرار الكذب في الجيش الاسرائيلي" ينتقد فيه بشدة استخدام جيش الاحتلال للكذب في كل مناحي عمله.

ويفند الكاتب ملشتاين مقولة استخلاص العبر التي تتكرر بعد كل فشل عسكري أو امني.

ويؤكد ملشتاين "انهم في الجيش الاسرائيلي لم يستخلصوا قط دروسا في الحقيقة، ولا يستخلصونها اليوم ايضا، وأشد من ذلك انهم في الجيش الاسرائيلي غير قادرين على استخلاص دروس ولا يفهم قادته أن هذا هو الوضع. إن هذه المسيرة الحمقاء تنتشر في جميع الاجهزة العامة في اسرائيل ومن ضمن ذلك السكن والصحة بسبب تأثير الجيش الاسرائيلي الضخم الذي يشوه الاجهزة الاخرى.

واضاف المقال :

إن البرهان على دعوى انهم في الجيش الاسرائيلي لا يستخلصون الدروس هو أن الاختلالات – والدروس – تتكرر في جميع الحروب وبين الحروب. فمنذ وقعت حرب 1948 الى حرب لبنان الثانية، وقضية "مرمرة" وأحداث يوم النكبة في مجدل شمس – تبين مرة بعد اخرى أن الاستخبارات الاستراتيجية اخطأت وأنه لم تكن استخبارات تكتيكية وأن اللوجستيكا فشلت وأن الاهداف لم يتم تحديدها وأنه لم يوجد تنسيق بين المستويات السياسي والاستراتيجي والعملياتي والتكتيكي، وهذه قائمة جزئية.

فعلى سبيل المثال قدر الخبراء قُبيل حرب 1948  انه لن تنشب حرب حتى أواخر 1949. فسبقت ذلك بسنتين، ولذلك جئنا غير مستعدين وكان بيننا وبين وضع لا يقوم فيه كيان اسرائيل خطوة واحدة. وفي نهاية 1966 قدر رئيس "أمان"، اللواء اهارون ياريف، أن الحرب التالية لن تنشب قبل السبعينيات فنشبت بعد نصف سنة.

الى نشوب حرب يوم الغفران قدر الخبراء ان الحرب التالية لن تنشب قبل 1975، وفي حربي لبنان قدر الخبراء انه لن تكون أية قوة حقيقية قادرة على مجابهة الجيش الاسرائيلي. وقد أظهرت معركة السلطان يعقوب عورة الجيش الاسرائيلي وفيه "نابليون الاسرائيلي"، ايهود باراك الذي كان مشاركا باعتباره نائب قائد الطابور في جبهة الحرب الشرقية حتى عنقه في الاحداث الشديدة. وهذا الاخفاق لم يمنعه من أن يُعين رئيس اركان ويُنتخب رئيس حكومة ويُعين وزير دفاع.

يوجد لسؤال لماذا تُجر الاجهزة العامة في اسرائيل عامة والجيش الاسرائيلي خاصة في تيار عدم استخلاص الدروس ولا تسبح عكس التيار – وهو اجراء صعب لكنه ممكن، جوابان رئيسان: الاول ان الجيش الاسرائيلي ليس جيشا محترفا. وينطبق عدم الاحتراف على العسكريين في الخدمة الدائمة خاصة الذين يفترض أن يكونوا محترفين وهم يُعدون كذلك. وسبب ذلك الاعداد الضئيل الذي لا صلة له بالواقع الامني.

بعد حرب الايام الستة مثلا لم يدرك قادة الجيش الاسرائيلي انه ينبغي استعدادا للحرب التالية تطوير نظرية قتالية دفاعية، بل انه في صباح يوم الغفران 1973 بحث رئيس الاركان دافيد اليعيزر مع قائد منطقة الجنوب، شموئيل غونين – غوروديش، في خطط لعبور قناة السويس لا في خطط تدفع العبور المصري. لهذا أحرز المصريون جميع أهداف حربهم في ساعات الحرب الاولى، ولا يفهم أكثر الاسرائيليين وفيهم القادة الكبار في الخدمة الدائمة والاحتياطية هذا الامر الى اليوم.

وثانيا عندما تتعلق الاخفاقات بالرتب العليا لا تُجرى في الجيش الاسرائيلي تحقيقات حقيقية. وعلى العموم فان مؤسسة التحقيق في الجيش واحدة من خدع اسرائيل الكبرى. فالحديث في واقع الامر عن لقاء "لحوار محاربين" يعرض فيه كل قائد نجاحاته ويتمدح بها.

والى الآن لم تُقتلع ثقافة الكذب من الجيش الاسرائيلي، بالعكس – تغلغلت الى اجهزة اخرى. ولهذا لا يستخلصون عندنا الدروس لا في مجال السكن ولا الطب ولا التربية. وقد ولدت حركة الاحتجاج بسبب أضرار هذه الثقافة بالضبط.

الجيش الاسرائيلي، "البقرة المقدسة" التي كان يحرم على اي من الاسرائيليين التعرض لها بأي أذى او انتقاد مادي او معنوي، تحولت الى مغارة يستشري فيها الفساد الاخلاقي والمادي والرشاوى وتعاطي المخدرات والانتحار وغيرها من  الموبقات . فمقولة ان الجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب، يتبين انه جيش عادي كسائر الجيوش وربما يفوق بعضها فيما يعانيه من عوارض مرضية" خطيرة.