آلاف العراقيين يتوجهون الى كربلاء لاحياء أربعينية الامام الحسين عليه السلام

الأحد ١٥ فبراير ٢٠٠٩ - ٠٣:١٠ بتوقيت غرينتش

في ظل تدابير أمنية مشددة بدأ عشرات الآلاف من الزوار العراقيين نهاية الاسبوع الماضي وبداية هذا الاسبوع رحلة طويلة لقطع مئات الكيلومترات مشيا على الأقدام من مدن العراق للوصول الى مدينة كربلاء المقدسة لاحياء أربعينية الأمام الحسين عليه السلام منتصف الشهر الجاري والتي تصادف العشرين من صفر الحرام حسب التقويم الهجري.

ويشارك في هذه الشعائر الدينية المقدسة عند المسلمين في العراق وباقي بلدان العالم الاسلامي، أشخاص من مختلف الفئات العمرية حيث يمكن مشاهدة اطفال رضع باحضان امهاتهم وآخرين معاقين على كراس متحركة أو شيوخ طاعنين في السن وآخرين بأعمار مختلفة من النساء والرجال والشباب، على طول الطرق المؤدية الى مدينة كربلاء يتحدون الأحوال الجوية السيئة التي تشتد برودتها خلال الليل وغالبيتهم العظمى يرتدون ملابس سوداء تأسيا وحزنا على استشهاد الأمام الحسين قبل 14 قرنا في واقعة الطف بمدينة كربلاء.

ويقطع العراقيون مئات الكيلومترات للوصول الى مدينة كربلاء فمثلا من مدينة البصرة تصل المسافة الى 524 كيلومترا والعمارة 484 كيلومترا والناصرية 317 كيلومترا والسوة 212 كيلومترا والديوانية 132 كيلومترا وواسط 280 كيلومترا وبغداد 118 كيلومترا والنجف 78 كيلومترا.

وتحث المرجعيات الدينية وعلماء الدين في العراق على المشاركة بقوة في أداء مراسم زيارة أربعينية الأمام الحسين عليه السلام كلا بحسب ما يراه مناسب سواء بالسير مشيا على الأقدام أو الوصول من خلال وسائل النقل المتعددة.

وقال حسام محمد لطيف(23عاما) وهو احد الزوار "خلال اليومين المقبلين سننطلق في رحلة السير مشيا على الأقدام من بغداد الى مدينة كربلاء كتقليد سنوي وحبا وتمسكا وعشقا للامام الحسين عليه السلام "

وأضاف: "نحتاج الى يومين أو ثلاثة للوصول الى مدينة كربلاء للمشاركة في احياء أربعينية الحسين مع الآخرين".

الى ذلك، بدأ آلاف المسلمين الشيعة في بلدان الخليج الفارسي وسوريا ولبنان وايران وباكستان بجانب عراقيين مقيمين في دول أوربا في التوافد الى العراق لأداء هذه الشعائر.

ويبدو أن الأجواء الأمنية المستقرة نسبيا في أرجاء البلاد هذا العام ستجعل من هذه الطقوس هي الأكبر في تاريخ العراق من حيث المشاركة بينما يتوقع أن يحيي زيارة الأربعينية منتصف الشهر الجاري ملايين العراقيين ستكتظ بهم مدينة كربلاء.

ومنذ الاطاحة بنظام صدام حسين، اتسعت دائرة احياء العراقيين لمراسمهم الدينية وأداء طقوسهم واحياء أيام عاشوراء وأداء زيارة أربعينية الأمام الحسين عليه السلام التي كانت من المحرمات في حقبة النظام البائد ويتعرض المخالف لعقوبات قاسية قد تصل الى الاعدام أو السجن المؤبد.

وقال علي حسين( 61عاما) وهو موظف متقاعد: "سأتوجه الى مدينة النجف بحافلات النقل ومن هناك سأبدأ رحلة السير مشيا على الأقدام من مدينة النجف الى مدينة كربلاء لان المسافة قصيرة نوعا ما (78 كم) , وتتطلب مني المشي ليوم واحد فقط وبالتالي تتاح لي فرصة المشاركة في هذه الشعائر التي تقربنا كثيرا من الامام الحسين عليه السلام ".

ونجحت القوات الأمنية العراقية خلال العامين الماضيين في وقف الهجمات الارهابية التي تستهدف الزوار سواء داخل مدينة كربلاء أو على الطرق المؤدية الى المدينة والتي أوقعت المئات بين شهيد وجريح خلال السنوات التي تلت احتلال العراق في أعوام 2003 و2004 و2005 والتي شهدت انفجارات مدمرة وهجمات دموية ستبقى عالقة في أذهان العراقيين لأنها لم تكن معروفة ولم يشهد لها العراق مثيلا.

وخلال العامين الماضيين، تمكنت السلطات الأمنية والعسكرية بالتعاون من وضع تدابير أمنية ونشر الآلاف من القوات العسكرية في جميع الطرق وفق خطط أمنية تتولى كل محافظة وضعها وتضع كامل قواتها في حالة الاستنفار القصوى.

لكن ثقل الاجراءات الأمنية يكون في مدينة كربلاء التي تقسم الى عدة أطواق أمنية ويتم نشر الآلاف من عناصر القوات العسكرية في جميع الطرق والمداخل والمناطق الصحراوية وفي محيط المسطحات المائية وفوق البنايات العالية والفنادق والشوارع الرئيسية والفرعية ونشر المئات من النساء الشرطيات لتفتيش النساء باشراف مباشر من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي داخل غرفة عمليات مركزية يقودها وزراء الأمن وكبار ضباط الجيش والشرطة.

وتتشح الطرق المؤدية الى كربلاء بالرايات الملونة وغالبيتها السوداء كما تقام آلاف السرادق والمخيمات ومحطات الاستراحة من قبل متبرعين من الميسورين وقادة الأحزاب والتيارات الدينية والعشائر والأشخاص والمنظمات لاستقبال الوافدين وتقديم وجبات الطعام لهم وايوائهم للاستراحة.

وتكاد تخلو الأحياء والمناطق العراقية من سكانها مع قرب حلول موعد احياء هذه المناسبة منتصف الشهر الجاري لأن أعدادا كبيرة جدا تتوجه الى كربلاء للمشاركة في أداء مراسم الزيارة وطقوسها الحزينة ما يتطلب من السلطات المدنية والادارية والصحية والخدمية وضع تدابير احترازية لتسهيل اجراءات الزيارة حيث تجهز