أوباما وحدود التغيير

الأحد ١٥ فبراير ٢٠٠٩ - ١٠:٢٩ بتوقيت غرينتش

الذين انتظروا بشيء من التفاؤل والأمل في العالمين العربي والإسلامي، وصول الرئيس أوباما وإدارته الديمقراطية الجديدة، ليحدثوا -ولو قليلا- من التغيير الإيجابي في سياسة الولايات المتحدة تجاه العرب والمسلمين خاصة في سياستها في فلسطين وانحيازها وتأييدها ودعهما التاريخي لاسرائيل منذ الرئيس ترومان إلى الرئيس جورج بوش، عليهم أن يخففوا من هذا التفاؤل وذلك الأمل الذي داعب أحلامهم منذ أن ظهر أوباما على المسرح السياسي الأميركي كمرشح للرئاسة الأميركية، كأول أميركي من أصول أفريقية .

الذين تصوروا أن دعوة أوباما الثورية للتغيير ونداءه المستمر للأمل وخطبه وأحاديثه وإعلاناته المتكررة، أن إدارته ستعمل على إصلاح الخراب والدمار الذي أحدثته إدارة الرئيس السابق جورج بوش في علاقات الولايات المتحدة مع كل شعوب ودول العالم، حتى أصبحت صورة أميركا الخارجية محل كراهية لدى البعض، وأصبح العالم في مواقف كثيرة ليس فقط معاديا للولايات المتحدة التي مثلتها في نظرهم سياسة بوش، بل أصبحوا يعيشون في رعب من نتائج تهور وتهويمات الرئيس الذي وصفته أكثرية الأميركيين بأنه أسوأ رئيس مر على بلادهم خلال الخمسين عاما الماضية.

وعندما أعلن الرئيس الأميركي -في واحد من أول قراراته- أنه قد كلف السيناتور السابق جورج ميتشل، بملف السلام بين إسرائيل وفلسطين، استبشر كثيرون خيرا وداعبتهم الأحلام، خاصة أن السيناتور السابق بطل إتفاقية السلام الإيرلندي وصاحب خبرات عميقة بالسياسات والعلاقات الدولية، وصاحب الصداقات مع بعض القادة العرب والإسرائيليين، وتفاءلوا أيضا بأن المبعوث الجديد "لسلام الشرق الأوسط" يعمل ضمن إدارة رئيس أميركي صاحب دعوة للتغيير وداعية الأمل والعدل والذي خاطب المسلمين -بالذات- مؤكدا أن أميركا ليست عدوا لهم، وأنها ستمد يد الصداقة والتعاون.

كثير من العرب تفاءلوا وأملوا أن عدوان إسرائيل الدائم عليهم وسياساتها المستمرة في إرهابهم وقتل مستقبل أطفالهم وقضم ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية سيتوقف، وأن الوسيط الأميركي الجديد سيأتي حاملا في مهمته الجديدة رسالة رئيسه وفلسفته للعالم الذي يريد أن يسوده العدل والسلام والتعاون، والذي يريد تغيير الولايات المتحدة والعالم كله، وأن يبني علاقات جديدة يسودها الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة بينها وبين الدول والشعوب جميعها ليس فقط بين حلفائها وأصدقائها القدامى، بل إن الرسالة الجديدة التي يحملها أوباما، ستصل خيراتها حتى قرية والده الصغيرة في أفريقيا (كينيا) البعيدة عن واشنطن!

أخطأ الذين تفاءلوا وتأملوا قليلا في أن سياسة أميركا الديمقراطية برئاسة أوباما يمكن أن تتغير تجاه إسرائيل وبالتالي تجاه الفلسطينيين، ذلك لأن سياسة الانحياز والدعم والتأييد والتسليح والتمويل لإسرائيل، هي سياسة وطنية أميركية والتزام استراتيجي- تاريخي لا يختلف ولا يخرج عنه الرئيس والإدارة ديمقراطيا كان أم جمهوريا . الإدارة الأميركية الجديدة المنشغلة جــدا بمشاكلهـــا الاقتصادية-الماليـــة، لن تتحــرك ولن تحـــرك قضية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لا اليوم ولا في الغد القريب.

لقد صدر القرار بتأجيل العمل- أو تجميد العمل في الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، وأن زيارة ميتشل الاستطلاعية للمنطقة (إسرائيل -الضفة- الأردن -مصر) وأحاديثه المعلقة مع قادة المنطقة الذين التقاهم، كان المطلوب منها جمع بعض المعلومات والمقترحات من مضيفيه، والضغط على إسرائيل مؤقتا للحفاظ على الهدوء المصطنع من حماس ، والضغط عليها (بالوكالة طبعا) للالتزام بالهدنة المؤقتة.

أما التفاؤل بأن يشمل التغيير والأمل منطقتنا وقضايانا فإن زمانه لم يأت بعد.

*عبدالله عبيد حسن