التهدئة وشاليط

الإثنين ١٦ فبراير ٢٠٠٩ - ٠٩:٥٨ بتوقيت غرينتش

المعلومات التي ترشح عن محادثات التهدئة وصفقة "شاليط" في العاصمة المصرية بين حركة حماس واسرائيل بواسطة مصرية، تتحدث عن قرب التوصل إلى صفقة في هذا الجانب، وهذا ما أكدته تصريحات ايجابية صدرت عن قيادة حماس والحكومة الإسرائيلية، بحيث تكون مدة التهدئة 18 شهراً، وتشتمل على فتح جزئي للمعابر، وأيضاً تحدثت الأنباء عن تقدم جدي في المحادثات الجارية والمتعلقة بصفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلي المأسور "جلعاد شاليط"، والمعلومات المتوفرة في هذا الجانب تشير إلى أن صفقة التبادل هذه سيجري استثمارها سياسياً على الصعيد الإسرائيلي لصالح تشكيل حكومة إسرائيلية بقيادة حزب "كاديما" ورئاسة "ليفني"، أي أن الصفقة ستجري قبل مغادرة"أولمرت" كرسي رئاسة الوزراء وقبل تشكيل "الحكومة الإسرائيلية" الجديدة.

وكذلك تحدثت الأنباء ونقلا عن مصادر أمنية رفيعة عن أن الجهاز السياسي الإسرائيلي سيتخذ مواقف حازمة من التهدئة وصفقة التبادل خلال هذا الأسبوع، ولهذا الشأن يقوم "أولمرت وليفني " بوضع زعيم حزب الليكود"نتينياهو" والذي لديه فرص عالية لتشكيل "الحكومة الإسرائيلية" القادمة في صورة التطورات في هذه الجوانب أولاً بأول.

ويبدو أنه مع اقتراب المصادقة على صفقة التهدئة والتبادل، تريد إسرائيل أن تحسن من شروطها التفاوضية، وتبتز الطرف الفلسطيني إلى أقصى حد ممكن ووفق اشتراطاتها، حيث لجأت إلى عمليات تصعيد عسكري، ووضعت العصي في دواليب بدء سريان التهدئة من خلال التراجع عن أن تكون التهدئة مسقوفة زمنياً وتريد بدلاً من ذلك تهدئة دائمة، وتربط فتح المعابر بإطلاق سراح الجندي المأسور "شاليط"، بمعنى آخر تريد من حماس والمقاومة الفلسطينية أن تلين من شروطها ومعاييرها، بالنسبة لنوعية الأسرى الفلسطينيين المشمولين في الصفقة، وحتى وان اضطرت للموافقة على الأسماء والأعداد الواردة في الصفقة، فهي تريد على سبيل المثال أن يتم إبعاد عدد منهم إلى قطاع غزة أو إلى الخارج، ناهيك عن أن قضية أخرى ينظرون إليها بعين الخطورة، ألا وهي شمول الصفقة على عدد من أسرى الداخل والقدس، هؤلاء الأسرى الذين فرضت على المفاوض الفلسطيني، عدم التحدث باسمهم، وأن لا تشملهم ما يسمى بعمليات الإفراج أحادية الجانب وبوادر ما يسمى بحسن النية، وشمول الصفقة عليهم يعني إعادة اللحمة والوحدة إلى الحركة الأسيرة الفلسطينية والتي دمر وفعل فيها الكثير أوسلو، وكذلك هذا يعني بالملموس أن تعود الثقة والتي ثلمت كثيراً بالمقاومة الفلسطينية وفصائلها وخياراتها المقاومة، وإبقاء جذوة الأمل عالية بين الأسرى ودب الحياة في جذورها المتيبسة من خلال عودة الحياة التنظيمية والثقافية والاعتقالية لمنظماتها ومؤسساتها.

وبالنسبة للتهدئة وصفقة "شاليط" فإن ما يقلق إسرائيل كثيراً في هذا الجانب، هو ما يرشح من معلومات عن قرب التوصل إلى اتفاق بين قوى المقاومة الفلسطينية في محادثات الحوار الوطني بينها، والذي سينطلق بشكل رسمي في الثاني والعشرين من الشهر الحالي في العاصمة المصرية، حيث سيتم استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء ملف الانقسام بشقيه السياسي والجغرافي، وهذا يعني بالأساس توحيد وتصليب الجبهة الداخلية الفلسطينية، وسقوط الرهان الإسرائيلي على استمرار الانقسام والضعف الفلسطيني، وبما يمكنها من استمرار اللعب على هذا الخلاف، والتهرب من دفع أية استحقاقات أو خضوع لمتطلبات العملية السلمية والإرادة الدولية، بالتذرع بعدم وجود شريك فلسطيني، وبالتالي تنفذ خططها وبرامجها في فرض شروطها وإملاءاتها وسياسة الأمر الواقع من أسرلة وتهويد وتطهير عرقي، دون أية ضغوط أو اعتراضات عربية ودولية جدية وحقيقية.

ومن هنا أرى أن إسرائيل قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات جوهرية في هذا الجانب، إذا ما شعرت بان ذلك قد يعزز من استمرار الانقسام الفلسطيني، وإسرائيل لا يهما من يحكم الضفة والقطاع قوى دينية أو علمانية، شريطة استمرار الانقسام والانفصال، وعلى أن يكون ذلك محكوم ومسقوف باتفاقات تهدئة مع إسرائيل، وبما يمنع المقاومة من التسلح ويبقي سلطتها في إطار السيطرة الإسرائيلية عليها والتحكم قي مفاصل حياتها الأساسية.

إن إسرائيل كعادتها دائماً تحاول حتى آخر لحظة، أن تمارس الضغوط على المقاومة الفلسطينية.
* راسم عبيدات