مصر والإضراب القادم

الأربعاء ١٨ فبراير ٢٠٠٩ - ٠٤:٥٨ بتوقيت غرينتش

يبدو أنه بات من الصعب توقع أي قطاع من قطاعات الشعب المصري سوف يعلن عن الإضراب القادم، بعد أن إمتدت المشاكل والأزمات إلى معظم فئات الشعب، فلم يعد هناك أي حرج في التأكيد على أن (الإضراب) لم يعد ثقافة عامة في الشارع المصري فحسب، ولكنه أصبح من عادات وتقاليد الشعب المصري، وبات راسخا لدى كل من يريد ان يطالب بحق من حقوقه، أو يعترض على سياسة ما، فلم يعد هناك جهه لم تضرب ربما سوى الحزب الحاكم!. ومع ذلك الأمر حدث بالفعل داخل الحزب، ولكنه تم من خلال إستقالات جماعية تركزت معظمها في العام الماضي.

العام الماضي شهد العديد من الإضرابات، وإستحق بأن يوصف بأنه عام الإضرابات والإعتصامات، ووصل الأمر إلى ذروته بالإضراب العام الذي دعت إليه مجموعة من القوى السياسية والأحزاب المعارضة، والذي حفر في الذاكرة المصرية بإسم "إضراب 6 أبريل" والذي خلف حركة شبابية تحمل الإسم ذاته.

ولكن على خلاف ما توقعته الحكومة التي حاولت أن تضرب بيد من حديد على منفذي مثل هذه التحركات، ووصل الامر إلى إعتقال فتاة هي "إسراء عبد الفتاح" وتوجيه تهمة الدعوة إلى الإضراب العام لها بهدف ردع باقي المواطنيين أو على الأقل من أبناء جيلها عن القيام بمثل هذه الدعوات، غير أن المفاجأة هي أن الحكومة نفسها لم تعد قادرة على توقع أي جبهه من الجبهات سوف تفتح غدا، أو الأسبوع القادم أو ربما خلال هذه الساعة، بعد أن أصبح الإضراب أو الإعتصام لدى المصريين هو الحل، الذي يمثل أقصى سبل إنتزاع الحقوق.

الفترة الاخيرة شهدت عدد من الإضرابات والإعتصامات، ولا يمكن فصلها عن تحركات سياسيه أخرى تتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي حصر التحركات الشعبية التي بدأت منذ اليوم الاول في عام 2009، بالتضامن مع غزة، والتنديد بالحكومة المصرية بسبب موقفها من الحرب، والمزاعم بأنها تعمدت غلق المعبر وساهمت في الجريمة الإسرائيلية.

الأمر إستمر حتى إنتهت الحرب في الأسبوع الأخير من شهر يناير 2009، غير أن جماعة الإخوان أرادت ألا تفوت باقي الشهر من دون أن تحرك المواطنيين أو على الأقل المنتمين لها، فدعت إلى الإضراب والتظاهر للضغط على الحكومة تحسبا لعدوان إسرائيلي جديد، وهنا إنتهى الشهر الاول من العام، ليبدأ الشهر الجديد الذي كان عنوانه الإضراب من أجل الداخل، بعد أن مضى الشهر الاول محسوبا على غزة!.

الفترة الأخيرة شهدت إضراب السائقين وأصحاب المقطورات، لإعتراضهم على إلغاء العمل بتراخيص هذا النوع من وسائل النقل خلال فترة لا تتناسب مع تقنين أوضاعهم، الأمر الذي أدى إلى مبالغة كبيرة في أسعارالسلع التي ترتبط بهذا القطاع، وربما سيكون الحل بالنسبة لتلك المشكلة في تمويل الحكومة لشرائهم شاحنات جديدة، لدعمهم بعد أن يتوقف العمل بنظام المقطورات التي تتسبب في معظم حوادث الطرق، وقد سبقهم إلى ذلك سائقي القطارات وعمال السكك الحديديه إعتراضا على قلة الحوافز.

تلى ذلك إضراب من نوع جديد، من الممكن وصفه بأنه الإضراب الأكثر إنعكاسا على الشارع، حيث أضرب أصحاب الصيدليات إعتراضا على قرار خاص برئيس مصلحة الضرائب في عدم الإعتداد بهم كمشروعات صغيرة ومن ثم إلغاء إتفاقية 2005 ومحاسبتهم ضريبيا بشكل جديد يزيد عليهم الأعباء، ويرفع سعر الدواء أيضا.

ولكن مع ذلك عانى المرضى أشد المعاناة أمام الصيدليات التي حددتها الحكومة للحصول على الأدوية، كما أن بعض الصيدليات مازالت مضربة على الرغم من إعتذار وزير المالية يوسف بطرس غالي عن قرار رئيس مصلحة الضرائب، وفتح باب التفاوض مع النقابة العامة للصيادلة، وإمكانية التوصل إلى حل، ورغم إعلان النقابة تجميد الإضراب حاليا.

ومع ظهور بوادر أمل للحل في هذه القطاعات الحيوية، ظهرت بوادر جديدة للإضرابات في مصر، تتمثل في المحامين، والعاملين في الإدارات التعليمية، وأخيرا العاملين في القناة الرابعة بالتلفزيون المصري.

فقد قرر عدد من المحامين بدء اعتصام مفتوح اليوم الأربعاء بمقر النقابة العامة، وذلك فى محاولة للضغط على الحكومة للتراجع عن تمرير مشروع القانون الجديد الخاص برسوم التقاضي الذي اعتبروا أنه لا يؤثر سلبيا على أدائهم وعملهم فقط بل على مستوى التقاضي وحقوق المواطنين فى اللجوء للقضاء.

وأكدت حركة "محامون ضد زيادة الرسوم" التى تشكلت مؤخرا بمشاركة من مختلف التوجهات والتيارات فى النقابة، أنهم لن يتراجعوا عن التصدي لمثل هذا المشروع الذى يمثل حرمانا للمواطن من الالتجاء إلى قاضيه طلبا لحق أو لرفع ظلم عنه، وذكرت الحركة أن المشروع غير دستوري ويعتبر اعتداء على الدستور بما يضعه من عراقيل وعقبات مادية متمثلة فى رسوم لا طائل للمواطن العادى بها.

وقالت حركة "محامون بلا قيود" إن مشروع زيادة الرسوم اعتداء على مهنة المحاماة وضربة جديدة للمهنة، معتبرة أن المحامي صاحب رسالة تقديم العون لصاحب حق تعرض للظلم.

وربما للمرة الأولى يبرز إسم الإضراب مرتبطا بإتحاد الإذاعة والتلفزيون في مصر، والذي من المفترض ان العا