مصر والدور الداعم لاسرائيل في التهدئة

الخميس ١٩ فبراير ٢٠٠٩ - ٠٣:٠٤ بتوقيت غرينتش

في وقت سابق كتب رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الحرب الإسرائيلية عاموس جلعاد: "إنّ مصر الآن تختلف عمّا كانت عليه سابقاً فهي تمرّ في الفترة الحالية بمرحلة تغيير للتصورات، ويمكن لإسرائيل ان تعوّل عليها أكثر من ذي قبل، حيث بدأت مصر تتعامل مع حماس على أنّها عدو، وهي ترى في حماس عدواً يمكن أن يتحالف مع تيّارات إسلامية داخل مصر والتي تعتبرها القيادة المصرية عدواً لهم في الداخل".

الى ذلك ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت في وقت سابق واثناء العدوان على غزة "أنّ مصر تضغط بشكل كبير وعنيف على حماس وبدأت بتخييرها وتهديدها بين توقيع الهدنة مع إسرائيل أو دخول العملية العسكرية الإسرائيلية مرحلتها الثالثة خلال أيّام واحتلال مدينة غزّة وبالتالي سقوط حماس في القطاع".

لكن محللون سياسييون يؤكدون ان مصر معنية الآن بكسب ثقة حماس بعد ان اصبح الميزان يميل لصالحها وذالك من اجل تمرير مبادرتها المنسجمة مع الرؤية الإسرائيلية واستعادة دورها المركزي في القضية وبعد ان ضعف دور الرئاسة الفلسطينية ومصر تدرك أيضا انه لا يمكن لعب دور في الأزمة القائمة دون التعاطي مع المقاومة كقوة مسيطرة على الشارع الفلسطيني واثبتت قدرتها ووجودها !

وفي تطور مسبوق ومتوقع ، اكد رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي المستقيل ايهود اولمرت ان اتفاق التهدئة مع حركة حماس والذي وافقت عليه الحركة بعد مفاوضات ماراثوينة قادها المفاوضون المصريون برئاسة رئيس المخابرات العامة عمر سليمان، واشترط الإفراج أولا عن الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط قبل التحدث عن اية تهدئة مع فصائل المقاومة.

وتبنى المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في اسرائيل في اجتماعه الذي عقده الأربعاء بالاجماع ما سبق وأعلنه أولمرت أمس باشتراط اي تسوية مع حركة حماس بما في ذلك فتح المعابر على حدود قطاع غزة بإطلاق شاليط.

لذلك هاجم رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الحرب الإسرائيلية، عاموس جلعاد، بشدة رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود اولمرت، على خلفية تغيير إستراتيجية المفاوضات مع مصر حول تبادل الأسرى مع حماس والتهدئة في قطاع غزة، واتهمه بإذلال مصر والمس بالأمن القومي الإسرائيلي.

ونقلت صحيفة "معاريف" الأربعاء، عن جلعاد قوله "إنني لا أفهم لماذا يحاولون في مكتب أولمرت إذلال المصريين؟ هذا جنون. فمصر تعد الحليفة الوحيدة لنا بالمنطقة !! إنهم يمسون بالأمن القومي الاسرائيلي".

وكتب المحلل السياسي لمعاريف" بن كسبيت" أن هذا الهجوم من جانب جلعاد على أولمرت والمسؤلين في مكتبه، جاء بعد النشر في معاريف، أمس، عن أن جلعاد يعمل في مسار منفرد أمام مصر ويجرّ أولمرت إلى اتفاقيات لا يريدها الأخير.

لكن اتهامات جلعاد لأولمرت والمسؤولين في مكتبه تظهر، أكثر من أي شيء آخر، حجم الخلاف بين أولمرت وجهاز الأمن، وخصوصا وزير الحرب ايهود باراك، حول مضمون الاتصالات مع مصر فيما يتعلق بتبادل الأسرى والتهدئة.

وبحسب كسبيت فإن جلعاد، وهو مبعوث إسرائيل للمفاوضات مع مصر، أدلى بأقواله هذه أمام أحد المقربين منه بعد أن اطلع على انتقادات مكتب أولمرت ضده والتي اعتبرها أنها تمس بمصداقيته.

وحول المفاوضات مع مصر قال جلعاد إن "المصريين يبدون شجاعة مذهلة ومنحونا حرية عمل وهم يحاولون التوسط ويبذلون جهدا ويظهرون رغبة لم يظهروا مثلها من قبل". وأضاف أن الرئيس المصري يتصرف باستقامة وشجاعة. فمعبر رفح مغلق وحماس تحت الحصار.

وهل نعتقد نحن أنهم (أي المصريين) يعملون لدينا؟ فالحديث يدور عن دولة يبلغ عدد سكانها 85 مليونا. وهي دولة كادت تقضي علينا في العام 1948 ووجهت ضربة في حرب العام 1973. وانظر إلى ما يحدث في المنطقة وكيف يثور البركان وكل شيء عاصف. كما أن لديهم الأخوان المسلمين، أنظر إلى الأردن وتركيا، هل نريد أن نخسر كل هذا؟".

وحول صفقة تبادل الأسرى واستعادة الكيان الإسرائيل للجندي الأسير لدى المقاومة، جلعاد شاليط، قال جلعاد إنه "ليس واضحا ما نريده في هذه القضية أيضا. أين عوفر ديكل؟"، مبعوث أولمرت لشؤون الجنود الأسرى والمفقودين، "وبحسب معلوماتي فإنه ليس هنا أصلا، ولم يكن في القاهرة منذ فترة طويلة.

واتهم جلعاد مكتب أولمرت بالتقاعس في معالجة قضية شاليط، وقال "لقد مرروا 70 اسما (لأسرى وافقت إسرائيل على إطلاق سراحهم) وهذا كل شيء. هل يريدون إعادة شاليط هكذا؟ إذ أنه في حال قرروا إطلاق سراح الأسرى سنستعيد جلعاد في اليوم ذاته". وتابع جلعاد "لقد نجحنا في الربط بين المعابر وشاليط، وهو ربط جزئي لكنه هام. فهم (في قطاع غزة) لا يحصلون على اسمنت وحديد أو مواد كهذه لكن عدا ذلك نحن لا نفعل شيئا. وحتى الآن لم ينشغل رئيس الحكومة بهذا وفجأة قلبوا النظام. فجأة أصبحوا يريدون جلعاد أولا. وأنا لا أفهم هذا وإلى أين يقود هذا التحول، هل يريدون إذلال المصريين؟ أن يدفعوهم إلى سحب يدهم من كل هذه القصة؟ ماذا سنستفيد؟ هذه أكاذيب".

ومضى جلعاد "من سيحضر البضائع الى غزة بدل