لماذا تتعمد قطر والسعودية تشويه الربيع العربي ؟

لماذا تتعمد قطر والسعودية  تشويه الربيع العربي ؟
الأربعاء ٢٢ مايو ٢٠١٣ - ٠٥:٢٢ بتوقيت غرينتش

لم يعد يخفى على احد الدور القطري والسعودي في سعيهما المحموم لتشويه دول الربيع العربي باشكال مختلفة سواء بدعم القوى السلفية لتجنح الى منطق العنف والقتل امعانا في افشال بعض تجارب الاسلام السياسي التي تصاعدت رصيدها الشعبي في خضم عملية الاطاحة بالنظم العربية الاستبدادية والتي تعاني اليوم من مشاكل جمة وتزيدها القوى المتطرفة الميالة الى العنف والقتل مزيدا من التعقيد والاحباط ومن ثم الهزيمة والفشل علها تجد متنفسا لها من وراء هذا الفشل ، وتحصل على مبررات لدى الشارع العربي بضرورة استمرارها ، وكونها مقبولة لدى شعوبها التي لم تخرج بعد بشكل كثيف للتنديد بالنظام الحاكم .

واكثر من ذلك تقدم بعض دول مجلس التعاون وخاصة السعودية وقطر الوان من الدعم اللوجستي لقوى تدعي محاربة تطرفها وجنوحها  الى العنف، ولكنها تقدم لها انواع من الدعم بهدف توسيع رقعة نشاطها لتشمل بعض الدول التي تعاني بشكل جلي وواضح من هكذا اوضاع متردية كما في سوريا لعلها تحقق بعض طموحات القوى الدولية الطامحة الى تغيير الخارطة السياسية لكل ارجاء المنطقة وليس العراق وحده او سوريا وحدها.
 

هناك الكثير من القوى تتربص  بالربيع العربي الدوائر ، وتود الايقاع به حتى من داخل البلدان العربية خاصة النظم الهاربة من وجه العدالة ، وتحاول ان تخفي ملامحها الكالحة من خلال افشال الاخر بين ظهرانيها ، لكي تظهر شيئا من نعيم الاستبداد والديكتاتورية ، امام فوضى وماسي الديمقراطية، في مجتمعات لاتزال في بداياتها على صعيد تعلم الديمقراطية كممارسة وليس قرارات تتخذ من فوق .
 

ولعل اعلان السعودية بان البحرين خط احمر امام أي محاولة دولية لاحداث نقلة في وضعها الداخلي الملتهب وارسالها وحدات عسكرية الى البحرين بذرائع غير مقنعة هي واحدة من الاساليب السعودية التي تواجه المزيد من النقد .


وان التدخل السعودي والقطري السافر في الشان السوري يدخل ضمن استراتيجية هذن البلدين في القيام بتحركات محمومة لتحصين وضعهما وتكريس بقاءهما في السلطة .


وليس بخاف على احد ماقامت به قطر من دورفاضح ضد نظام القذافي ودورها في الاطاحة به جنبا الى جنب مع التدخل العسكري الاوروبي في اطار الحلف الاطلسي .


هذه الانتقائية والتعامل السلبي مع دول الربيع العربي ابتداء بتونس ومرورا بمصر ودول اخرى حاولت ولاتزال تحاول الانخراط في الحركة التاريخية للربيع العربي الا انها تواجه رفضا من بعض الانظمة الكلاسيكية في المنطقة وصاحبة اليد الطولى في الااحداث الجارية في البحرين  او ماتم ايجاده من تغيير سلمي في اليمن ، ومحاولة فرض ربيع مصطنع على سوريا  كلها تعكس الرغبة الاميركية في تعاملها مع احداث العالم العربي وفق اشكال متعددة بما يضمن استمرار مصالحها في المنطقة ، وكذلك استمرار الانظمة التي فاتها منذ امد بعيد قطارات الاطلاح والتغيير الديمقراطي الا انها لازالت باقية بفعل خدمات السمسرة السياسية واسراع دول في الاستجابة لرغبات الغرب بزعامة اميركا .


   دول مجلس التعاون والقراءة الخاطئة لرسالة الربيع العربي

لايخفى على أحد ان التغييرات الواسعة والدراماتيكية التي شهدتها بلدان عديدة في العالم العربي في خضم مااصطلح عليه بالربيع العربي او ربيع الثورات العربية قد وجهت رسالة سياسية وحتى استراتيجية مفادها ان التغييرات العربية هذه سوف تواصل زحفها الى البلدان العربية الاخرى التي لاتزال بمنأى عن هذه التغييرات ، وستفرض نفسها ان عاجلا او اجلا خصوصا في الدول التي لاتزال في اخر سلم الديمقراطية والتعددية السياسية والحريات الفردية والاجتماعية والتداول السلمي للسلطة .


ومن المؤكد ان مشيخات وملوك دول مجلس التعاون هي ايضا مرشحة للتغيير ، ومطلوب منهم القيام بذلك ، لكن الكسل السياسي  وقصر النظر المعيق عن التحليل الجاد والتفكير السليم، واعتماد نظرية المؤامرة المدعوم بالغطرسة السياسية قد اصابتهم بمرض عمى الالوان وعدم التمييز بين النصائح حتى تلك الصادرة من حلفاءهم الرئيسيين قد جعلهم بعيدين عن اجراء الاصلاحات المطلوبة والضرورية ولو بالحد الذي يؤمن لهم بعض التجديد والحيوية لنظمهم السياسية المتخلفة وتعد السعودية نموذجا بارزا لها .


من المؤكد ان اجراء اصلاحات في دول مجلس التعاون يعد امر لاغبار عليه ولاهو ضرب  بالغيب ، وانما حقيقة توصل اليها الباحثون في نفس الدول المرشحة للتغيير ،  وعلى سبيل المثال الدراسة الجادة التي كتبها الدكتور محمد بن صنيتان رئيس مركز ساس الوطني لاستطلاع الراي العام والبحوث في المدينة المنورة بعنوان ( مستقبل الانظمة الخليجية والمتغيرات الاقليمية والدولية ) قال فيها ضمن تقييمه للثورات العربية واثارها : ( ولا نعتقد ان بلدان الخليج ، بما فيها العربية السعودية ، ستكون قرية محصّنة من تداعيات هذه الثورات عليها لمدى متوسط او طويل ) .


ويرى الباحث السعودي ان هناك اربعة اشكال للتغييرات المحتملة في الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي فيما لو احسنت قراءة رسالة الثورات العربية ، حيث يقول : ( لن تصمد دول الخليج كثيرا و ستقدم على تنازلات أحيانا مرة باتجاه مشاركة شعبية أوسع في حقل السياسة من خلال تمثيل الشعوب و نخبه في هيئات منتخبة . قد نتجه إلى انفتاح النخب الوزارية أكثر على أبناء الشعب من غير الأسر الحاكمة و قد نتجه إلى هيئات برلمانية هي مزيج من التعيين أو الانتخاب و لكن و في كل الحالات ستتغير الأمور و قد تستبق هذه الأنظمة الأمور و تقدم على إصلاحات ذات دلالة. وإلا فالبديل حراك الشعب الاحتجاجي وهذا ما لا نتمناه ) .


وفي ختام الدراسة يعرب الباحث السعودي عن خشيته من القراءة الخاطئة للثورات العربية من قبل الدول الخليجية بل والعمل على معاقبة تلك الثورات وخنقها ماليا وسياسيا كاسلوب لانقاذ الذات ، حيث كتب يقول : ( ولكن أخشى ما أخشاه ولا أتمنى ذلك طبعا أن تتحالف أنظمة الخليج لمحاصرة موجة التغيير في الوطن العربي فتعاقب تلك الثورات و تخنقها ماليا و سياسيا . أما داخليا فإنها قد تبادر إلى اتخاذ إجراءات قسرية أمنية أو تبني حلول تلفيقية معيشية دون تبني التغيير الجوهري في النهج السياسي الحالي ودون إعطاء الخيارات الواسعة للقادرين من أبناء الشعب للمشاركة في إدارة شؤون أوطانهم ) .


وبعد تاكيد الباحث ان من يظن استمرار الوضع الخليجي على ماهو عليه دون تغييرات مقنعة للشارع وللنخب المثقفة فانه واهم بالتأكيد لينتهي في ختام البحث الى القول : (ولا يمكن أن يظل الحال كما هو عليه لوقت طويل. ولا يمكن أن تتراجع النخب وأوساط عديدة من الشعب في مطامحها و هي ترى أن شعوب كامل المنطقة أو جلها تحقق رغبتها في الحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان ) .

 

*عبد الجبار كريم