على اعتاب الذكرى الرابعة والعشرين لرحيله المفجع :

الامام الخميني (رض) قائد من طراز خاص

الامام الخميني (رض) قائد من طراز خاص
الإثنين ٠٣ يونيو ٢٠١٣ - ١٢:٢٥ بتوقيت غرينتش

الامام الخميني ( قده ) الغائب الحاضر الذي اضاف تعاريف وخصوصيات جديدة لعلم القيادة، حيث ان نجمه بقي محافظا على تألقه رغم كل الصعوبات التي مرت على الامام وقيادته للثورة الاسلامية بكل جدارة واقتدار سواء قبل او بعد الانتصار ، وهذه الميزة القيادية النادرة يراها البعض اضافة جديدة للتعاريف المقدمة لمفهوم القائد والقيادة .

شخصية قيادية ذات كارزمة عالية جدا استطاعت ان  تجمع كل فئات الشعب على اختلاف توجهاتها ومشاربها تحت عباءته ، وتحقيق اكبر انتصار تاريخي  ومنعطف كبير في تاريخ شعوب العالم وحضاراتها ، حتى ان مفكرا كبيرا كميشال فوكو الفرنسي قد زار ايران مرتين في  قمة الفوران الشعبي ، وكان على اعتقاد بان هذه الثورة ستحمل بشائر التغيير في العالم ، وكتب مقالات عدة بهذا الشأن ودعا الى فكرة الروحانية السياسية وضرورة تزريق السياسة  بقيم اخلاقية وروحية  لتكون في خدمة الانسان وليس العكس .

صفات عديدة اطلقت على الامام الراحل ( قده ) تعظيما وتكريما لدوره التاريخي ، فكتب احدهم بانه اخر حملة الرسالات حسب مقال كتبه رئيس تحرير السفير اللبنانية  طلال  سلمان عندما فجع الملايين برحيله ، ووصفه اخر بانه اضاف تعريفا جديدا لعلم القيادة حيث انه استقبل  بخمسة ملايين وودعته الى مثواه الاخير عشرة ملايين دون ان تتزعزع مكانته القيادية قيد انملة .. حتى ان الكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل وصفه بانه كان يشكل بمفرده عدة صواريخ نووية .

ان شخصية عظيمة كالامام الراحل  التي غيرت وجه التاريخ بثورته التاريخية التي اصبحت اليوم تيارا عالميا متمثلا بالصحوة الاسلامية العالمية وماتمثله الجمهورية الاسلامية اليوم من تجربة اسلامية حضارية  ..  لايمكن لهكذا شخصية ان تغادرنا بكل سهولة ، فلازال منهجه هو الذي يصون الامة من االتخبط ، ويهديها الى سواء السبيل ، انه الحاضر بمنهجه ، والحاضر بدولته الكريمة التي ارسى اسسها العادلة ، انه الامام الخميني رض  الحاضر  الغائب او  الغائب الحاضر دوما .

لقد وصف احد المراسلين الغربيين التشييع المليوني للامام الراحل ( قده ) وقال كلمة بليغة في حينه بان هذا الرجل سيبقى يحكم من قبره لثلاثين عاما قادمة على الاقل ، واليوم نجد رائحة الامام المعطرة الزكية تشم من كل تركته الثرة وخاصة من اريج الثورة التي تابى ان تغادر  الشعوب المظلومة الا ان تحقق فيها رسالتها ، وها هو الاسلام السياسي اليوم الذي يحقق نجاحات باهرة في العديد من بقاع الارض وخاصة في العالم العربي والبلدان التي تشهد غليانا جماهيريا وتعطي الجماهير العريضة كل ثقتها للخيار الاسلامي ، املين ان لايخلف قادة هذه ا لبلدان الجدد نماذج متخلفة من الوعود التي اعطتها للجماهير التي لاتزال تأمل خيرا من ورائهم املين ان لاتصاب  بخيبة امل مما يجري على الساحة  الان حيث الدوائر الغربية تبدع اساليب مختلفة في معالجة وتشويه  الصحوة الاسلامية العالمية التي انطلقت ببركة القيادة التاريخية والربانية للامام الخميني قدس سره وطاب ثراه .

 لعل القليل يتذكرون ماكان يؤكد عليه الامام الراحل من ضرورة ايجاد اجوبة لكل التحديات المطروحة على الاسلام ، وعلى ان أي عجز في الاجابة هو دليل على عجزنا نحن وليس الاسلام ، محذرا من تقديم تجارب بائسة باسم الاسلام ومؤكدا في الوقت نفسه بان أي انتكاسة في التجربة الاسلامية المعاصرة ستؤدي الى انتكاسة في المسيرة الاسلامية لقرنين من الزمن على الاقل لايستطيع المسلمون ان يرفعوا رؤوسهم لفترة طويلة ، ومن المؤكد ان ابداعة الامام الخميني ( قده ) في تشكيل مجمع تشخيص مصلحة النظام الاسلامي كانت مبادرة رائعة من جانبه في حل اشكالات كثيرة وجوهرية مطروحة على صعيد الحكم الاسلامي بحاجة الى حلول واقعية وعملية تجنب الرسالة الاسلامية والواقع المعاصر من التعاطي الخاطئ والمعالجات غير العلمية وغير العملية .

وبعبارة موجزة نقول ان الامام الخميني ( رض ) كان نموذجا حيا لدور الرجل التاريخي ، وقلما يجود الدهر بمثله ، ومن الصعب ان تغادر مثل هذه الشخصية العظيمة  ساحة الفعل التاريخي ، خاصة بعد ان ترك تجربة ثرة واثبت بجدارة انه رجل دولة بعد ان جسد وبصورة رائعة كونه رجل ثورة .

 *عبد الجبار كريم

 

تصنيف :