الأقصى وسيناريو "تهويد" العقليات التكفيرية

الأقصى وسيناريو
السبت ١٩ أكتوبر ٢٠١٣ - ٠٧:٥١ بتوقيت غرينتش

لعل المثل الرائج "غاب القط .. إلعب يا فأر" ، هو خير تعبير لما يمارسه شذاذ الافاق الصهاينة راهنا ، من استفراد حاقد بالقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك وعموم فلسطين المحتلة ، توخيا لتهويدها بالكامل حسب منظور "اعلان آنابوليس".

فحسب التقارير الواردة فان قطعان المستوطنين اضحت تقتحم باحات المسجد الأقصى جهارا نهارا كما حصل يوم 11اكتوبر2013 ، و حاولت ذلك  الجمعة 18 اكتوبر2013، كما عمدت الى ممارسة هذا العدوان السافر مرات عديدة في السابق وسط صمت مطبق بات مخيما على المسلمين والعرب شعوبا وحكومات.

ويتعمد المستوطنون رفع علم "اسرائيل" الغاصبة فی المداهمات التي يقدمون عليها امام عدسات التلفزة والصحافة للحرم القدسي بدعم من افراد الجيش الصهيوني وفي ظل خطة مبرمجة لتهويد هذه المدينة المباركة وطمس معالمها الدينية، اضافة الى محاولة هدم المسجد الاقصى الشريف بذريعة بناء "هيكل سليمان" على انقاضه ، المؤامرة التي يتم تنفيذ فصولها تدريجيا عبر الحفريات الجارية منذ سنوات طويلة تحت المسجد بدعوى البحث عن الهيكل المزعوم .

ويأتي ذلك تزامنا مع تصاعد وتيرة عمليات توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقسم الشرقي لمدينة  القدس المحتلة بنسبة 70 بالمئة منذ بداية العام الحالي مقارنة بالعام الماضي2012، حيث اكدت التقارير الاخبارية  قيام الكيان الصهيوني ببناء أكثر من ألف وسبعمائة وحدة سكنية خلال النصف الأول من السنة الجارية 2013.  

اللافت ان جرائم انتهاك قدسية الحرم الشريف تنفذ بزعامة الحاخامات المتعصبين الذين   يسعون خداعا لإسباغ "صبغة دينية" على هذه الخروقات والسلوكيات، على الرغم من انها منافية للقيم السماوية والقوانين الدولية في آن معا.

فالمسجد الاقصى هو معبد للمسلمين خاصة دون سواهم وقد كان قبلتهم الاولى قبل ان يولوا وجوههم شطر الكعبة المشرفة في البيت الحرام . كما انه يقع ضمن المنطقة المحتلة المنصوص عليها في القانون الدولي حسب القرارين الصادرين عن مجلس الامن  عامي 1967 و1973.

اما ما يتبجح به الصهاينة حول "حائط المبكى" فإنه يقع حسب مزاعمهم هم  خارج الحرم القدسي، وقد كان اليهود المتدينون يمارسون طقوسهم عنده قبل احتلال فلسطين ،  وقد صار الامر يتم بكثافة لكن مصحوبة بالوقاحة والاستهتار والرعونة بعد احتلالها رسميا عام 1948.

 المعيب بل المثير للادانة والاستنكار وبأشد الألفاظ في هذا المضمار، هو ان جميع الانتهاكات الاسرائيلية، كانت وما انفكت ترتكب بمباركة "اميركية-اوروبية"،على خلفية التعاطف الغربي مع الشعارات التلمودية المزعومة، الشيء الذي يتجلى عبر التغاضي عن ما يقوم به جيش الاحتلال و قطعان المستوطنين المعززين بآلة القتل ، والتغطية على سياسات القمع و الارهاب المنظم التي تطبقها "الدولة العبرية" منذ اكثر من 65 عاما حيال اهل الديار الفلسطينيين ، لاسيما المتمسكين منهم بالأرض والمدافعين بغيرة لاتوصف عن الحرمات والمقدسات.

في المقابل فإن المشهد العام من قبلنا يحكي هوالآخر حالة مزرية جدا من الاحباط والمهانة والتهرب من المسؤولية ، وذلك اذا ما لاحظنا انشغال بعض بني جلدتنا بمعارك هامشية لاطائل من ورائها سوى تقطيع الأوصال ومضاعفة الآلام وتسعير النعرات في صفوف امة الرسول الاعظم محمد بن عبدالله (ص) . فالعدو يعرف قبل الصديق بأن هذا الواقع المأساوي يضغط على جسد (فلسطين والقدس الشريف) بأشد مما يقاسيه تحت وطأة الاحتلال الصهيوني المسخ على امتداد عشرات السنين.

من الواضح ان الصراعات والازمات الداخلية المأساوية في العالم الاسلامي، حولت الانظار عن الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة لحرمة اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، اذ لايكاد يمر يوم الا ويتخذ المحتلون والمستوطنون فيه اجراءات اضافية  لتضييق الخناق على المسجد الاقصى بغية استباحته على مرأى ومسمع ادعياء مايسمى ب"الشرعية الدولية" ، رغم ان قوانينها تعتبر (القدس) مدينة محتلة وفقا للقرارين242 و338.

ولن نجافي الواقع ابدا إذا قلنا ان "اسرائيل" تغذي هذه الفتنة السوداء بكل ما اوتيت من وسائل مكر ودهاء ولاسيما من خلال سيناريو "تهويد العقول المتزمتة" للتكفيريين في منطقتنا، من الذين تنصلوا عن تكليفهم الديني الحقيقي في وجوب مكافحة الاعداء المحتلين للاقصى الشريف، وباتوا عوضا عن ذلك يخوضون في دماء المسلمين والعرب بكل حقد وكراهية وعنف ، تماما مثلما فعل الصهاينة عبر مجازرهم البشعة في (ديرياسين) و(صبراوشاتيلا) و(قانا) والكثير الكثير من جرائم الحرب الاخرى التي يندى لها الجبين .

لكن من المهم القول هنا ايضا : ان هذه الظروف والاوضاع المؤسفة لاينبغي لها على الاطلاق أن  تضرب بظلالها على ارادة ابناء الامة الاسلامية والعربية او أن تؤخر مسيرتهم النهضوية في زمن الصحوة المباركة ، لأنهم هم من صنعوا اعظم الملاحم الخالدة في عصرنا الراهن،عبر انتصار المقاومة الباسلة بقيادة حزب الله لبنان على العدو الصهيوني في  تموز2006، وبواسطة تصدي (غزة) الفلسطيني الرائع لآلة الحرب الاسرائيلية في العامين 2008 و2012.

* حميد حلمي زادة