إتفاق إيران النووي هزيمة للناتو بأفغانستان ومقدمة الحل في سورية

إتفاق إيران النووي هزيمة للناتو بأفغانستان ومقدمة الحل في سورية
الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣ - ١٢:٤٣ بتوقيت غرينتش

خمسة أيام من المفاوضات إختزلت أكثر من عشر سنوات من التفاوض التصاعدي, فمن يتذكر الحملات الإعلامية التي ترافقت مع بناء محطة بوتشهر الكهروذرية سيتسائل كيف إعترف الغرب بإيران النووية بعد أن كان يرفض فكرة توليدها الكهرباء من الطاقة الذرية سابقاً, والسؤال الأهم هل خسرت واشنطن صراعها النووي مع إيران..؟؟!!

ومن المؤكد أن الجواب نعم خسرت ولكن لم تخسر صراع الملف النووي فحسب بل خسرت صراعها الجيوسياسي مع طهران وخسرت مشاريع الطاقة التي قاتلت لأجلها عقودا من الزمن.

المقربون من دوائر القرار في العالم يدركون تماماً أن الملف النووي الإيراني لم يكن سوى حجة أمريكية في صراعها مع إيران, حيث أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تعلن نيتها بناء سلاح نووي ولم تحاول حتى السير في مشروع نووي عسكري, ومايؤكد هذا الكلام هو الإتفاق الأخير مع إيران حيث كان بوسع الغرب قبل سنوات الحصول على شروط أفضل بكثير من ذلك وكان يمكن أن لا تبدأ إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% داخل حدودها, ولكن الغرب فوت كل فرص تفاوضه مع إيران لأن السبب الحقيقي ليس الملف النووي الإيراني بل هو صراع جيوسياسي متعلق بالطاقة والمطامع الأمريكية للوصول الى ثروات بحر قزوين ووسط آسيا, وحين خرج السفير الأمريكي في باكستان قبل بضعه شهور ليقول علناً بأن الولايات المتحدة تدعم خط غاز من تركمانستان غبر أفغانستان الى باكستان وتعارض خط الغاز الإيراني الى باكستان فالهند, كان من المتوقع أن يجنح الأمريكي الى التفاوض مع إيران, حيث أن الخط الذي تدعمه واشنطن تفاوضت لأجله أكثر من خمس سنوات وقاتلت لأجله أكثر من عشر سنوات بقي حبراً على ورق, في حين لم يكن بمقدور واشنطن أن تطلب من حليفتها باكستان وقف الشراكة مع إيران, وبالتالي منذ بدء مد خط الغاز الإيراني الى باكستان أصبح المطلوب أمريكيا طي الملف النووي الإيراني لأن قيام باكستان ببدء تنفيذ خط غازها الى إيران كان له قراءة واحدة وهي أن الناتو هزم في أفغانستان وتوقفت واشنطن عن أحلامها بمد خط غاز عبر أفغانستان بعد كل تلك السنوات التي هدرت في الحروب وفي التفاوض.

الجانب الآخر للإتفاق بين إيران والدول الست هو ما أعلنه الوزير الروسي سيرغي لافروف الذي قال أن الإتفاق مع إيران جرى حسب رؤية الرئاسة الروسية, وبالتالي هو تبنّي أمريكي للموقف الروسي في الملف النووي الإيراني سبقه تسريبات كتبت عنها سابقاً وتفيد بأن الأمريكي ضمنياً تبنى الموقف الروسي تجاه الملف السوري, وبالتالي الحديث يدور عن تسوية دولية نتجت عن صمود محور المقاومة من جهة, ومن جهة ثانية نجاح الدبلوماسية الروسية في الشرق الأوسط كمقدمة لإصلاح المنظومة الدولية والإعلان عن إنتهاء القطبية الأحادية للعالم, وبالتالي صمود محور المقاومة كان العامل الأساسي في إعادة التوازن للعالم وفي إنجاح الدبلوماسية الروسية, وهذا يؤكد بأن الإتفاق بين الدول الست وإيران ليس سوى ملف من ملفات أنجزت في دوائر القرار العالمية وسيتلوه الملف السوري لا محال ليصار لاحقاً لتسوية وضع إيساف في أفغانستان ووضع تصور لإطلاق عملية التسوية في الشرق الأوسط, لأن صمود محور المقاومة في العقد الماضي هو جزء من تغير السياسية الدولية والجزء الآخر يتعلق بنجاح موسكو في تشكيل حلف قوي وتطوير الترسانة العسكرية في روسيا بالتوازي مع تطوير الترسانة العسكرية الصينية فضلاً عن مجموعه بريكس التي لم تكن قوة إقتصادية فحسب بل كذلك قوة عسكرية وهنا تجدر الإشارة الى أن الهند وضعت أول حاملة طائرات عسكرية لها في المياه قبيل الإتفاق مع إيران بأيام وبالتوازي مع الإتفاق أجرت إختبارها لصاروخ بحر أرض يطلق من الغواصات, وبالتالي التسويات التي بدأت في العالم كان سببها الرئيسي صمود محور المقاومة بالتوازي مع تغير الموازين العسكرية في العالم الذي جرى في الوقت المستقطع لصمود إيران وسورية وحزب الله منذ أكثر من عقد من الزمن, ومن المسلمات بأن التوازن العسكري تغير تماماً ما بين مطلع أزمة الملف النووي الإيراني حتى إتفاق الدول الست مع إيران, وخلال هذه الفترة ظهرت أسماء عشرات الأسلحة الحديثة وإنقلبت الموازين العسكرية في الكثير من المجالات.

ومابين تبني الأمريكي للموقف الروسي تجاه النووي الإيراني وخياره الإلزامي لتبني الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية لاحقاً, يمكن القول بأن الخريطة السياسية والعسكرية للعالم تغيرت والمشروع الأمريكي الذي تهشم تماماً بعد إنتصار حزب الله في العام 2006 سيصبح خارج التداول بعد إنتصار سورية, ومع سقوط المشروع الأمريكي سيسقط تماماً المشروع التكفيري في المنطقة لانه مرتبط عضوياً بالتقسيم المذهبي الذي كانت تحلم به واشنطن, ويبقى السؤال هل يحق لمن يجب أن يتعظ من إتفاق إيران مع الدول العظمى أن يتعظ من هذا الإتفاق, أم لا يحق له أن يتخذ العظة من الأحداث السياسية, والسؤال الى دولة قال سيد المقاومة بأن أول حرف من إسمها المملكة العربية السعودية.
*كفاح نصر- بانوراما الشرق الاوسط