على الأخوة العرب ألا ينسوا فضل "إسرائيل" عليهم

على الأخوة العرب ألا ينسوا فضل
الثلاثاء ١٥ أبريل ٢٠١٤ - ٠٥:٥١ بتوقيت غرينتش

يوما بعد يوم أخذت تتكشف ملامح العلاقة الاستراتيجية التي تربط بين الكيان الصهيوني المغتصب لاقدس مقدسات العرب والمسلمين وبين الانظمة العربية الرجعية وفي مقدمتها الانظمة الخليجية ، تحت ذريعة مواجهة العدو المشترك ايران وحزب الله ومحور المقاومة.

ما كان يقال همسا في "اسرائيل" وفي الدول العربية وخاصة الخليجية حول العلاقات والاتصالات والاجتماعات بين زعماء هذه الدول، اصبح يقال بالعلن وبصوت مرتفع، اعتقادا من الجميع ان النزاع الطائفي الذي اشعلته الوهابية والصهيونية في منطقة الشرق الاوسط وخاصة في العراق وسوريا، قد اذهب القبح عن وجه "اسرائيل" وعن اقامة علاقات استراتيجية شاذة معها.

الملفت ان عمق العلاقة بين "اسرائيل" وملوك وأمراء ومشايخ الخليج الفارسي، خاصة أمراء ومشايخ السعودية والامارات والبحرين وقطر، والتي أقيمت بعيدا عن أعين شعوب هذه الدول الرافضة لأي تقارب مع مغتصبي القدس قبلة المسلمين الاولى، قلما يتطرق اليه احد من الجانب العربي الخليجي الا أمراء الشقيقة الكبرى السعودية! الذين فقدوا اتزانهم بسبب عقم سياستهم الاقليمية ، فلجاؤا الى سياسة زرع الفتن الطائفية في منطقة الشرق الاوسط لحرق الاخضر واليابس فيها.

اما في الجانب الاسرائيلي فليست هناك موانع تحول دون الاعلان عن قيام هذه العلاقة الاستراتيجية مع الجانب العربي وخاصة الخليجي، فهذا رئيس هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال الاسرائيلي، الجنرال بيني غانتس، افتتح صفحة باللغة العربيّة على موقع التواصل الاجتماعيّ (فيسبوك) لتمرير الرسائل إلى الجانب العربي، حيث كتب على صفحته الشخصيّة: "يُعلن كل من الشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية دعمهما للثورة السورية ولإسقاط النظام في سوريّة، ولن ننسى من سقط شهيداً للحرية .. على الثوار السوريين أنْ يعرفوا أننا خلفهم ونساندهم مثلما وقفنا معهم وساندناهم في البداية، وأتمنى من الإخوة العرب ألا ينكروا فضلنا وواجبنا الذي أديناه على أكمل وجه".

هذه العبارات القصيرة تشير الى عمق العلاقة والتنسيق بين "اسرائيل" والانظمة العربية الرجعية التي كانت تخجل قبل سنوات من الاعلان عنها صراحة بل انها كانت ترد على المسؤولين الاسرائيليين وتفند اقوالهم عن وجود مثل هذه العلاقة، بينما اليوم يتسابق امراء السعودية الى التنسيق مع "اسرائيل" لدرء الخطر الايراني والشيعي على المسلمين والصهاينة !!.

يحاول غانتس خلال صفحته الشخصية، مغازلة هواجس الانظمة الخليجية الرجعية ومن هذه الهواجس ايران وسوريا ومحور المقاومة فنقرأ في صفحته :" قام رئيس هيئة الأركان العامة, الجنرال بني غانتس باستعراض سلسلة طويلة من المسائل الإستراتيجية التي توجد على جدول أعمال جيش الدفاع الإسرائيلي خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن البرلمانية حيث أكد هذه المسائل: إيران تسعى نحو حيازة السلاح النووي، بحيث أنها لم تتخذ القرار بشأن تخطي الحد المسموح به من اعتباراتها الإستراتيجية. تهديد عسكري وضغط دولي- من شأنهما أن يؤديان إلى إيقاف إيران".

وتضيف الصفحة:" نحن نرى تدخلات كبيرة من جانب إيران وحزب الله في سوريا، جيش الدفاع يلاحظ حالة عدم استقرار متزايد في هضبة الجولان، جراء الأحداث الدائرة في سوريا، بما في ذلك ارتفاع عدد الأحداث في المناطق القريبة من الجدار ولكنه لم تصل الأوضاع إلى درجة النشاطات التخريبية المعادية ..إنّ نظام الأسد سيسقط في نهاية الأمر، وسقوطه سيحدث شرخاً في المحور المتطرف ولكن حتى سقوط نظام الأسد، ستكون المنطقة مليئة بعدم الاستقرار وبالنشاطات على طول الجدار، بما في ذلك عمليات التهريب".

يعرف الجنرال غانتس ان كلامه هذا يطمأن حلفاءه العرب من ان اسرائيل ستقف الى جانبهم في وجه عدوهم المشترك!! ، وفي هذا الشأن يقول : " إنّ النظام المركزيّ (السوري) آخذ بالضعف, وهو يفقد السيطرة .. وأنّه من الصعب رسم كيف ستبدو سوريّة في المستقبل. نحن نتابع التطورات عن كثب ومستعدون لأية إمكانية هجومية ستأتي من ذلك الاتجاه...إنّ خطر فقدان السيطرة هو خطر كبير، لكنني أريد أن أبقى هادئًا في هذه المسألة. يمكن العمل بصورة موضعية ويمكن العمل بطريقة إستراتيجية مُعقدة، لكنها بسيطة ميدانيًا، والعمل في كلّ سوريّة ... ان جيش الدفاع الإسرائيليّ مستعد اليوم أكثر مما مضى وبإمكانه العمل بصورة هجومية على كافة قطاعات والجبهات ضد حزب الله.. نحن مستعدون لأيّ احتمال ..لا أنصحهم بتجربة قوتنا".

أقوال غانتس جاءت متزامنة مع تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان المعروف بمخطط التطهير العرقي ضد العرب مع صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية، والتي من المقرر ان تنشر الصحيفة نص المقابلة بالكامل يوم الاثنين 14 نيسان / ابريل، حيث يؤكد ليبرمان ان "اسرائيل" ستطبع علاقاتها رسميا مع الدول العربية "المعتدلة" وخاصة الخليجية وان الاوضاع الحالية تغيرت كثيرا فهو يلتقي المسؤولين العرب وبشكل طبيعي جدا.

من كل ما تقدم لا يسعنا الا نقف امام عبارة رئيس هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال الاسرائيلي الجنرال بيني غانتس والتي قالها وبكل ثقة: "أتمنى من الإخوة العرب ألا ينكروا فضلنا وواجبنا الذي أديناه على أكمل وجه"، فثقة الرجل في محلها، فالكيان الصهيوني هو اخ وصاحب فضل فعلا على زعماء الانظمة العربية الرجعية، وقد امد ومازال يمد هذه الانظمة بكل اسباب القوة لديمومتها، عبر حمايتها أمنيا واستخباراتيا وحتى عسكريا ضد شعوبها ، في مقابل ان تشعل هذه الانظمة منطقة الشرق الاوسط بالفتن الطائفية لابعاد الخطر عن اسرئيل، والا فليس لغانتس وامثاله من الصهاينة اخوة بين الشعوب العربية وليس له فضل على أي عربي، فالشعوب العربية كما تكره وتبغض "اسرائيل" ، تكره وتبغض هذه أنظمتها الرجعية التي تبيع حتى الاوطان من اجل البقاء في الحكم.

فيروز البغدادي – شفقنا