السيد نصرالله: ما بعد حرب غزة ليس كما قبلها

السيد نصرالله: ما بعد حرب غزة ليس كما قبلها
الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠١٤ - ٠٤:٥١ بتوقيت غرينتش

أكد الأمين العام لـ"حزب الله" لبنان السيد حسن نصرالله أن المسار الفلسطيني في حرب غزة لم يكن متوقعاً لكنه لم يكن أيضاً مفاجئاً، مشيراً إلى أن "الإسرائيلي لا المقاومة هو من دفع الأمور في هذا الاتجاه منذ خطف المستوطنين الثلاثة"، موضحاً أن الطريقة التي تعاطى بها الکیان ليست طريقة من يفتش عن مخطوفين، معرباً عن اعتقاده بأن أحداً لم يخطط للحرب لكن "الإسرائيلي تدحرج والمقاومة تدحرجت."

وفي حديث إلى صحيفة "الأخبار" نشر الجزء الأول منه اليوم، رأى السيد نصرالله أن "المقاومة الفلسطينية لا تبحث اليوم عن نصر معنوي أو عن مخرج يحفظ ماء الوجه، وإنما عن إنجاز حقيقي هو رفع الحصار، ولو كان مكلفاً." قارئاً في ذلك نقطة قوة للمقاومة: أولاً لأن هذه إرادة كل فصائل المقاومة في غزة، وثانياً لأن هناك إرادة شعبية حقيقية في موضوع رفع الحصار باعتباره مطلباً شعبياً جماهيرياً غزاوياً إجماعياً.
وفيما أعرب السيد نصرالله عن اعتقاده بأن الکیان "علق" في غزة وأنه لم يحدد هدفاً، لاحظ أنه حاول كثيراً أن يستفيد من أضرار حرب تموز: وكانت هذه الحرب حاضرة في الإعلام الإسرائيلي منذ بداية حرب غزة. وشدد على أن "الإسرائيلي في مأزق، وربما كان تقديره أن المقاومة لا تملك إرادة الصمود وأن الناس لن يتحملوا هذا الحجم من التضحيات، كما كان يراهن على نفاد مخزون صواريخ المقاومة، وعندها يقول إنه أوقف إطلاق الصواريخ من دون أن يعطي مكسباً للفلسطينيين".
ونفى السيد نصرالله أن يكون أحد من الفصائل الفلسطينية قد طلب من "حزب الله" التدخل المباشر باستثناء ما قاله القيادي الفلسطيني موسى أبو مرزوق حول هذا الموضوع، مشيراً إلى أنه إذا كان مطلباً جدياً يُناقَش ضمن الدوائر المغلقة لا في وسائل الإعلام، معتبراً أن طرحه في الإعلام لم يكن مناسباً وهو يثير تساؤلات، وأكد أن خطوط الاتصال مع حركة "حماس" لم تنقطع في يوم من الأيام، وهي قائمة والتواصل دائم، نافياً أن يكون الحزب قد تواصل مع الحركة في شأن هذا التدخل، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الحرب على غزة سيكون لها تأثير دافع في العلاقة بين الحزب والحركة.
وأكد السيد نصرالله أن حرب غزة أخرت الحرب الإسرائيلية المقبلة على لبنان، مشيراً إلى أنه: ليس واضحاً ضمن أي ظروف أو معطيات يمكن الإسرائيلي أن يشن حرباً لو أراد ذلك. موضحاً أن الإسرائيليين بعد حرب تموز والعبر التي استخلصوها يفترضون أن أي حرب مقبلة يجب أن تؤدي إلى نصر سريع وحاسم وبين، وقال: "عندما يفشل العدو في مواجهة غزة المحاصرة وإمكاناتها المعروفة، فبالتأكيد يجب أن تكثر حساباته"، وأضاف: "الموضوع يختلف ما بعد غزة عما كان عليه قبلها".
وإذ شدد الأمين العام لـ"حزب الله" على أن صلة الحزب بالصراع مع الاحتلال وحتى بالوقائع الميدانية داخل فلسطين لا نقاش فيها، لفت إلى أن موضوع الانتقام للقائد العسكري السابق عماد مغنية هو "موضوع مفتوح"، مشيراً إلى أن ثأر "الحاج عماد" ثأران، وشرح ذلك قائلاً: "أولاً، في نفس استمرار بنية المقاومة وتطويرها وإمكاناتها واقتدارها واستعدادها لأي مواجهة وبصنع نصر جديد في أي مواجهة لأن اسم الحاج عماد وروح الحاج عماد موجودة في هذا كله. ثانياً، هو أن المحتل الإسرائيلي يعي أن الثأر آت حتى لو طال الوقت، وهم يفكرون بأننا نبحث عن شخص أو هدف يقاربه، وفي الحقيقة لا يوجد من يوازيه عندهم". وأضاف: "هم يشددون إجراءاتهم الأمنية حول رئيس الوزراء ووزراء الحرب ورؤساء الأركان الحاليين والسابقين وقادة الأجهزة الأمنية الحاليين والسابقين، وهم يفترضون أن أي ثأر للشهيد عماد مغنية لن يكون بأقل من هذا المستوى ولو طال الوقت".
ووضع السيد نصرالله اغتيال القيادي في "حزب الله" حسان اللقيس في سياق الحرب الأمنية المفتوحة مع الاحتلال، مشيراً إلى أن الموضوع ليس موضوع خطوط حمراء، وقال: "نحن نعرف أن هناك عدداً من الأشخاص إذا استطاع الإسرائيلي أن يصل إليهم في أي وقت فلن يتأخر ولن ينتظر خطوطاً حمراء"، وأضاف: "بالنسبة إلينا أيضاً هناك مجموعة من الأهداف ترتبط بملف الحاج عماد مغنية وهذا جزء من الحرب الأمنية المفتوحة بيننا وبين الإسرائيلي".
من جهة ثانية، استعاد السيد نصرالله ذكرى حرب تموز، فلفت إلى أن القرار بأسر الجنود الصهاینة كان قد اتخذ في شورى "حزب الله" قبل أشهر من تنفيذ العملية، موضحاً أن: الأمر نوقش في المجلس الجهادي من جهاتٍ عدة، كاختيار المكان المناسب لتنفيذ عملية ناجحة، والزمان، والتكتيك، وخطة العمليات، والمشاركون، وإدارة العملية، وردود الفعل المحتملة والاحتياطات التي يجب اتخاذها. وأشار إلى أنه تم اختيار المكان وتحديد المجموعات المشاركة وإدارة العملية، لافتاً إلی أن الأمر لم يكن بسيطاً واحتاج تنفيذه إلى أشهر، وقال: "دخل الإخوة إلى المنطقة وحتى إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أكثر من مرة، وكانوا يكمنون لمدة ثم يخرجون، ثم يعودون وينتظرون الفرصة المناسبة. أحياناً كانت تتوافر أهداف، لكن لم يكن واضحاً إن كانت مدنية أو عسكرية، ونحن كنا نؤكد على ضرورة أسر جنود لا مستوطنين، لئلا يُقال لاحقاً إننا خطفنا مدنيين"، وأضاف: "في لحظة العملية، كنا على اطلاع، واتخذنا الإجراءات والاحتياطات التي خططنا لها، وانتقلت مجموعة قيادة العمليات إلى المكان الذي يجب أن تكون فيه منذ الدقائق الأولى. في الساعات التي تلت العملية، لم تكن التداعيات كبيرة وخطيرة، وكل ما كان متوقعاً في اليوم الأول جرى استيعابه بشكل جيد، لأننا حضرنا لمواجهته جيداً".
وأكد السيد نصرالله أنه كانت لدى "حزب الله" في حرب تموز القدرة على ضرب تل أبيب: والإسرائيليون يعرفون ذلك، ولكنه بنتيجة النقاش ثبت أن معادلة تل أبيب-بيروت تقوم على أنه "إذا كنا نستطيع أن نحمي بيروت أو نساهم في حمايتها لأسباب كثيرة فليكن ذلك وهذا أفضل". مشدداً على أن الحزب لا يطلق تهديداً أو يتحدث عن معادلة ليس قادراً على تنفيذها.
ورداً على سؤال، نفى السيد نصرالله أن يكون قد تعرض لأي إصابة مباشرة خلال الحرب، مشيراً إلى أن الأماكن التي كان موجوداً فيها لم تتعرض لأي قصف، وإن كانت المنطقة التي كان موجوداً فيها كانت تتعرض للقصف بطبيعة الحال، كما نفى أيضاً أن تكون صواريخ سقطت بالقرب منه أثناء انتقاله في أحد المواكب. وأشار إلى أن أكثر موقف آلمه خلال الحرب كان المجازر والمس بالمدنيين، متحدثاً عن خصوصية لقصف مجمع الإمام الحسن، أولاً بسبب عدد الشهداء الكبير، وثانياً بسبب ما أشيع في لبنان بأن الاستهداف جرى لاعتقاد الإسرائيليين بأنه شخصياً كان موجوداً فيه، مؤكداً أنه لم يذهب إلى ذلك المكان أبداً في أي لحظة أثناء الحرب.
وأكد السيد نصرالله أن نقل السلاح من سوريا لم يتوقف خلال الحرب، وأعرب عن اعتقاده بأن: الإسرائيليين هم من قتلوا العميد السوري محمد سليمان بسبب دوره قبل الحرب وأثناءها لأنه كان مكلفاً من الرئيس السوري بشار الأسد بمتابعة هذا الملف وكان دوره ممتازاً جداً وإيجابياً جداً. وشدد على أن احتمال تطور الحرب إلى سوريا كان وارداً "لأن الإسرائيلي كان يحمل سوريا جزءاً من المسؤولية عن صمود المقاومة، وعن تزويد المقاومة بجزء من السلاح الذي كان له تأثير نوعي في مسار الحرب." لكنه لفت إلى أن العملية البرية التي كان يفترض على أساسها أن يناقش موضوع دخول سوريا في الحرب لم تحصل ولذلك انتفى الأمر ولم يحصل نقاش لاحق.
وفي سياق الحديث، أكد الأمين العام لـ"حزب الله" أنه ليس غائباً عن الضاحية الجنوبية وهو يعرف تفاصيلها، نافياً أن يكون يقيم في ملجأ كما يروج الإسرائيلي ويساعده على ذلك بعض الإعلام العربي، ولفت إلى أن المقصود بالإجراءات الأمنية هو سرية الحركة، مؤكداً أن ذلك لا يمنعه نهائياً من التحرك والتجول ومن أن يرى كل ما يحصل، وقال: "المشكلة تكمن في أن يراني الآخرون، ولذلك أنا مطلع على مشهد الضاحية وبنائها وأماكن التقدم والتأخر، وماذا يحصل في الجنوب والبقاع بالتحديد". وأشار إلى أن المكان الوحيد الذي ذهب إليه بعد الحرب هو المكان الذي كان فيه المرحوم السيد محمد حسين فضل الله لشكره على موقفه.