إنه " فخ " !!

إنه
الخميس ١٤ أغسطس ٢٠١٤ - ١٠:١٨ بتوقيت غرينتش

مباشرة ودون الخوض في تفاصيل ما يجري في العراق علی خلفية ازمة اختيار رئيس الحكومة، ومن له الحق في هذا المنصب، اقول يتناهی الى سمعي اصوات تشقق في جدران احد اجنحة البيت الشيعي العراقي، الذي قد ينهار في اي لحظة ويهدد البيت بأكمله.

في هذه السطور التي كتبتها علی عجالة، وكما قلت لن اخوض في تفاصيل هذه الازمة، كالحق مع من؟، وماذا يقول الدستور في هذا الشأن؟، او ماذا سيكون رأي المحكمة الدستورية فيما حصل؟، فهذه امور تطرق لها غيري واُشبعت بحثا ونقاشا، ولكن الذي أريد قوله هنا ان اصوات التشقق العمودي في الجناح الخاص بحزب الدعوة في داخل البيت الشيعي اخذت تسمع و بوضوح، وهو ماينذر بكارثة لا يمكن تصور تداعياتها علي المستقبل السياسي لهذا الحزب ولشيعة العراق بشكل عام.

من المؤكد ان هناك فخاً نُصب علي خلفية ازمة ترشيح شخصية سياسية من البيت الشيعي لمنصب رئاسة الوزراء، وللاسف وقع الكثيرون في هذا الفخ دون ان يعلموا ذلك، وهو ما بان وانكشف من ردود الفعل التي أبداها بعض نواب ائتلاف دولة القانون، ازاء ترشيح السيد حيدرالعبادي لمنصب رئيس الوزراء، حيث وصلت ردود الفعل هذه الي حد وصف العبادي بانه مرشح امريكا والسعودية و "داعش"، وهو ما اثار في المقابل حفيظة اخرين فشنوا هجمات مضادة لا تقل قسوة من ردود الافعال تلك.

اصحاب ردود الافعال العنيفة والقاسية ازاء ترشيح العبادي، استندوا في اتهاماتهم للرجل الي التهاني التي وصلت للعبادي من جهات مثل السعودية، دون ان يتريثوا قليلا قبل ان يطلقوا تلك التصريحات النارية، ويقفوا علي الاسباب التي تدعو السعودية الي تهنئة قيادي مخضرم في نفس الحزب الذي ينتمي اليه السيد نوري المالكي، بل ورفيق درب قديم للمالكي، قارعا الدكتاتورية سويا وساهما في بناء العملية السياسية بعد سقوط صنم بغداد سويا؟

من يشاهد القنوات التلفزيونية العراقية اليوم يري والالم يعصر قلبه كيف سقط الكثير من الشخصيات العراقية، التي ما كنت اتوقع ان تسقط، في هذا الفخ، وهي تحمل معاول كبيرة وتهدم بالبيت الشيعي وخاصة الجناح الخاص بحزب الدعوة بهذا الشكل المؤسف، دون ان تدري انها ترسم بسمة خبيثة علی وجوه من عمل ويعمل ليل نهار وينفق الاموال ويجند العصابات ويزرع الفتن والاضطرابات في العراق، لإعادة عقارب الساعة الی ما قبل 9 نيسان 2003.

كما قلت لست هنا في وارد ان أسرد الأدلة علي أحقية ودستورية موقف السيد المالكي أو صوابية ترشيح السيد العبادي، بل كل ما اريد فعله هو أن احذر الجميع من أن هناك فخاً كبيرا نُصب لهدم البيت الشيعي من الداخل، وهذا الهدم يجري علی قدم و ساق علی يد ابناء هذا البيت وساكنيه، فخلال الايام القليلة الماضية، تعرضت قيادات قديمة ومحترمة وصاحبة تاريخ نضالي عريق في حزب الدعوة، لسيل من الاتهامات القاسية من قبل أناس محسوبين علی هذا الحزب، وكأنهم يسكبون الزيت علی النار التی اشعلها الغرباء في بيتهم.

يكفي إلقاء نظرة سريعة علی شاشات فضائيات أو مواقع اخبارية محترمة، لتری وللاسف، كيف اخذ ابناء البيت الشيعي يكيلون الاتهامات لبعضهم البعض، تحت ذريعة الدفاع عن السيد المالكي او تحت ذريعة الدفاع عن السيد العبادي، وكأن هناك صراعا دمويا قد وقع بين الرجلين، لا ينتهي الا بتصفية احدهما، وهي حالة ارادت الجهات التي نصبت هذا الفخ، ان يعيشه البيت الشيعي الذي ظل طوال كل هذه الفترة الماضية عصياً علی الاختراق، فاذا به يتصدع علی يد ابنائه.

ارجو من جميع الشخصيات السياسية ومن الاعلاميين والصحفيين ان يرفقوا بالعراق وبالعراقيين وخاصة بشيعة العراق، وان يقفوا فوراً عند هذا الحد، وألا ينجروا الی الفخ المنصوب لهم، فلا صراع بين السيدين المالكي والعبادي، فإذا كان المالكي متمسكا بموقفه فهو يستند في ذلك الي أدلة واسباب يراها ويري الكثيرون غيره انها صحيحة ودستورية، واذا كان العبادي قبل الترشح فانه يستند في موقفه هذا الی ادلة واسباب يراها كما يري الكثيرون غيره انها صحيحة وتصب في مصلحة العراق، وامام هذه الحالة هناك اليات دستورية وقانونية وسياسية يمكن اعتمادها لاعادة الوضع الی نصابه، مع الاخذ بالاعتبار المصلحة الوطنية العليا للعراق والظروف الداخلية والاقليمية والدولية، وقبل كل هذا وذاك علي الجميع ان يتحلی بالروح الوطنية والتعالي علی الحزبية والفئوية، وابداء وجهات النظر المختلفة بكل مسؤولية واحترام، من اجل تفويت الفرصة علی اعداء العراق.

* ماجد حاتمي - شفقنا