ايران والغزو الأميركي بذريعة "داعش"!

ايران والغزو الأميركي بذريعة
الأحد ٢٨ سبتمبر ٢٠١٤ - ٠٨:٥٤ بتوقيت غرينتش

عند مجيء الرئيس حسن روحاني الى سدة الرئاسة في الجمهورية الاسلامية خلفاً للرئيس محمود أحمدي نجاد، والكثير من المراقبين يرون تبايناً في الأداء الايراني علی مستوی السیاسة الخارجیة..

فاذا كان الرئیس احمدي نجاد یفكر من منطلق الأمة والصراع الایراني - الاسلامي - المقاوم من جهة وأميركا والغرب والرجعیة العربیة والكیان الصهیوني من جهة أخری، للحدّ الذي انتقده كثيرا غرماءه الاصلاحيون واعداءه الليبراليون ـ، فإن الرئیس روحاني الذي یوافقه كثیرون في سیاساته الداخلیة وخاصة الاقتصادیة الی الآن، یواجه كثیرین ممن یشككون بجدوی سیاسة الانفتاح التي ینتهجها ازاء الغرب وأميركا والرجعیة العربیة (في مقدمتها السعودیة).. ولسبب بسيط، هو ان السیاسة الأميركیة لم تقلل من عداءها الی الآن تجاه ایران والمنطقة اذا لم تكن زادت على ما كان في السابق.

فالرئیس اوباما الذي افتتح ولایته الاولی بجائزة نوبل للسلام هاجم الی الآن بطائراته وصواريخه وعساكره سبعة دول في المنطقة وأعاد الحرب الباردة مع الروس بحجة اوكرانیا وسعی اكثر من سابقه المتغطرس والمغامر جورج بوش الابن في توسیع نطاق الناتو ونشر قواعده في العالم..!

واذا كان بوش الابن جعل من القاعدة عنواناً لشن حربه علی المنطقة وضرب افغانستان والعراق، فإن العنوان الذي یطرحه أوباما الیوم لم یختلف عن السابق سوی في اضافة اسم "داعش" الی جانب القاعدة وكلاهما باعتراف الساسة والمحللین الغربیین صناعة أميركیة - غربیة وتشكل فرصة لاعادة الانتشار في الشرق الاوسط والسعي لانجاز ما عجزت عن تحقيقه الرجعیة العربیة وتركیا في اسقاط واحدة من أهم حلقات محور المقاومة (سوریا) ومحاصرة القوى الثورية بتهمة الارهاب.

هذه الرؤیة وهذا التحلیل یؤمن به الجمیع في ایران، محافظون واصلاحیون، صقور وحمائم، معممون وافندیة! لكن الاختلاف في طریقة التعامل معه، فالطرح الذي یؤكد علیه رجال الحكومة هو التفاهم مع أقطاب الهجمة الغربیة دون الدخول في تفاصیلها والمشاركة في جهدها، لأن المسألة واضحة في كون الهدف هو سوریا والنفوذ الروسي -الصیني -الایراني في المنطقة وان العملیة هي مجرد "استبدال" ارهابیین "أشرار" بآخرین "أخيار" حسب وصف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، یجري اعدادهم في السعودیة والاردن ولربما تركیا وباكستان ایضاً!
وكیف یمتنع الاتراك المهتمون بدعم "داعش" مباشرة عن تقدیم تسهیلات لأميركا وحلفاءها من أجل ضربهم!
وكیف تتصرف حكومة الاردن وجماعة 14 آذار في لبنان ازاء القوی السلفیة والارهابیین الناشطین في سوریا.. من الافراج عن قیاداتهم الروحیة والفكریة (كما حصل مع المعروف بأبي قتادة في الاردن وقبله ابو محمد المقدسي) والغطاء السیاسي للمسلحین من النصرة وداعش في عرسال بلبنان...

وفي مقابل ذلك الاتجاه، تری القوی الثوریة والمبدأیة في الجمهوریة الاسلامیة ان الاستجابة لدعوات أميركا والغرب في المشاركة بهذا الهجوم الغربي یجعلها في مصاف الرجعیة الاقلیمیة، بل ان الهدف النهائي للمشروع الصهیوأميركي هذا هو ایران باعتبارها قیادة محور المقاومة، وان المراد من هذا التحرك هو ضرب النفوذ الایراني في المنطقة وضمان أمن عدوها الكیان الصهیوني..
والحمدلله فان القرار في ایران بید هذه القوی التي یقف في مقدمتها قائد الثورة الاسلامیة سماحة آیة الله الخامنئي.

ووفق هذه الرؤیة باعتقادي ان الجمهوریة الاسلامیة تنتهج سیاسة تقوم علی شقین بما یتناسب ورؤیة الفریقین داخل أجهزة الدولة:
الاول: تترك للحكومة فسحة التحرك الدبلوماسي باتجاه قوی التحالف الغربي الجديد، بما یفرض رؤیة اصلاحية على اساس المشاركة ولو غير المباشرة لبعض بنوده واهدافه، والسعي الی التعاون في مجالات لن یتمكن الغربیون فیها من تجاوز الرؤیة والموقف الایراني، وبالطبع لیس دون مقابل!

والثاني: المضي في المشروع المقاوم والذي لا یمكن للغربیین وصمه بالارهاب رغم محاولاتهم جرّ حملتهم لتشمل قوی المقاومة والممانعة كحزب الله وحراك الشعب اليمني والحشد الشعبي العراقي و... وذلك من خلال دعم القوی الوطنیة والجماهیریة والصحویة التي لن یتمكن الاعداء مواجهتها والتآمر علیها، بالضبط كما یحصل في دعم مشروع المرجعیة في العراق وقوات الحشد الشعبي التي تواجه الارهاب البعثي - الداعشي الذي يتخذ من عواصم الرجعية في المنطقة مقرات لقيادة اجرامه.

والاهم من كل ذلك، هو ان قیادة الجمهوریة الاسلامیة أسقطت ورقة التفاوض في الملف النووي من ید الغربیین رغم كل الاكاذیب والدعایة التي تقوم بها أميركا وأبواقها في المنطقة من ان ایران تحاول الربط بین ملفها النووي ومشاركتها في المهرجان الغربي - الرجعي.. علماً ان التفاوض ایضاً له سقف زمني فلیس من المعقول أن تبقی ایران تتفاوض الی آخر الدنیا دون نتائج ملموسة!

أعتقد أن الموقف الأميركي سسیشهد تراجعات رغم مكابراته، لأنه لا یستطیع حسم أي موقف بضرباته الجویة، في حین ان الخطر قریب منه ومن حلفاءه في أوروبا والمنطقة، خاصة وان مدنهم ملیئة بالمتطرفین...

* علاء الرضائي