القرضاوي والوحدة الإسلامية .. خرّبها وقعد على تلّها

القرضاوي والوحدة الإسلامية .. خرّبها وقعد على تلّها
السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤ - ٠٥:٤٧ بتوقيت غرينتش

الدور السلبي الذي قام به الشيخ يوسف القرضاوي على الساحتين العربية والاسلامية ، وهو ينفخ في نار الفتنة الطائفية ، مبررا مواقفه تلك بالدفاع عن "السنة" امام "التمدد الشيعي" ، وكذلك تصنيفه الثورات العربية انطلاقا من رؤية طائفية بغيضة ، خلف جرحا لم يندمل حتى اليوم في الجسد الاسلامي.

اما دوره في الباس الثورات العربية جلباب "الاخوان المسلمين" ، حتى لو كان ضيقا ، وهو ما انعكس سلبا على الاحداث في مصر وفي اماكن اخرى ، انتهى بانتقال مشهد السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وقتل الجنود وذبح الابرياء الى مصر .

اما موقفه المعادي والمحرض على حزب الله ، الذي وقف الى جانب سوريا كحلقة مهمة من حلقات محور المقاومة في المنطقة ، فحدث ولا حرج فقد وصل به الامر الى انه لام نفسه لانه وقف يوما ، بالكلام والبيانات الفارغة طبعا ، الى جانب حزب الله ، معتبرا مشايخ الوهابية في السعودية هم انضج منه ، لانهم ادركوا "حقيقة حزب الله" منذ البداية ، وهو ما جعل مشهد السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وذبح الابرياء ينتقل الى لبنان ، كما انتقل من قبل بفضل القرضاوي وغيره الى العراق.

اما المشهد الدامي الذي رسمته العديد من القوى الدولية والاقليمية لاسيما الرجعية العربية والكيان الصهيوني في سوريا ومنذ اربع سنوات ، فكان للقرضاوي هذا ومازال الدور الابرز ، في رسم هذا المشهد المأساوي.
اما الفوضى الدامية التي تعيشها ليبيا اليوم ، فما كانت لتحدث لولا فتاوى القرضاوي الذي عرف بانه فقيه الناتو ، والتي حللت تدخل الناتو لاسقاط نظام القذافي ، وكان يأمل ان يصل حزبه حزب "الاخوان المسلمين" الى الحكم ، بينما هذا الفقية الناتوي لم يكن راغبا باسقاط النظام الصدامي في  العراق بقوة الناتو لا لشيء الا لانه كان يعلم انه اذا ما سقط هذا النظام فان الحكم سيصل الى غالبية الشعب العراقي وهم الشيعة ، لهذا ومازال يلعن اليوم الذي سقط فيه صدام ، رغم ان القذافي يعتبر ملاكا قياسا بصدام.

اما موقفه من الثورة المظلومة في البحرين ، و وصفها باسوء واشنع الصفاة ، ك"ثورة الشيعة على السنة" وانها "مؤامرة على السنة" وانها "طائفية" وانها...وهو ما شرعن القمع الوحشي للنظام الخليفي المستبد ضد الغالبية العظمى من الشعب البحريني ، وبرر الغزو السعودي للبحرين للقضاء على ثورة الشعب البحريني .

اما في اليمن فان القرضاوي مع الجميع هناك الا انصار الله ، وهذه النظرة العوراء الى الفعاليات السياسية والمجتمعية في اليمن ، تنطلق ايضا من رؤيته الطائفية المرضية لكل ما يجري في المنطقة ، وهو ما زاد من تعقيد الاوضاع في هذا البلد.

الملفت ان القرضاوي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يتراسه ، لم يسجلا ولو موقفا واحدا لصالح الشيعة السعوديين الذين يعانون الامرين على يد الوهابية والسلطات الامنية ، وكأنه ليس هناك من شيعة في السعودية يعدون بالملايين.

هذه المشاهد الدموية والفوضوية ، وغيرها الكثير ، التي تعم العالم العربي ، والتي ساهم  القرضاوي واتحاده في رسمها ، هي التي جعلت المسلمين يذبحون بعضهم بعضا ، وتدمر بلدانهم وتتشتت شعوبهم، و تنهار جيوشهم ، وتتحول بُناهم التحتية الى ركام ، وثرواتهم الى هباب ، وهو ما فسح المجال امام العدو الخبيث المتربص بالامة ان ينفذ مخططه في تهويد القدس وانتهاك حرمة المسجد الاقصى دون ادنى رادع او خوف. حيث يشهد المسجد الاقصى اقتحامات شبه يومية من قبل مستوطنين، تتخللها أحياناً، مواجهات بين المصلين والقوات الصهيونية التي توفر الحماية للمستوطنين الذين ينظمون جولات استرشادية حول الهيكل المزعوم. بينما العرب ، وبفضل فتاوى وخطابات الفقيه الداعية يوسف القرضاوي ، يوجهون فوهات بنادقهم الى صدور اخوانهم في الاسلام من الشيعة ، بينما التنظيمات التكفيرية تذبح في خضم هذه الفوضى حتى المسلمين السنة الذين ينكرون على التكفيريين اجرامهم ، اما "اسرائيل" فلا وجود لها في قاموس هؤلاء الناس ، بل هناك "ايران" العدو الاول والاخير الذي يجب ان تتوجه صوبها كل فوهات المدافع "المجاهدة".

وبعد ان "خربها وقعد على تلها " وبعد كل هذه الفوضى التي تضرب باطنابها في البلدان العربية يخرج علينا القرضاوي بفتوى جديده ، يدعو فيها الأمة إلى التخلي عن خلافاتها والدخول في “مصالحة عامة”، وإلى توحيد جهودها من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى!!.

وقال في بيان أصدره الخميس6 تشرين الثاني / نوفمبر ، إن ما يحدث للمسجد الأقصى في هذا الوقت “كارثة كبرى، لا يجوز لأمة العرب وأمة الإسلام أن تسكت عليها”.

واعتبر أنه “فرض على الأمة في مشارق الأرض ومغاربها: أن تترك القضايا الصغرى، والخلافات الجانبية، وتهتم بقضية الإسلام الأولى (القضية الفلسطينية )، وأن تهتم من قضية فلسطين بقضيتها الكبرى (قضية القدس)، بل تهتم من قضية القدس بقضيتها العظمى (قضية الأقصى الأسير)”.

كما دعا  القرضاوي علماء المسلمين في أنحاء العالم “أن يزأروا بكلمة الحق في مساجدهم، وأن يعلنوا لشعوبهم المسلمة ما يجب عليهم تجاه مقدساتهم، وإنقاذ أقصاهم”.

وطالب زعماء المسلمين وحكامهم “أن يتخلوا عن مصالحهم الشخصية وخلافاتهم الجزئية، ليلتقوا للدفاع عن مقدسات الأمة”.

الجملات التي صيغ بها بيان القرضاوي جميلة ، كباقي بياناته في نصرة القضية الفلسطينية ، ولكننا نسأل القرضاوي بعض الاسئلة ونقول ، من الذي اوجد هذه الخلافات الجانبية والجزئية؟، كيف يمكن اقناع مئات الالاف من الشباب المغرر بهم في سوريا والعراق ولبنان وليبيا وتونس ، بان معركتهم الحقيقية هي مع الكيان الصهيوني ، بعد سنوات وحتى عقود من الشحن الطائفي ؟، من الذي كان الى اليوم يرفض المصالحة ويدعو الى اسقاط الانظمة بقوة طائرات الناتو ؟، اين هي الجيوش العربية التي يجب ان تقوم بدورها القومي والاسلامي في الدفاع عن القدس وفلسطين؟، هل فتوى القرضاوي موجهة الى جيوش درع الجزيرة ، وخاصة الجيش القطري ، وهي جيوش لا اثر لفلسطين ولا القدس في عقيدتها؟ ، من هم قادة الدول العربية الذين يجب ان يلتقوا من اجل الدفاع عن القدس ؟، ام ان فتوى القرضاوي موجهة  الى الجيش السوري الذي اريد اضعافه وانهاكه في حروب داخلية اشعل نيرانها القرضاوي وغيره ؟ ، ام انها موجهة الى الجيش المصري الذي يتعرض كل يوم لهجمات ارهابية بهدف اشغاله ؟.

لذلك نرى ان هذه الفتوى قالها القرضاوي للتستر على عورة اتحاده بسبب دوره الخطير في صناعة الفوضى التي تعم المنطقة ، والا فان الذين بامكانهم الدفاع عن القدس وفلسطين حقا ، لا ينتظرون ان يصدر القرضاوي فتوى ليتحركوا ، فهؤلاء وليس الامر بصدفة ، هم مستهدفون من القرضاوي كما هم مستهدفون من الكيان الصهيوني والرجعية العربية ، هؤلاء هم محور المقاومة المتمثل بايران وسوريا وحزب الله والفصائل الفلسطينية المقاومة ، فلم يذكر التاريخ ان تنظيما طائفيا اطلق رصاصة واحدة على "اسرائيل".

*منيب السائح - شفقنا