البيت الأبيض "يوبّخ" نتنياهو: خطابه في الكونغرس خرق للبروتوكول

البيت الأبيض
الخميس ٢٢ يناير ٢٠١٥ - ١٢:٣٢ بتوقيت غرينتش

في خطوة تكشف مدى تردي العلاقات بين رئاسة الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، أعلن البيت الأبيض أمس، اعتراضه على دعوة الكونغرس الأميركي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإلقاء كلمة أمامه، من دون التنسيق معه.

واعتبرت الإدارة الأميركية الدعوة "انتهاكاً للبرتوكول الديبلوماسي المعهود". ولاحظ معلّقون إسرائيليون أن دعوة الكونغرس لنتنياهو تمّت بعد قيامه بتجنيد أنصاره هناك وبغرض إظهار مكانته العالمية في ظل حملة انتخابية تراجعت فيها قوته.
وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست أن دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية من جانب رئيس مجلس النواب جون بوينر لإلقاء كلمة أمام الكونغرس تشكّل "انتهاكاً للبرتوكول الديبلوماسي المعهود".
وبحسب إرنست، فإن الإدارة لم تناقش بعد الأمر مع الحكومة الإسرائيلية في شأن زيارة نتنياهو المحتملة في 11 شباط المقبل، قبل خمسة أسابيع من موعد الانتخابات.
وشدّد إرنست على أن هذه الدعوة تشذّ عن البرتوكول، مضيفاً أن "الدعوات من هذا النوع توجَّه عموماً بشكل مباشر بين زعيم وزعيم".
ولم تكتف الإدارة بحديث إرنست، وإنما تحدثت في الأمر أيضاً المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي، التي قالت إن الإدارة لم تسمع عن أي نية من جانب نتنياهو لزيارة الولايات المتحدة في الاتصالات التي تجري بين الدولتين. وأضافت أنه "بشكل تقليدي لا نسمع عن خطط زعيم أجنبي لزيارة الولايات المتحدة من رئيس مجلس النواب".
وقد دعا بوينر نتنياهو لإلقاء كلمة أمام الكونغرس في وقت وصفه بـ"زمن التحدي، وأنا أطلب من رئيس الحكومة الحديث أمام الكونغرس حول التهديد الخطير الذي يمثّله الإسلام المتطرف وإيران على أمننا وعلى طريقة حياتنا". واعترف بأن الإدارة الأميركية لم تعلم بأمر الدعوة سوى صباح أمس، إذ أنه لم يتشاور معها في هذا الشأن.
وليس صدفة أن تأتي الدعوة بعد الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قيادات إيرانية ولبنانية في مزرعة الأمل قرب القنيطرة السورية وتزايد التهديدات من جانب إيران بالردّ. كما ليس صدفة أن الدعوة جاءت بعد يوم من خطاب "حال الأمة" الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما وأعلن فيه أنه سيستخدم "الفيتو" إذا قرر الكونغرس فرض عقوبات جديدة على إيران.
وبدا أن في دعوة نتنياهو إلى الكونغرس، حاولت جهات متعددة ضرب عدة عصافير بحجر واحد في الساحتين الأميركية والإسرائيلية. وكان أوباما قد قال إن "لدينا فرصة للتوصل إلى اتفاق يمنع إيران نووية، ويقود لأمن الولايات المتحدة وحلفائها، بمن فيهم "إسرائيل".
وفور الإعلان عن دعوة نتنياهو، هاجت الحلبة السياسية الإسرائيلية وماجت. فقد حمل على الدعوة رئيس الطاقم الانتخابي في "المعسكر الصهيوني"، إيتان كابل، وقال إن "نتنياهو أيضاً يقرأ الاستطلاعات، وعلى طريقته المعهودة يرد بشكل هستيري، وهرع إلى تنظيم دعوة لنفسه لإلقاء خطاب في واشنطن. ولسوء حظه انتهى عصر نتنياهو، وفي وضعه لا يستطيع حتى الكونغرس الأميركي مساعدته".
وأضاف كابل أن "هذه الدعوة كما بدت تمت من دون تنسيق مع البيت الأبيض، الأمر الذي قد يضرّ أكثر بالعلاقات المهتزّة أصلاً لنتنياهو مع الإدارة، لكن لنتنياهو لم تكن أبداً أية مشكلة في التضحية بالمصالح الحيوية لإسرائيل من أجل صورة".
ويعتبر كثيرون أن دعوة بوينر ليست سوى محاولة للتدخل لصالح نتنياهو في المعركة الانتخابية في إسرائيل، وأيضاً تحدي أوباما في المسألة الإيرانية على خلفية الخلاف الشديد في هذا الشأن داخل الولايات المتحدة.
وحاول ديوان نتنياهو إبعاد التهمة عنه، وقال متحدثون باسمه إن الدعوة جاءت من قيادتي الحزبين الجمهوري والديموقراطي في الكونغرس. وأضافوا أن نتنياهو ينوي الاستجابة للدعوة.
ومعروف أن مجموعة كبيرة من أنصار کیان الاحتلال في الكونغرس تحاول هذه الأيام تمرير قانون لفرض عقوبات إضافية على إيران أثناء المفاوضات الجارية. وكان نائب وزير الخارجية الأميركي آنتوني بلينكون قد قال إنه حدث تقدم في عدة مواضيع في المحادثات النووية مع إيران، وأضاف أنه "لا تزال لدينا فرصة للتوصل إلى اتفاق دائم يستجيب للمصالح الأمنية للولايات المتحدة وحلفائها".

* حلمي موسى- السفير اللبنانية