سولانا: إيران الوحيدة المؤهلة لمحاربة "داعش"

سولانا: إيران الوحيدة المؤهلة لمحاربة
السبت ١٣ يونيو ٢٠١٥ - ٠٦:٢٨ بتوقيت غرينتش

لو أرادت طهران أن تقدِّم مرافعة حول محورية دورها الآن، لما فعلت ذلك أفضل ممّا فعله السياسي والأكاديمي المعروف خافيير سولانا. الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية، دعا من بروكسل إلى تحالف استراتيجي مع إيران، مع كبح مقاومة السعودية اليقينية لهذا الخيار.

طهران، برأيه، تمثِّل الدولة الوحيدة المؤهَّلة والجاهزة لمحاربة «داعش»، خصوصاً أنَّه حذَّر من أنَّه لا يمكن استبعاد تمدّد التنظيم الإرهابي إلى دمشق.
هذه الخلاصات أوردها سولانا في مؤتمر أقامه المركز البحثي «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، بمشاركة مجموعة من الأكاديميين والسياسيين المعروفين، كما تحدثت فيه وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني.
وقال سولانا مفصلاً مسألة انعدام إمكانية قيام دول أخرى بأدوار حاسمة الآن، «في النهاية، إذا أردنا أن نكون نزيهين مع أنفسنا، فسنقول إنَّ إيران هي الوحيدة المستعدة لقتال داعش فعلا». جاء ذلك في سياق تشديد السياسي الإسباني على أنَّ «داعش» يشكّل «وضعاً معقداً» يستوجب إستراتيجية طويلة المدى، كما يشدّد أنَّ «داعش موجود ليبقى لذا يجب أن نحسب على المدى الطويل».
البلد الأكثر انكشافاً على هذا التهديد هو سوريا وليس العراق، إذ يعلق: «أنا مستعد للقول إنَّ داعش لن يسيطر على العراق، لكني لست مستعداً للقول إنَّ داعش يضع يده على دمشق».
لم يكن سولانا الوحيد الذي حذَّر من هذا السيناريو. وزير خارجية السويد السابق كارل بيلد دعا الحضور إلى تحريك مخيلتهم بتصوّر الكابوس الممكن، متسائلاً: «أي عواقب ستنزل بعموم العالم العربي، إذا كان داعش سيلقي عظاته من المسجد الأموي الكبير في دمشق». أما وزيرة خارجية إيطاليا السابقة إيما بونينو فكانت أكثر تشاؤماً، قائلةً إنَّ الإستراتيجية الأفضل هي «مساعدة الأردن ولبنان وتونس، تلك الدول التي لم تشهد هذا الكابوس بعد».
في تفاصيل حسابات سولانا، بشأن انعدام الشريك الإستراتيجي في المعركة ضدّ الإرهاب، بيَّن أنَّ السعودية غير مستعدة للعب دور حاسم ضد «داعش»، شارحا تحوّل موقف الرياض، إذ بدأت كعنصر أساسي في «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن الوضع انقلب لاحقاً: «القيادة السعودية الحالية ليست مهتمة بهزيمة داعش، بل هي مهتمة أكثر باليمن».
التهديد الذي يسببه التورط في حرب اليمن للدور السعودي، هو أمر توقعه سابقاً المستشار السابق للأمن القومي الأميركي زبيغينو بريجنسكي خلال حديث إلى «السفير» مؤخراً. قال حينها إنَّ السعودية «نقطة انطلاق لحركات وهابية، لا أعتقد أنَّه علينا أن ندعم هذا لأنه سيساهم في الصراع»، قبل أن يضيف «سيكون أفضل بكثير لو يصل السعوديون بأنفسهم إلى هذا الاستنتاج، بألا ينخرطوا في صراعات ستكون مكلفة جداً لهم، وقد تهدد سيادتهم الاقتصادية، انظر إلى اليمن كيف يتغيّر».
مصر أيضاً، برأي سولانا، غير مؤهَّلة لمشاركة حاسمة، نظراً إلى انشغالها بأوضاعها الداخلية. هكذا لم يبق في الساحة، وفق رؤيته، سوى طهران، خصوصاً أنَّ توقيع اتفاق نووي سيجعل دورها أكثر رسوخاً.
يقول إنه في حال التوصل إلى اتّفاق، فإنَّ «الوضع سيتغير جذريا»، بالنسبة إلى إيران والمنطقة ككل. ليس فقط بفعل الاتفاق، بل أيضا لردّ الفعل عليه. أول المنفعلين ستكون الرياض، إذ يؤكد سولانا أنَّ «السعودية ستردّ ردا سيئا جداً» على إنجاز الاتفاق النووي.
هذا الرد يشمل جانبين وفق قراءته. الجانب السياسي بدأت مفاعليه مسبقاً، لأنَّ السعودية «تضغط على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كي لا نترك إيران تصبح لاعباً إقليمياً كبيراً»، مشيرا إلى أنَّ ذلك يمثِّل «المعركة الكبيرة». الرد وارد أيضاً على الجبهة الاقتصادية، إذ يتوقع سولانا أنَّ الرياض «ربَّما تغرق الأسواق بالنفط»، لمنع إيران من عائداته بعد رفع العقوبات وتضاعف قدرتها التصديرية.
لكن يبقى أنَّ إتمام الاتفاق النووي هو مسألة لها شروطها الخاصة أيضاً. تقديرات سولانا، الذي يتمتع بعلاقات واسعة مع صناع القرار في الغرب، تقول إنَّ الاتفاق لن يُنجز في موعد نهاية حزيران الحالي، بل ستمتدّ المفاوضات إلى وقت أطول. هناك مشكلتان أسياسيتان برأيه، ترسَّختا بعدما وضع قائد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي خطوطاً حمراء: أولاً تفتيش المواقع العسكرية، وثانياً طلب «محادثات» (أو استجوابات) مع العلماء الايرانيين الذين كانوا منخرطين في إطلاق البرنامج النووي الايراني.
لكن المعركة ليست فقط «صراع سنة وشيعة»، بحسب رأي العديد من المشاركين في الندوة البحثية، بل أيضاً صراع «داخل معسكر السنة». إذ جرى الحديث عن المشاكل التي تواجه الدول التقليدية، خصوصاً في الخليج ( الفارسي )، ومحاولات الإسلام السياسي لتغييرها. هذا ما أشار إليه أيضاً الرئيس الأميركي باراك أوباما، حين حذَّر قادة الخليج ( الفارسي ) من أنَّ التهديد الأكبر لا يأتيهم من إيران بل من داخل مجتمعاتهم.
بالنسبة إلى الصراع الأول، يقول سولانا إنَّه من الأفضل «ألا يربحه أحد»، بل عمل الغرب على تحقيق تسوية رغم صعوبتها. أما في الصراع الآخر، فيرى أن «الأفضل أن يربحه السنة الأقل تشدداً».
هنا تبرز مسألة الترويج للمصالحة والتطبيع مع جماعات متطرفة، حتى لو كانت مصنفة «إرهابية». المنطق الذي يبنى عليه ذلك هو أن الخيار بات: العمل مع أهون الشرور لتفادي اشتداد أعظمها. أحد من نظّروا لذلك هي الباحثة والناشطة السورية المعارضة بسمة قضماني. جالسة إلى جانب سولانا وبونيو، أمام جمهور من النخبة السياسية والأكاديمية، دعت القضماني إلى الحوار مع «جبهة النصرة» - «فرع من تنظيم القاعدة»، مبررة ذلك بالمحاججة أنَّه يجب فعل كل ما يمكن «كي لا ينضموا إلى داعش»، ما دامت «النصرة لديهم عنوان يمكن الذهاب إليه».
تدهور قدرات القوات السورية مسألة أشار إليها متحدثون عديدون، رأوا أنّها ربّما لحظة الضغط والضعف المناسبة التي ستجبر الحكومة على القبول بتسوية. هذه الخلاصة بشأن «مناخ ملائم للصفقة» كانت وكالة «رويترز» قد أوردتها أيضاً، من خلال حديث إلى مصادر مشاركة في قمة «مجموعة السبع» في ألمانيا قبل أيام. أوردت حينها أنَّ المسألة تدور حول إقصاء الرئيس السوري بشار الأسد والتسوية مع عناصر في نظامه.
بدا أن لدى سولانا معطيات تمكنه من التعليق على ذلك. أشار إلى زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف الشهر الماضي، معلقاً بالقول إنَّ «رحلة كيري إلى سوتشي كانت بالفعل لمناقشة هذه النقطة: كيف نتعامل مع العلويين... وقد تم إنجاز تقدم في هذا الاتجاه».
وسيم ابراهيم / السفير 

كلمات دليلية :