ويكيليكس تكشف خطاب «الجيش الحر» المستور

ويكيليكس تكشف خطاب «الجيش الحر» المستور
السبت ٢٧ يونيو ٢٠١٥ - ١٠:١٠ بتوقيت غرينتش

عاش مؤيدو «الثورة السورية» فترة الزمن الجميل... زمن «الجيش الحر» المتنوّع حامي «الثورة المدنية» وسوريا بجميع أبنائها. اليوم، ما زالت محاولات تعويم هذا الجيش متواصلة لدرء تهم التكفير والجهاديين الأجانب. «ويكيليكس ـ السعودية» تقدّم إلينا نماذج عما هو مستور من خطاب قائد «الجيش الحر» رياض الأسعد، ومساعديه في المراحل الأولى من الحراك المسلّح، ليظهر الرجل أنه «يخوض حرباً ضد النظام الصفوي» ومن ورائه النظام الإيراني المجوسي، طامعاً «بكرم وأخوة» المملكة من خلال «موقعكم كحماة لأهل السنّة والجماعة»

«نحن من لحظة تشكيل الجيش السوري الحر كان شعارنا الأساسي لا طائفي لا سياسي لا حزبي لا قومي». هذه كلمات قائد «الجيش الحر» العقيد المنشق رياض الأسعد في حوار مع قناة «الجزيرة» في تشرين الثاني 2011. هذا «الجيش» كان الرافعة لـ«مدنية الثورة» ورمز «حماية المتظاهرين السلميين».

الاسم والبيانات والخطابات صبّت في مجرى التسويق لـ«ثورة نظيفة» انطلقت في بلاد الشام لتخليصها من طغمة تسيطر على كل مناحي الحياة، أو كما نقلت عنه القناة القطرية بأنّ الأسعد ورفاقه حدّدوا «عقيدة الجيش الحر في الدفاع عن الوطن والمواطنين من جميع الطوائف».

لم يتعثّر هذا «الجيش» على نحو دراماتيكي سوى بعد ظهور تنظيمَيْ «جبهة النصرة» و«داعش». «الجبهة الاسلامية» وقبلها «حركة أحرار الشام» لم تمحُوَا الصورة التي رسمت للعمل المسلّح في سوريا. إلى جانب «ثورة الشعب» التي قادها «الحر»، كان «ضباطه» يرسمون معالم رجال مستضعفين يريدون من «العالم الحر» مساعدتهم دون شروط لكونهم «مع خيار الشعب ضد النظام».

هذه الصورة النظيفة التي دأبت كبرى وسائل الاعلام على ترويجها، مصحوبة بدبلوماسيي عشرات الدول لم تكن سوى ما يظهر على الشاشة. اليوم، يتباكى كثيرون على مآل «الجيش الحر» بعد الفورة «القاعدية» المسلحة في سوريا. ففصائل «الحر» توزّع جزء كبير من أفرادها على «النصرة» و«داعش» و«أحرار الشام»... أو «جيش CIA»، الذي كشفت عنه صحيفة «واشنطن بوست»، والذي يكّلف مليار دولار سنوياً للجبهة الجنوبية وحدها. وذلك، بسبب «ضعف التمويل» و«غدر الولايات المتحدة» وتدفق «الجهاديين الأجانب». لذلك طُمِسَ الخطاب الوطني الجامع لمصلحة التكفير والتطرّف.

يعتقد معظم المتابعين، أنّ أبا محمد الجولاني وأخاه أبا بكر البغدادي أدخلا تعابير «الصفوية» و«المجوس» و«حماية أهل السنّة» إلى قواميس العمل المسلّح في سوريا، لكن وثائق «ويكيليكس ــ السعودية» تتيح لنا التعرّف على نوعية الخطاب المستتر لقائد «الجيش الحر» رياض الأسعد، وعلى نوعية مطالب «جيشه»، إضافة إلى نوع جديد من التحليل في سبيل جذب الودّ السعودي المذهبي، فـ«الحر»، مثلاً، يخشى «المؤامرة الماسونية» أيضاً التي تصبّ في مصلحة النظام السوري.

ففي رسالة من الأسعد إلى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في 12 آذار 2012، يبدأ الأسعد بتقديم نبذة عن «الجيش الحر»، الذي انشق عناصره من «عصابات النظام، الذي يستقوي بالدعم اللامحدود من النظام الإيراني، إضافة إلى ما يقدمه إليه النظام الشمولي الروسي». يضيف الأسعد: «إن الشعب السوري يخوض حرباً ضد النظام الصفوي متمثلاً بالعائلة الحاكمة في سوريا ومن ورائها النظام الإيراني المجوسي. وإننا نقدّر عالياً مواقفكم المشرّفة والأخوية الصادقة والمسؤولة التي أبديتموها في أكثر من محفل.
وإننا نطمع بكرمكم وأخوتكم الصادقة بدعمكم لنا من خلال موقعكم كحماة لأهل السنة والجماعة، أن تقفوا إلى جانبنا، لنتمكّن من القيام بواجبنا بالدفاع عن ديننا وأعراضنا وعن أهلنا، ونأمل من سموّكم تشكيل لجنة تواصل بيننا وبينكم من أجل الحوار بالسرعة الممكنة».
ثمّ، عندما سعى الأسعد لإعادة هيكلة «الجيش الحر» وضمّ العشائر والقبائل السورية، طلب «باسم كافة أفراد الجيش الحر وباسم الشعب السوري»، من المملكة «احتضانكم للحراك السوري من منطلق حرصكم وحفاظكم على حرمة الدم السوري... وإذ نعلمكم بأننا نسعى لتوحيد جهود الحراك بهيكلية الجيش السوري الحر مع توحيد كافة القبائل والعشائر السورية، التي تع أكثر من نصف السكان في سوريا، إضافة إلى كافة الفئات المجتمعية».
وأمل «من حكومة خادم الحرمين الشريفين احتضان هذا التوجه ودعمه للاستفادة القصوى من حكمة وحنكة خادم الحرمين الشريفين اطال الله عمره وجعله ذخراً لنا، الذي نعده بمثابة الاب الحنون الحاضن للشعب السوري»، طالباً «من مقام سموكم الكريم (سعود الفيصل) تحديد موعد للاجتماع معكم شخصياً لاطلاعكم على تفاصيل هذه الهيكلية، واخذ مرئياتكم تجاهها والاستئناس برأيكم وتوجيهاتكم حيال ذلك باقرب الاجال».

قبل الأسعد، كان «المستشار السياسي للجيش الجيش السوري الحر» قد أرسل بريداً الكترونياً لسفارة المملكة في أنقرة في 2 اذار 2012، «يتضمّن طلب امداد الجيش الحر بالسلاح للسيطرة على مناطق مهمة في سوريا ومنع إقامة دولة طائفية». رسالة «المستشار» التي وصلت كـ«وثيقة مشفرّة» إلى الرياض، قال فيها الأخير «كونوا على يقين بانه عند امتلاك الاسلحة المضادة للدبابات والقناصات سيكون بامكان الجيش الحر السيطرة الحقيقية على مناطق مهمة في سوريا في فترة زمنية قياسية واعلانها مناطق محررة، لتكون نقطة انطلاق لتحرير باقي سوريا ومنع إقامة الدولة الطائفية».

*إيلي حنا- الأخبار